الترام.. كيف أحدث تسيير عربات للمواصلات قبل 128 عامًا ثورة في المجتمع المصري.. شركة بلجيكية أنجزت المهمة بنجاح.. الموقف الرئيسي كان في العتبة الخضراء.. وهذه قائمة أسعار الخطوط والدرجات
الترام، كان حدثا فارقا في تاريخ المصريين، ففي مثل هذا اليوم 12 أغسطس عام 1896 أقيم حفل كبير بميدان العتبة حضره رجال الدولة والأمراء والأعيان والتجار لمشاهدة تسيير عربات للمواصلات لأول مرة في شوارع القاهرة هي الترام.
ولم تكن وسيلة المواصلات في ذلك الوقت الترام أو الأتوبيسات بل كانت قد اقتصرت على الدواب للعامة من الشعب، وكان هناك موقف للحمير بميدان عبده باشا واقتصر الحنطور على الأعيان حتى قررت الحكومة في أغسطس 1893 مد خطوط الترام في العاصمة وأسندت مهمة إنشائه إلى شركة بلجيكية.
ثمانية خطوط تبدأ من العتبة الخضراء
وتقرر أن يكون امتياز الترام بثمانية خطوط تبدأ كلها من العتبة الخضراء ويتجه أحدها إلى القلعة، والثاني إلى باب اللوق وإلى الناصرية، والرابع إلى العباسية عن طريق الفجالة، والخامس إلى مصر القديمة، والسادس من فم الخليج إلى الروضة ثم ينتقل الركاب بزورق بخاري إلى الشاطئ الآخر ليستقلوا تراما آخر إلى الجيزة وهذا هو الخط السابع، والثامن يبدأ من قصر المنيل ويسير موازيا لترعة الإسماعيلية إلى كوبري الليمون بميدان رمسيس.
الحمير وسيلة المواصلات الوحيدة
ولكى ندرك كيف أحدث الترام ثورة في المجتمع علينا استعراض أحوال القاهرة في نهايات القرن التاسع عشر، كانت مليئة بالحفر والمطبات وأكوام الحجارة والفضلات وكانت وسيلة الانتقال الوحيدة هي الحمير وكانت لها مواقف خاصة منها موقف بجوار فندق شبرد القديم بشارع إبراهيم باشا ـ الجمهورية حاليا ـ وكان مخصصا لخدمة السائحين الأجانب في حين كانت العربات التي تجرها الخيول مخصصة للأجانب فقط.
وفي أول أغسطس 1896 أجرت الشركة احتفالا بتجربة تسيير أول ترام على سبيل التجريب وكان في العاشرة صباحا، وقد ركب عربة الترام حسين فخرى باشا وزير الأشغال مع كبار رجال الوزارة من بولاق وصولا إلى القلعة.
بدأت تعريفة الركوب مع أول ترام خمسة مليمات للدرجة الأولى وثلاثة مليمات للدرجة الثانية، فاختلف وجه الحياة وأصبح الساكن في العباسية يستطيع العمل في السيدة زينب، وسهل على الأسر الخروج إلى الحدائق وكذلك المسارح بميدان العتبة.
وتذكر جريدة "المقطم" في تغطيتها للحدث: «شهد أهل العاصمة مشهدا قلما شهد مثله أهالي المنطقة العربية، ولم يخطر على قلب بشر منذ مائة عام وهو أن تجري مركبات كثيرة تقل الناس لابقوة الخيل في العربات التي كانت تجرها الخيول او العربات الكارو التي تجرها الحمير.
اسماه المصريون العفريت
يسير الترام الجديد لا بقوة الكهرباء ولا البخار، بل بالقوة الطبيعية الناتجة عن احتراق الفحم وإدارة الحديد بالمغناطيس ثم تجرى على أسلاك منصوبة في الهواء والقضبان ممدودة على الأرض وهذا هو التروماي الذي أسماه البسطاء والأطفال والفلاحين "العفريت".
اختلف وجه الحياة تماما بعد تسيير الترام حيث ارتفعت أسعار الأراضي التي يمر بها الترام فما يفتتح فرع من فروع الترام حتى تبدأ الصحف نشر إعلانات عن قطع أراضي للبناء وكان الإعلان يوضح لمزيد من الدعاية ان قطعة الأرض على بعد كذا من التروماي فزادت أسعار اراضى حى الازبكية فارتفع سعر متر الأرض الى 60 جنيها للمتر عام 1905، 90 جنيها في حى الموسكى فتحولت العشش والخراب الى مبانى فخمة ونشأت فيها المحلات التجارية وأصبحت قلب العاصمة فأقام فيها أيضا الأجانب المباني الضخمة الفاخرة.
