رئيس التحرير
عصام كامل

٣ إجابات عن مفهوم الوطن من منظور المهندس يحيى حسين عبد الهادي

المهندس يحيى حسين
المهندس يحيى حسين عبد الهادي، فيتو

نشر المهندس يحيى حسين عبد الهادي، مقالًا اليوم عن مفهوم الوطن، واستشهد في إجاباته بموقفين للمفكرين دكتور أحمد كمال أبو المجد والأديب الراحل جمال الغيطاني، وبعض الشخصيات التي عرفهم عن قرب.


الخلط بين الوطن والسلطة 

قال: "هناك خَلْطٌ واضحٌ لدى البعض بين السُلْطةِ والوطن.سترحلُ هذه السُلْطةُ كما رَحَلَتْ سابقاتها وكما سترحلُ لاحقاتها.. أمَّا الوطن فَبَاقٍ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو الذي يَحزنُ لحاله ويُضَّحِي من أجله المخلصون من أبنائه".

وأضاف: "سَأَلَنِي أَحَدُهُم: نَعرفُ ما هِيَ السُلْطة، ولكن ما هو الوطن؟أَجَبْتُه (في حالة مصر، أُحيلُك إلى إجاباتٍ ثلاث، إحداها لِمُثقفٍ كبيرٍ واثنتين من مصريَيْن "عاديين" بالفطرة دون تسبيب".


موقف أحمد كمال أبو المجد في باريس

استشهد «حسين» ببعض المواقف التي رواها له بعض الشخصيات المقربة منه في إجاباته عن مفهوم الوطن وقال:" الإجابةُ الأولى: سمعتها من المفكر الكبير الدكتور أحمد كمال أبو المجد، كان مبعوثًا للدراسات العليا فى فرنسا منتصفَ الخمسينيات وكان يخطب فى المُصَّلين من كافة الجنسيات بالمركزالإسلامى المصري بباريس عقب كل صلاة جمعة مؤيدًا لثورة الجزائر الوليدة".


 وأضاف:" فوجئ أبو المجد ذات يومٍ باستدعائه إلى بلدية باريس، حيث أخبره أحد مسؤوليها أنهم يتابعون بلاغته الخطابية ويريدونه خطيبًا بمقابلٍ مُغرٍ فى مسجدٍ أنشَأَتْه البلدية ويتبعها شريطة ألا يؤيد(التمرد)، اعتذر بدافعٍ ذاتيٍ عن عدم قبول العرض المُغرى لطالبٍ لا يكاد البدل الذى يتقاضاه يكفيه، بعد أيامٍ جاءه إنذار رسمى بضرورة مغادرة فرنسا خلال ٤٨ ساعة دون إبداء الأسباب، أُسقِط فى يد الطالب وذهب إلى السفارة المصرية كإجراء روتينى لإبلاغهم بقطع البعثة.. وبينما هو يوقع بعض الأوراق في إحدى حجرات السفارة، فوجئ بالموظف يصطحبه ليقابل السفير شخصيًا، حيث طلب منه السفيرُ أن يقص عليه السبب الحقيقي لطرده ولا داعى للكذب لأن الأمر قد قُضى.. قَصَّ عليه أبو المجد ما حدث ومضى إلى حال سبيله"..


 يستكمل المهندس يحيى حسين واقعة الدكتور كمال أبو المجد في باريس ويقول:" بعد يومين ذهب إلى بلدية باريس لإنهاء إجراءات المغادرة ففوجئ بسكرتير ثالث السفارة المصرية الدبلوماسى الشاب أشرف غربال فى انتظاره موفدًا من السفير.. دخل معه إلى مسؤول البلدية وقال له باعتدادٍ (لقد تحققنا من أن هناك تعسفًا فى التعامل مع المبعوث المصرى ونخبركم أنه إذا تم طرده سيتم طرد عشرة من الخبراء الفرنسيين فى مصر، ولن نعيده للقاهرة وسيكمل بعثته على الجانب الآخر من المانش فى إنجلترا، على باب البلدية، وأبو المجد لم يفق بعد من ذهوله، أبلغه الدبلوماسى الشاب أن السفارة المصرية فى لندن ستتولى إجراءات استكمال دراسته فى إنجلترا، وسَلَّمَه تذكرةَ القطار إلى بروكسل ثم السفينة إلى بريطانيا(لم يكن نفق المانش قد أُنشئ).. فانفجر كمال أبو المجد باكيًا متأثرًا وقال (لستُ بحاجةٍ إلى تذاكر أونقود.. يكفينى أننى أنتمى لهذا الوطن العظيم)..


