السيدة زينب، ثاني حفيدات الرسول وأولى بنات فاطمة الزهراء
تُعتبر السيدة زينب، رضي الله عنها هي ثاني حفيدات الرسول بعد إمامة بنت أبي العاص، وهي أول بنات الإمام علي بن أبي طالب من زوجته فاطمة بنت النبي وأول بناتها منه، وتُعتبر من الشخصيات المهمة عند المسلمين (سنة وشيعة) لما لها من محبة في قلوب الجميع، كما حفلت سيرتها بالعديد من المواقف التي سنسرد بعضا منها في هذا التحقيق فإلى التفاصيل.
نسبها
الحَوْرَاءُ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيٍّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الملقبة بـزَيْنَبِ الكُبْرَى (5 هـ - 62 هـ)؛ تاني حفيدات النبي بعد أمامة بنت ابي العاص من زوجته زينب بنت النبي، وهي ثالث أولاد فاطمة الزهراء بنت الرسول محمد وعلي بن أبي طالب والابنة البكر لأمها حيث رزقت السيدة فاطمة بزينب وأم كلثوم علي اسمي شقيقتها من أم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها،والسيدة زينب هي الأخت الشقيقة للسبطين الحسن والحسين. وأبوها هو الخليفة الرابع من الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب عند أهل السنة والجماعة، وأوّل الأئمة الأثني عشر عند الشيعة، ولهذا ويعتقد الشيعة بعصمتها بالعصمة الصغرى.
يحتفل الشيعة وبعض أهل السنة والجماعة والطرق الصوفية بيوم ميلادها في الخامس من جمادى الأولى، وكذلك يحيي الشيعة ذكرى وفاتها.
ولادتها ونشأتها
القول المشهور بين الشيعة أن ولادة زينب بنت علي كانت في 5 جمادى الأولى من 6 هـ، وأن ولادتها كانت قبل تسقيط المحسن، فيما يعتقد المؤرخون السنة بأن ولادة زينب كانت بعد ولادة المحسن.
ولدت بالمدينة المنورة في الخامس من شهر جمادى الأول سنة 6 هجرية، وقد أسماها جدها زينب على اسم ابنته الكبرى زينب التي توفيت قبل ولادة الطفلة بوقت قليل، وحزن عليها النبي حزنًا شديدًا، وأراد أن يحيي ذكراها في شخص الحفيدة الصغيرة.
توفي الرسول صلى الله عليه وسلم، وعمر زينب رضي الله عنها خمسة أعوام، ثم تبعته أمها فاطمة الزهراء، وقد أوصت الزهراء ابنتها زينب أن تصحب أخويها وترعاهما، وتكون لهما من بعدها أما، فكانت أما للحسن والحسين وشقيقتها الصغرى أم كلثوم.
نشأت السيدة زينب نشأة حسنة كاملة فاضلة عالمة، حيث كانت رضي الله عنها صوّامة قوّامة تقضي أكثر لياليها متهجدة تتلو القرآن، كما كانت رضي الله عنها لبيبة عاقلة، على جانب عظيم من الحلم والعلم ومكارم الأخلاق، ذات فصاحة وبلاغة، أخذت عن والدتها الرقة والحنان والخلق الحسن، وأخذت عن والدها العلم والتقوى، وتميزت بثقافتها وفصاحتها وبلاغة حديثها. فيقول الجاحظ في «البيان والتبيين»: إنها كانت تشبه أمها لطفًا ورقة وتشبه أباها علمًا وتقى.
أسماؤها وكنيتها وألقابها
تعددت أسماء وألقاب وكني السيدة زينب رضي الله عنها في جميع مراحل حياتها وكان لها العديد من الأسماء والألقاب والكنى نورد منها ما يلي:
1- زينب: هناك قولان في معنى كلمة زينب. الأول أن «زينب» كلمة مركبة من زين وأب. أما الثاني فهو أن «زينب» كلمة بسيطة وليست مركبة، وهي اسم لشجرة أو وردة تسمى زينب.
قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط، بقوله: ”الزَّيْنَبُ: نبات عشبيٌّ بصليّ معمّر من فصيلة النرجسيات، أزهاره جميلة بيضاء اللون فوّاحة العرف، وبه سُمِّيت المرأة“.
2- تُكنى زينب بـ”أم الحسن“ و”أم كلثوم“. حيث تولت السيدة زينب رعاية أشقائها بعد وفاة السيدة فاطمة رضي الله عنها ومن المعروف والمشهور أن أم كلثوم هي شقيقتها الصغرى وكذلك الحسن والحسين هم أشقائها من الام والاب رضي الله عنهم جميعا.
3- ”العقيلة“، والعقيلة وصف لها وليس اسمًا، يقول أبو الفرج الأصفهاني: ”العقيلة هي التي روى ابن عباس عنها كلام فاطمة في فدك، فقال: حدثتنا عقيلتنا زينب بنت علي“. وللعقيلة معاني عديدة في اللغة، فمنها: المرأة الكريمة، والنفيسة، والمُخَدَّرة.
ويقول ابن منظور في لسان العرب: ”عقيلة القوم: سيدهم، وعقيلة كل شيء: أكرمه“. كما يقول الفيروزآبادي في القاموس المحيط: ”العَقِيلَةُ: الكريمة من النساء..
