التفاصيل الكاملة لأزمة تكدس السيارات في الموانىء.. مستورد جمركى: المشكلة سببها سيارات ذوى الهمم وهناك من يحصلون على رواتب من «تكافل وكرامة»ويبيعون خطاب السيارة بـ100 ألف جنيه
يبدو أن أزمة تكدس السيارات لها أبعاد أخرى ومتشعبة بخلاف ما يظهر على السطح، وما حدث فى أزمة السيارات ما هو إلا الخطوة الأولى فى تصحيح المسار، والقضاء على بعض الحيتان الذين يجيدون التلاعب بالقوانين ويسخرونها وفق مصالحهم الشخصية، وجاء ذلك بالتزامن مع ظهور بعض المنتفعين من سيارات المعاقين وعدم إيصال هذا الدعم لمستحقيه، وهو ما يعنى إهدار مليارات الجنيهات من أموال الشعب والتى تخرج فى صور الدعم المختلفة.
البداية كانت مع صرخة أطلقتها شعبة السيارات، عن عودة أزمة تكدس السيارات بالموانئ مرة أخرى، زاعمين تعنت مصلحة الجمارك فى الموافقة على إنهاء الإجراءات ودخول السيارات بعد وصولها الموانئ المصرية، وظل هذا الأمر على مدار شهرين تقريبا لتتراكم نحو 13 ألف سيارة، بحسب شعبة السيارات التى أكدت فى أكثر من مناسبة توقف السيستم الخاص بتعديل البند الجمركى، الأمر الذى يرونه يهدد بارتفاعات مرتقبة فى الأسعار، فى ظل معاناة السوق المحلى من أسعار جنونية للسيارات.
وهذه القصة بدأت منذ شهرين تقريبا، حيث فوجئ عدد من مستوردى السيارات، برسالة تحذيرية من منصة نافذة، تفيد بأنه فى حالة الحصول على رقم تعريف ببند جمركى مخالف لبند سيارات الركوب، فلن يتم السماح بتعديل البند والإفراج عنها، ويتم الالتزام بإعادة تصديرها للخارج، وإلا ستتم إحالتها للمعمل لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالها، حسبما ذكر أحد مستوردى سيارات الركوب.
وتستخدم منظومة التسجيل المسبق للشحنات (ACI)، منذ عام 2020 للتسجيل المسبق للشحنات على منظومة نافذة وبدأ التشغيل الإلزامى لهذا النظام فى أكتوبر 2021، وتتيح لمستخدميها إمكانية تعديل البند الجمركى، وهو ما كان يتيح للمستوردين إمكانية استيراد سيارات تحت بند جمركى مخالف لها على سبيل المثال مستلزمات شخصية أو ملابس حتى يتم الموافقة عليه من قبل المصلحة وعندما كانت تصل السيارات إلى أحد الموانئ المصرية، كان يتم تعديل هذا البند الجمركى ودفع غرامة مالية للتغيير.
وارتفع عدد مستخدمى هذه الحيلة فى الآونة الأخيرة خاصة بعد إجراءات ترشيد الإنفاق التى أعلنها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء فى فبراير الماضى، وكان منها عدم التعاقد على شراء سيارات الركوب حتى 30 يونيو 2024 بحسب مسئول فى مصلحة الجمارك رفض ذكر اسمه.
وأكد المسئول الذى رفض ذكر اسمه أن عددا كبيرا من السيارات ظل يدخل بهذه الطريقة على الرغم من قرار رئيس الوزراء منع استيراد السيارات، وهو ما انتبهت له الحكومة مؤخرًا لتغلق إمكانية تعديل البند الجمركى، وهو ما تسبب فى تكدس آلاف السيارات فى الموانئ والتى دخلت تحت بند جمركى مخالف لبند استيراد السيارات.
وبعد العديد من شكاوى تجار ومستوردى السيارات، عبر وسائل الإعلام، نفى المرصد الإعلامى الجمركى، فى بيان توقف منظومة التسجيل المسبق للشحنات «ACI»، واصافا إياها بالشائعات التى تخالف الحقيقة والواقع جملة وتفصيلًا.
