رئيس التحرير
عصام كامل

الاقتصاد المر.. رئيس «مواطنون ضد الغلاء»: الحكومة فشلت.. ومدبولى شخصية محترمة لكن ليس بالأدب وحده تحيا الشعوب.. بركات صفا: الحكومة تدار بعقلية أكاديمية

الاقتصاد المر،فيتو
الاقتصاد المر،فيتو

يعانى المواطن المصرى من مشكلات اقتصادية تأزمت خلال الـ4 سنوات الماضية، زادت من نسب الفقراء فى مصر، حيث كان ارتفاع أسعار السلع والخدمات معول هدم طموحات المواطنين فى حياة كريمة، ومع إعلان الحكومة استقالتها، وتجديد الثقة فى الدكتور مصطفى مدبولى رئيسًا للوزراء، يبرز السؤال: ما هى الملفات العاجلة على مائدة الوزراء الجدد، وما الذى ينبغى عمله لمواجهة وحل أزمة ارتفاع الأسعار؟

يقول محمود العسقلانى رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء» إن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى شخصية محترمة ورجل مهذب وخلوق وعف اللسان، لكن للأسف يا رئيس الوزراء ليس بالأدب وحده تحيا الشعوب.

وأضاف: بوضوح شديد نحن نتحدث عن حكومة ثبت بالدليل القطاع فشلها فى عدة ملفات بالغة الخطورة، وخاصة ملف ارتفاع أسعار السلع، وكلما اقتربت الحكومة من هذا الملف زادته فشلًا، لأنها تتعامل مع ارتفاع الأسعار بشكل يفتقر إلى الخبرة الاقتصادية، فالاقتصاد هو استخدام الفكرة فى مواجهة القوة بأفكار بسيطة يمكن بها السيطرة على السوق.

وأوضح أنه فى حكومات ما قبل ثورة 2011، كان يتم التوسع فى إنشاء وافتتاح المنافذ لدعم المواطن، وكانت عليها رقابة صارمة وكانت الدولة تلزم هذه المنافذ بالبيع بأسعار مخفضة لصالح المواطن، لكن الآن المنافذ مملوكة لوزارات بعينها ذات قوة ولا تستطيع الجهات الرقابية الأخرى محاسبتها.

وأضاف أن الحكومة تحتاج بشكل عاجل إلى التعامل مع ملف التضخم برؤية اقتصادية، وفتح صفحة جديدة للتعامل مع التضخم بحلول تستند على نظريات ورؤى اقتصادية، فنحن ليس لدينا اقتصاد حر بل «اقتصاد مر وأمر من المر».

وتابع: الحكومة عندما تدخلت فى ضبط أسعار الأرز ارتفعت أسعاره، وعندما تدخلت لحل أزمة السكر، لم نر سوى السكر بسعر 60 جنيهًا، أى أن تدخلات الحكومة تزيد الأزمات ولا تحلها، لذا المطلوب إنهاء أزمة ارتفاع أسعار السلع بشكل احترافى يستند على حلول ورؤى اقتصادية علمية.

وأوضح أن الدعم من الملفات التى تحتاج التعامل مع بشكل عاجل، فالحكومة إذا منحت المواطن جملًا يصله فقط طرف من ذيل هذا الجمل، بدليل التحدث عن 130 مليار جنيه دعم سلع تموينية و120 مليار جنيه دعم الخبز، لكن لو قمنا بحساب حصة المواطن اليومية المقدرة بـ5 أرغفة وزن 90 جرامًا، فإنه من المفترض أن يحصل المواطن على خبز جملة وزن 450 جرامًا، لكن لو حصل المواطن على 300 جرام «تعالوا حاسبوني».

من ناحيته يقول بركات صفا نائب رئيس شعبة الأدوات الكتابية بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن مصر تعيش فى أزمة كبيرة لعدم وجود حكومة اقتصادية، والاقتصاد يعنى إدارة 3 ملفات رئيسية هى الصناعة والتجارة والزراعة، وللأسف فشلت الحكومة فى إدارة الثلاث ملفات إضافة إلى عدم قدرتها على مواجهة ارتفاع الأسعار، التى لم تنخفض إلا مع انخفاض سعر الدولار.

وأضاف «صفا»: حتى الخامات غير المستوردة والمنتجة محليًا؛ الحكومة ليس لها سيطرة أو رقابة على الشركات والمصانع، ولا تتدخل لمحاسبتها فى الإضرار بالصناعة المحلية، على الرغم من أنها شركات قطاع عام.

وأضاف: أنه بالحديث عن أسعار الدولار، يوجد سؤال يحتاج إلى إجابة واضحة من الحكومة: من الذى قيم ورفع سعر الدولار وأكثر من 45 جنيهًا، هل المضاربة هى التى أدت إلى ذلك بالرغم من الإجراءات الحمائية التى كانت تنفذها الحكومة للحفاظ على قيمة الجنيه.

