في ذكرى رحيله.. توفيق الحكيم راهب الفكر العربي.. لقب بـ عدو المرأة وكرة القدم.. رصاصة في القلب أهم أفلامه.. هاجم عبد الناصر بعد وفاته.. ومنع من الكتابة في عهد السادات
توفيق الحكيم ، كاتب وأديب ومفكر مصري كبير، عرف براهب الفكر والروائى البخيل وأديب البرج العاجى، هو واحد من أكبر أدباء العرب وأكثرهم شهرة، كاتب مسرحى من الدرجة الأولى، برع في جميع مجالات الفكر وفنون الأدب، وألف أكثر من 100 مسرحية و62 كتابًا، اشتهر بالبخل ورحل في مثل هذا اليوم عام 1987.
لقب توفيق الحكيم بعدو المرأة والبرلمان وكرة القدم ويرجع لقبه عدو المرأة إلى هدى شعراوي بسبب أسلوبها في تشكيل عقلية المرأة المصرية، كما كره البرلمان لأنه لم يقدم شيئا، وكره كرة القدم بسبب تمييز وشهرة لاعب الكرة فيقول في هذا “ لقد انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم؛ يأخذ اللاعب في سنة واحدة ما لا يأخذه كل أدباء مصر من أيام اخناتون حتى الآن.
مدير التحقيقات بوزارة المعارف
ولد الأديب حسين توفيق الحكيم الشهير بتوفيق الحكيم بالإسكندرية في أكتوبرعام 1898 من أسرة ميسورة من الطبقة الوسطى فوالده يعمل فى القضاء، تخرج من كلية الحقوق وسافر إلى باريس لدراسة القانون عام 1924 وعندما عاد عمل وكيلا للنيابة ثم مديرا للتحقيقات بوزارة المعارف، ثم تفرغ للأدب فى صحافة أخبار اليوم، فمديرا لدار الكتب ثم مندوبا لمصر الدائم فى اليونسكو، بعدها عين عضوا بمجلس إدارة جريدة الأهرام ثم كاتبا متفرغا لها.
عن مولده يقول الأديب توفيق الحكيم: لم يرني والدي يوم ولدت، كان متغيبا في عمله بعيدا في بلدة صغيرة من بلاد الريف، وكان وقتئذ وكيلا لنيابة مركز السنطة، فترك والدتي لتلدني في بلدها وبلد عائلتها الإسكندرية حيث تتوافر لها العناية اللازمة، وفى شهر أكتوبر بحي محرم بك بمنزل أختها الكبرى ـ خالتى ـ هبطت إلى الدنيا، بعدها بعث زوج خالتي.. أي عديل أبي بخطاب إليه يقول فيه: أرسلنا إليكم اليوم تلغرافا تبشيريا بقدوم نجلكم السعيد فقد رزقتم ولدا فأطمئنكم وأهنئكم، وقد رأيته صباح اليوم ووجدته مثل أبيه لكن بدون شوارب.
أم من أصل تركى وأب فلاح
ويضيف الأديب توفيق الحكيم:كانت أسرة والدتي من أهل البحر ممن أطلق عليهم البوغازية. ويظهر أن أصلهم من الترك أو الفرس أو البانيا لا أدري بالضبط، سحنة والدتي وجدتي ذات عيون زرقاء تنم عن أصل غريب، على كل حال لم أرث أنا ولا شقيقتي هذه الزرقة ولا ما يقرب منها، لأن سحنة والدي الفلاح القح كانت قديرة فيما يبدو على صبغ بحر أزرق بأكمله.
في مؤلفه "قلت ذات يوم"، يتحدث الأديب توفيـق الحكيم عن ذكريات طفولته وصباه فكتب يقول:انتقلت في السنة الثانية الابتدائية من المدرسة المحمدية بالقاهرة إلى مدرسة أخرى بدمنهور، وبدمنهور انقطعنا عن كل فن وتسلية، لكنى تمكنت من لغتى العربية بدرجة حسنة وهناك بدأ عهد قراءاتي الحقيقية واستغراقي في القصص على نطاق واسع الحسن منها والردئ، والتحقت بالتعليم الميرى.
قدم توفيق الحكيم أولى مسرحياته عام 1918 باسم "الضيف الثقيل " أما أشهر مسرحياته فهى أهل الكهف عام 1933، سليمان الحكيم، شهر زاد 1943، إيزيس، والصفقة 1956، يوميات نائب في الأرياف، عصفور من الشرق، سلطان الظلام، السلطان الحائر وغيرها.
