رئيس التحرير
عصام كامل

بعد تمسك الحكومة بوزير التربية والتعليم الجديد رغم الانتقادات.. خبراء يطالبون بإتاحة الفرصة كاملة لـ “عبداللطيف” قبل الحكم عليه.. ويؤكدون امتلاكه خبرات إدارية كبيرة

د. محمد عبداللطيف
د. محمد عبداللطيف

لم تهدأ موجة الانتقادات الحادة منذ أُعلن عن اختيار الدكتور محمد عبداللطيف وزيرا للتربية والتعليم، وعلى الرغم من دفاع رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي عن اختياره لعبدالطيف وتأكيده أن شهادة الدكتوراه التي حصل عليها ليست مزورة، وأن لديه رؤية وهو  قادر على تنفيذها ومدرك لطبيعة التحديات الموجودة بملف التعليم، إلا أن الجدل الكبير إزاء الوزير الجديد ومؤهلاته لا يزال سيد الموقف.

وفي خضم هذا الجدل المثار، برزت وجهة نظر ترى أن الحكومة، ممثلة في رئيس الوزراء، أكدت أمس استمرار عبداللطيف في منصبه وبالتالي فإن الواقعية تقتضي إتاحة الفرصة للوزير الجديد لتقديم أوراق اعتماده للشارع المصري قبل الحكم عليه، معتبرة أن ما جرى قد يكون دافعًا كبيرًا له لإحداث نقلة في ملف التعليم قبل الجامعي.

" فيتو" تواصلت مع عدد من خبراء التعليم الذين سبق لهم الاحتكاك المباشر بوزير التربية والتعليم الجديد الدكتور محمد عبداللطيف، والذين أكدوا أن الوزير الجديد يمتلك خبرات إدارية كبيرة في مجال التعليم قبل الجامعي، معتبرين أن الرجل بحاجة إلى مزيد من الدعم الشعبي ومنحه الفرصة الكاملة للعمل ثم الحكم على التجربة، أما الأحكام المسبقة فهي غير مفيدة في تلك الحالة، ونتائجها قد تكون سلبية أو محبطة.

وأشاروا إلى أن الوزير الحالي جاء في فترة صعبة أثناء امتحانات الثانوية العامة، وبالرغم من ذلك لم يتخذ قرارات غير محسوبة في هذا الملف الذي يعد أحد أهم الملفات في الوزارة إن لم يكن أهمها؛ بل تعامل مع الأمر بهدوء؛ حيث كلّف الدكتور أحمد محمد ضاهر برئاسة الامتحانات ؛ لأنه الأكثر دراية في الوقت الحالي بكل ما يتعلق بامتحانات الثانوية العامة من تفاصيل، مع تكليف محسن عبد العزيز بمنصب نائب رئيس الامتحانات بما يملكه من خبرات في مجال تكنولوجيا التعليم وتتبع صفحات الغش الإلكتروني وكيفية التعامل معها. وبجانب ذلك يتواجد الدكتور محمد عبداللطيف في غرفة العمليات المركزية لمتابعة سير امتحانات الثانوية العامة ومتابعة كافة الشكاوي بكل جدية.

وقالت مصادر بوزارة التربية والتعليم لـ “فيتو” أن الوزير الجديد منذ حلف اليمين الدستورية وهو عاكف على الإلمام بكافة التفاصيل في جميع الملفات، داعية إلى إتاحة الفرصة الكاملة للوزير للعمل وإظهار ملكاته الإدارية في استكمال بناء منظومة التعليم قبل الجامعي.

ولفتت المصادر إلى أن الوزير الجديد لم ينهج نهج غيره في تسفيه أعمال سابقيه أو التقليل منها؛ بل عبّر عن تقديره الكامل للجهود التي بذلها من سبقه، وعبر عن أنه جاء ليستكمل البناء على ما سبق وأن نجاح الأمر يحتاج إلى تكاتف جميع الجهود.


وأكدت المصادر ذاتها أن الدكتور محمد عبداللطيف يهتم بشكل كبير بالوقوف على شكاوي أولياء الأمور والمعلمين، ويؤمن أن حقوق الطالب هي الأهم، وأن المعلمين هم القادرون على احداث أي تغيير للأفضل في المدارس.

الجدير بالذكر أنه على مدار تاريخ وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الممتد لأكثر من ١٨٧ عامًا منذ كانت تحمل اسم ديوان عام المدارس، تعاقب على منصب وزير التربية والتعليم عشرات الأسماء. وتعاقب على الوزارة في  الفترة منذ عام ٢٠١١ حتى عام ٢٠٢٤ أي في مدى زمني لا يتجاوز ١٣ عاما  ١٠ وزراء تعليم وهم الدكتور أحمد زكي بدر والذي تم اختياره وزيرًا للتربية والتعليم في عهد حكومة الفريق أحمد شفيق في أعقاب ثورة ٢٥ يناير ولم يمكث في تلك الوزارة سوى أيام معدودة، وبعد استقالة حكومة الفريق أحمد شفيق.

