رئيس التحرير
عصام كامل

الإصرار على الكفر، تفسير محمد سيد طنطاوي للآية 137 بسورة النساء

الشيخ محمد سيد طنطاوي،
الشيخ محمد سيد طنطاوي، فيتو

سورة النساء، تحدث الشيخ محمد سيد طنطاوي في تفسيره لسورة النساء عن القوم الذين يؤمنون ويرتدون عن إيمانهم، كما ذكر اختلاف العلماء في تأويل هذه الآية.

سورة النساء الآية 137

قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا».

سورة النساء الآية 137

تفسير الشيخ محمد سيد طنطاوي للآية 137 من سورة النساء

قال الشيخ محمد سيد طنطاوي: قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا للمفسرين في تأويل هذه الآية وجوه: أولها: أن المراد بهم قوم تكرر منهم الارتداد، وأصروا على الكفر، وازدادوا تماديا في البغي والضلال، وقد صدر الفخر الرازي تفسيره لهذه الآية بهذا المعنى فقال: المراد بهم الذين يتكرر منهم الكفر بعد الإيمان مرات وكرات، فإن ذلك يدل على أنه لا وقع للإيمان في قلوبهم، إذ لو كان للإيمان وقع في قلوبهم لما تركوه لأدنى سبب ومن لا يكون للإيمان وقع في قلبه فالظاهر أنه لا يؤمن بالله إيمانا صحيحا معتبرا. 

الاستبعاد والاستغراب

وتابع الشيخ طنطاوي: فهذا هو المراد بقوله: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ. وليس المراد أنه لو أتى بالإيمان الصحيح لم يكن معتبرا، بل المراد منه الاستبعاد والاستغراب على الوجه الذي ذكرناه، وقال الإمام ابن كثير: يخبر- تعالى- عمن دخل في الإيمان ثم رجع عنه ثم عاد فيه ثم رجع واستمر على ضلاله، وازداد حتى مات، فإنه لا توبة بعد موته ولا يغفر الله له «ولا يجعل له مما هو فيه فرجا ولا مخرجا ولا طريقا إلى الهدى، ولهذا قال: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا. وقد قال ابن عباس في قوله: ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا: تمادوا في كفرهم حتى ماتوا».

الشيخ محمد سيد طنطاوي، فيتو

أهل الكتاب

وأضاف الشيخ طنطاوي: وثانيها: أن المراد بهم أهل الكتاب. وقد رجح هذا الاتجاه ابن جرير فقال: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: عنى بذلك أهل الكتاب الذين أقروا بحكم التوراة، ثم أقر من أقر منهم بعيسى والإنجيل، ثم كذب به بخلافه إياه، ثم كذب بمحمد صلى الله عليه وسلم والفرقان، فازداد بتكذيبه كفرا على كفره، وثالثها: أن المراد بهم طائفة من اليهود كانوا يظهرون الإسلام تارة ثم يرجعون عنه إلى يهوديتهم لتشكيك المسلمين في دينهم وذلك معنى قوله: وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، ورابعها: أن المراد بهم المنافقون. فالإيمان الأول وإظهارهم الإسلام. وكفرهم بعد ذلك هو نفاقهم وكون باطنهم على خلاف ظاهرهم. والإيمان الثاني هو أنهم كلما لقوا جمعا من المسلمين قالوا: إنا مؤمنون. والكفر الثاني هو أنهم إذا خلوا إلى إخوانهم في النفاق قالوا لهم إنا معكم. وازديادهم في الكفر هو جدهم واجتهادهم في استخراج أنواع المكر والكيد في حق المسلمين.

أصح الآراء 

وأكمل طنطاوي: والذي نراه أولى من بين هذه الأقوال القول الأول، لأن ألفاظ الآية عامة ولم تخصص قوما دون قوم، فكل من تكرر منهم الارتداد واستمروا في ضلالهم حتى ماتوا ينطبق عليهم الوعيد الذي بينته الآية الكريمة، سواء كان أولئك الذين حدث منهم هذا الارتداد المتكرر من المنافقين أم من غيرهم، والمعنى: إن الذين آمنوا بدين الإسلام ثم رجعوا عنه إلى ما كانوا عليه من ضلال، ثم آمنوا ثم كفروا مرة أخرى، ثم ازدادوا كفرا على كفرهم بأن استمروا فيه حتى ماتوا... هؤلاء الذين فعلوا ذلك لم يكن الله ليغفر لهم، لتماديهم في الكفر وإصرارهم عليه حتى ماتوا، ولم يكن- سبحانه- ليهديهم سبيلا مستقيما، لأنهم هم الذين استحبوا العمى على الهدى، وهم الذين كانوا إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا.

الشيخ محمد سيد طنطاوي، فيتو

نفى المغفرة والهداية

واختتم طنطاوي: قال الآلوسى: والقول المشهور الذي عليه الجمهور أن المراد من نفى المغفرة والهداية، نفى ما يقتضيهما وهو الإيمان الخالص الثابت، ومعنى نفيه: استبعاد وقوعه، فإن من تكرر منهم الارتداد وازدياد الكفر والإصرار عليه صاروا بحيث قد ضربت قلوبهم بالكفر، وصار الإيمان عندهم أدون شيء وأهونه، فلا يكادون يقربون منه قيد شبر ليتأهلوا للمغفرة وهداية سبيل الجنة، لا أنهم لو أخلصوا الإيمان لم يقبل منهم ولم يغفر لهم، ثم قالوا: وخبر كان في أمثال هذا الموضع محذوف وبه تتعلق اللام أي: ما كان الله مريدا للغفران لهم. ونفى إرادة الفعل أبلغ من نفيه.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدا مستمرا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. 

الجريدة الرسمية