عملية الهدهد تكشف أوهام منظومة الدفاع الإسرائيلية.. توقعات بضغوط أوروبية على قبرص لمنع إسرائيل من استخدام مطاراتها.. خبراء: حزب الله قادر على ضرب تل أبيب
رسائل مباشرة وغير مباشرة موجهة لمن يهمه الأمر، هذا ملخص عملية الهدهد التى قام بها حزب الله وأكدت أنه يمتلك منظومة قادرة على تهديد تل أبيب، خاصة بعد أن أصبح العدوان الإسرائيلى على غزة يشكل تهديدا لمنطقة الشرق الأوسط والعالم، فلم تعد الحرب مقتصرة على القطاع فقط، ولكن أصبحت عرضة للتوسع فى الشرق الأوسط وربما تطال نيرانها أوروبا.
وتسببت العملية المفاجئة التى نفذها الحزب اللبنانى بواسطة طائرات مسيرة دقيقة جدا، ونجاحه فى تصوير بنك أهداف عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلى فى إثارة المخاوف من اقتراب حرب شاملة بين الحزب وجيش الاحتلال.
كما أثارت تحذيرات أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، إلى قبرص من استخدام إسرائيل مطاراتها لضرب لبنان، مخاوف من انتقال دائرة الحرب فى غزة أيضًا إلى أوروبا، لاسيما أن قبرص دولة عضو فى الاتحاد الأوروبى، وحال حدوث اعتداء على أراضيها ستجر معها حلفاءها الأوروبيين إلى ساحة المعركة.
يقول طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، إن تصريحات حسن نصر الله وتهديداته بشن عمليات عسكرية ضد قبرص ومنطقة شرق البحر المتوسط هى للاستهلاك الإعلامى فقط، لأنه يعلم جيدا أن وراءها دول الاتحاد الأوروبى، وهى قوة عسكرية واقتصادية كبرى لن يستطيع مواجهتها بمفرده.
وأوضح أن حسن نصر الله أراد تسليط الضوء على قيام إسرائيل باستغلال المطارات العسكرية والموانئ فى دولة قبرص لتوجيه ضربات عسكرية ضد لبنان وقطاع غزة خلال الفترة الماضية.
وتابع: استغلت إسرائيل البنية التحتية العسكرية فى قبرص لنقل طائراتها خوفا من تعرض بعض المطارات فى تل أبيب والمدن الإسرائيلية للقصف سواء من قبل صواريخ المقاومة الفلسطينية أو من قبل حزب الله اللبنانى.
وأوضح أن فرنسا تقود مبادرة أوروبية لإنهاء التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وتسعى إلى خفض التصعيد، وذلك من خلال الضغط على كافة الأطراف، إذ ليس من مصلحتها أن ينتقل الصراع من شمال إسرائيل وجنوب لبنان إلى قبرص.
وأكد أن بعض الدول الأوروبية ستضغط خلال الفترة القادمة على قبرص لمنع إسرائيل من استخدام مطاراتها وموانيها فى تنفيذ ضربات ضد لبنان منعا للتصعيد.
وأوضح أن عملية الهدهد التى نفذها حزب الله اللبنانى بواسطة طائرة استطلاع مسيرة، تكشف الكثير من الأمور أهمها مدى التطور الكبير الذى حدث فى ترسانة حزب الله العسكرية والتقدم التكنولوجى الذى تشهده منظومة الطائرات المسيرة، بعد أن أصبح لديها القدرة على تنفيذ مهام استطلاعية ضد أقوى الأهداف العسكرية وبدقة كبيرة للغاية.
وأضاف: عملية الهدهد ترسل رسائل أخرى لإسرائيل مفادها أن حزب الله قادر على شن عملية عسكرية ضد أكبر الأهداف العسكرية لدى جيش الاحتلال، خاصة أن قاعدة حيفا التى كشفتها الطائرة المسيرة تعتبر من أقوى القواعد العسكرية التى يمتلكها جيش الاحتلال، كما أن كل التطورات التى تشهدها المنطقة فى الفترة الحالية، ما هى إلا ارتدادات للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، فإيران بدأت خلال الفترة الأخيرة، خاصة منذ بدء الحرب على غزة، تطوير قدرات حزب الله اللبنانى لأنه سيدخل المعركة لا محالة عاجلا أو آجلا، وإسرائيل تعلم جيدا مدى قوة حزب الله مقارنة بحركة حماس، ومسألة القضاء عليه صعبة للغاية.
وتابع فهمى: ستكثف إسرائيل خلال الأسابيع القادمة عملياتها العكسرية ضد حزب الله اللبنانى، خاصة بعد هدوء الأوضاع فى رفح، وأصبح جيش الاحتلال يقوم بعمليات تمشيط فقط، ومن المحتمل أن ينهى العملية فى غضون 6 أسابيع، وعلى الرغم من تجنب حزب الله وإسرائيل حدوث مواجهة شاملة، إلا أن تدرّج الأحداث قد يدفع الطرفين إلى الحرب فى حال تطورت الأمور إلى نقطة لا يمكن الرجوع منها.
وفى السياق ذاته، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن تهديد حسن نصر الله لقبرص ليس موجها لحكومتها بشكل مباشر، ولكن للقواعد الأمريكية والبريطانية المتواجدة على الجزيرة والتى تقدم مساعدات عسكرية لإسرائيل منذ بدء العدوان على غزة أو فى عملياتها ضد لبنان.
وأضاف: إسرائيل لا تمتلك مجالا جويا لتنفيذ تدريبات عسكرية بالطائرات الحربية، لذلك تتعاون مع الدول المجاورة لها مثل اليونان وقبرص وتركيا فى بعض الأحيان، لتنفيذ هذه التدريبات على أراضيها، كما يستعين جيش الاحتلال بالقواعد الأمريكية والبريطانية فى إجراء التدريبات العسكرية والحصول على الدعم اللوجستى من خلالها فى تنفيذ أى عمليات عسكرية فى المنطقة، وفى حال قيام حزب الله بتنفيذ أى عمل عسكرى لن ينفذ ضربات ضد أهداف قبرصية، ولكن سيستهدف القواعد الأمريكية والبريطانية والمطارات التى يستخدمها جيش الاحتلال فى تدريباته الجوية وتنفيذ طلعات جوية لضرب أهداف فى لبنان.
وأشار السفير رخا أحمد إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف بشكل قوى لمنع نشوب حرب مباشرة بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلى، لأنها تعلم جيدا أن جيش الاحتلال غير قادر على مواجهة حزب الله بمفرده فى الوقت الراهن، لأن إيران ستزود الحزب بأسلحة ودعم عسكرى غير مسبوق، ومن المستبعد أن يشن جيش الاحتلال الإسرائيلى حربا على حزب الله لعدة أسباب، من ضمنها المخاوف الإسرائيلية من تنامى قدرات حزب الله العسكرية، والتى تجعل كل المدن الإسرائيلية هدفا سهلا بالنسبة لصواريخه وطائراته المسيرة.
واختتم السفير رخا أحمد حديثه: “نتنياهو والولايات المتحدة الأمريكية مستفيدان من زيادة التوتر على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، فى تخفيف الضغط الإعلامى عن الجرائم التى يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة”.