 جاء في منصب وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد جمال الدين موسى، ورحل بعد احتجاجات المعلمين الشهيرة في سبتمبر من عام ٢٠١١ والذين طالبوا بوزير تعليم يكون قد عمل معلمًا فكان اختيار جمال العربي وزيرًا للتربية والتعليم والذي كان يشغل منصب رئيس الإدارة المركزية للتعليم الثانوي، ومكث في المنصب نحو ٨ أشهر ثم جاء خلفًا له الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم في حكومة الإخوان في عام كارثي بمر به التعليم المصري. 


وفي أعقاب ثورة ٣٠ يونيو تولى أمر وزارة التربية والتعليم الدكتور محمود أبو النصر، ثم خلفه في الوزارة الدكتور محب الرافعي. وجاء بعد الدكتور محب الرافعي الدكتور الهلالي الشربيني ثم تولى أمر الوزارة الدكتور طارق شوقي والذي استمر وزيرًا للتربية والتعليم أكثر من خمس سنوات. وجاء خلفًا له الدكتور رضا حجازي الذي بدأ حياته معلمًا ووصل إلى منصب نائب وزير التربية والتعليم لشئون المعلمين قبل أن يتولى منصب الوزير واستمر وزيرا للتربية والتعليم منذ عام ٢٠٢٢ حتى عام ٢٠٢٤، وخلفه في المنصب الدكتور محمد عبداللطيف الذي حلف اليمين الدستورية مؤخرًا. 


ولكل وزير من وزراء التربية والتعليم إنجازاته، إلا أنه ظلت لدى الشارع المصري حالة من عدم الرضا الكامل عن أداء وزارة التربية والتعليم.

وتشير المعلومات إلى أن بعض وزراء التربية والتعليم الذين مروا خلال الحقبة الأخيرة من عمر الوزارة كانوا يمتلكون سيرا ذاتية مليئة بالدرجات العلمية الرفيعة؛ ولكن عندما تواجدوا في موقع المسئولية أنجزوا في ملفات وأخفقوا في أخرى، ولولا حالة الإخفاق لما احتاج الأمر إلى تغيير وبحث عمن يدير الأمر بشكل أفضل.

وحظي أحد هؤلاء الوزراء الذين تولوا المسئولية بدعم وتأييد شعبي غير مسبوق، فضلًا عن الدعم السياسي الكبير وزادت ميزانية التربية والتعليم في عهده أضعاف مضاعفة من أجل إحداث نقلة نوعية؛ ولكن النتيجة انتهت بتغيير هذا الوزير، بحثًا عمن يستطيع تنفيذ رؤية الدولة في ملف التعليم قبل الجامعي بصورة  أفضل، واستمرت سنة الحياة في التغيير حتى تولى مقاليد الوزارة الدكتور محمد عبداللطيف والذي يواجه حالة كبيرة من الجدل؛ لعل السبب الرئيسي فيها هو كون الرجل قادمًا من التعليم الخاص الذي شهد على مدار عدة أعوام خلت حالة من التشويه غير المبررة في أحيان كثيرة لمؤسساته والقائمين عليها رغم النجاحات الكبيرة التي حققتها وتحققها العديد من مؤسسات التعليم الخاص قياسًا بالمشكلات والتحديات الضخمة التي تواجهها المدارس ومؤسسات التعليم الحكومي.


وباتت المقارنة بين مدارس التعليم الحكومي والخاص غير متكافئة في الانضباط وجودة الخدمة المقدمة ومستوى المعلمين ونوعية الإدارة التعليمية بتلك المؤسسات فضلًا عن كثافة الطلاب، الأمر الذي أدى إلى تزايد الطلبات على الالتحاق بالمدارس الخاصة أمرا ملفتًا للنظر خاصة مع تزايد عدد المتقدمين سنويا بطلبات لإلحاق أبنائهم بمدارس خاصة فوق الكثافة المحددة لتلك المدارس املأ منهم في العثور لأبنائهم على مكان تعليم بمستوى جودة عالية. وهذا الأمر يفسر نجاح النسبة الأكبر من مؤسسات التعليم الخاص في ذلك الجانب رغم حالة التشويه المستمرة، بالإضافة إلى حالة الإخفاق الكبيرة التي تواجهها العديد من مؤسسات التعليم الحكومي.

 

الجريدة الرسمية