وشدد المرصد الجمركى على أن منظومة التسجيل المسبق للشحنات «ACI» مستقرة تمامًا وتعمل بشكل منتظم ولم يتوقف «السيستم» كما ادعى البعض، مشيرا إلى أنه تم إصدار أكثر من ٩٨ ألف رقم تعريفى مبدئى للشحنات «ACID» منذ الأول من مايو الماضى وحتى الآن، بما يعكس استقرار حركة الاستيراد عبر هذا النظام، لافتًا إلى أن هناك بضائع بـ١٣,٧ مليار دولار وصلت الموانئ خلال هذه الفترة، وبلغ إجمالى قيمة المفرج عنه منها ١٢ مليار دولار بما فيها سلع استراتيجية بـ٣,٤ مليار دولار، ومستلزمات إنتاج وخامات بـ٥,٤ مليار دولار، وأكثر من ٣٩ ألف سيارة مستوردة بنحو ٣٦٤ مليون دولار.
وأشار المرصد الإعلامى الجمركى، إلى أن رجال الجمارك نجحوا بالتعاون مع الجهات المختصة فى ضبط بعض وقائع التحايل بالعملية الاستيرادية، بعدما تلاحظ أن البعض يُسجل فى بيانات الرقم التعريفى المبدئى للشحنات «ACID» أنه يريد استيراد قطع غيار وعربات سكة حديد بينما فى الواقع تكون شحناته المستوردة سيارات ملاكى، وأنه يطلب تعديل البيانات الجمركية بالواردات بعد وصولها لإتمام عملية الإفراج عن هذه السيارات.
ومن جانبه قال محمد ثابت، مستخلص جمركى فى ميناء بورسعيد، إن الأزمة تتلخص فى أن الحكومة اتخذت قرارها بوقف دخول سيارات المعاقين، بعدما وجدت أن معظم من يستخدمون هذه السيارات من غير المستفيدين، وبعض المعاقين ممن يمتلكون جواب استيراد سيارة يبيعون الجواب بمبلغ وصل إلى 100 ألف جنيه فى بعض الأحيان، مما يعنى أن الدعم لا يصل إلى مستحقيه والحكومة تدعم سيارات المعاقين بمبالغ طائلة، وهو ما جعلها تهتم بوصول هذا الدعم لمستحقيه وهذا حقها وحق الدولة.
وأضاف المستخلص الجمركى فى تصريح خاص لـ«فيتو»، أنه يوجد آلاف السيارات متراكمة فى الموانئ منذ شهرين تقريبا، ولم يتم الإفراج عنها، وذلك نتيجة ما حدث من إجراء مفاجئ من مصلحة الجمارك بإيقاف تعديل البند الجمركى، بعد إدخال السيارات تحت بند جمركى أمتعة شخصية، وذلك نظرا لتوقف بند استيراد سيارات خاصة وهو ما تسبب فى الأزمة.
وعن نفى مصلحة الجمارك وجود مشكلة فى السيستم أو توقف دخول السيارات على مدار شهرين قال ثابت أن البينة على من أدعى، وساحات الموانئ المتكدسة بالسيارات هى خير دليل على وجود مشكلة، مشيرًا إلى أن مصلحة الجمارك بدأت منذ انتهاء إجازة عيد الأضحى الموافقة على دخول السيارات التى أنهى مستوردوها كافة أوراقها قبل 25 يونيو، وأن ما جاء بعد هذا التاريخ لم تصدر له أى موافقات حتى الآن.
ويرى المستخلص الجمركى أن إعلان مصلحة الجمارك دخول 39 ألف سيارة منذ شهر مايو حتى الآن هو رقم مبالغ فيه، مشيرا إلى أن الرقم من الممكن أن يكون تم الإفراج عنه منذ بداية العام حتى الآن وليس فى شهرين فقط لأنه رقم كبير للغاية، معلقًا: “هل لو كان هذا الرقم صحيح كان تجار السيارات سيشتكون من عدم دخول سياراتهم؟”.
بدوره أكد مسئول بوزارة المالية أن الحكومة تعمل خلال الفترة الراهنة على وصول الدعم لمستحقيه فى كافة المجالات، واتضح لها أن عددا كبيرا من المعاقين لا يستخدمون السيارات التى تدعمها لهم الدولة ويستخدمها أشخاص آخرين، ويتاجرون بها، وهو ما يكلف الدولة أموالا طائلة لا يتم استخدامها بالشكل الأمثل.
