القدوة الحسنة في الإسلام ونماذج إنسانية لها
القدوة الحسنة؛ فقد عُرفت بأنها" إحداث تغيير في سلوك الفرد في الاتجاه المرغوب فيه، عن طريق القدوة الصالحة؛ وذلك بأن يتخذ شخصًا أو أكثر يتحقق فيهم الصلاح: ليتشبه به، ويصبح ما يطلب من السلوك المثالي أمرا واقعيا ممكن التطبيق ".
القدوة الحسنة في الإسلام
القدوة من المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم، وقد ساق الله تعالى الكثير من سير الأنبياء والصالحين وأمر بالاقتداء بهم، مصداقا لقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ .
وتشتد الحاجة إلى القدوة الحسنة كلما بعد الناس عن الالتزام بقيم الإسلام وأخلاقه وأحكامه، كما أن الله – عز وجل – حذر من مخالفة القول الفعل الذي ينفي كون الإنسان قدوة بين الناس، فقال: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لِمَ تَقولونَ ما لا تَفعَلونَ كَبُرَ مَقتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقولوا ما لا تَفعَلونَ﴾ [الصف: ٢-٣].
القدوة عنصر مهم في كل مجتمع، فمهما كان أفراده صالحين، فهم في أمس الحاجة للاقتداء بالنماذج الحية، كيف لا وقد أمر الله نبيه، صلى الله عليه وسلم بالاقتداء، فقال: ﴿أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه قُل لا أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجرًا إِن هُوَ إِلّا ذِكرى لِلعالَمينَ﴾ [الأنعام: ٩٠].
القدوة في الشريعة الإسلامية
دين الإسلام دين القدوة، وأصحاب الهمم العالية هم الذين يسعون ليكونوا قدوة حسنة، وأعظم قدوة في الإسلام هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام – وعلى رأسهم نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم، ولذلك جعله الله لنا أسوة وقدوة، بل وأمرنا بذلك، فقال: ﴿لَقَد كانَ لَكُم في رَسولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كانَ يَرجُو اللَّهَ وَاليَومَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١].
يقول ابن عاشور في تفسير هذه الآية: " في الآية دلالة على فضل الاقتداء بالنبي – صلى الله عليه وسلم، وأنه الأسوة الحسنة لا محالة ".
وقال ابن كثير: " هذه الآية أصل كبير في التأسي برسول الله، صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله".
قال سبحانه وتعالى في سورة الأنعام بعد أن ذكر ثمانية عشر نبيا: ﴿أُولئِكَ الَّذينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقتَدِه....﴾ [الأنعام: ٩٠]
نموذج إنساني حي للقدوة الحسنة
فالقدوة الحسنة نموذج إنساني حيٌّ، يعيش ممثِّلًا ومُطبِّقًا لذلك المنهج الرباني الذي جاء به القرآن، ومن هؤلاء القدوة إبراهيم – عليه السلام – لأن الله – عزَّ وجل – امتدَحه وأثنى عليه في هذه الصفة، فكان قدوة يُقتدى به؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124]، قال الجزائري: "إمامًا: قدوة صالحة يُقتدى به في الخير والكمال".
وقال ابن كثير: "فقام بجميع الأوامر وترَك جميع النواهي، وبلَّغ الرسالة على التمام والكمال، ما يستحق بهذا أن يكون للناس إمامًا يُقتدى به في جميع أحواله وأفعاله وأقواله".
ذو القرنين مثالا حيا للقدوة الحسنة
ذو القرنين؛ حيث حوَّل المجتمع النظري إلى حقيقة واقعة تتحرَّك في واقع الأرض، وترجَم – بسلوكه وعُلوِّ هِمَّته وتصرُّفاته – مبادئ المنهج ومعانيه، ووضَع في شخصه صورة القدوة الحيَّة للقائد الصالح المُصلِح.
وذو القرنين رجل آتاه الله - سبحانه وتعالى – التمكين والقوة والأسباب، وعُلو الهِمَّة والطموح المحمود؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ﴾ [الكهف: 84]؛ أي: أقْدَرناه بما مهَّدنا له من الأسباب، وجعَلنا له مُكنة وقُدرة على التصرُّف فيها.
فذو القرنين أُوتي من كلِّ شيء يحتاجه أُولو القوة والحُكم، لكنه لَم يَستخدم هذا العطاء في الترف والشهوات، وإنما استخدمه في السعي والحركة في قضاء حوائج الناس، فكان بهذا السلوك ترجمة عملية بشريَّة حيَّة للمنهج الرباني.
فقد فُطِر الناس على افتقاد القدوة والبحث عن الأسوة؛ ليكون لهم نبراسًا يُضيء سبيل الحق، ومثالًا حيًّا يُبيِّن لهم كيف يطبِّقون شريعة الله؛ لذلك لَم يكن لرسالات الله من وسيلة لتحقيقها على الأرض، إلاَّ إرسال الرُّسل، يُبَيِّنون للناس ما أنزَل الله من شريعته
قال تعالى: ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ﴾ [الكهف: 94].
فلو لَم يكن ذو القرنين قدوة حسنة للناس باشتهاره في فِعل الخيرات، لَما طَلبوا منه أن يَقيَهم من الفساد، وهكذا اقترَن في مكان واحد القدوة الحسنة والحماية من الفساد؛ أي: إنَّ القدوة الحسنة والإصلاح أمران متلازمان، فالقوم بمجرَّد رؤيتهم ذا القرنين - الذي هو نموذج القدوة الحسنة التي دَفعته لعلُو الهِمَّة وطلب الكمال – طلبوا منه إصلاحَ أمرهم بمَنْعه يأجوجَ ومأجوج من الإفساد في الأرض.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.