رئيس التحرير
عصام كامل

أبرز فتاوى العائدين من الأراضي المقدسة.. الإفتاء توضح أجر الحج المبرور.. هل دعاء من أدى المناسك مستجاب؟.. وماذا عن ترك ضيوف الرحمن صلاة الجماعة في المساجد بعد الرجوع لبلادهم؟

موسم الحج 2024,فيتو
موسم الحج 2024,فيتو

مع استمرار عودة حجاج بيت الله الحرام إلى بلادهم بعد الانتهاء من أداء المناسك تكثر الأسئلة حول بعض الأحكام والمسائل المتعلقة بضيوف الرحمن، ومنها ما ورد إلى دار الإفتاء ويقول فيه صاحبه: "ما حكم طلب دعاء العائدين من الحج، وتركهم صلاة الجماعة في المسجد بعض الأيام؟ فقد سافر بعض الناس من قريتي لأداء فريضة الحج، وبعد عودتهم، لم يحضر عدد منهم إلى صلاة الجماعة في المسجد مدة أسبوع أو يزيد، فهل هذا أمر جائز شرعًا؟

حكم أداء فريضة الحج 


الحج ركن من أركان الإسلام وفرض من فروضه على كلِّ مسلمٍ مُكَلَّف قادر مستطيعٍ في العمر مرةً واحدةً، قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97].

وأخرج الإمام البخاري في "صحيحه" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».

أجر الحج المبرور وثوابه

وقد بينت نصوص الشرع الشريف أجر الحج المبرور وثوابه، منها: ما أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ».

قال الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (9/ 118- 119، ط. دار إحياء التراث العربي): [الأصح الأشهر أن «المَبْرُور» هو الذي لا يخالطه إثم، مأخوذ من البر وهو الطاعة، وقيل: هو المقبول، ومن علامة القبول أن يرجع خيرًا مما كان ولا يعاود المعاصي، وقيل: هو الذي لا رياء فيه، وقيل: الذي لا يعقبه معصية، وهما داخلان فيما قبلهما، ومعنى «لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ» أنه لا يقتصر لصاحبه من الجزاء على تكفير بعض ذنوبه، بل لا بد أن يدخل الجنة، والله أعلم] اهـ.

ومنها ما أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 383، ط. دار المعرفة): [«رَجَعَ» أي: صار، والجار والمجرور خبر له. ويجوز أن يكون حالا، أي: صار مشابهًا لنفسه في البراءة عن الذنوب في يوم ولدته أمه] اهـ.

حكم استقبال العائدين من الحج وطلب الدعاء منهم


الشخص الذي أكرمه الله تعالى بأداء  فريضة الحج، ثم عاد إلى وطنه سالمًا، فإنه يُرجى له أن يكون مُجابَ الدعاء؛ وذلك لما حصله من الأجر العظيم والثواب الجزيل بمغفرة ذنوبه، ورجوعه من الحج كيوم ولدته أمه، لذا فإن عادة بعض الناس في استقبال العائدين من الحج؛ ليسألوهم الدعاء وليتبركوا بقدومهم من بيت الله الحرام -أمر مشروع، ولا حرج فيه؛ فقد بوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا أسماه: "بَابُ اسْتِقْبَالِ الحَاجِّ القَادِمِينَ وَالثَّلَاثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ"، وأورد فيه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مَكَّةَ، اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ، وَآخَرَ خَلْفَهُ».

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3/ 619): [وكون الترجمة لتلقي القادم من الحج، والحديث دال على تلقي القادم للحج، ليس بينهما تخالف؛ لاتفاقهما من حيث المعنى، والله أعلم] اهـ.

وقال الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (10/ 133، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقال صاحب "التوضيح": وفيه: تلقي القادمين من الحج إكرامًا لهم وتعظيمًا؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم ينكر تلقيهم، بل سُرَّ به لحمله منهم بين يديه وخلفه.. نعم، يُمكن أَن يُؤْخَذ مِنْهُ تلقي القادمين من الْحَج، وَكَذَلِكَ فِي مَعْنَاهُ مَن قَدِم مِن جِهَادٍ أَو سفرٍ، لِأَن فِي ذَلِك تأنيسًا لَهُم وتطييبًا لقُلُوبِهِمْ] اهـ.

ومما يؤكد جواز تلك العادة المستحبة -استقبال القادمين من الحج- ما أخرجه الإمام الحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «أَقْبَلْنَا مِنْ مَكَّةَ فِي حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَقِيَنَا غِلْمَانٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانُوا يَتَلَقَّوْنَ أَهَالِيَهُمْ إِذَا قَدِمُوا».

