أسرار «صفقة بايدن» لوقف العدوان على غزة.. خبراء: محاولة لإنقاذ إسرائيل وإبعادها عن شبح القائمة السوداء للأمم المتحدة والنبذ الدولى
صفقة إنقاذ من الهلاك وليس مبادرة لإنهاء الحرب والحفاظ على المدنيين، هكذا انتهى العجوز الأمريكى من هندسة ردم وحل غزة، بعد 8 أشهر من العدوان الإسرائيلى وفى ظل ترقب العالم تحرك الأمم المتحدة بشأن وضع دولة الاحتلال فى قائمتها السوداء بسبب انتهاكاتها واعتداءاتها بحق المدنيين العزل والنساء والأطفال داخل القطاع.
وتضمن مقترح بايدن ثلاثة مراحل تشمل الوقف الكامل لإطلاق النار فى غزة لمدة ٦ أسابيع، وعودة الفلسطينيين إلى منازلهم، ثم انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع وإجراء عمليات تبادل للأسرى ثم البدء فى عمليات الإعمار.
وذكرت العديد من التقارير الإعلامية، أن حكومة تل أبيب تتخوف من أن تقوم منظمة الأمم المتحدة بإضافة إسرائيل إلى “القائمة السوداء للدول التى تقتل الأطفال”، أو ما بات يعرف إعلاميا بـ”قائمة العار”.
وتصدر قائمة الأمم المتحدة بشكل سنوى، وتركز على الانتهاكات بحق الأطفال فى النزاعات المسلحة على مستوى العالم، بما يشمل قتلهم أو استغلالهم جنسيا، إضافة إلى مهاجمة المنشآت التعليمية والصحية.
وفى حال إدراج الاحتلال بالقائمة سيكون القرار الأممى سارى المفعول لمدة أربع سنوات، ومن سيتخذه بشكل نهائى هو الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش.
من جانبه، قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إنه حتى الآن لم يصدر أى قرار أممى ضد دولة الاحتلال باستثناء أوامر محكمة العدل الدولية بشأن وقف الحرب على رفح، لافتا إلى أن هناك حديثا يدور داخل أروقة الأمم المتحدة بوجود تفكير جدى لإضافة إسرائيل على قائمتها السوداء للدول.
وأشار الرقب إلى أنه فى حال إدراج دولة الاحتلال فى القائمة سيكون للقرار تداعيات خطيرة على تل أبيب، لذلك تسعى حاليا بشكل كبير لعدم الوصول إلى هذه المرحلة، مضيفا: “إذا صدر القرار ستصبح إسرائيل دولة منبوذة فى العالم، بصفتها دولة ترتكب حروب الإبادة الجماعية والمجازر بحق المدنيين والنساء والأطفال، وسنطالب كمجموعة عربية لاحقا بطرد دولة الاحتلال من الأمم المتحدة، وهذا سيكون إجراء طبيعيا بعد ضمها للقائمة”.
واستطرد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس: “أى حديث قبل اتخاذ القرار يعد سابقا لأوانه، فمنذ أسابيع نسمع عن إصدار مذكرات اعتقال بحق قادة الاحتلال ولكننا لم نر ذلك حتى الآن على أرض الواقع”، مشددا على أن قرار ضم تل أبيب إلى قائمة الأمم المتحدة السوداء فى حال صدوره سيمثل أزمة كبيرة بالنسبة للاحتلال.
وتابع الرقب: “ضم إسرائيل إلى قائمة الأمم المتحدة السوداء لن يحتاج إلى قرار مجلس الأمن الدولى، بل يحتاج فقط إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وسيكون هذا كافيا لاعتبار تل أبيب منبوذة ويمكن طردها من الأمم المتحدة”، كاشفا عن أن هناك مخاوف شديدة لدى قادة دولة الاحتلال من الوصول إلى هذه المرحلة.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس: “تركيبة المجتمع الدولى الحالى ظالمة، وصاحب القرار هو القوى.. لكننا نراهن على المدى البعيد، وقد يحدث تغييرا وتتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة ترتكب حروب الإبادة والمجازر”، لافتا إلى أن وصول تل أبيب إلى مرحلة دخول القوائم الدولية السوداء ستسهم فى تغيير طريقة التعامل معها من قبل البلدان المختلفة، وستكون مشكلة لأغلب شعوب العالم، ما سيعيد للذاكرة ما كان يمارسه اليهود قبل الحرب العالمية الثانية، وكيف كانوا منبوذين فى نهاية العصور الوسطى، وستصبح دولة الاحتلال بمجملها همًّا كبيرًا على العالم.
واختتم الرقب حديثه: “إذا وصلنا لهذه المرحلة ستلزم الولايات المتحدة دولة الاحتلال بحل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وبدون الاعتراف بفلسطين سيظل هذا الصراع مستمرا، وسيزيد نبذ ورفض إسرائيل على المدى البعيد من كل شعوب العالم”.
بدوره، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن دخول قوائم الدول السوداء يكون لتلك البلدان المدانة بالآتى: (الإبادة الجماعية - ارتكاب جرائم حرب - ارتكاب جرائم ضد الإنسانية - ارتكاب جرائم ضد القانون الدولى - ممارسة التهجير القسرى - ممارسة التجويع)، كاشفا عن أن تل أبيب متهمة بكل هذه الجرائم.
كما أشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن هناك قوانين للحروب تنص وتفرض عدم المساس والتعرض للمنشآت المدنية مثل المستشفيات ومرافق المياه والكهرباء، مشددا على أن إسرائيل لم تحترم هذه القوانين.
وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق: “الدول التى تدخل قوائم الأمم المتحدة السوداء، من الجائز بل من الواجب توقيع عقوبات عليها ومطاردة قادتها”، مضيفا: “هناك نوعان من العقوبات، الأول فردى أو من قبل مجموعة من الدول مثلما يحدث حاليا مع إيران، أما النوع الثانى فقد تواجهه تل أبيب حال صدور قرار بضمها لقائمة الأمم المتحدة السوداء، وهى العقوبات الدولية، ما يعنى مشاركة جميع الدول الأعضاء بمنظمة الأمم المتحدة فى فرض كافة أنواع العقوبات عليها.
وتابع رخا حسن: “إسرائيل تتخوف من ضمها لقائمة الأمم المتحدة السوداء لأنها تخشى العزلة حال صدور القرار، كما أن الاحتلال متهم أمام محكمة العدل الدولية، وصدرت قرارات لوقف الحرب فى غزة ورفح ولم تلتزم تل أبيب، كما أن هناك تحركات لمحاكمة قادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية”.
لذلك فإسرائيل تعد من المؤسسين الأساسيين للاتفاقية بسبب مذبحة الهولوكوست وإدانتها بالتورط فى حرب إبادة جماعية يعد ضربة قوية للغاية للكيان الصهيوني.
وشدد رخا حسن على أن إسرائيل لن تكون كما كانت قبل السابع من أكتوبر 2023 بعد انتهاء العدوان على غزة، سواء على المستوى الداخلى أو الإقليمى أو الدولى، لافتا إلى أن الولايات المتحدة وقادة الاحتلال يشعرون بالقلق نظرا إلى أن الكيان الصهيونى لم يتجه للعزلة خلال أى فترة من تاريخه الهش مثلما يحدث الآن، مضيفا:
“إسرائيل أصبحت دولة منبوذة بالفعل، لم يعد أحد يتحدث عن التطبيع مع دولة الاحتلال.. وهناك تغير جذرى فى النظرة للقضية الفلسطينية”.