رئيس التحرير
عصام كامل

جودة عبد الخالق: رفع سعر العيش المدعم لن يعالج عجز الموازنة.. وتحويل دعمه لنقدي طامة كبرى.. والحكومة تحمل الفقراء تكاليف ما يسمى بالإصلاح ( حوار )

خلال الحوار - فيتو
خلال الحوار - فيتو


>> اختزال المشكلة فى سعر الرغيف خطأ كبير وكل ما سيوفره الرفع 50 مليار جنيه سنويا
>> تحويل دعم الخبز من عيني إلى نقدى سينطوى على خطر شديد بالنسبة للأمن الغذائى للمواطنين
>> مشروع الموازنة لم يراعِ مصالح الشعب ولم يحافظ على استقلال الوطن
>> خلط القمح بالذرة فى إنتاج الخبز المدعم سيخفض التكاليف
>> مصانع السيارات تحصل على مميزات طائلة ويجب زيادة الضرائب عليها 
>> يجب تحصيل ضرائب على التعامل فى البورصة وعلى الشركات العقارية 
>> هذه هى البدائل بعيدًا عن التحيز الاجتماعى للأغنياء ضد الفقراء
>> يجب التوقف عن إنشاء المخابز فى القرى

 

أثار قرار حكومة الدكتور مصطفى مدبولي بتحريك أسعار رغيف الخبز المدعوم الذى كان يباع بسعر خمسة قروش إلى ٢٠ قرشا حالة من التساؤلات حول مبررات هذا القرار، خاصة أن مصر بها ٢٣ مليونا و١٧٩ ألفا و١٥٨ بطاقة خبز، يستفيد منها ما يقرب من ٧١ مليونا و٤٧٩ ألفا و٨٥٩ مواطنا، وفقًا لوزير التموين الأسبق الدكتور جودة عبد الخالق أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة.

"جودة" كشف لـ”فيتو” مشكلات تحريك سعر رغيف الخبر وأزمات المنظومة، والحلول الممكنة للتعامل معها، مؤكدا أن هناك بدائل عديدة لخفض العجز بعيدا عن غذاء البسطاء، 

وأكد إن رفع سعر العيش المدعم لن يعالج عجز الموازنة  .. واعتبر إن تحويل دعمه لنقدي طامة كبرى.. قائلا في حوار لـ "فيتو" الحكومة تحمل الفقراء تكاليف الإصلاح، وإلى تفاصيل الحوار: 

*فى البداية، ما هو تعليقك على الموازنة العامة للدولة التى قدمتها الحكومة لعام 2024/2025؟

مشروع الموازنة العامة الذى قدمه لنا وزير المالية لم يراعِ مصالح الشعب ولم يحافظ على استقلال الوطن، فمشروع موازنة 2024-2025 يعكس تفكيرا ينطوى على مغامرة اقتصادية، بعد أن قررت الحكومة تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة للحصول على قروض من جهات أجنبية، وحملت الطبقات الفقيرة تكاليف ما يسمى بالإصلاح.

والآن وفى أعقاب الاتفاق الأخير مع صندوق النقد الدولى، الذى تم فى أوائل مارس الماضى، كان طبيعيا ترجمة الشروط التى وضعها الصندوق لتوقيع الاتفاق، وفى مقدمتها المزيد من الاستدانة، وسبق أن أوضحت فى يونيو 2022 أن تجربة مصر توضح أننا نلجأ إلى مؤسسات بريتون وودز للحصول على تمويل بشكل متكرر.

وتضيق الأمور ثم تنفرج ثم تضيق.. إلخ، ولكن الشيء الثابت الوحيد هو استمرار تدهور قيمة الجنيه المصرى، وبالتالى اتساع الفقر بسبب اتباع سياسات اقتصادية خاطئة.

*كيف ترى توجه الدولة نحو تحريك سعر رغيف الخبز المدعم؟

يجب أن نتحدث فى البداية عن تحريك أسعار الخبز المدعم من عدة وجوه، الأول: يأتى فى إطار عجز الموازنة العامة، والثانى رغبة الحكومة فى تخفيض هذا العجز واستهداف إصلاح منظومة الدعم وترشيد الاستهلاك، وفى هذا السياق يتم تحديث بيانات مستحقى الدعم من عينى إلى نقدى وتنمية بطاقات التموين، والسبب الثالث أن الحكومة عقدت اتفاق مساندة مع صندوق النقد فى أغسطس٢٠٢٠.