وأضاف المسئول الذى رفض ذكر اسمه نظرًا لحساسية الموقف، فى تصريح خاص لـ«فيتو»، أنه تم تشكيل لجنة مشكلة من عدد من الوزارات المختصة لوضع ضوابط جديدة تضمن وصول الدعم المقدم فى سيارات المعاقين لمستحقيه، مشيرا إلى أنه فى بعض الأحيان نجد أن معاق اشترى بالجوال الخاص به سيارة ماركة عالية بملايين الجنيهات، وهو بالأصل يحصل على مرتب من تكافل وكرامة، وهو أمر يثير الدهشة، وخلص الأمر إلى أنه فى غالب الظن قام ببيع جواب استيراد السيارة الخاصة به إلى أحد الأشخاص مقابل مبلغ من المال وأن الشخص الآخر هو من استورد السيارة باهظة الثمن.
فى المقابل، تحدث عدد من الخبراء فى سوق السيارات، حيث قال تامر حنفى، مدير مبيعات وخبير فى شئون السيارات، لـ”فيتو”، إن هناك أزمة طاحنة فى سوق السيارات، وتحولت إلى صراع بين المستهلك وأصحاب المعارض والمستوردين، أدى لاحتجاز عدد كبير من السيارات، بخلاف رفع الأسعار، بعد التأثر بالتكلفة الجديدة.
وأكد تامر حنفى، أن الأوفر برايس سيعود بقوة كبيرة، وذلك بعدما تم رفع الكثير من الشركات لأسعار السيارات، مما جعل هناك أزمة جديدة من الصعب الخروج منها إلا مع بداية 2025.
وأشار إلى أن الزيادة وصلت إلى 300 ألف جنيه للسيارات المرسيدس، بعد انتهاء إجازة عيد الأضحى، كما وصلت الارتفاعات 15% للسيارات الكورية والصينى، مشيرًا إلى أن غلق الاستيراد الفردى، أسهم بشكل كبير فى زيادة السيارات الحديثة والمستعملة.
وكشف تامر حنفى لـ”فيتو”، مفاجأة عن نسبة الخسارة التى تعرض لها تجار السيارات فى مصر، والتى وصلت لنسبة 25% لأسباب عديدة، منها رفع التكلفة للسيارة، بالإضافة إلى الاستيراد بتكلفة دولارية وصلت سعرها لـ 65 جنيهًا للدولار الواحد، وبعد انخفاضه أصبح التاجر فى ورطة بسبب بيع السيارة للمستهلك دون مكسبه الحقيقى.
أما عن سبب احتجاز السيارات بالجمارك قال “حنفي”، إن هناك عدم تنسيق أدى لما حدث من احتجاز سيارات، وتعطيل وصولها لأصحابها، مشيرًا إلى أن هناك خسائر مالية جديدة ستلحق بالتجار، لعدم وجود تسهيلات فى الشراء.
أما علاء السبع، عضو شعبة السيارات باتحاد الغرف التجارية، قال إن سر عدم استقرار سوق السيارات فى مصر، فى البداية عدم توفر السيارات الحديثة بالأسواق، موضحا أن الحل الجزئى لتلك الأزمة سيكون خلال الأيام المقبلة، وبالتحديد مع نهاية العام الجارى، ودخول بضائع جديدة للأسواق.
وأشار “السبع” فى حديثة لـ “فيتو”، إلى أن الزيادات فى أسعار السيارات بمصر، من الصعب تحديدها نهائيًا، لأن كل تاجر يختلف عن الآخر فى طريقة فرض الأوفر برايس على السيارات المعروضة، مما أدى إلى “فوضى” داخل الأسواق.
وكشف علاء السبع مفاجأة فى سيارات “ذوى الهمم”، مؤكدا أنها السبب الرئيسى فى حجز ما يقرب من 13 ألف سيارة بالجمارك، موضحا أن استخدامها يتم بطريقة خاطئة على الإطلاق.
وتطرق علاء إلى أن الدولة تعطى “ذوى الهمم” ميزة خاصة باستيراد السيارات لاستخدامهم الشخصى، لكن يتم استغلالها بصورة سيئة، مؤكدًا أنه متضامن مع الدولة فى هذه الأزمة، ولكن لا بد من عدم تعطيل المنظومة بالكامل، وإنما يتم فرض رقابة قوية وصحيحة، وتوقيع عقوبات صارمة على المخالفين.