رئيس التحرير
عصام كامل

مبادرات شعبية لحماية الحزام الأخضر فى شوارع مصر، ترقيم الأشجار لحمايتها من القطع، والحلوجى: فقدنا 96 فدانًا من المساحات الخضراء خلال عام واحد

إزالة الأشجار من
إزالة الأشجار من الشوارع

قطع الأشجار بشكل مكثف وضع مصر فى مفترق طرق، لاسيما المدن الكبرى التى تعانى من الاختناق والزحام ووجود الأشجار فى شوارعها وكل أركانها ضرورة لإبقاء المدن صالحة للحياة ولاسيما القاهرة والإسكندرية.

الظاهرة الخطيرة أثارت جدلًا واسعًا، بين مؤيد يرى ضرورة التضحية ببعض المساحات الخضراء من أجل التطوير، ومعارض يشدد على أهمية الحفاظ على البيئة وبقاء اللون الأخضر واضحا فى تفاصيلها.

وظهرت فى الآونة الأخيرة مبادرات مجتمعية تسعى جاهدة لمكافحة هذه الظاهرة، مثل مبادرة “تراث مصر الجديدة “ و”جمعية محبى الأشجار بالمعادي”، والتى أظهرت إمكانية تحقيق التوازن بين التطوير العمرانى وحماية البيئة، لكن يتطلب ذلك المزيد من الجهود من قبل الحكومة والمجتمع المدنى لضمان مستقبل أكثر استدامة.

يقول تامر حسن، عضو حملة “تراث مصر الجديدة” إنهم يعتمدون على استراتيجية مبتكرة لحماية الأشجار من القطع، وهى ترقيمها وتسميتها، لافتا إلى أن المبادرة قامت بترقيم 341 شجرة فى شوارع مصر الجديدة المهددة بالقطع، مثل شارع نهرو، وابن المصرفى، وشهاب الدين خفاجة، وتهدف هذه الخطوة إلى توثيق الأشجار وجعلها أكثر وضوحًا للمسئولين، مما يجعل من الصعب تجاهل وجودها عند اتخاذ قرارات بشأن التطوير العمرانى.

وأوضح تامر حسن أن مبادرة “تراث مصر الجديدة” حققت نجاحًا ملموسًا فى إنقاذ العديد من الأشجار، خاصة فى حديقة ميريلاند، وأوقفت عمليات قطع الأشجار فى الحديقة بعد ترقيمها، مما أدى إلى الحفاظ على هذه المساحة الخضراء المهمة.

ولم تكتفِ المبادرة بترقيم الأشجار، بل قامت أيضًا بتسميتها بأسماء المشاهير، مثل نجيب محفوظ وعبد الحليم حافظ، واختتم تامر حديثه مؤكدا أن الخطوة تهدف إلى زيادة الوعى بأهمية الأشجار وقيمتها الثقافية، وجذب انتباه الرأى العام إلى قضية حمايتها.

على جانب آخر، تُكافح “جمعية محبى الأشجار بالمعادي” ضد قطع الأشجار فى الحى الراقى، وقد نجحت الجمعية فى إيقاف مشروع مد محور فى المنطقة بعد طرح خطة بديلة تتضمن إحاطة السكة الحديد بحزام أخضر من الأشجار.

وقالت أسماء الحلوجى رئيس جمعية محبى الأشجار إنه على الرغم من الجهود المبذولة من قبل مبادرات المجتمع المدنى، إلا أن ظاهرة قطع الأشجار لا تزال منتشرة فى مصر، وتشير التقديرات إلى أن مصر فقدت 96 فدانًا من المساحات الخضراء فى مصر الجديدة عام 2020 فقط.

وطالبت الحلوجى فى تصريحاتها لـ«فيتو» بتنفيذ حلول أكثر استدامة للتطوير العمرانى، مثل “العمران الأخضر” الذى يركز على إقامة المشروعات حول المدن وليس بداخلها، كما طالبت بزيادة الشفافية فى الإعلان عن المشروعات التى قد تؤثر على المساحات الخضراء، وإتاحة الفرصة للمجتمع المدنى للمشاركة فى عملية صنع القرار.

من ناحيته، قال الدكتور السيد صبرى، رئيس وحدة التغيرات المناخية السابق بوزارة البيئة، إن قطع الأشجار فى مصر مجرم قانونًا ما لم تكن هناك ضرورة ملحة لهذه الخطوة.

وأوضح صبرى لـ”فيتو” أن بعض الأماكن فى مصر لم يكن من الممكن تطويرها دون إزالة الأشجار الموجودة فيها لتوسعة الطرق، مشيرا إلى أنه يفترض حال الاضطرار لإزالة أشجار إعادة زراعتها فى المحيط نفسه مرة أخرى، بهدف الحفاظ على التوازن البيئى، وتقليل الحد من الأثر البيئى السلبى الناتج عن قطعها.

وأعرب صبرى عن مخاوفه من عدم الالتزام دائمًا بإعادة زراعة الأشجار المقطوعة، وذكر مثالًا على ذلك بزراعة أشجار جديدة فى ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة، بدلًا من الأشجار التى جرى إزالتها لتوسيع الطريق، مشيرا إلى عدم وجود معلومات كافية حول ما إذا كانت هذه الأشجار الجديدة ستتمكن من تحقيق نفس الأثر البيئى للأشجار القديمة، خاصة مع استغراق الأشجار الجديدة وقتًا للنمو.

وشدد صبرى على ضرورة إيجاد حلول توازن بين التطوير العمرانى وحماية البيئة، مؤكدا على أهمية “التخطيط السليم” للمشروعات العمرانية، مع الوضع فى الحسبان الحفاظ على المساحات الخضراء قدر الإمكان.

ودعا صبرى إلى مزيد من الشفافية من قبل الجهات المسئولة عن تنفيذ المشروعات التى قد تؤثر على المساحات الخضراء، وذلك لضمان مشاركة المجتمع المدنى فى عملية صنع القرار.

من ناحيته، قال اللواء هشام الحصرى، رئيس لجنة الزراعة بمجلس النواب، إن الدولة المصرية شددت قوانينها لمكافحة ظاهرة قطع الأشجار، ذلك فى إطار جهودها للحفاظ على البيئة وحماية الثروة النباتية، مشيرا إلى تجريم قطع الأشجار بموجب المادة 120 من قانون الرى الجديد، مع فرض غرامات على المخالفين تتراوح من 100 جنيه إلى 5 آلاف جنيه على من يقوم بذلك.

وتابع رئيس لجنة الزراعة بالنواب: المادة 162 من قانون العقوبات تنص على معاقبة كل من هدم أو أتلف عمدًا أى من الممتلكات العامة أو المنشآت المعدة للزينة ذات القيمة التذكارية أو الفنية، أو قطع الأشجار فى الأماكن العامة، بالحبس والغرامة، مع إلزامه بدفع تعويض قيمة الأشياء التى تم إتلافها أو قطعها.

وأشار إلى خطوات تشريعية عديدة قادمة ضمن جهود أوسع تبذلها الدولة المصرية للحفاظ على البيئة وتعزيز التنمية المستدامة، وتشمل هذه الجهود حملات توعوية لرفع مستوى الوعى بأهمية حماية البيئة، ودعم مبادرات التشجير، وتشديد الرقابة على عمليات قطع الأشجار، وتطبيق القوانين البيئية بشكل صارم.

نقلا عن العدد الورقي

الجريدة الرسمية