رصاصة فى القلب أهم افلامه
وفى السينما كان عطاء توفيق الحكيم 12 رواية صورت أفلاما منها ثلاثة أفلام اختيروا ضمن أفضل 100 فيلم في السينما المصرية، كانت الأولى التي اقتحم بها عالم السينما " رصاصة في القلب " أنتجت عام 1944 تبعها: الخروج من الجنة، يوميات نائب في الأرياف، ليلة الزفاف، مدرسة المغفلين، امرأة غلبت الشيطان، الأيدى الناعمة، العش الهادئ، حكاية وراء كل باب، الرباط المقدس، عصفور من الشرق التي ظهر فيها توفيق الحكيم بنفسه.
سيرة ذاتية فى سجن العمر
أصدر الأديب توفيق الحكيم كتابين عن سيرته الذاتية هما زهرة العمر عام 1943، سجن العمر 1964 جمع فيهما خلاصة تجربة حياته منذ الميلاد وهما عبارة عن سيرة ذاتية يأسف فيها من ضياع العمر بين الورق والقلم.
اقترن اسم توفيق الحكيم باسم حمار الحكيم وبرجع توفيق الحكيم السبب فى ذلك فيقول: لقد أعجبت بجحش صغير وعرضت على صاحبه شراءه بربع جنيه فرفض في البداية ثم لاحقني في محل الحلاقة وترك لي الجحش وكانت ورطة كبيرة حيث كنت أقيم في بنسيون،عرضت على الحمار الشاى باللبن فرفض، سافرت به إلى عزبة أحد أصدقائي وعندما زرته لأطمئن عليه وجدته يعمل في العزبة فشغلنى موضوعه فأقمت حواراتى معه.
أحسن كاتب فى دول المتوسط
أعجب به وأحبه الرئيس جمال عبد الناصر وكان دائما يذكره بأن كتبه كانت الباعث على تكوين شخصيته ومن هنا منحه وسام الجمهورية، وفي عام 1972 منحته أكاديمية الفنون الدكتوراة الفخرية، كما منح قلادة النيل عن كتابه يوميات نائب في الأرياف، واختير أحسن مؤلف وكاتب من دول البحر المتوسط عام 1979.
جمال عبد الناصر ينصف الحكيم
بسبب جرأته في الكتابة تعرض توفيق الحكيم للفصل من وظيفته عدة مرات أولها عام 1938 وامتنع فنانو المسرح القومى الذى كان له الفضل في إنشائه عن مجرد ذكر اسمه ومنعت مسرحياته من العرض على خشبته، وفى عام 1953 طالب وزير المعارف إسماعيل القبانى بفصله بسبب عدم نشاطه كرئيس لدار الكتب، ورد الرئيس جمال عبد الناصر إن توفيق الحكيم الذى تقدره المحافل الأدبية في الغرب لهو جدير أن تقدره بلاده وأن العهد الذى يركن الحكيم فلن يكون هذا العهد هو عهد ثورة يوليو، فاستقال الوزير وبقى الحكيم.
إلا أن توفيق الحكيم بعد رحيل عبد الناصر بأقل من عامين أصدر كتابه " عودة الوعى " مهاجما فيه جمال عبد الناصر بعنف شديد، واعتبر نفسه فاقدا للوعى فترة وجود عبد الناصر في الحكم وأن مرحلة التجربة الناصرية كانت مرحلة عاش فيها الشعب المصرى لم يسمح له بظهور رأى في العلن مخالف لرأى الزعيم المعبود معلنا أنه اخطأ وبدون وعى بمسيرته خلف الثورة متحججا أن الثورة أدركته وهو في كهولته وأن الثقة شلت تفكيره بعد أن أسكروه بخمرة المكاسب والأمجاد وسحروهم ببريق آمال كان يتطلع إليها الشعب من زمن بعيد وأنها كانت فقدان للوعى بنوع من التخدير.
منع من الكتابة فى عهد السادات
فى عهد السادات منعت مسرحيات توفيق الحكيم مرة ثانية حين وقع على بيان الفنانين والأدباء مطالبا بإنهاء حالة اللاسلم واللاحرب بعد سنوات من النكسة فمنع من الكتابة ومنعت مسرحياته.
الاأدب هو حياتى ولا مفر منه
كانت أمنيته التي سجلها توفيق الحكيم في كتابه “ قلت يوما ”: أمنيتي مع اقتراب النهاية أن يسقط القلم من يدي وأنا أناجي الله وأحث الناس على أن يفخروا بالإسلام، أتصور أن السعادة التى ستأتى في أن أنام ولا استيقظ، فإذا جاء الموت لا يمكن تأجيله "إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" ولكن إذا ما أحسست بصحوة وطرأت لى فكرة فسأحاول أن انهض لكتابتها حتى لو كلفنى ذلك حياتى، لأن الأدب هو حياتى وهو شيء لا مفر منه ولا حيلة لى فى التخلص منه.