زغلول صيام يكتب: محمد النني الذي ظلمه محمد صلاح وظلمناه
وكم من «نني» في هذه الحياة.. نموذج للإنسان الذي يقدم الجهد والعرق ويجتهد في مهنته ثم لا يجد التقدير المناسب.. صدق عليهم المثل الشعبي اللي بيقول «في الفرح منسيين وفي الحزن مدعيين».. عند الفوز تجد هناك النجوم والمشاهير يحنون ثمار النجاح وهناك جنود مجهولون بني عليهم النجاح ولكنهم يكادون يختفون من المشهد.
اليوم وأنا في طريقي إلى العمل لا أعرف لماذا طاردتني صورة النجم محمد النني لاعب الأرسنال السابق والمنضم حديثا للجزيرة الإماراتي. شعرت أننا جميعا ظلمناه وهو الذي يستحق أن يكون القدوة والنموذج للشباب في المجال الرياضي.
النجوم والأساطير الذين يجلسون في الاستديوهات المكيفة لم يكن أحدهم يحلم أن يمر على مبنى نادي الأرسنال الإنجليزي، أو يدخل لمشاهدة مران فيه وعندنا نجم اسمه محمد النني لعب فترة طويلة في صفوفه، وشارك في العديد من المباريات دون أن يشعر به أحد.. كنا نسلط الأضواء على هذا أو ذاك وهو يلعب في نادٍ مغمور في أوروبا ولكن النني لم نشعر به.
هات شنطتك وتعالى معسكر المنتخب يا نني… حاضر جاهز! لا أسطول سيارات في انتظاره ولا حراسة خاصة، وكما يأتي يعود أدراجه… المنتخب يفوز هناك من يجني الثمار وعندما نخسر فإن السبب هو النني… خلاص يا نني متشكرين مش عايزينك هذا المعسكر… تمام حاضر مفيش مشكلة!
لم يحظَ بلقاء الوزير على انفراد، وليس مجالا لجذب كبار المسئولين ودائما يفضل الصمت… سنوات طوال وهو يعاني دون أن يشعر به أحد…. محمد صلاح جاء… صلاح ذهب… وربما كانت شهرة محمد صلاح التي فاقت الحدود -وهو يستحقها - سببا في اننا جميعا ظلمنا هذا اللاعب الخلوق.
سنوات طويلة لم يكن النني طرفا في مشكلة، سواء في الدوري الإنجليزي أو مع المنتخب الوطني، بل كان نموذجا حيا للشاب المصري الذي بنى نفسه بنفسه وقدم أفضل صورة للشباب العربي في بريطانيا… الشاب الملتزم المحافظ على دينه وعلى سمعته.
ربما لا تربطني صداقة بمحمد النني ولكن سافرت معه أكثر من سفرية أثناء وجوده في المنتخب وصليت وراءه وكان صوته غاية في الروعة.
مؤخرا وفي الوقت الذي تهرب الكل من المنتخب الأولمبي الذي يشارك في أولمبياد باريس وبمجرد ترشيحه لم يتردد لحظة رغم سهام النقد التي وجهت للبرازيلي ميكالي باختياره النني، وكيف أنه يختار لاعبا اعتزل أصلا! ولم يضمه حسام حسن للمنتخب الأول.
وإذ بالنني يظهر كقائد عظيم ويقدم خبرة السنين ويقود الشباب للوصول للمربع الذهبي بعد غياب 60 عاما عن الوصول لهذا الدور. ظهر النني وكأنه ابن العشرين عاما يصول ويجول ويمتعنا بأداء سهل ودوره لا يغفله إلا حاقد.
النني لم يختلف عليه أي خبير أجنبي في أهمية وجوده لأنه يؤدي أدوارا لربما لا يشاهدها المشجع العادي، ولكن الخبراء الحقيقون يقدرون دوره مع أي فريق يلعب له.
وفي كل الأحوال وبعد لقاء المغرب في الأولمبياد، أيا كانت النتيجة لابد أن يكون هناك تكريم خاص لهذا الرجل الذي قدم الكثير لمصر ولم يبخل بنقطة عرق واحدة.. تكريم يليق بمسيرة عطاء طويلة لأن هذا سيكون رسالة لكل مجتهد بعيد عن الصورة أن الدولة المصرية تقدر دورك.
نعم النني عنوان كبير في كرة القدم المصرية، شاء من شاء وأبى من أبى… ولاعزاء للاستديوهات إياها التي تغمط الناس حقوقهم.