رئيس التحرير
عصام كامل

الإيجار القديم.. حكاية قانون عمره أكثر من 100 عام.. بدأ مع الحرب العالمية الأولى.. وجمال عبد الناصر رسخ وجوده.. والسادات أعاد التوازن

قانون الإيجارات القديمة،
قانون الإيجارات القديمة، فيتو

وسط الأحاديث الصاخبة فى ردهات أحد الفنادق الفخمة بأرقى أحياء القاهرة، تنامت إلى مسامع الحاضرين حكاية سيدة المجتمعات المشهورة، التى تدفع فى فستان سهرتها 400 ألف جنيه، وتعيش فى إحدى شقق الزمالك الفخمة، التى تصل مساحتها 200 متر، لكن الغريب والذى استوقف الحضور أن هذه السيدة تعيش فى شقة إيجار ورثتها عن والدها، قيمة إيجار الشقة 40 جنيها فقط.

 

حكاية سيدة المجتمعات المشهورة، فتحت الباب أمام الحضور لمناقشة قضية محورية، تهم العديد من فئات المجتمع المصرى، إنه قانون الإيجارات القديمة، ففى الوقت الذى يجد فيه بعض أفراد المجتمع المصرى وخاصة الفقراء أن تعديل القانون سيكون مجحفا وسيلقى بهم وبأبنائهم فى الطرقات، نجد أن آخرين من القادرين وساكنى الأماكن الراقية مستأجرون للشقق بأجر ضعيف، ومنهم من يغلق شقته المستأجرة ولا يتم الاستفادة منها.

 

كشفت الإحصاءات الرسمية، وفقًا لتعداد 2017، عن وجود 3 ملايين و19 ألفا و865 وحدة سكنية مؤجرة بقانون الإيجار القديم على مستوى الجمهورية، وهناك فجوة ما بين عدد الوحدات السكنية وعدد الأسر بقانون الإيجار القديم تقدر بـ 1.37 مليون وحدة، يمكن تفسيرها بتعدد أنماط استعمال وحدات الإيجار القديم بخلاف الاستعمال السكنى، ذلك ما أكده بحث “أساليب التعامل مع الأنماط المختلفة للوحدات السكنية بقانون الإيجار القديم فى مصر” للدكتورة هدى الأمير محمد درويش، مدرس بقسم التخطيط العمرانى كلية التخطيط الإقليمى والعمرانى بجامعة القاهرة.

 

وأشارت الدراسة إلى أن أزمة الإسكان فى مصر ليست مشكلة نقص فى العرض الإسكانى، حيث تؤكد الدراسات والإحصاءات الرسمية وجود مخزون من الوحدات السكنية لا تزال شاغرة تقدر بـ 13 مليون وحدة سكنية عام 2017، وهو ما يعادل 33.5% من الرصيد السكنى، منها 4 ملايين وحدة مغلقة، 2.9 مليون ووحدة مغلقة لوجود مسكن آخر للأسرة، و1.1 مليون وحدة مغلقة لوجود الأسرة بالخارج، وفقًا للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2017.

 

فى حين كشفت آخر إحصائية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2024، أن هناك نحو 100 ألف شقة مؤجرة بنظام الإيجار القديم فى القاهرة، مهددة بالإخلاء وعودتها لمالكيها، بواقع أكثر من 32 ألف شقة مغلقة، و78 ألف شقة يمتلك مستأجروها سكنا آخر.

 

الموقف القانوني

 

تشير دراسة حول قانون الإيجار القديم إلى أن الأصل فى العلاقة الإيجارية هو القانون المدنى، لكنه استثناء من هذا الأصل، حيث صدرت قوانين تواكب متغيرات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية مرت بها مصر، تنطوى معظمها على تقييد القيمة الإيجارية، وامتداد العقود الإيجارية بعد انتهاء مدتها تلقائيًا، المشكلة الأهم فى هذه التشريعات أنها صدرت تعالج ظروف معينة فى فترة محددة.

 

بدأت قوانين الإيجار القديمة فى مصر مع الحرب العالمية الأولى، حيث صدر القانون رقم 11 لسنة 1920 بتقييد أجور المساكن، وتم وضع حد أقصى للأجرة يكون مساويًا للأجرة المنصوص عليها فى أول أغسطس 1914 مضافًا إليها 50%، ونص على عدم جواز قيام المؤجر بإخراج المستأجر من المسكن إلا بحكم المحكمة، وفى حالة عدم سداد الاجرة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ المطالبة والإخطار بها على يد محضر أو بخطاب موصى عليه، أو فى حالة عدم عناية المستأجر بالعين، أو استعماله فى أغراض تتنافى وطبيعة المسكن.

