رئيس التحرير
عصام كامل

سيناريو تقسيم السودان.. خطة أمريكية غربية لنقل جغرافيا الحرب مع روسيا من أوكرانيا لأفريقيا

الحرب السودانية
الحرب السودانية

اشتعلت وتيرة الحرب السودانية بين الجيش والدعم السريع، تغيرت الأحداث وبوصلة الحرب وأصبحت تتجه أكثر للجيش الذى تفوق بشدة مؤخرا فى الحرب التى بدأت أحداثها منذ شهر أبريل عام 2023، وكشفت عن حقيقة التنافس الدولى والصراع على موارد السودان، إذ أصبح هذا البلد محل اهتمام روسيا والصين وإيران وأمريكا ودول أوروبا، نظرا لما يتمتع به من موارد اقتصادية ضخمة وموقع استراتيجى مهم، خاصة مع تراجع النفوذ الأوروبى فى أفريقيا فى العقود الأخيرة.

يقول السفير محمد الشاذلى، سفير مصر السابق بالخرطوم، إن السودان بلد له أهمية خاصة من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية ولديه موارد تؤهله لأن يكون سلة الغذاء للعالم العربى، نظرًا لما يتمتع به من أرض خصبة شاسعة وأنهار.

وأضاف: السودان بلد محورى به ثروة حيوانية كبيرة ومناجم دهب وثروة نفطية تجعله من أغنى الدول بالموارد الطبيعية الضخمة، حيث ينتج 70% من الصمغ العربى، الذى يدخل فى صناعة الدواء والمواد الغذائية، والذى تعتمد عليه أغلب دول العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

أما على الناحية الاستراتيجية، فالسودان يشغل مساحة كبيرة من القارة الأفريقية، وله موقع استراتيجى مهم، ويطل على البحر الأحمر الأمر الذى يجعله محل اهتمام من قبل العديد من دول العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة ودول أوروبا وروسيا والصين وإيران وتركيا كما تلعب إثيوبيا فى الأراضى السودانية من أجل تحقيق مصالحها الخاصة.

وتابع: بين السعى وراء السيطرة على مناجم الذهب والبترول واستغلال السواحل الممتدة على البحر الأحمر، بدأت القوى الدولية السابق ذكرها فى دعم أحد أطراف الصراع السودانى بما يضمن لها تحقيق مصالحها فى المستقبل، من ناحية، روسيا تسعى لتحقيق حلمها بإقامة قاعدة على البحر الأحمر، ووجدت الفرصة سانحة أمامها على الساحة السودانية، وهو الأمر الذى دفع الولايات المتحدة الأمريكية المنافس التقليدى لموسكو فى الدخول على خط الأزمة لعرقلة الخطوة الروسية بالتواجد فى البحر الأحمر.

واختتم السفير محد الشاذلى حديثه مؤكدا أن الأزمة السودانية أصبحت معقدة بفعل التدخل الخارجى فى الصراع مما يعرقل أى جهود لوقف إطلاق النار وحل الأزمة.

وفى السياق ذاته قال خليل منون الباحث فى الشأن الإفريقى، إن الصراع الموجود فى السودان ليس بين طرفين فقط ولكنه بين أكثر من طرف، لكن الأكثر وضوحا هو الجيش السودانى والدعم السريع، مؤكدا أن هناك لاعبين آخرين فى هذا الصراع أمثال الجيوش التحريرية المتواجدة فى غرب السودان مثل مجموعة عبد الواحد نور والعدل والمساواة، بالإضافة إلى جيشى الحركة الشعبية.

“صراع الكل ضد الكل” هكذا وصف خليل منون الحرب فى السودان، قائلا: “إن الموضوع أكبر من حصر الصراع بين الجيش والدعم السريع فقط”، فهناك العديد من الحركات المسلحة الأخرى تدخل فى الصراع، وذلك على الرغم من إعلان ولائهم للجيش السودانى بموجب مجموعة اتفاقات جوبا ما عدا مجموعة عبد الواحد نور، مؤكدا أن جميع المجموعات المسلحة السابق ذكرها بينها صراعات منذ فترة طويلة ومنها مجموعات انضمت للقتال مع الجيش السودانى والبعض الآخر ما زال يلزم الحياد.

واستكمل: قوات الدعم السريع بقيادة حميدتى، فى آخر زيارة له إلى روسيا بصفته نائب رئيس مجلس السيادة السودانى آنذاك، أعلن انضمام السودان إلى صف موسكو فى حربها ضد أوكرانيا، قائلا: “لا مانع من منح روسيا قاعدة على البحر الأحمر مما أشعل غضب الولايات المتحدة الأمريكية التى حركت قطعا عسكرية بالقرب من سواحل بورتوسودان فورا بحجة نقل مواطنين أجانب”.

كما ظهر نوع من التعاون بين قوات الدعم السريع ومليشيا فاجنر الروسية، وذلك من خلال تقديم أسلحة لها أو القتال بجوارها فى الحرب ضد الجيش السودانى فى المقابل، هناك مخطط أمريكى أوروبى جاهز لإخراج الحرب والصراع مع روسيا بعيدا عن أراضى أوروبا، ما يعيدنا لأجواء الحرب الباردة.

واستكمل: من ناحية أخرى بدأت تظهر علاقة ما مفاجأة بين الجيش السودانى وإيران، وهى علاقة لها تاريخ منذ نظام البشير الذى كانت تربطه علاقات جيدة مع طهران حتى قطعها فى 2017 من أجل المصالحة مع السعودية، ولكن الجيش السودانى بدأ فى إعادة تلك العلاقات مع إيران مرة أخرى، وأسفر ذلك عن ظهور الأسلحة الإيرانية فى الحرب، وحقق الجيش السودانى من خلالها مكاسب حقيقية على الأرض بفضل المسيرات الإيرانية، وبدأت قواته تحقق تقدما فى الخرطوم وأم درمان.

وبعيدا عن روسيا وأمريكا، هناك الصين التى تربطها علاقات قديمة بالسودان ودائمًا تستتر خلف المصالح الاقتصادية، ولديها مشروعات ضخمة فى السودان ستدافع عنها بشكل قوى سواء مباشر أو غير مباشر، كما أن الصين لها نفوذ قوى داخل دول مجاورة للسودان، والقاعدة العسكرية الوحيدة التى تمتلكها الصين هى فى شرق أفريقيا، لافتا إلى أن استراتيجية بكين فى التدخل بالشأن الأفريقى إما عن طريق منح قروض للدول الأفريقية أو قطع عسكرية.

وكذلك الحال مع تركيا التى لها تدخل قوى فى القارة الأفريقية، وبالأخص الشأن السودانى، إذ تعتمد على الإيديولوجية الدينية فى التدخل، وأنقرة كان لها رغبة فى الاستحواذ على سواكن بشواطئ البحر الأحمر لإقامة مشروع تنموى وقاعدة عسكرية.

أما إثيوبيا فلها مصالح فى زيادة التوتر فى السودان، إذ تضع عينها على أرض الفشقة التى استعادها الجيش السودانى بعملية عسكرية، واختتم خليل منون حديثه قائلا: “إثيوبيا تدعم قوات الدعم السريع وتسعى إلى تفكيك السودان لإضعاف موقفه فى أزمة سد النهضة.

 

الجريدة الرسمية