الذكرى الـ95 لميلاد عبد الحليم حافظ.. اعتبرته عائلته نحسا عليها.. أسرار مشوار الـ30 عاما في عالم الفن.. وتفاصيل مرضه ورحيله
عبد الحليم حافظ ، مطرب متميز لقب بالعندليب الأسمر كما لقب بمطرب الثورة، ودرس الموسيقى وكانت أولى أغانيه “ لقاء” وبعدها صافينى مرة، غنى لكبار الشعراء والملحنين، وقدم أكثر من 230 أغنية منها 50 أغنية وطنية و16 فيلما ومسلسلا تليفزيونيا واحدا، رحل عام 1977.
ولد عبد الحليم على شبانة الشهير بـ عبد الحليم حافظ فى مثل هذا اليوم عام 1929 بقرية الحلوات محافظة الشرقية، ماتت أمه ــ زينب أحمد عماشة ــ بعد ولادته مباشرة، فاعتبر نحسا على العائلة فعاش مكروها وهو طفل، ومات أبوه بعد عام ليعيش عبد الحليم يتيما فى بيت خاله فى مدينة الزقازيق، ومنه الى ملجأ الأيتام حتى حصل على الشهادة الابتدائية.
أول صفعة على وجه حليم
عن حياة الملجأ يقول عبد الحليم حافظ فى مذكراته التى نشرتها مجلة صباح الخير: فى اليوم الأول لوجودى بالملجأ كان هناك عسكرى بالمعاش معين فى الملجأ يشرف على اليتامى وأبناء الفقراء وكانت له كلمة خالدة أن الضرب فى هؤلاء الأطفال له ثواب كبير عند الله، كان يترصدنى وكنت أخاف منه كثيرا وكان يتابعنى حتى على طاولة الطعام وكنت آكل بخوف حتى لا أعود إلى بيت خالى وأنا جائع، وكنت انكسف من أن يسألنى أحد: أكلت ولا جعان، ظل هذا الخوف معى إلى أن كبرت.. لكنى فى كل الأوقات كنت أحس بالشبع والحموضة، وأقصى ما كنت أطلب لقمة ناشفة وحتة جبنة بيضاء ولا أحد يستطيع أن يميز لون أو شكل أو طعم أكل الملجأ، يكفى أن أقول إن الأرز كان لونه بنيا أو أسود قليلا، وكانت اول صفعة على وجهى من عسكرى الملجأ.
كان ينقصني الأب والأم
وأضاف الفنان عبد الحليم حافظ: كنت أنال مكافأة شبه سنوية على العزف فى غرفة الموسيقى بالملجأ وفى حفلات الملجأ التى كان أسوأ ما فيها معاملتنا كخدم فى الملجأ لدرجة أن بعض العاملين بالملجأ كانوا يختارون الأطفال الذين ليس لهم أهل للعمل خدم لديهم.. ولعل هذا هو السر فى أنى لم أشخط يوما فى خادم عندى فكنت أقرأ القرآن الكريم وأحمد الله عز وجل أن لى خال وأخت وأخ لكن ينقصنا الأب والأم.
التحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943، حيث التقى الفنان كمال الطويل الذي كان يدرس في قسم الغناء وتخرجا معًا عام 1948، عمل عبد الحليم حافظ مدرسًا للموسيقى بطنطا ثم الزقازيق وأخيرًا بالقاهرة، ثم قدَّم استقالته من التدريس والتحق بفرقة الإذاعة الموسيقية عازفًا على آلة الأوبوا عام 1950 بمرتب 15 جنيهًا في الشهر، إلى أن تعرف على المذيعين فهمي عمر وجلال معوض كما تعرف بمجدي العمروسي المحامي وكان يغني في حفلات أعياد ميلادهم بأغنيات عبد الوهاب، ووقف عبد الحليم كعازف لفترة خلف المطربين والمطربات يراقب حركاتهم.
لولا كمال الطويل لم اكن مطربا
ويقول عبد الحليم حافظ عن نفسه فى مرحلة الدراسة فى مذكراته: قصة كفاح طويلة لشاب جاء من الريف ليدرس الموسيقى مقابل اثنين جنيها ترسلها له أسرته كل شهر، بدأ بدراسة الآلات ودرس الغناء فى معهد الموسيقى العربي ثم الموسيقى فى معهد الموسيقى المسرحية، إنسان حساس وإحساسه الذكى جعله يلقط كل شيء بسهولة وبسرعة.. لكنى مندفع ومتسرع فى الحكم على الأشياء.. يؤمن بالحظ والحظ جعله يلتقى بكمال الطويل ولو مكنتش قابلته كنت لم أصبح مطربا فقد بدأنا معا وكان مشوارا طويلا وشاقا.