4- زينب الكبرى، للفرق بينها وبين من سميت باسمها من أخواتها وكنيت بكنيتها.
5- الحوراء، أم المصائب وسُمّيت اُمّ المصائب، لأنّها شاهدت مصيبة وفاة جدّها محمد رسول الإسلام، ومصيبة وفاة اُمّها فاطمة الزهراء، ومصيبة قتل أبيها علي بن أبي طالب، ومصيبة شهادة أخيها الحسن بن علي بالسمّ، والمصيبة العظمى بقتل أخيها الحسين بن علي من مبتداها إلى منتهاها، وقتل ولداها عون ومحمد مع خالهما أمام عينها وحملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة وحملت أسيرة من الكوفة إلى الشام.
6- الغريبة، لغربتها ووفاتها بعيدا عن المدينة المنورة سواء في مصر أو الشام حسبما يقال.
7- العالمة غير المعلمة: قال فيها ابن أخيها علي بن الحسين السجاد: «يا عمة، أنتِ بحمد الله عالِمة غير معلّمة وفهمة غير مفهمة».
8- الطاهرة: كونها ابنة السيدة فاطمة الزهراء وشقيقة الحسن والحسين، وقد قال قال عنها الإمام الحسين رضي الله عنه: أنعم بك يا طاهرة حقًا إنك من شجرة النبوة المباركة ومن معدن الرسالة الكريمة.
9- السيدة. إذا قيل في مصر السيدة فقط فإنها السيدة زينب.
10- «أم العزائم» لعزيمتها القوية في طاعة الله تعالى وتقواه
11- «أم هاشم»، لأنها كانت كريمة سخية كجدها هاشم
12- و«صاحبة الشورى» لرجوع أبيها وأخوتها لها في الرأي
13- و«أم العواجز»، لأن دارها كانت مأوى للعجزة والضعفاء
14- «رئيسة الديوان» لأنها لما رحلت إلى مصر كان وليها وعلماؤها يعقدون جلساتهم في دارها وتحت رئاستها.
زوجها وأبناؤها
تزوجت زينب من ابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، ولم يفرق الزواج بين زينب وأبيها وأخوتها، فقد بلغ من تعلق الإمام علي رضي الله عنه بابنته وابن أخيه أن أبقاهما معه حتى إذا ولي أمر المسلمين، وانتقل إلى الكوفة انتقلا معه فعاشا في دار الخلافة وكان موضع رعاية أمير المؤمنين.
أنجبت السيدة زينب من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عون وعباس وعلي، وقد قتل ابنها عون مع خاله الحسين وأصحابه في معركة كربلاء، ولها ابنة واحدة هي أم كلثوم.
بعد استشهاد أخيها الحسين، رحلت السيدة زينب إلى مصر، وعاشت فيها حتى توفيت.
اقرأ أيضا
كم عدد زوجات النبي اللائي خيرهن في سورة الأحزاب ؟
رحلتها إلي مصر
ذكر النسابة العبيدلي في أخبار الزينبيات على ما حكاه عنه مؤلّف كتاب السيدة زينب: أنّ زينب الكبرى بعد رجوعها من أسر بني أميّة إلى المدينة أخذت تؤلّب الناس على يزيد بن معاوية، فخاف عمرو بن سعد الأشدق انتقاض الأمر، فكتب إلى يزيد بالحال، فأتاه كتاب يزيد يأمره بأن يفرّق بينها وبين الناس
فأمر الوالي بإخراجها من المدينة إلى حيث شاءت، فأبت الخروج من المدينة وقالت: لا أخرج وإن أهرقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عمّاه قد صدقنا الله وعده وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء، فطيبي نفسًا وقرّي عينًا، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هوانًا؟ ارحلي إلى بلد آمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم وتلطّفن معها في الكلام، فاختارت مصر
وخرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة الحسين وسكينة، فدخلت مصر لأيام بقيت من ذي الحجة، فدخلت من مدينة «بلبيس» وكان معها فاطمة بنت الحسين، وعلي زين العابدين رضي الله عنهم- ؛ فاستقبلها الوالي مسلمة بن مخلد الأنصاري في جماعة معه، فأنزلها داره بالحمراء.
دعوة السيدة زينب لأهل مصر
بعد الترحيب الكبير الذي لقيته السيدة زينب ومن معها عند قدومها لمصر، دعت دعوتها الشهيرة لأهل مصر فقالت: «أهل مصر، نصرتمونا نصركم الله، وآويتمونا آواكم الله، وأعنتمونا أعانكم الله، وجعل لكم من كل مصيبة مخرجًا ومن كل ضيق فرجًا»، لتظل مصر بدعواتها وبآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم محفوظة وفي أمن وأمان، وأقامت بمصر أحد عشر شهرًا وخمسة عشر يومًا
وفاتها ومدفنها
اختلف المؤرخون في تحديد سنة وفاتها، وان كان الأرجح عند كثير من الباحثين أنها توفيت في سنة 62 هـ، وذكر الكثير من المؤرخين وسير الأخبار بأنها توفيت ودفنت في دمشق، ورأي آخر على أنها دفنت في القاهرة لكن لا يوجد أي كتاب مؤرخ لمزارات مصر يدل على وجود قبر لزينب في مصر ويرجح البعض ان قبر السيدة زينب في القاهرة هو قبر السيدة زينب بنت يحيى المتوج بن الحسن الأنور بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