وهذه الاتفاقيات يقابلها التزامات من الحكومة أهمها اتخاذ إجراءات لتخفيض العجز فى الموازنة، لكن علاج عجز الموازنة لا يكون عن طريق رفع سعر الخبز المدعم، لأن كل ما سيوفره لن يزيد على 50 مليار جنيه سنويًّا، أضف إلى ذلك أن تحريك سعر رغيف الخبز المدعم بدعوى أن تكلفته مرتفعة يجعلنى أقول باعتبارى وزير تموين سابق: إذا كانت التكلفة ٦٠ قرشا والتى تتجاوز الآن 120 قرشا ويباع الرغيف بـ٥ قروش، إذن نحن نتكلم فى نسبة ١: ١٢، ومهما كانت الزيادة فلن تصل إلى حد التكلفة، وهنا يجب أن نكون منصفين فى أن الحكومة ورثت مشكلة تجميد سعر الرغيف طوال ٣٠ عاما، وفى كل الأحوال فإن زيادة سعر الخبز له آثاره على المواطن خاصة محدود الدخل والاستقرار الاجتماعى أيضًا.

وبالتالى الإجراء الذى يؤثر على الأسرة المصرية، يحتاج إلى نوع من التقدير السياسى لأن اختزال المشكلة فى سعر رغيف الخبز خطأ كبير، خاصة أن الكهرباء والمياه شهدت نفس الأمر.

*وهل تعتقد أن تجميد سعر رغيف الخبز طوال 30 عاما كان الأساس فى هذه الأزمة؟

بالتأكيد تجميد سعر رغيف الخبز المدعم كان خطأ فادحا لأنه يرحل المشكلة للحكومات القادمة ولابد من التوقف عن إنشاء المخابز فى القرى لأن هذا جعلهم يعتمدون على الخبز المدعم، وأخيرا يجب إعادة تطبيق خلط القمح بالذرة فى إنتاج الخبز المدعم، وهذا له مردود اقتصادى فى خفض التكاليف، وهذه رؤية سرت عليها وقت أن كنتُ وزيرا للتموين فى ٢٠١١، حيث عملتُ على إصلاح منظومة الخبز من خلال قيام هيئة السلع التموينية بتأمين القمح من الداخل عن طريق الفلاحين.

*وهل توجد بدائل لتحريك سعر رغيف الخبز المدعم لخفض عجز الموازنة؟

هناك العديد من البدائل كما سبق أن ذكرت عن طريق زيادة الضرائب على مصانع السيارات التي تحصل على مميزات طائلة، بالإضافة إلى تحصيل ضرائب على التعامل فى البورصة، فضلا عن الشركات العقارية التى لا تتعامل فى النشاط، ولا تسدد ضرائب، والحكومة فى نفس الوقت توفر لها الحماية من أى انهيار من خلال مبادرة البنك المركزى للتمويل العقارى، وهذه كلها بدائل بعيدًا عن التحيز الاجتماعى للأغنياء ضد الفقراء.

*وهل التحول من الدعم العينى إلى الدعم النقدى يحل المشكلة؟

جميع السلع تحولت بالفعل من دعم عينى إلى نقدى، ولم تعد هناك سلعة تحصل على دعم عينى سوى الخبز، وإذا كان هذا هو المقصود سيكون ذلك طامة كبرى، لأن ذلك يعنى تحويل الخبز لأول مرة فى تاريخ مصر منذ أربعينيات القرن الماضى إلى سلعة تتداول بسعر تحدده السوق الحرة، وبما أن الحكومة أثبتت عجزها عن ضبط الأسعار والسيطرة عليها وهو ما شهدناه فى الشهور الأخيرة، سينطوى ذلك على خطر شديد بالنسبة للأمن الغذائى للمواطنين، نظرا لأن الخبز يعد من أهم السلع الغذائية للمصريين.

وبالنسبة لسؤالك، نعم تحويل الدعم العينى إلى نقدى يضر المواطنين ويفيد الحكومة والتجار، الموازنة ستتأثر إيجابا بتحويل الدعم إلى نقدى مع ثبات العوامل الأخرى، من تقليل الإنفاق وتحقيق وفر واضح، لكن إذا وجهت الحكومة الإنفاق إلى مجالات أخرى لن يكون هناك أى استفادة كما أن تخفيض الدعم سيرفع معدلات التضخم بشكل كبير، وسلة السلع الغذائية وفى صدارتها الخبز تمثل نسبة كبيرة من معدلات التضخم.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو" 

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
 

الجريدة الرسمية