جيل لا يعرف الانتظار
علينا حين نعلم أبناءنا الصبر، ألا ننسى نصيبنا منه، يحتاج الأطفال من 6 إلى 8 سنوات، إلى الدخول فى تجارب تكسر حدة توقع الاستجابة اللحظية لمطالبهم.
عندما قرر ابنى البالغ من العمر ست سنوات شراء لعبة جديدة من ماله الخاص الذى ادخره من مصروفه، أحسست بالسعادة لدخوله منعطفاً مهماً فى حياته إذ قرر الاعتماد على نفسه.
لم تكن اللعبة التى استهوت صغيرى موجودة فى الأسواق، لذا لم يكن أمامنا خيار آخر سوى أن نبحث عنها على الإنترنت، وأخيراً توصلنا إلى الموقع الذى يبيع اللعبة وقمنا بطلبها منه لكن ما كادت تنقضى ثوان على إنهاء معاملة الشراء حتى انفجر صغيرى باكياً.. وبين تنهداته وشهقاته تبينت أن صغيرى كان يتوقع أن يحصل على اللعبة فى الحال.
بدا لى أننى لن أتفهم طبيعة أن الأطفال فى سن ابنى؛ حقيقة أنهم "جيل الآن" فالحياة وسط هذا الكم الهائل من الفورية لم تتح لهم الفرصة الكافية لاكتشاف فوائد الصبر، و ما من شك فى أن ثقافة الضغط على الأزرار مثيرة للغاية، ولكنها تعنى أن الأطفال فى سن 6 سنوات، لا يعيشون الحياة التى تتيح لهم المجال ليمروا بتجربة الصبر، ونتيجة لذلك، والقول للخبير التربوى مايكل أوسيت، استشارى الطب النفسى السريرى ومؤلف كتاب "جيل النص: تنشئة أطفال متوازنين جيداً فى عصر كل شىء فورى".. فإن هذه العملية التعلمية الحاسمة تتأخر لدى الأطفال.
و من حسن الحظ أن هناك العديد فى تحقق هذا التوازن المطلوب لدى الطفل بين سحر السرعة الكامن فى الهواتف الذكية، والتلفاز، والإنترنت، وفى الوقت نفسه ضمان أن يتفهم الطفل حتمية وجود فارق زمنى أحياناً بين الأفعال و النتائج لكن علينا نحن أيضاً أن نتحلى بالصبر ولا ننتظر نتائج آنية أو إصلاحات فورية.
• عدم الصبر:
قبل أن نتوقع من الطفل أن يكون قادراً على مقاومة العجلة ينبغى علينا أن نكون نحن قادرين على ذلك أيضاً.
وفى هذا الصدد تقول "د. هيلى" ناصحة الأمهات لقربهن من الأطفال أكثر فى تلك السن: يتعلم طفلك كل شىء بدءاً من كيفية تركيز انتباهه إلى كيفية السيطرة على شعوره بالإحباط ، من خلال ملاحظة سلوكك.. ولذلك ينبغى أن تنتبهى جيداً: هل تلجئين دائماً إلى القيام بمهام عدة فى آن واحد معاً؟، مثل: قراءة البريد الإلكترونى فى أثناء الحديث أو تصفح الفيس بوك خلال إعداد وجبة العشاء؟!!!.
إذا كانت الإجابة بالإيجاب، فإن سلوكك هذا سيبدو طبيعياً إن لم يكن مرغوباً، بالنسبة لطفلك الذى سيقلدك حتماً.
وبما أن الأطفال لا يعرفون كيف يكونون صبورين، فإنك بحاجة الى أن تكونى قدوة لطفلك، وأن تقاومى التوقع المستمر للنتيجة الآنية لعبارة " نفذ كلامى الآن".
ولحل هذه المشكلة تحدثى عما لا تفعلينه بين حين وآخر.. فعندما يرن هاتفك الجوال لينبهك بوصول محادثة ضعى الهاتف فى وضع صامت وقولى شيئاً مثل: لن أرد لأننى الآن مشغولة فى متابعة برنامج تلفازى مثلاً، ومن المفيد أيضاً تعمد تخصيص فترات انتظار حتى يتعلم طفلك ترقب حدث ما، حتى ولو كان بسيطاً مثل تناول الآيس كريم بعد العودة من المدرسة يوم الأربعاء فقط وليس فى كل مرة تمرون فيها أمام بقالة أو متجر مثلجات.
تقول الطبيبة مارلين . ب. Marilyn B.Benoit الرئيس السابق للأكاديمية الأمريكية لعلم نفس الأطفال و المراهقين:"مواجهة التحديات الصغيرة تساعد على زيادة قدرات طفلك على تحمل الإحباط" فإذا وجدت نفسك تقفين فى طابور طويل فى متجر فاضبطى نفسك بدلاً من أن تنظرى بضيق فى وجه موظف الصندوق.. واسألى طفلك عما إذا كان يحب أن يمارس معك لعبة الأسئلة والإجابة فى أثناء انتظاركما دوركما فى سداد قيمة مشترياتك.. وإذا كنت بصدد تنظيم برنامج ترفيهى عائلى فحاولى التخطيط لنشاط يشاركك فيه طفلك لبعض الوقت:مثل التقاط أوراق الأشجار المتساقطة فى الحديقة أو المشى مسافة طويلة أو زراعة الحديقة.