وقد أخرج الإمام البيهقي في "شعب الإيمان"، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «لَوْ يَعْلَمُ الْمُقِيمُونَ مَا لِلْحُجَّاجِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحَقِّ، لَأَتَوْهُمْ حِينَ يَقْدَمُونَ حَتَّى يُقَبِّلُوا رَوَاحِلَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ وَفْدُ اللهِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ».

وهو ما جرت عليه عادة بعض البلاد؛ كما قال الإمام بدر الدين العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (10/ 133) في تلقي القادمين من الحج: [وتلك العادة إلى الآن يتلقى المجاورون وأهل مكة القادمين من الركبان] اهـ.

قال الشيخ محمَّد الخَضِر الجكني الشنقيطي في "كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري" (14/ 49، ط. مؤسسة الرسالة): [«لِأَنَّهُمْ وَفْدُ اللهِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ»، وما للمنقطع حيلة سوى التعلق بأذيال الواصلين] اهـ.

الآثار الواردة على أن دعاء القادم من فريضة الحج مستجاب


ووردت عدة آثار تدل على أن دعاء القادم من فريضة الحج مستجاب؛ ومنها ما أخرجه الإمام الحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِلْحَاجِّ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ».

وما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه -موقوفًا- قال: «يُغْفَرُ لِلْحَاجِّ وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَصَفَرٍ وَعَشْرٍ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ».

وله شاهد آخر أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة"، عن معاوية بن إسحاق قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحَاجُّ يُغْفَرُ لَهُ، وَلِمَنِ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ إِلَى انْسِلَاخِ الْمُحَرَّمِ».

قال العلامة ابن علان الشافعي في "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين" (3/ 237، ط. دار المعرفة): [وأشار إلى فضل السفر الصالح، وأن القادم منه أرجى لإجابة دعائه.. وقد ورد: «إذا لقيت الحاج فمره فليستغفر لك»، وفي حديث آخر: «إن الله يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج حتى يرجع إلى بيته»] اهـ.

وقال الصنعاني في "التنوير شرح الجامع الصغير" (3/ 88، ط. دار السلام): [«اللَّهم اغفر للحاج» فرضًا أو نفلًا «ولمن استغفر له الحاج» حين حجه وبعده وإن كان ظاهرًا في الأول، وفيه أنه يطلب الاستغفار من الحاج ليدخل في دعائه صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

هل يمتنع الحجاج عن الصلاة بالمساجد لمدة أسبوع بعد عودتهم من المناسك؟

حكم انشغال القادم من الحج باستقبال الزائرين عن أداء الصلاة جماعة

 

يجب التنويه على ألَّا ينشغل القادم من الحج باستقبال الزائرين والضيوف عن أداء الصلاة جماعة في المسجد -كما ورد في السؤال-، بل عليه أن يحافظ على أداء صلاة الجماعة في المسجد، ويحصل الفضل ولو بصلاة الجماعة في بيته مع مَن حَضَر معه، فقد جاء في السُّنَّة النبوية ما يدل على مشروعية صلاة الجماعة في البيت، من ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه" عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا».

قال العلامة الحموي الحنفي في "غمز عيون البصائر" (2/ 30، ط. دار الكتب العلمية): [أصل الفضيلة -وهي المضاعفة بسبع وعشرين درجة- فحاصلة بالصلاة جماعة في بيته على هيئة الجماعة الكائنة في المسجد، فالحاصل أن كلَّ ما شرع فيه الجماعة فالمسجد فيه أفضل لما اشتمل عليه من شرف المكان] اهـ.

فضل صلاة الجماعة 

وقال العلامة الصاوي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (1/ 425، ط. دار المعارف): [قوله: (أفضل من صلاة الفذ) ويحصل الفضل ولو بصلاة الرجل مع امرأته في بيته] اهـ.

وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 180): [وكلُّ جماعةٍ صلَّى فيها رجلٌ في بيته، أو في مسجد صغير، أو كبير قليل الجماعة أو كثيرها أجزأت عنه، والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعة أحب إليَّ] اهـ.

وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 456، ط. عالم الكتب): [(وله فعلها) أي الجماعة (في بيته و) في (صحراء)؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته» متفقٌ عليه، (و) فعلها (في مسجد أفضل)؛ لأنه السُّنَّة] اهـ.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

 

الجريدة الرسمية