رئيس التحرير
عصام كامل

اللغط فى المفاهيم والإسلام السياسى


من المؤكد أنه بعد ثورة يناير قد حدث هناك ما يشبه الانقلاب الثورى على كافة المستويات وأن هذه الثورة قد كانت الحجر الذى ألقى فى بركة آثنة هى بركة النظام السياسى المصرى بموروثاته التى نعرفها فطفا على السطح ما كان مخبأ تحته وما كان يخفيه من عورات كثيرة وصور فساد قد هالت الكثيرين منا ولكن ذلك الانقلاب الثورى الذى وصل فى بعض الأحيان إلى حد الانقلاب إن جاز لنا التعبير وهو ما أشاع تلك الحالة من الفوضوية حولنا ورفع من سقف التوقعات لدى الكثيرين سواء كان على المستوى الاقتصادى أو السياسى والذى رأيناه فى تلك المطالب الفئوية الغريبة والتى قد أدت إلى إصابة النشاط الاقتصادى ليس فقط بالعجز ولكن حالة من الكساح وتلك المطالب السياسية التى تمثلت فى تعدد القوى السياسية إن جاز لنا التعبير لأن لنا تحفظ عليها إذا أن العديد من الأطراف والتى تدعى أنها قوى سياسية الآن لم يكن قبل ثورة يناير لها آية وجود يذكر لذلك رأينا تلك الحالة من الإغراق فى إقامة الأحزاب السياسية للعديد من الأطراف أو حتى التى كانت مجرد أفكار وكانت القوى والجماعات الإسلامية أى التيار الدينى ذات باع الكبير فيها وقد قامت بتأسيس العديد من الأحزاب السياسية على الرغم من أنها لم تمارس السياسة من قبل وقد كانت هذه المرة الأولى لها وقد كانت أعدادها كثيرة وقد استطاعت بالنظر لطبيعة النظام السياسى السابق وقتذاك المصداقية أن تحقق مكاسب سياسية على خلفية دينية وقد كان لسقوط الشرعية السياسية التى أسهم فيها على نحو كبير النظام السياسى السابق أن أن تعلو نغمة الشرعية الدينية والتى حصد الإخوان والسلفيين على أساسها الأصوات الكثيرة والمقاعد فى مجلس الشعب والشورى على نحو واضح ومن هنا فقد تم تغليب النواحى الدينية وهو ما جعل البعض يتخوف من ذلك وأن ينادى بضرورة إقامة دولة مدنية والقوى الإسلامية التى تمثل مقاليد الحكم والتى صار لها وزن نسبى قوى فى الحياة السياسية والشارع وتلك حقيقة تنادى بإقامة دولة دينية ولكنها مع ذلك لا تملك مقومات إقامة هذه الدولة وقد كانت المفاهيم السياسية التى تعتمد عليها تنطوى على قدر كبير من اللغط والاختلاط وهو ما أدى إلى تلك الحالة من التشويش والتى لم نعاهدها من قبل والتى أساءت إلى مفهوم الإسلام السياسى الذى تحسب عليه والتى راح كل منها يراه بطريقته ومن خلال مفاهيمه التى قد تعود بنا إلى عصور البداوة والتى تضع الإسلام فى ذلك المأزق أو ذلك الخندق الضيق على الرغم من سعته ورحابته وعلى الرغم من أنه دين حضارة بل كان منارة علت وأضاءت للعالم كله فى عصوره الظلامية فى مختلف نواحى الحياة والإسلام قد يكون هو المصدر للعديد من المفاهيم والقيم التى تتشدق بها الحضارة الأوربية والتى رفعتها وعلتها الثورة الفرنسية مثل الحرية والمساواة والعدالة والتى جعلت منها أساس لنظمها السياسية التى باتت تصدرها إلينا ولكنه للأسف يخرج علينا الآن العديد من الأفكار التى تحملها بعض الجماعات والتى قد ترى فى العديد من القيم السياسية الهامة والمستقرة كالديمقراطية والتى تعد من القيم العليا كالحرية والعدالة والمساواة باأنها رمز للفكر وأنها تعنى تداول السلطة وأن ذلك يعنى خروج عن الإسلام الذى لا يؤمن بإقالة الحاكم وهو مايزيد من مخاوف الكثيرين على مستقبل مصر ولكن الأمر أصعب من ذلك بكثير فهو قد يمتد غلى طرح نوع جديد من المناطق ما بين الدستور وما بين الشريعة الإسلامية وكأن الدستور يختلف مع الشريعة الإسلامية والأكثر من هذا هم أنهم رأوا أن من يريدونه تطبيق الشريعة عليهم أن يخرجوا يها جروا إلى المحافظات التى تطبق الشريعة ويوفدون على تلك المحافظات التى تلتزم وتتمسك بالدستور والتى قد جعل منها محافظات للشرك وأن من يطبقون الشريعة هى " محافظات المدينة " والمحافظة وهو ما يعنى تقسيم وتنميط المجتمع على أساس دينى مرجعه الفهم الخاطئ للمفاهيم والذى يمتد أيضاً على تطبيقها وأن ربط هذه المفاهيم ببعد جغرافى فإن ذلك بعد لا يليق به بأى حال من الأحوال ناهيك عن تلك الدعاوى للتمييز والتنميط بالنسبة للأقباط وكذلك ربط ذلك بالممارسات السياسية وأن عدم التصويت لصالح جهة معنية فإن ذلك يعد خروجاً من قبل الأقباط وأن ذلك لا يعد من جانبهم عن توجه سياسى بقدر ما هو توجه " دينى " وبذلك فإننا ندخل بعمق وبخطى متعجلة إلى ذلك النفق المظلم والأكثر عتامة .



الجريدة الرسمية