رئيس التحرير
عصام كامل

بعد أزمة موسم الحج.. ما حكم الشرع في الكذب من أجل أداء الفريضة؟.. الإفتاء تؤكد وجوب طاعة أولى الأمر والالتزام بالقوانين الصادرة

موسم الحج 2024,فيتو
موسم الحج 2024,فيتو

حالة من الجدل شهدتها مواقع التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية بعد الأزمات التي شهدها موسم الحج 2024، والتي أدى إلى ارتفاع في عدد الوفيات في البعثة المصرية، مما أدى إلى تدخل فوري من قبل الحكومة، وعلى مستوى الشرع تساءل البعض عن حكم الكذب من أجل أداء فريضة الحج.

دار الإفتاء توضح  حكم الكذب من أجل الحج

ومن جانبها تلقت دار الإفتاء في وقتا سابق سؤال يقول فيه صاحبه:" ما حكم الكذب من أجل الحج؟ حيث يقوم بعض الناس بالكذب بشأن البيانات التي تطلب منهم من الجهات الرسمية؟، وجاء رد الدار على هذا السؤال كالتالي: 

من المقرر شرعًا وجوب طاعة أولي الأمر والالتزام بما يصدر عنهم من قوانين ما لم تكن حرامًا مُجْمَعًا على حرمته؛ فقد أوجب الله عز وجل طاعة أولي الأمر بقوله: ﴿يا أيُّها الذين آمَنوا أَطِيعُوا اللهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ وأُولِي الأَمرِ مِنكم﴾ [النساء: 59]، وقد أخرج السِّتَّةُ عن ابن عمرَ رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «السَّمعُ والطاعةُ على المَرء المسلم فيما أَحَبَّ وكَرِهَ، ما لم يُؤمَر بمَعصِية، فإذا أُمِرَ بمَعصِيةٍ فلا سَمعَ ولا طاعةَ»، والأدلة على هذا كثيرة، والإجماعُ منعقد على وجوب طاعة أولي الأمر من الأمراء والحكام فيما لا يخالف الشرع الشريف.


وللحاكم أن يَسُنَّ مِن التشريعات ما يراه مُحَقِّقًا لمصالح العباد؛ فإنَّ تَصَرُّفَ الإمام على الرعية مَنُوطٌ بالمصلحة، والواجبُ له على الرعية الطاعة والنصرة، ومَن دخل إلى بلد من البلاد فعليه الالتزام بقوانينها وتحرم عليه المخالفة، وحكومات تلك البلاد لم تضع مثل هذه الضوابط والتشريعات وتمنع ما عدا ذلك إلا لمصالح تُقَدِّرها.

 

ما حكم الشرع في الكذب لأداء مناسك الحج 

ومِن جهة أخرى، فإن الكذب متفق على حرمته، ولا يرتاب أحدٌ في قُبحه، والأدلة الشرعية على ذلك كثيرة؛ منها ما أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" واللفظ لمسلم، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: قال «مِن علاماتِ المُنافِق ثلاثةٌ: إذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذا وَعَدَ أَخلَفَ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ»، فالكذب كله حرام إلا ما ورد الشرع باستثنائه، وهذه الصور المستثناة في بعض الأحاديث لا تُعَدُّ مِن الكذب إلا على سبيل المجاز؛ منها ما أخرجه ابن أبي شَيبةَ والترمذيُّ وغيرهما واللفظ لابن أبي شيبه عن أَسماءَ بنت يزيدَ رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَصلُحُ الكَذِبُ إلَّا في ثلاثٍ: كَذِبِ الرجلِ امرأتَه ليُرضِيَها، أو إصلاحٍ بين الناس، أو كَذِبٍ في الحرب»، وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا يَحْمِلُكُمْ عَلَى أَنْ تَتَايعُوا فِي الْكَذِبِ -قَالَ زُهَيْرٌ: أُرَاهُ قَالَ:- كَمَا يَتَتَايَعُ الْفَرَاشُ فِي النَّارِ، كُلُّ الْكَذِبِ يَكْتُبُ عَلَى ابْنِ آدَمَ إِلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ: رَجُلٌ يَكْذِبُ امْرَأَتَهُ لِتَرْضَى عَنْهُ، وَرَجُلٌ يَكْذِبُ فِي خُدْعَةِ حَرْبٍ، وَرَجُلٌ يَكْذِبُ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا» رواه الطبراني في "المعجم الكبير"، وقوله: «تتايعوا» من التَّتايُع: وهو الوقوع في الشر من غير فِكرة ولا رَوِيَّة والمُتابَعَة عليه، ولا يكون في الخير.


وأَخرَجَ مسلمٌ بعضَه من حديث أم كُلثومٍ بنتِ عُقبةَ بن أبي مُعَيطٍ رضي الله عنها وكانت من المُهاجرات الأُوَلِ اللاتي بايَعنَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها سَمِعَت رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول: «ليس الكَذَّابُ الذي يُصلِحُ بين النَّاسِ ويقولُ خَيرًا ويَنمِي خَيرًا»، قال ابن شِهابٍ: [ولم أسمَع يُرَخَّصُ فِي شيءٍ مِما يقولُ الناسُ كذِبٌ إِلا فِي ثلاث: الحرب، والإصلاح بينَ النَّاسِ، وحديث الرجلِ امرأتَه وحديث المَرأةِ زوجَها] اهـ.

 

دار الإفتاء توضح سبب عدم جواز الكذب من أجل الحج 

وعلى هذا: فالصور المذكورة في السؤال مِن الكذب المحرَّم، وليست مِن جنس ما استثناه الشارعُ ورَخَّص في الكذب لأجله.

وبناء على ما تقدم مِن وجوب اتباع القوانين والتشريعات المُنَظِّمة للمصالح، والتي لا تعارضُ الشريعةَ الإسلامية، وعلى ما تقدم مِن حرمة الكذب إلا فيما استثناه الشارع، نقول: يحرم التحايل والإدلاء ببيانات كاذبة غير مطابقة للواقع وللحقيقة إلى الجهات الرسمية؛ سواء أكان للسفر للحجِّ أم لقضاء أي مصلحة أخرى، وسواءٌ أكان في بلده أم البلد التي سيسافر إليها، والواجب التقيد بما رآه أولياء الأمر

 لما في الكذب من تفويت المصلحة التي تَغَيَّاها الحاكم من سَنِّهِ القوانينَ، وهذا التحايل حرام؛ سواء أكانت الحيلة جائزة في نفسها أم كانت الحيلة نفسُها حرامًا؛ بأن اشتملت على الكذب مثلًا، فإن الحرمة تتأكد، ومن ذلك إحضارُ السائق مثلًا لعقود وهمية مخالفة للحقيقة بأنه سبق له السفرُ والعملُ كسائق بالبلد التي سيذهب إليها، أو إخبارُ الحاج عن نفسه أنه لم يحج مِن قبل، أو أنه لم يحج في فترة محددة على خلاف الحقيقة، فكل ذلك لا يجوز؛ لاشتماله على الكذب أو الغش أو الخداع.


وكذلك لا يجوز التخلف بعد أداء الشعائر إذا مَنَعَ الحاكمُ ذلك.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


 

الجريدة الرسمية