رئيس التحرير
عصام كامل

رحلة الإيجار القديم مع أحكام المحكمة الدستورية العليا.. عقد إيجار “المسكن” لا ينتهى بوفاة المستأجر الأصلى.. ولا يمتد إلا لمرة واحدة.. جولات متعددة خاضها القانون ومواده أمام المحكمة

 الإيجار القديم
الإيجار القديم

ما زال قانون الإيجار القديم وتحديد العلاقة بين المالك والمستأجر يشعلان أتون معركة قضائية، طرفاها المالك أو ورثته من جهة والمستأجر من جهة أخرى.

هذه المعركة تدور رحاها بين ساحات المحاكم، وخاصة المحكمة الدستورية، المختصة بالتعديل؛ لأنها تحاكم الدستور الذى ينظم القانون والعمل به.

وفى هذا التقرير نعرض أبرز الأحكام الدستورية التى صدرت من أجل تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر خلال العقود الماضية.

فى حكمٍ صادر عام 2002، أكدت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية، أن عقد إيجار “المسكن” لا ينتهى بوفاة المستأجر الأصلى أو تركه العين إذا بقى فيها زوجته أو أولاده أو أى من والديه (أقارب الدرجة الأولى) الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك على أن يلتزموا بكافة أحكام العقد، وبذلك يكون العقد ممتدا إليه وليس مستأجرًا أصليًا، على أن تعود العين المؤجرة لمالكها الأصلى بوفاة آخرهم أو الترك، وهو ما يعنى أن امتداد العقد أصبح لمرة واحدة فقط.

ويعنى الحكم أنه فى حالة وفاة المستأجر الأصلى أو تركه للمكان المؤجر للسكن، يمتد عقد الإيجار لأقارب الدرجة الأولى (الأب والأم والأبناء والزوجة)، وذلك لمرة واحدة فقط (أى لا تمتد لأبنائهم).

كما قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمى، بدستورية المادة الأولى من قانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن غير السكنية (المحال).

ونصت المادة الأولى من القانون المطعون عليه على أنه “إذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفى، فلا ينتهى الحق بموت المستأجر الأصلى طبقا للعقد، ويستمر لصالح الأزواج والأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكورا وإناثا من قُصَّر وبالغين، يستوى فى ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بوساطة نائب عنهم. اعتبارا من اليوم التالى لتاريخ نشر القانون المعدل لا يستمر العقد بموت أحد من أصحاب حق البقاء فى العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلى دون غيره ولمرة واحدة”.

ويترتب على الحكم عدم انتهاء العقد بوفاة المستأجر الأصلى، بل يمتد لأقارب الدرجة الأولى والثانية، وينتهى العقد بوفاة آخر المستفيدين منهم ولمرة واحدة فقط.

إخلاء الأماكن الاعتبارية المؤجرة بإيجار قديم مثل الشركات والأندية والبنوك

فيما أبطلت المحكمة الدستورية العليا الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة “لا يجوز للمؤجـر أن يطلب إخلاء المكـان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها فى غير غرض السكني”.

ويعنى الحكم الصادر أن المحكمة أبطلت “منع الملَّاك من المطالبة بإخلاء المكان إذا انتهت مدة العقد المتفق عليه”، وبالتالى يحق للمالك مطالبة الأشخاص الاعتباريين بالإخلاء فور انتهاء العقد.

وتنفيذًا لحكم الدستورية السابق، صدق الرئيس السيسى فى مارس 2022 على القانون رقم 10 لسنة 2022 بشأن إخلاء الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية “الشركات والمؤسسات والهيئات” لغير غرض السكنى.

وقد منح القانون الجديد للمستأجرين مهلة 5 سنوات لتوفيق أوضاعهم والإخلاء (تنتهى فى مارس 2027)، أو التوصل لاتفاق جديد مع الملاك، وخلال الـ5 سنوات، تزيد القيمة الإيجارية لتكون 5 أمثال القيمة القانونية السارية مع بداية التطبيق، وتزداد سنويًا وبصفة دورية آخر قيمة قانونية مستحقة وفق هذا القانون بنسبة 15% خلال السنوات الأربع التالية.

رفض دعوى بطلان سريان عقود الإيجار القائمة مع المالك الجديد

قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمى، فى يوليو الماضى، بعدم قبول الدعوى المطالبة بعدم دستورية المادة 30 من القانون 49 لسنة 1977 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما يخص سريان عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد.

وتطالب الدعوى رقم 117 لسنة 25 دستورية جديدة بالحكم بعدم دستورية المادة 30 من القانون 49 لسنة 1977 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.

وتنص المادة 30 من القانون 49 لسنة 1977 بشأن تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه:

استثناءً من حكم المادة 604 من القانون المدنى تسرى عقود الإيجار القائمة على المالك الجديد للعقار، ولو لم يكن لسند الإيجار تاريخ ثابت بوجه رسمى سابق على تاريخ انتقال الملكية.

وأن يُطلب من الشخص الاعتبارى الذى يستخدم المكان لغرض غير سكنى، أن يخلى المكان المستأجر، وعدم دستورية بقاء الشخص الاعتبارى فى المكان إلى ما لا نهاية، ونظرًا لخطورة هذا الحكم ومساسه بأوضاع قائمة ومستقرة، أمرت المحكمة الدستورية بتطبيق الحكم ابتداءً من اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى السنوى لمجلس النواب، ثم صدر قانون الأشخاص الاعتبارية بالإخلاء مع تحديد مهلة 5 سنوات.