وكتبت مجلة "المنار" تعليقا على الحدث تقول: ولو أن أحدا طار في منطاد ونزل في الأزبكية وطاف بالقرب منها يقول ان هذه المدينة هي أخت باريس أو إبنتها.
كتب الأديب يحيى حقى معلقا على هذا الحدث يقول (سمعت من أمي أن أهل قريتها ضربوا كفا بكف من شدة العجب حين علموا ان بالعاصمة عربة مسحورة تجري بلا خيول اسمها الترامواي..ياحلاوة ياولاد)، كما كثرت النكات والقفشات حول الترام وتهرب الركاب من دفع ثمن التذكرة حتى قيل ان واحدا قال لصاحبه كيف يسير الترامواي على القضبان فرد عليه علشان معلقين فيه حمير من أسفل.
ازدهار فى حركة المسارح
ساعد وجود الترام على الانتقال من مكان إلى آخر في أي وقت وخاصة أنه كان يعمل بدءا من السادسة صباحا حتى الواحدة بعد منتصف الليل واحلو السهر ونشطت الحركة الفنية والأدبية بإقبال الناس على المسارح وذهاب الأدباء والشعراء إلى مقاهي الأزبكية واعتاد المواطنين ارتياد الحدائق العامة.
ازدهرت حركة الإعلانات نتيجة ظهور الترام وأصبح التاجر يعلن عن بضاعته في الصحف كما اتخذ البعض عربات الترام وسيلة للدعاية حتى ان صاحب مدرسة خاصة عام 1903 بالإعلان عن مدرسته بعد افتتاحها باستئجار عربة ترام وزينها بالورود والرياحين وسيرها في شوارع المنطقة.
خمسة مليمات قيمة أجر الركوب
وفى أغسطس عام 1919 نقضت شركة الترام البلجيكية العقد المبرم مع الحكومة المصرية الموقع في ديسمبرعام 1894 والذى تضمن قيمة أجر الركوب خمسة مليمات لمدة خمسين عاما تنتهى في ديسمبر 1944 ولأن الشركة نقضت العقد وتقدمت إلى الحكومة المصرية طالبة زيادة أجر الركوب ليصبح 6 مليمات بدلا من 5 مليمات، كما قررت الشركة البلجيكية الاستيلاء على كافة الأرباح ورأس المال نفسه وقامت بطرد العمال المصريين الذين قرروا الإضراب عن العمل بسبب غلاء المعيشة وضعف الأجور في الشركة التي قامت بتقديمهم إلى محاكمات صورية، وحتى لا تزداد هياج العمال وثورتهم أعلنت الشركة أنها فرضت زيادة ثمن الركوب مليما حتى تستطيع زيادة أجورهم.
وأخذ رجل المال طلعت حرب على عاتقه الدفاع عن حقوق العمال والتصدي بالقانون وسلاح الإعلام لمقترحات الشركة البلجيكية، فبدأ كتابة المقالات في جريدة الأهرام يقول فيها: ان عقد امتياز الشركة البلجيكية يشترط ان الأجرة لا تزيد عن نصف قرش ـ خمسة مليمات ـ متسائلا ماذا ستخسر الشركة لو خصصت جزء من المبالغ والأرباح للصرف على تحسين حال المستخدمين والعمال.
الشركة البلجيكية مديونة للدولة
وفى عام 1952 وبمجرد استلام حكومة الثورة للحكم قامت بالبحث عن حقوق الدولة لدى الشركات الخاصة العاملة في مصر، منها شركة الترام وشركة أمينوس البلجيكية الموكول لها أيضًا تسيير الترام بشوارع وميادين القاهرة والإسكندرية.
وكما نشرت مجلة التحرير عام 1953 أنه بالبحث في ملفات الدولة وجدت الحكومة أن شركة الترام مديونة للدولة بمبلغ 647 ألف جنيه من الأعوام من 1944 حتى 1952، أي ثماني سنوات.
قرارات التأميم تعيد الحق لأصحابه
لذلك قررت الحكومة إقامة حراسة على شركة ألامينوس لمدة سنة منذ بدء تجديد العقد للعام 1953 وكذلك وضع الشركة في القائمة السوداء بحيث لا يسمح لها استغلال خطوط في المزايدة الجديدة للسنة الجديدة بعد أن تبين تلاعبها منذ عام 1935 حتى اليوم 1953، إضافة إلى تكليف شركة من ديوان المحاسبة ومهندسي التنظيم تقوم بمراجعة موجودات وحسابات شركتا الترام وألامينوس العمومية والمحافظة على حقوق الشركتين لدى الحكومة واستمر الحال حتى جاء قرار التأميم لوسائل المواصلات وتم فض العقد مع الشركات الأجنبية في مصر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.