رئيس التحرير
عصام كامل

أكاذيب الحكومة.. رفعت سعر الرغيف بشكل غير مباشر في السنوات الماضية.. تفرض كل أنواع الضرائب.. وتخطط لرفع دعم السلع والخدمات

رغيف الخبز المدعم،
رغيف الخبز المدعم، فيتو

حياة صعبة ومرهقة، ضغوط لا تنتهى يعانى منها المصريون جميعا ولاسيما الفقراء ومحدودو الدخل، بجانب الطبقة التى سحقت عن آخرها ـ  وهى الطبقة المتوسطة ـ بسبب قرارات غريبة وغير مدروسة للحكومة، التى لا تعرف وهى تقرر كيف تراعى البعد السياسى والاجتماعى، وانعكاسات قراراتها على أحوال المصريين وقدرتهم على التحمل.

ووفق القرارات الأخيرة للحكومة، بدأ مع يوم 1 يونيو الحالى رفع أسعار الرغيف المدعم بنسبة 300%، من 5 قروش فقط، الثمن التاريخى لرغيف العيش المصرى، وهو سعر ثابت منذ عقود، إلى 20 قرشًا للرغيف. ومع أن رفع سعر رغيف العيش يمكن الحديث فيه طويلا خاصة مع ثباته منذ عقود، ولكن رفع الأسعار فى كل شيء تقريبا بنسب جزافية أمر يمس حياة 70 مليون مواطن، الشريحة الضخمة التى تحصل على الخبز المدعم من إجمالى 106.3 مليون مواطن وفق الإحصائيات السكانية الأخيرة، مما يعنى أن ثُلثى الشعب المصرى يتعرضون لمخاطر كارثية بسبب هذه القرارات التى لايعرف أحد متى درست.. وعلى أى أسس.. ومتى تنتهى وكيف! ـ أن العيش ركيزة الحياة فى البلاد، إذ يعتبر السند الأساسى للأسر البسيطة، ويشكل مصدرًا مهما لهم للحصول على السعرات الحرارية اللازمة للبقاء والقدرة على العمل، وبدونه سيفقدون القدرة على مواصلة العمل أو القيام بأى دور بسبب افتقادهم القدرة الشرائية على جلب لحوم أو خضراوات وفواكه مكلفة ماديا وفوق قدراتهم.

والسؤال الذى يطرح نفسه على الساحة: ما الذى ستخسره مصر من هذه القرارات التى تفتقد أى بعد اجتماعى وإنسانى؟

تعيش مصر منذ سنوات على وقع ظروف اقتصادية صعبة، بعضها بسبب الأحوال المحلية والأزمات الصعبة التى يعيشها العالم أو المنطقة، بداية من أزمة فيروس كورونا مرورا بحرب روسيا وأوكرانيا وليس انتهاء بحرب غزة وأزمة ارتفاع معدلات التضخم عالميا وما لا تقوله الحكومة الحالية أن هذه الأزمات لا تخص مصر وحدها، لكن البلد الأقدم فى التاريخ هو الأكثر معاناة، بما يحمل الحكومة المصرية وليس العالم أجمع، المسئولية عما يحدث للمواطن من صعوبات لم يعد قادرًا على تحملها.

ويعانى المصريون بشكل عام من صعوبة الوصول إلى السلع بأسعار مناسبة، إذ ارتفعت الأسعار ولا تزال بشكل جنونى، ولكن «العيش» على وجه خاص يعتبره المصريون باللغة الدارجة المصرية “كوم تانى”.

وبسبب خصوصية رغيف العيش، كان جزءًا أساسيا فى معظم الأزمات الاجتماعية التى عرفتها مصر، على رأسها انتفاضة الخبز عام 1977 التى اندلعت ردًا على محاولة الرئيس الأسبق محمد أنور السادات رفع دعم الخبز، وإثر ذلك غضب المصريون وخرجوا للشوارع مما أجبر السادات على التراجع عن قراراته، نهاية بالاحتجاج ضد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بسبب تردى الحياة والظروف والمعاناة التى طالت الغالبية العظمى من المصيريين، وكان «العيش» على رأس المطالب التى خرج بها المصريون رغبة فى الإصلاح قبل أن تتحول كرة الثلج إلى مطالب أخرى يعانى الوطن من تبعياتها حتى الآن.

وخلال الأيام الماضية، قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة لم ترفع سعر رغيف العيش على مدى الثلاثين عاما الماضية، وهذا كلام غير صحيح؛ لأن سعر رغيف الخبز البلدى المدعم لم يرتفع بشكل مباشر منذ عام 1988، لكنه ارتفع أكثر من مرة بشكل غير مباشر عن طريق إنقاص وزنه، فقد انخفض وزن المعادلات الرغيف المدعم الماو من 150 جرامًا إلى 130 جرامًا فى بداية التسعينيات، بنسبة استقطاع 13% من وزنه، كما خفضت الحكومة وزن الرغيف من 130 جرامًا إلى 120 جرامًا فى عام 2014، ثم عادت لتُخفضه عام 2016 إلى 110 جرامًا، وفى عام 2020 خفضته مجددًا إلى 90 جرامًا فقط، لتصل نسبة تخفيض وزن الرغيف بين عامى 2014 و2020 إلى 31%، بحسب بيانات وزارةالتموين، وقد أدى هذا إلى انخفاض حصة المواطن اليومية من الخبز المدعم، خلال آخر 10 سنوات، من 650 جرامًا إلى 450 جرامًا.