الحكم فى القضية رقم 5 لسنة 3 قضائية دستورية طعنا على المادة 13 من قانون 52 لسنة 1969 بتاريخ 29 يونيو 1974، وتم القضاء فيها برفض الدعوى، وكان هذا الطعن خاصًّا بلجان تحديد الأجرة، حيث كانت المادة 13 المطعون عليها تخول الطعن على قرارات اللجنة أمام المحكمة الابتدائية، وكان الطاعن يطعن بعدم دستورية نظر هذه التظلمات أمام المحكمة العادية، ويجب الطعن عليها أمام القضاء الإدارى.

وقضت الدستورية العليا فى القضية رقم 48 لسنة 18 قضائية دستورية طعنا على الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون 136 لسنة 1981، وكان الطاعن على عدم دستورية عقوبة المالك الذى تخلف عن تسليم الوحدة دون مقتضى، وعليه أن يؤدى للمستأجر مثلى مقدار المقدم، وقد حكمت المحكمة برفض الدعوى وبدستورية هذه المادة.

وجاء الحكم فى القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية دستورية طعنا على نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة 29 من قانون 49 لسنة 1977، وحكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة السابقة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، وحددت اليوم التالى لنشر هذا الحكم تاريخا لأعمال أثره.

نص الحكم فى القضية رقم 89 لسنة 18 قضائية دستورية طعنا على المادتين 4، 5 من قانون 136 لسنة 1981، وكانت هذه المواد تجيز لمالك العقار تحديد الأجرة وفقًا للضوابط والمعايير والمادة “5” تجيز للمستأجر أن يطعن على مقدرا الأجرة إذا رأى أنها تزيد على الحدود المتفق عليها، وحكمت المحكمة بعدم قبول الطعن على عدم دستورية نص الفقرتين 2، 3 من المادة “5”، ورفض ما عدا ذلك من طلبات.

وجاء الطعن رقم 95 لسنة 18 قضائية دستورية بعدم دستورية نص البند “أ” من المادة “2” من قانون 49 لسنة 1977، وكانت المادة تقول: إن أحكام هذا القانون لا تسرى على الأماكن الملحقة بالمرافق العامة وغيرها من المساكن التى تشغل بسبب “مساكن العمال”، وحكمت المحكمة برفض الدعوى، وأقرت بدستورية هذه المادة.

القضية رقم 62 لسنة 19 قضائية دستورية طعنا على نص البند “ب” من المادة 18 من قانون 136 لسنة 1981، وهى عدم وفاء المستأجر بعدم إعلانه بـ15 يوما بالأجرة، وحكمت المحكمة برفض الدعوى.

فى القضية رقم 105 لسنة 19 قضائية دستورية طعنا على نص المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981، وقد حكمت المحكمة برفض الدعوى.

وفى القضية رقم 223 لسنة 19 قضائية دستورية طعنا على المواد “55، 56، 57، 58، 59، 60” من القانون 49 لسنة 1977، وحكمت المحكمة برفض الدعوى.

فى 5 مايو 2018 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 18 من قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر 136 لسنة 1981، فيما تتضمنه من إطلاق عبارة “لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد”، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية “الشركات والجمعيات والنقابات والأندية وغيرها”؛ لاستعمالها فى غير الغرض السكنى.

ومفاد هذا الحكم: “أحقية المؤجر فى أن يطلب من الشخص الاعتبارى الذى يستخدم المكان لغرض غير سكنى، أن يخلى المكان المستأجر، وعدم دستورية بقاء الشخص الاعتبارى فى المكان إلى ما لا نهاية “، ونظرًا لخطورة هذا الحكم ومساسه بأوضاع قائمة ومستقرة، أمرت المحكمة الدستورية بتطبيق الحكم ابتداءً من اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى السنوى لمجلس النواب، ثم صدر قانون الأشخاص الاعتبارية بالإخلاء مع امهال مهلة 5 سنوات.

أصدرت المحكمة الدستورية العليا فى فبراير 2024 حكما قضائيا فريدا من نوعه بعدم قبول الدعوى المقامة بعدم دستورية نص الفقرة الأولى والثانية من المادة 16 من قانون 52 لسنة 1969 بتنظيم أحكام إيجار الأماكن والمتعلقتين بضرورة التزام المؤجر تدوين عقد الإيجار كتابة كشرط لإثبات العقد بخلاف المستأجر الذى يحق له إثبات العلاقة الإيجارية بكافة طرق الإثبات، والفقرة الأخرى إيضاح ما يفيد الترخيص واشتراط البناء فى نصوص العقد أو ما يلحق به.

وكانت الدعوى مقامة على أساس المادة 40 من الدستور ومواد أخرى تخص مساواة الأشخاص فى الحقوق والواجبات وعدم تفضيل أى منهم على الآخر حتى فيما يتعلق بإثبات الحقوق والوقائع القانونية والمادية أمام القضاء.

أخيرا فى ديسمبر 2022 صدر حُكم جديد من المحكمة الدستورية العليا يُرسخ حق الملكية، حيث أبطلت المحكمة الدستورية العليا نص المادة 8 من القانـون رقم 111 لسنة 1975، وعجز المادة الثانية من القانون رقم 112 لسنة 1976.

والحُكم الصادر يُبطل ما تضمنته المادتان من “تخويل وزير المالية بقرار منه، أن يحل بأثر رجعى، إحدى الجهات الحكومية فى عقود إيجار الأماكن، التى كانت تستأجرها المؤسسات العامة الملغاة رغم انتهاء مدد عقود إيجارها طبقا لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 السارى وقتئذ، مشيدة قضاءها على سند من افتئات هذين النصين على حق الملكية وإخلالهما بحرية التعاقد باعتبارها فرعًا من الحرية الشخصية، ويعنى الحُكم الصادر أن المحكمة الدستورية أبطلت سُلطة وزير المالية فى إحلال جهة حكومية بديلًا لمؤسسة عامة ألغيت فى عقود الإيجار رغم انتهاء مدة العقد.

 

الجريدة الرسمية