 

الوطن العظيم بالمفهوم المصري 

يقول  «عبد الهادي» أن  هذا الوطن العظيم فى نظر الطالب المصرى لم يكن قد أصبح عظيمًا بالمقاييس الدولية، لم يكن قد تَطَّهر من آخر جنود الاحتلال الإنجليزى بعد ولا استرد قناته ولا بنى مصانعه، بل لم يكن جيشه يزيد على عدة كتائب مشاة، ولكنه أشعر المبعوث الشاب بالانتماء إلى حضنٍ يحنو على أبنائه ويعتز بهم ويَزِنُ الواحد منهم بعشرةٍ من الفرنسيين، فتحقق الانتماءُ الذى يُفَّجِر الطاقات.


عويس شهيد السويس 

يستلهم  يحيى حسين، مفهومًا آخر عن الوطن من خلال واقعة  سمعها من  الأديب الراحل جمال الغيطاني ويقول:" الإجابة الثانية: سمعتها من الأديب الكبير جمال الغيطانى.. وقد كان مراسلًا حربيًا أثناء حرب الاستنزاف.. كان عويس (على ما أذكر) شابًا على مشارف العشرين من عمره يعيش فى السويس التى أتاها قبل سنواتٍ طفلًا فى السابعة مع بعض أقاربه الصعايدة بحثًا عن الرزق، بعد النكسة بقى عويس فى السويس مع قليلين ممن لم يتم تهجيرهم، ظلّ فى السويس يعيش على قروشٍ قليلةٍ حصيلة شرائه لكميةٍ من الجرجير والليمون من المزارع المحيطة بالسويس ثم بيعها للجنود الذاهبين إلى وحداتهم".
 

ويضيف:"كان قد انضم لعناصر المقاومة التى تعبر القناة من آنٍ لآخر تحت إشراف المخابرات المصرية، فى أحد الأيام فاجأه قائده بأن يستعد لتنفيذ مهمة، تململ عويس، إذ لم يكن قد باع حصة اليوم، فقال له الكابتن غزالى بحسم (عليك أن تختار بين قروش الجرجير وبين الوطن) دون ترددٍ اختار الوطن وذهب معهم واستُشهد".


 وتابع:"عويس الذى لم يُعطه الوطن أُسرةً ولا تعليمًا ولا مالًا، ولكن أعطاه الإحساس بالحضن الكبير والهدف النبيل، فاختار الوطن دون أن يشغل نفسه بالكلام الكبير عن تعريف الوطن والانتماء".


والدة مجدي المسيحي وارتباطها بالوطن 

وعن الإجابة الثالثة حكاها له في محبسه المهندس مجدي المسيحي، يقول:"كان إخوته المقيمون في أمريكا يستضيفون أُمَّهُم عندهم منذ سنواتٍ بعيدةٍ.. فَلَّمَا استشعرتْ أُمُّ مجدي الصعيدية الأُمِّيَة قُرْبَ النهاية، أَلَّحَتْ على أبنائها وأحفادها أن يتركوها تعود إلى مصر، فلما سألوها مستنكرين (تَعودين لِمَنْ؟ فلا أحد من أبنائك هناك) لَخَّصَت الأمرَ دون فذلكة أو تعقيد: (التراب اللي "..." فيه وأنا صغيرة "كلمة عامية تعني قضاء الحاجة"، هو نفس التراب اللي يلِّم عضمي لما أموت)، قالتها ولَم تكن بالقطع قد قَرَأَتْ قَوْلَ جابرييل جارسيا ماركيز (لا ينتسب الإنسان إلى أرضٍ لا مَوْتَى له تحت ترابها).

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
 

 

الجريدة الرسمية