 

وصدر بعد ذلك القانون رقم 4 لسنة 1921، بسريان التقييد على الأماكن كلها سواء السكنية أو الأماكن المستعملة لأى غرض آخر غير السكنى نظرًا لظروف الحرب، ومع الحرب العالمية الثانية صدر القانون رقم 151 لسنة 1941 بمنع الملاك من زيادة القيمة الإيجارية وامتداد العقود تلقائيًا لمنع طرد المستأجرين مراعاة لظروف الحرب حيث كان يتم طرد الملاك للمستأجر المصرى وتأجيرها للأجانب بأجرة مرتفعة.

 

وتميزت فترة ما بعد ثورة 1952 وحتى الستينات بإصدار مجموعة من التخفيضات على القيمة الإيجارية لجميع الأماكن السكنية وغير السكنية، فصدر القانون 199 لسنة 1952، بخفض نسبة 15% على القيمة الإيجارية للوحدات التى أنشأت من أول يناير وحتى 18 سبتمبر 1952.

 

وصدر القانون 55 لسنة 1958 بخفض نسبة 20% على الأماكن المنشأة من 18 سبتمبر 1952 وحتى 12 يونيو 1958. وأتبعه القانون رقم 168 لسنة 1961، بخفض بنسبة 20% على إيجارات الأماكن المنشأة من 12 يونيو وحتى 5 نوفمبر 1961.

 

ثم صدر القانون رقم 46 لسنة 1962، للأماكن المنشأة بعد نوفمبر 1961 وطبقًا لأحكامه، وتم تحديد القيمة الإيجارية على أن يعطى الإيجار عائدًا سنويًا قدره 5% من قيمة الأرض والمبانى، و3% من قيمة المبنى مقابل استهلاك رأس المال ومصروفات الإصلاحات والإدارة، وتشكيل لجان خاصة يرأسها قضاة للتظلم من القيمة الإيجارية المحددة.

 

وصدر القانون رقم 7 لسنة 1965، ونص على تخفيض إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام القانون 46 لسنة 1962 لسنة 1962 بنسبة 35%، تأخذ إما بأثر رجعى من تاريخ التعاقد إذا كان تقدير لجنة الإيجارات نهائى فى تاريخ العمل بالقانون 7 لسنة 1965.

 

وفى فترة السبعينات صدر القانون رقم 49 لسنة 1977، الذى ألغى جميع قوانين الإيجارات السابقة له، واستحدث أحكام جديدة منها تنظيم إيجار الأماكن المفروشة، واستحقاق المالك أجرة إضافية عن مدة التأجير مفروشًا، بواقع نسبة من الأجرة القانونية تتراوح من 400% إلى 100% حسب تاريخ إنشاء الأماكن، وفى حالة تأجير المكان مفروشًا جزئيًا يستحق المالك نصف النسبة.

 

وشهدت فترة الثمانينات صدور القانون رقم 136 لسنة 1981، ويعتبر القانون الأول الذى اتجه إلى إحداث توازن لصالح الملاك، وإحداث توزان فى سوق الإيجارات، فوضع ضوابط لتحديد قيمة الإيجار للأماكن السكنية، عدا الفاخر بـ (7%) من قيمة الأرض والمبانى، كما وضع حد أقصى للوحدات بنظام التمليك.

 

كما أشرك القانون المستأجرين مع الملاك فى صيانة وترميم المبنى بنسب طبقًا لتاريخ إنشاء المبنى، وإعفاء الوحدات السكنية فيما عدا الفاخر من جميع الضريبة العقارية وإلا تدخل إيرادات هذه المساكن فى وعاء الضريبة العامة على الإيراد، مع زيادة أجرة الأماكن لغير السكنى بنسبة تتراوح من 5 إلى 30%، حسب تاريخ الإنشاء، واشترط أن يخصص المالك نصف هذه الزيادة لمواجهة تكاليف الترميم والصيانة.

 

وفى فترة التسعينات، وتمشيًا مع السياسة العامة للدولة، التى تهدف لإلغاء القوانين الاستثنائية، صدر القانون رقم 4 لسنة 1996، والمعروف بقانون الإيجار الجديد، الذى أطلق حرية التعاقد بين المالك والمستأجر فيما يخص (القيمة الإيجارية، ومدة العقد)، وتوقف تحرير العقود طبقًا لقوانين الإيجار القديم، رقم 49 لسنة 1979، ورقم 136 لسنة 1981.

 

وبصدور القانون رقم 4 لسنة 1996 تم تحرير العلاقة الإيجارية، وأعادها للأصل وهو القانون المدنى وأصبح العقد شريعة المتعاقدين، ويسرى على جميع العقود التى تحرر بعد إصداره فى يناير 1996.

 

كما صدر القانون رقم 6 لسنة 1997، بزيادة الأجرة القانونية للوحدات المستغلة لغير أغراض السكنى، وذلك بالإضافة إلى زيادة سنوية (مركبة) بصفة دورية بنسبة 10% من قيمة آخر أجرة قانونية لجميع الأماكن غير السكنية.

 

واستجابة لرغبة شعبية صدر القانون رقم 14 لسنة 2001، بتعديل قيمة الزيادة السنوية المركبة إلى (10%)، لتصبح بقيمة ثابتة تعادل نسبة 1% أو 2%، حسب تاريخ إنشاء الوحدة وتحصل هذه الزيادة حتى الآن.

 

وجاءت الألفية الجديدة، فصدر القانون رقم 137 لسنة 2006، الذى نص على أن تكون للعقود الإيجارية الموثقة بمعرفة طرفيها قوة السند التنفيذى، الأمر الذى ساهم فى تفعيل القانون رقم 4 لسنة 1996، بما يتيح عرض الكثير من الوحدات المغلقة للإيجار.

 

القيمة الإيجارية

 

وعن الإطار الفكرى لقانون الإيجار القديم، تذكر أستاذة التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، الدكتورة هدى الأمير محمد درويش، فى دراستها عن قانون الإيجارات القديمة، أن قضية تحديد القيمة الإيجارية لم تكن قضية سياسية حتى الحرب العالمية الأولى، حيث دفعت اضطرابات الحرب، جميع الدول المتحاربة وبعض الدول الأخرى، إلى تطبيق تدابير خاصة فى محاولة لحماية المستأجر من الصعوبات الناجمة عن الأزمة غير المتوقعة.

 

وأشارت إلى أنه فى البداية طبقت بعض الدول نظام تحديد الإيجارات فقط للمناطق المتأثرة بشكل مباشر من خلال الحرب أو لأسر الأفراد العسكريين، وتم توسيع نطاق التطبيق ليشمل كافة الوحدات بالدولة، مع إعفاء البناء الجديد فقط؛ وفضلت هذه التدابير المستأجرين على حساب الملاك من خلال خفض الإيجارات إلى ما دون مستوى السوق الحر، ومنح المستأجرين ضمان الحيازة إذا لم يكن لديهم، ويمكن للمستأجر وأحفاده الاستمرار فى العيش فى العقارات، التى يسيطر عليها الإيجار إلى الأبد، عند الإيجار المتفق عليه فى البداية، كما تمكنهم من إنهاء عقود الإيجار المحددة المدة قبل الأوان.

 

مناقشة القانون

 

وعن صعوبة مناقشة قانون الإيجارات القديم وتعديله جذريا، يمكن التأكيد على وجود عشرة أسباب تحول دون مناقشة قانون الإيجار القديم، حيث تشارك الجهات الحكومية المعنية بهذا القانون، فالقانون مرتبط بموافقة وزارة التضامن والمالية والتخطيط والإسكان، بالإضافة للبرلمان، وليس وزارة الإسكان بمفردها، وخاصة أن وزارة الإسكان أعدت قبل ذلك مشروع قانون لتعديله ينص على زيادة الإيجار القديم بنسبة ٢٤ ضعفا، حسب دراسة قانون الإيجارات القديم.

 

كما أن ارتفاع معدل التضخم وثبات رواتب الموظفين، ومن هنا فإقرار القانون يحتاج دراسة من كافة الجهات الحكومية للتوصل لمعدل ارتفاع للإيجار فى حال موافقة البرلمان على ارتفاع نسبة الإيجار.

 

عدم وضع وزارة المالية لميزانية خاصة لدعم المستأجرين ذوى الدخل المنخفض من بين الأسباب التى تعوق تعديل القانون، وعدم وجود دراسة بالمستأجرين المستحقين للدعم.

نقلا عن العدد الورقي،،،

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

 

 

 

الجريدة الرسمية