وذات يوم وفق المذكرات التي كتبها جليل البنداري بعنوان “جسر التنهدات” لحن كمال الطويل أغنية بعنوان " شكوى "لإحدى المطربات وحضر عبد الحليم حافظ ضمن الفرقة الموسيقية وحدث أثناء التسجيل أن ارتبكت المطربة وعنَّفها كمال الطويل فتركت الإستوديو فتسلل عبد الحليم إلى الميكروفون وسجل الأغنية بصوته وكانت أول مرة يقف أمام الميكروفون بمصاحبة فرقة الإذاعة، سمعه الإذاعي حافظ عبد الوهاب الذي أعجب بصوته وقدمه إلى الإذاعة وسمح له باستخدام اسمه "حافظ" بدلًا من شبانة وأجيز كمطرب في الإذاعة بعد أن قدم قصيدة "لقاء" كلمات صلاح عبد الصبور ولحن كمال الطويل عام 1951،
وبدأ بعدها عبد الحليم حافظ يشق طريقه الى الغناء خاصة بعد أن التقى الملحنَ محمد الموجي فى صافينى مرة، وفي المرة الأولى لمحاولات الغناء رفضه الجمهور وطلبوا منه غناء أغاني عبد الوهاب وصالح عبد الحي أو النزول من على المسرح،
ويحكي عبد الحليم حافظ عن بداياته يقول فيها: كان يوم أول حفلة سأظهر بها على المسرح القومي بكامب شيزار بالإسكندرية صعدت المسرح وكان المعلم صديق متعهد الحفلة، وقفت وركبي مخلخلة وبجواري محمد الموجي يعزف على العود وأحمد فؤاد حسن في الفرقة، وكمال الطويل يجلس في الصف الأول أمامي.. بدأت أغني وأنا أتحاشى نظرات الجمهور غنيت (بتقولي بكرة) وللأسف قابلوني بالتصفير فسكت وكتمت دموعي، لكن التعليقات لم ترحمني، واحد قال (دا انت تصعب على الكافر) والثانية قالت (هوَّ يا ختي ما له هفتان كدا ليه) وفي النهاية طلب مني المتعهد أغني أغاني عبد الوهاب القديمة فرفضت.
حقق عبد الحليم حافظ مشوارا فنيا تعدى ثلاثين عاما، فعمل مع 23 ملحنًا منهم كمال الطويل والموجي وعبد الوهاب وبليغ حمدي ومنير مراد وغيرهم، ومع 42 من كبار كتاب وشعراء الأغنية أشهرهم مرسي جميل عزيز ومحمد حمزة ومأمون الشناوي وحسين السيد وغيرهم.
16 فيلما للسينما
كما قدم عبد الحليم حافظ خلال مشواره الفني 16 فيلمًا غنى فيها 70 أغنية بدأها بفيلم لحن الوفاء مع شادية، ثم أيامنا الحلوة مع فاتن حمامة وعمر الشريف وتوالى ليالي الحب، شارع الحب، الوسادة الخالية، أيام وليالي، موعد غرام، دليلة، بنات اليوم، فتى أحلامي، الخطايا، يوم من عمري، البنات والصيف، حكاية حب، وكان آخرها أبي فوق الشجرة.
ولأن ظهوره كان مرادفا لثورة يوليو عرف عبد الحليم حافظ بمطرب الثورة منذ وقف على خشبة مسرح نادي القوات المسلحة بالزمالك ليقدم أولى أغنياته للثورة عام 1952 بعنوان “ثورتنا المصرية“ التي كتبها مأمون الشناوي ولحنها رؤوف ذهني، وتتابعت أغانيه الوطنية ليلتقي صلاح جاهين وكمال الطويل في أغنية احنا الشعب، ثم عدى النهار، خلي السلاح صاحي، عاش اللي قال، المركبة عدت، ليتحول عبد الحليم حافظ إلى صوت الشعب وصوت الثورة في أكثر من 50 أغنية وطنية.
معاناة المرض والرحيل
وبينما هو في مرحلة صعوده إلى القمة عام 1957 تعرض المطرب عبد الحليم حافظ لأزمة مرضية كان نتيجتها استئصال الطحال في أحد مستشفيات أوروبا، لتتوالى بعد ذلك إصابته بنزيف الكبد، مشوار طويل مع المرض والنجاح رغم الألم والحرمان والمرض حمل نجاحات متكررة، حتى يوم الرحيل في مارس عام 1977 وهو فى السابعة والاربعين من عمره..