رئيس التحرير
عصام كامل

من دخل داره فهو آمن


مبدأ إعلان حظر التجوال في حد ذاته رباعيّ الأبعاد والفوائد، لا تلجأ إليه الأنظمة عادة حال الفوضى إلا عند اشتعال الوضع الميداني، فهو من ناحية يحمي المواطنين العزَّل من التعرض لأفعال عناصر إجرامية ما بين إثارة الشغب أو العنف أو غيره وتوفر لهم نوعا من الأمان والأمل الذي يُعينهم على تحدي المتاح من الأحداث والأعمال، ومن ناحية ثانية يمكّن الأجهزة الأمنية والشرطية من اكتشاف تلك العناصر وملاحقتها في مسرح مفتوح نسبيا ومحاولة الحد من أفعالها المُفترضة، ومن ناحية ثالثة فهو يُعطي تلك الأجهزة المسئولة أوقاتا لالتقاط أنفاسها وإعادة ترتيب رجالها وتكتيكاتها تبعا لظروف الواقع، وأخيرا يعمل على استعادة الدولة ومؤسساتها لهيبتها وسموها على الكافة.


فقرار الدكتور الببلاوي بإعلان حظر التجوال في نطاق بعض المحافظات المصرية كان قرار صائبا، توافق مع مطالبات العديد من قطاعات الشعب المصري والقوى السياسية والمدنية نظرا للأوضاع الأمنية المربكة التي تعيشها البلاد، كمحاولة للسيطرة على أعمال العنف والقتل التي استشرت خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، بل هو من المرات النادرة التي تستبيحه هذه الفئات، في ظل شعب ألف على كسر هذا الحظر منذ اندلاع ثورة يناير 2011 م.

وحتى يلقى القرار آثاره يجب على الشعب المصري إدراك حقيقة وقتية هذا القرار إلى حين استتباب الأمر أمنيا، وصدوره لصالحه والبلاد في آن واحد، مما يستوجب تفاعله المباشر مع هذا القرار والتزامه به، فمن دخل داره فهو آمن، تاركا للأجهزة المختصة مساحة من الحرية للتعامل مع تلك العناصر التهديدية أيا كانت انتماءاتها أو فصائلها. كما يجب على الأجهزة الأمنية المسئولة في ظل هذه الظروف تنفيذ هذا القرار وفقا لروح القانون لا لصلفه، والتعامل مع ما قد يتواجد من المواطنين العزَّل في الطرقات بعدل الاخاء لا بفرض الأوامر، حتى نتمكن جميعا من الخروج إلى برٍ آمن في ظل هذه الظروف التي أوقعتنا فيها جماعة الإخوان وأهلها وعشائرها ومَن والاهم من المُغيَّبين والأنصار، وشارك فيها دون شك قلق النظام الوقتي الحاكم وارتعاشة أفكاره!

وقد تابعت إنفاذ القرار في أغلب مناطق القاهرة والإسكندرية في أول ليلة له، متذكرا موقف شعب مدن القناة الباسلة إبان قرار إعلان حظر التجوال في مدن القناة الذي أصدره الرئيس السابق مرسي منذ شهور، وقت أن تفنَّنوا وأبدعوا طرقا عديدة لكسر هذا القرار من مباريات كرة قدم وغناء وخلاف ذلك، ووجدت شتَّان بين استهانة الشعب وقتها بنظام الإخوان وقراراته وتعايشه والتزامه النسبي بقرار الأمس ليقينه صالح البلاد والعباد، وأتوقع أن يمتد النطاق المكاني لتطبيق هذا القرار إلى محافظات أخرى، راجيا تنشيط الأجهزة الأمنية لرجالها كي تُحبط محاولات هذا العناصر، حتى لا تطول مدة نفاذ هذا القرار لأنه أولا وأخيرا إجراء استثنائي مُكبل للحريات الدستورية!
حمى الله مصر وشعبها، ورحم شهداءها...
Poetgomaa@gmail.com
الجريدة الرسمية