كما صرح د. على مصيلحي، وزير التموين، بأن مستفيدى العيش الحقيقيين ليس لهم دعوة لا بالبنزين ولا بارتفاع الكهرباء لأنهم فى الشرائح الدنيا ومعندهمش عربيات وبالتالى لن يتأثروا، وهو كلام غير صحيح؛ حيث تؤثر قرارات رفع أسعار الوقود على جميع من يستخدمون المواصلات العامة التى ترتفع تكلفتها مع كل زيادة فى أسعار الوقود، كما تنعكس الزيادة على أسعار الغذاء والسلع التى ترتفع نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج والنقل للأسواق.

كما يؤثر ارتفاع أسعار الكهرباء على محدودى الدخل، رغم أنهم فى الشرائح الدنيا من الاستهلاك، وهذا لأن قرارات زيادة تعريفة استهلاك الكهرباء لا تستثنى هذه الشرائح.

ضمن أكثر الخطايا التى تؤخذ على الحكومة الحالية وكان يمكن لو نجحت فى إدارتها أن تتفادى رفع سعر رغيف الخبز الآن أزمتها مع مزارعى القمح، إذ فشلت فى التفاوض على سعر عادل لشراء القمح المحلى، مقارنة بما يمكن أن يحصل عليه المزارعون إذا باعوا للمشترين من القطاع الخاص.

وبدلا من توسيع مساحة الفرص واللجوء للمختصين والسياسات العلمية فى حل الأزمة مع المزارعين، لجأت الحكومة إلى وضع قيود على تجارة القمح، كما أصدرت وزارة التموين قرارات تلزم المزارعين بتوريد ما لا يقل عن 60% من محاصيلهم إلى الحكومة، وألقت القبض بالفعل على عدد منهم لم يلتزم بالقرارات، لكن فى النهاية نظام السوق فرض نفسه ولم تسهم هذه القرارات إلا فى المزيد من الصعوبات على الجميع.

ومع تصاعد الأزمة واتضاح فشل الحكومة فى توقع النتائج، لجأت إلى سياسة المسكنات التى تدمنها، تارة تخفض حجم أرغفة الخبز المدعومة، وتارة ترغب فى منع استخدام القمح فى إنتاج الحلويات بالمخابز أو كعلف للحيوانات، ومع ذلك لم يرتفع حجم المعروض فى السوق بما ينعكس على تخفيض الأسعار واستمرت الأزمة قائمة.

ويظهر فى الخلفية أيضًا صندوق النقد، إذ لا يمكن تجاهل شروطه التى تعادى الدعم فى المطلق، فالصندوق المؤسس على ثقافة غربية تكره دعم البسطاء وتفضل تركهم فى متاهة الحياة بمفردهم على أمل النجاة دون تحميل الدول والحكومات أعباء مساندتهم، تضع شروطا ملزمة للاستمرار فى دعم الحكومة المصرية بالقروض.

وبالفعل التزمت الحكومة باقتطاع نسب كبيرة من دعم الوقود والكهرباء فى السنوات الأخيرة تلبية للشروط التى فرضها صندوق النقد الدولى الذى اقترضت مصر منه على نطاق واسع فى السنوات الأخيرة.

وبالتبعية وكان طبيعيا وفق نفس السياسة والالتزام تجاه الصندوق أن يجرى البنك المركزى تخفيضات متتالية فى قيمة العملة الوطنية من أجل تلبية شروط صندوق النقد للحصول على قروض جديدة، مما أدى إلى انخفاض حاد فى قيمة مدخرات المواطن وزاد من معاناة الطبقة والوسطى، وأدى إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل جنونى مما أسهم أكثر فى سحق الغالبية تحت وطأة الضغوط التى لا تنتهى.

حصلت الحكومة من المواطن المصرى طوال السنوات الماضية، على كل أشكال الضرائب المعروفة فى العالم أجمع، حدث ذلك تحديدا منذ عام 2016 مرورا بالسنوات اللاحقة، لكن فى المقابل لم تعطه الحكومة شيئا ملموسا فى النهاية، بل أثبت الواقع أن الإفراط فى الضرائب يضر بشكل كبير بالغالبية العظمى من المصريين، ولم تفلح هذه السياسة حتى الآن فى إصلاح الواقع وتغيير الأوضاع للأفضل.

بل العكس هو ما يحدث، مزيد من الضغوط والصعوبات المدمرة، وكأن الوطن انزلق إلى هوة سحيقة، الخروج منها مشروط بتغيير هذه الحكومة، وتعيين آخرين لديهم حس اجتماعى وسياسى، ويملكون المهارة الاقتصادية المطلوبة للخروج من الأزمة التى تتزايد كل يوم، ويحذر منها كل من يخاف على هذا الوطن من الوقوع فى شباك أزمات قد تدمر الأخضر واليابس.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية