رئيس التحرير
عصام كامل

أسرار مؤامرة محور فيلادلفيا.. القاهرة تتصدى لمخططات إسرائيل.. وأمريكا تحاول إيجاد حل وسط.. مصر ترفض إقامة أبراج مراقبة على الحدود.. وخبراء: مراوغة لإطالة أمد الحرب

محور فيلادلفيا
محور فيلادلفيا

مماطلة ومراوغة وانتهاك لكافة الحقوق والاتفاقيات الدولية، هذا هو حال حكومة الاحتلال الإسرائيلى بقيادة نتنياهو الذى استمر فى المماطلة خلال مفاوضات التهدئة فى قطاع غزة، والتى تهدف إلى وقف فورى لإطلاق النار وفقا لمقترح تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية وبوساطة مصرية قطرية.

ورغم  الضغوطات التى يمارسها الوسطاء على حكومة نتنياهو من أجل إبداء مرونة فى التفاوض، إلا أنه لا يزال يضع مزيدا من العقبات لإطالة أمد الحرب، كما جسدت نقطة انسحاب جيش الاحتلال من معبر رفح ومحور فيلادليفيا الحدودى بين مصر وغزة، أصعب النقاط التى تشهد اختلافا فى وجهات النظر.

ويصر الكيان الصهيونى على التواجد بقوة عسكرية داخل محور فيلادليفيا، وهو ما ترفضه القاهرة شكلًا ومضمونًا، خاصة فى ظل ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، من أن الممثلين الإسرائيليين قدموا عرضًا لبناء 8  أبراج مراقبة على طول محور فيلادلفيا، فى إطار المحادثات الرامية لحل الخلافات حول هذا الممر الاستراتيجي،  لكن العرض الإسرائيلى قوبل بالرفض من قبل القاهرة التى اعتبرت أن إنشاء هذه الأبراج سيسمح للجيش الإسرائيلى بالتواجد المستمر فى المنطقة.

وفى محاولة للتوصل إلى حل وسط، قدمت الولايات المتحدة اقتراحًا معدلًا يقضى بإنشاء برجى مراقبة فقط، لكن هذا العرض أيضًا  قوبل بالرفض من مصر، وأرسلت القاهرة رسائل تحذير لإسرائيل من خطورة السيطرة العسكرية على محور فيلادليفيا، واعتبرته خطوة خطيرة تهدد السلم والأمن بالمنطقة.

فى هذا السياق قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مصر رفضت المقترح الإسرئيلى شكلا ومضونا، مشيرا إلى أنه ليس هناك ضوء أخضر أمريكى لإسرائيل بخرق اتفاق السلام مع مصر.

وأكد طارق فهمى أن أمريكا شريك فى اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، وهى ملتزمة بالحفاظ عليه من أجل استقرار الأمن الإقليمى فى منطقة الشرق الأوسط،  ومحور فيلادليفيا إحدى النقاط الشائكة فى مفاوضات التهدئة بقطاع غزة، ولكن ستكون هناك انفراجة قريبا فى هذه المفاوضات جراء الضغوط المستمرة على حكومة الاحتلال.

وتابع، أن أخطر شيء فى هذه المفاوضات هو أن الجانب الإسرائيلى لا يزال يقدم مقترحات على الرغم من وجود مقترح أمريكى تم التفاوض بشأنه لعدة أشهر من أجل التوصل لوقف فورى لإطلاق النار.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية، أن العقبة الرئيسية تكمن فى وجود حالة من الانقسام الشديد فى حكومة نتنياهو، لأن هناك عددا من وزراء اليمين المتطرف يرفضون وقف إطلاق النار وإتمام صفقة الأسرى، ويرون ضرورة مواصلة العمليات القتالية وحصار القطاع للضغط على حماس من أجل الإفراج عن الرهائن، وهذا الرأى يدعمه وزيرا الأمن القومى والمالية فى إسرائيل، وهما لديهما القدرة على إسقاط حكومة نتنياهو، الأمر الذى يجعل نتنياهو غير قادر على الموافقة على صفقة الأسرى بشكل فردي”.

من ناحية أخرى، يرى الدكتور خالد سعيد، الباحث بمركز الدراسات الإسرائيلية، أن إسرائيل تحاول دائمًا إلقاء عبء القضية الفلسطينية على الشعب المصري، ورفضت مصر حكومة وشعبا ذلك، لأنه يهدف  إلى تفريغ القضية الفلسطينية والقضاء نهائيا عليها من خلال دفع أهالى غزة إلى سيناء.

وأوضح، أن مصر طالما تصدّت لمخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وأكدت على حق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته على حدود ما قبل عام 1967، وفى الفترة الماضية حاولت إسرائيل الاقتراب من الحدود المصرية، ووضع أجهزة استشعار من أجل فرض حصار خانق وسيطرة كاملة على قطاع  غزة.

وأكمل المتخصص فى الشئون الإسرائيلية، أن نتنياهو يرغب فى إطالة أمد الحرب فى قطاع غزة لأن ذلك يصب فى صالحه الشخصى وصالح الكيان الصهيونى بشكل عام، لذلك يسعى لعرقلة مفاوضات الأسرى واستغل  ورقة محور فيلادليفيا فى تحقيق ذلك، والدليل أن آخر استطلاع رأى فى تل أبيب أظهر تفوق نتنياهو على منافسه بينى جانتس، وهو ما يعنى أن نتنياهو  يحقق أهدافه داخليا على حساب الشعب الفلسطيني.

وأكمل، أن حكومة اليمين المتطرف تسعى لإطالة أمد الحرب أيضا لضم مزيد من الأراضى فى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، لبناء مستوطنات جديدة وتوسيع الرقعة الاستيطانية، ويخطط نتنياهو للقضاء على المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة  واستئصال فكرة المقاومة من الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال مواصلة القتال وإطالة أمد الحرب.

من ناحية أخرى، والحديث لـ”سعيد” تلتزم حماس بمبادئ القضية الفلسطينية، وتتمسك بحقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته خلال المفاوضات، ورفضت تقديم تنازلات على حساب الشعب الفلسطيني.

وفى ظل وجود صواريخ تطلق من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، وخسائر فى صفوف جيش الاحتلال فهذا يؤكد على تماسك المقاومة الفلسطينية فى وجه العدوان الإسرائيلي، ويبرهن على أنها موجود على الأرض.

وفكرة قدرة إسرائيل على مواصلة الحرب فى قطاع غزة متوقف على عدة عوامل أهمها الدعم الأمريكى المقدم لتل أبيب، سواء على المستوى العسكرى أو الاقتصادى أو السياسي، فبدون الدعم الأمريكى لن يستطيع نتنياهو وحكومته الإصرار على مواصلة هذه الحرب، فالولايات المتحدة قدمت دعما عسكريا واضحا وأرسلت قوات عسكرية ضخمة لمساندة إسرائيل فى المنطقة.

كما أن قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود فى وجه جيش الاحتلال الإسرائيلي، بالإضافة إلى المساندة القادمة من محور المقاومة سواء فى لبنان واليمن والعراق تشكل عاملا مهما.

وتوقع خالد سعيد فشل مفاوضات وقف إطلاق النار فى غزة، وذلك لعدم رغبة نتنياهو فى وقف الحرب خاصة فى ظل المكاسب السياسية التى حققها فى الداخل والدعم المقدم من أحزاب اليمين المتطرف، وهو ما يشكل حماية له ويضمن بقاءه فى الحياة السياسية.

الجريدة الرسمية