وتابع: عندما يقال إن صندوق النقد الدولى طلب من الحكومة عدم التدخل لحماية العملة المحلية، فمن يطبق ذلك ولصالح من! ومن قال إن الحكومات فى دول العالم لا تتدخل للحفاظ على عملتها؛ رأس مال المواطن، ولنا فى الين اليابانى مثال، وكيف تحافظ اليابان على قيمة عملتها فى مواجهة العملات الأخرى.

وأضاف أن المصنعين والمزارعين والتجار هم الذين تضرروا من ارتفاع أسعار الدولار فى مصر، لأن أموالهم تضررت وفقدت نحو 85% من قيمتها بسبب القرارات العشوائية المتخذة من الحكومة، إضافة إلى أن تسعير القيمة العادلة للجنيه غير حقيقية، لذلك يجب تسعير ومراجعة قيمة الجنيه من جديد.

وقال «صفا»: للأسف الحكومة تدار بعقلية أكاديمية، وعلاج الحالة الاقتصادية يحتاج إلى الخبرات التراكمية لاقتصاديين مع الأكاديميين، وبغير ذلك سيتحول الوضع من السيئ إلى الأسوأ.

وشدد «صفا» على ضرورة أن تدار الملفات الاقتصادية فى مصر من خلال اقتصاديين محترفين من أصحاب الخبرات لأن الوضع الحالى لا يمكن حله فى يوم وليلة، موضحا أن الموظفين يعملون من خلال اللوائح والقوانين، والمفترض أنه مع إعلان القرار يصدر الوزير المختص تعليمات إدارية بتنفيذ القرارات وتيسير تطبيقها لكن هذا لا يحدث.

ومن جهته يرى محمد الغريب، عضو شعبة الثروة الداجنة بالغرف التجارية، والمثمن فى بورصة الدواجن الرئيسية فى القليوبية، أن ملف الثروة الداجنة من أهم الملفات العاجلة أمام الحكومة القادمة، خاصة أنه يعد أحد الصناعات المهمة للمواطنين وللدولة، وارتفاع الأسعار حرم المواطن من مصدر البروتين اليومى له سواء الفراخ أو البيض.

وأضاف أن قطاع الثروة الداجنة من أهم القطاعات التى كون من خلالها أشهر رجال الأعمال العرب والمصريين ثرواتهم، فهو من أغنى القطاعات الإنتاجية فى الشرق الأوسط.

وتساءل «الغريب»: ما هى أسباب الحكومة لتجاهل المطالب الخاصة بإعادة بورصة الدواجن للعمل مرة أخرى، ولصالح من؟

وأوضح أنه مع إعادة تفعيل عمل بورصة الدواجن يجب مواجهة الممارسات الاحتكارية للقطاع التى تجلت فى ارتفاع أسعار الدواجن والبيض بصورة غير مسبوقة، ومن خلال البورصة نستطيع أن نعيد أسعار الفراخ إلى 40 جنيهًا بعد حصر الكميات المطلوبة يوميًا، وتقدير أوقات الذروة فى المواسم، وطرح الدواجن بكميات تناسب طلبات الشراء، فضلًا عن قيام البورصة باستيراد الذرة من إيراداتها فى أوقات انخفاض أسعاره، وتخزينها وتوزيعها على المنتجين كل حسب احتياجات مزرعته، ليس هذا فحسب، بل ودعم صغار المنتجين لتطوير وتنمية مزارعهم وتعزيز قدراتهم لمنافسة الكبار، لافتا إلى أن قطاع الثروة الداجنة يفتقر إلى عدم وجود رقابة أو إشراف لأن وزراء الحكومة رأسماليين ويعملون لصالح المنتجين وليس المواطنين.

وبالحديث عن ملف الغذاء، يقول رامى زهدى خبير الشئون الاقتصادية الأفريقية: إن ملف الغذاء وحماية الأمن الغذائى القومى يجب أن يكون أولوية قصوى على مائدة الحكومة لتخفيف العبء عن المواطنين، إذ تعانى كل دول القارة دون استثناء من تهديد واضح وقوى لأمنها الغذائى.

وأوضح أن من أبرز التحديات فى ملف تنمية الثروة الحيوانية التى يجب على الحكومة إيجاد حلول لها؛ عدم وجود قاعدة للبيانات عن توزيع الثروة الحيوانية فى المحافظات المختلفة، وقلة وجود المراعى الطبيعية مع ارتفاع الأسعار العالمية للأعلاف ومكوناتها، وكذلك تنامى ظاهرة التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، والذى أدى إلى خلق مناطق جديدة جاذبة للعوائل والنواقل المرضية، والحاجة إلى زيادة الوعى لدى صغار المربين بأساليب الرعاية التى تتناسب مع السلالات الجديدة، وكل هذا بالتوازى مع تسارع نمو الطلب على المنتجات الحيوانية نتيجة الزيادة السكانية.

 

الجريدة الرسمية