عز الدين ذو الفقار.. فارس الرومانسية وشاعر السينما.. اتهم الصحافة بالخداع والنفاق.. هاجم لجنة الجوائز ووصفها بـ «الجهل».. ودخل في صراع مع 3 وزراء
عز الدين ذو الفقار، فارس الرومانسية وشاعر السينما، هو أحد المجددين، ومن أهم مخرجي العصر الذهبي للسينما المصرية، صاحب أفكار جريئة وآرائه واضحة في إصلاح الخلل في السينما حتى أنه اتهم ثلاث وزارات بضياع السينما، كما اتهم الجهات المانحة للجوائز بالجهل، وصفته الصحافة بعبقري السينما، ورغم ذلك اتهم الصحافة بالخداع والنفاق، رحل في مثل هذا اليوم الأول من يوليو عام 1963.
من عائلة فنية - عائلة ذو الفقار - اشقائه محمود وصلاح ذو الفقار، بدأ حياته ضابطا بالجيش وعشق السينما وتزوج من فاتن حمامة ومن أروع أفلامه موعد مع السعادة، رد قلبي، طريق الأمل وغيرها.
اتهام ثلاث وزراء بالتسبب في تدهور حال السينما
في مجلة روز اليوسف عام 1956 اتهم المخرج عز الدين ذو الفقار ثلاثة وزراء مصريين بتدهور صناعة السينما هم وزراء الإرشاد القومى والمالية والشئون الاجتماعية، وأرجع ضعف صناعة السينما وتدهورها إلى إمكانياتها الهزيلة التي كانت ومازالت تمثل إعاقة في طريق الفيلم المصرى، وحمل عز الدين الوزراء الثلاثة نتيجة الأزمة لأن كل واحد من الوزراء يستطيع أن يفعل شيئا ولو صغيرا يدفع بالسينما والسينمائيين إلى الإمام ولكنهم لا يفعلون.
عز الدين ذو الفقار: يرحم الله السينما المصرية
وأضاف المخرج المصري عز الدين ذو الفقار أنه إذا لم تسارع الحكومة وتتدارك هذه الأزمة فليرحم الله السينما المصرية ويرحم أكثر من ألفي عائلة تعيش من العمل في هذه الصناعة معلنا عن استعداده لكتابة تقرير مطول يشرح فيه جميع المراحل التي مرت بها السينما والوسائل الصحيحة للنهوض بها.
عز الدين ذو الفقار يتهم الصحافة بالخداع
في مجلة "أهل الفن" عام 1955 كتب المخرج عز الدين ذو الفقار يتهم الصحافة بالخادعة في مقالا قال فيه: ثلاثة أفلام عملتها مع محمد عبد الجواد الذي كان يعمل مساعدا للمخرج كمال سليم وهي "الدنيا بخير، أزهار وأشواك، وعادت إلى قواعدها" وكانت أفلاما هابطة ولم تنجح، شجعنى فشل تلك الأفلام على أن أشعر بأننى أستطيع وحدى أن أعمل كل شيء وأن علي أن اعتمد على نفسي لتحقيق أحلامي، فكتبت سيناريو فيلم "أسير الظلام" وأخرجته فخرجت الصحف تنتقد الفيلم.
وأضاف عز الدين ذو الفقار: مدحتني الصحافة كثيرا، وأطلقت على لقب "العبقري" والنابغة الذي لم يسبق له مثيل، وأصبت بسبب هذا المدح بأضرار بالغة لأنني كنت مبتدئا، وقد جعلنى هذا المدح أشعر بكثير من الغرور والشطط، وبدأت أتصور أنني عبقري زمانه فأخرجت أفلاما تهاونت فيها من الناحية المادية، فمثلا إذا قال لي المنتج إنه ليس معه مال لإكمال تصوير الفيلم أعطف على المنتج، واكتفى بما تم تصويره من الفيلم واتصرف في باقى الفيلم على هذا الأساس بنظام "الكروتة" رحمة بالمنتج، وقد نجم عن ذلك فشل مادي وأدبي في أفلامي وفي سمعتي كمخرج، جاء ذلك بعد نجاح كان من الممكن أن يدوم، لولا مدح الصحف والصحفيين ونفاقهم الكثير مما جعلنى أسقط إلى هاوية الغرور، وأحاول بعد ذلك البدء من جديد.
ويستكمل عز الدين ذو الفقار قائلا: أخرجت فيلم "أنا الماضي" ومنه بدأت أحافظ على مستواي ومركزي، وتعلمت أن السينما كلما أعمل فيها يوما أكثر أعرف أكثر، وأن السينما تجارب، لا دراسة، فالتجارب لها قيمة أكثر من الدراسة النظرية، ومهما وصلت في السينما فكل يوم أتعلم فيه جديدا، إن عمل الفنان هو شاهده ولن يستطيع أشطر أو اخطر صحفي أن يطمس نجاح فنان أو يرفع مغمورا فاشلا إلى الأضواء.
عز الدين ذو الفقار يتهم لجنة تحكيم جوائز السينما بالجهل
وتحت عنوان "لجنة التحكيم لا تفهم" كتب عز الدين الحاصل على الجائزة الثانية في مجلة روز اليوسف مقالا في عام 1959 يقول:في الوسط الفني أكثر من إشاعة، وكلها ولدت وانتشرت بعد إعلان نتيجة جوائز السينما، البعض غضبان والبعض زعلان وكثيرين يطعنوا فى تشكيل اللجنة وتحيزها،
سأله الكاتب محمد تبارك ليه زعلان بالرغم من أن افلامك حصلت على مراكز عن أفلام: رد قلبي، طريق الأمل، بورسعيد، فكان رد عز الدين: صحيح أني نجحت في الدور الثاني لكن أفلامي كانت هي الأولى، ولقد فزت بجائزة السيناريو الأولى.. وهذا يكفيني وأن العيب على لجنة التحكيم الجهلاء الذين لا يعرفون طبيعة عمل المخرج السينمائي وأن حسين رياض أحق من رشدي أباظة الذي يكرر نفسه بشهادة النقاد بجائزة الممثل.
وفي رد على هجوم عز الدين ذو الفقار على طريقة توزيع جوائز السينما مطالبا بإلغائها، قال نجيب محفوظ: إن الذي يطالب بإلغاء جوائز السينما واحد من اثنين إما جاهل بفن السينما أو إنسان لا يثق بنفسه، وأؤكد أن نتائج الجوائز بيضاء من غير سوء، وقد تسربت أنباء عنها لكنها كانت تخمينات من بعض أعضاء لجنة التحكيم الذين لم يحترموا سرية عملهم ولم يكن من الممكن في ذلك الوقت معرفة النتائج معرفة يقينية لأن عملية التفريغ لم تتم إلا بعد ذلك بوقت طويل، وأن لكل فيلم عناصر على أساسها يتوقف نجاح الفيلم في الحصول على الجائزة.
في حوار أجرته مجلة صباح الخير عام 1961 هاجم المخرج عز الدين ذو الفقار الملقب بمخرج الرومانسية مؤسسة دعم السينما ووزارة الثقافة، حتى أن معهد السينما لم يسلم من لسانه فوصف خريجيه بحلاقي الصحة متسائلا ما فائدة معهد الكونسرفتوار؟.
وفي العدد التالي من المجلة رد الأديب نجيب محفوظ المسئول عن مؤسسة دعم السينما في ذلك الوقت، على جميع اتهامات عز الدين ذو الفقار لهيئات وزارة الثقافة وقال: إن معهد السينما خطوة إصلاحية موفقة، فالفن يقوم على الموهبة والثقافة، والموهبة من عند الله، أما الثقافة فيتعهدها المعهد الذي بدأ عمله بمستوى مقبول، وسيزداد مع الأيام تقدما، ويلحق به ستوديو ومعملا، وسيكون هذا المعهد حدا فاصلا في تاريخ السينما بين الارتجال والتنظيم، ولعل الأستاذ عز الدين ذو الفقار يستعين يوما بخريجيه، فيندم من خطأ حكمه القاسي عليهم.
نجيب محفوظ يتهم عز الدين ذو الفقار بعدم الذوق السليم
وردا على الاتهام بعدم فائدة إنشاء معهد الكونسرفتوار قال الأديب نجيب محفوظ ردا على عز الدين ذو الفقار: من يسأل هذا التساؤل هو شخص لا ينتمى للفن أو الذوق السليم، فالوزارة لا تبنى الكونسرفتوار على حساب السينما، لكنها تبنيه لحساب السينما والفن والإنسان، حيث ستستفيد السينما من الموسيقى الراقية كما سيمثل الكونسرفتوار وجها من وجوه الاستثمار لمؤسسة دعم السينما وسيكون موردا دائما تنفق منه على الحقل السينمائي.