القمة الروسية الصينية.. التحالف المرعب.. التقارب المستمر بين البلدين يعزز فرص تشكيل نظام عالمى متعدد الأقطاب
تحالف يرعب الغرب، يكشف عن ذراع طولى أصبحت قادرة على توجيه لكمات موجعة للغرب الأوروبى الذى هيمن طويلًا على القرار العالمى، لذا أرسلت زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى الصين ردًا على زيارة مماثلة قام بها الزعيم الصينى شى جين بينج إلى روسيا العام الماضى، وعقد قمة روسية صينية، بينهما عددا من الرسائل فى توقيت عالمى شديد الدقة والخطورة، تزامنا مع فرض الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات أحادية الجانب على الصين.
وتشهد العلاقة بين الجانبين تطورًا ملحوظًا، يسير نحو تعميق تفاهمات استراتيجية راسخة لمواجهة النفوذ الأمريكى فى العالم، وتطوير العلاقة بين البلدين على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وتخشى كل من الصين وروسيا، مشاركة أستراليا فى خطط الردع النووى الأمريكى، حيث عبرت كلتاهما عن مخاوفهما من تلك الخطوة، التى علق عليها الصحفى والمتخصص فى الشأن الصينى نادر رونج روهان، قائلا إن البيان الصينى الروسى المشترك الذى تم توقيعه الأسبوع الماضى، أوضح الاهتمام من كلا البلدين بعدم انتشار الأسلحة النووية.
وأضاف: أكدت الصين وروسيا أنهما يعملان على اتخاذ الإجراءات اللازمة للرد، والتعامل مع التحركات الأمريكية.
ومـــن جـانـبـه قـــال ديمــتــرى بـريـجـيـع المحلل والصحفى الروسى إن التعاون العسكرى بين روسيا والصين يتم تعزيزه بشكل كبير، حيث تتضمن الشراكة تبادل تكنولوجى وشراء أنظمة دفاعية متقدمة، مشيرا إلى أنه على الصعيد الدولى يعكس هذا التقارب بين روسيا والصين رغبة البلدين فى تشكيل نظام عالمى متعدد الأقطاب، يقلل من هيمنة الولايات المتحدة.
وأوضح بريجيع، أن هذا التعاون يمكن أن يؤدى إلى تصعيد التوترات فى مناطق مثل بحر الصين الجنوبى، وأوروبا الشرقية بالنسبة للدول الأخرى، خاصة فى آسيا الوسطى، لافتا إلى أن هذا التحالف يشكل تحديًا حيث تسعى هذه الدول إلى تحقيق توازن فى علاقاتها مع موسكو وبكين دون الانحياز الكامل لأى منهما، كما أن تداعيات مشاركة أستراليا فى خطط الردع النووى الأمريكى تعنى زيادة القدرات العسكرية الأمريكية وحلفائها فى المنطقة، مما يعتبر تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمنية لكل من الصين وروسيا.
وأشار إلى أن هذه الخطوة قد تُفسر على أنها جزء من استراتيجية أكبر للولايات المتحدة لتعزيز تواجدها العسكرى فى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وهو ما يتعارض مع المصالح الجيوسياسية لكل من موسكو وبكين.
أما عن الملف الأوكرانى فأكد أن هناك رؤية مختلفة لدى الصين التى تريد السلام وترغب فى أن يتوقف الصراع بين روسيا وأوكرانيا وأن يكون هناك مفاوضات، أما فيما يخص منطقة الشرق الأوسط تتشارك رؤيتها مع الرؤية الروسية فيما يخص حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية والاعتراف الدولى بوقف الغارات الإسرائيلية فى قطاع غزة، وهناك رؤية مشتركة فى هذا الملف.
وبدورها قالت تمارا برو، المتخصصة فى الشأن الصينى، إن القمة الروسية الصينية تحمل أبعادا كثيرة خاصة أنها تأتى فى وقت تزداد فيه الضغوط على الصين من أجل الابتعاد عن روسيا، إذ قبل زيارة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى الصين أقرت الولايات المتحدة الأمريكية بزيادة الرسوم الجمركية على بعض السلع الصينية مثل السيارات الكهربائية والمعادن والألومنيوم.
وجاءت الحفاوة الكبيرة التى حظى بها الرئيس الروسى من قبل الصينيين، فى وقت يشهد فيه العالم تحولات جيوبولتيكية جيوسياسية من عالم أحادى القطب إلى عالم متعدد الأقطاب يكون فيه للصين وروسيا أدوار به.
وأشارت إلى أن حديث الرئيس الصينى العام الماضى عندما زار بكين قال قبل مغادرته للرئيس الروسى أننا نقود تغيرات لم تحظ بها البلاد منذ مائة عام، وهو ما يؤكد على أن الصين وروسيا تسعيان إلى إنشاء عالم متعدد الأقطاب، وهذا ما أعاد ذكره الرئيس الروسى مؤخرًا من خلال زيارته إلى بكين.
وتابعت: الضغوطات الغربية ولاسيما الأمريكية على روسيا والصين هى التى دفعت إلى التقارب بين هذين البلدين، فالولايات المتحدة الأمريكية هى التى تحاول إعاقة النمو الصينى وأيضًا تقود حرب بالوكالة فى أوكرانيا ضد روسيا، وبدأنا نشهد صعود التكتل الشرقى مواجهة التكتل الغربى، موضحة أن التكتل الشرقى يضم روسيا الصين إيران كوريا الشمالية وغيرها، بينما التكتل الغربى يضم الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية.
وأضافت: الرئيس الصينى يحاول خلال هذه القمة مع نظيره الروسى تعميق الشراكة بين البلدين والتأكيد على أنها ليست تحالفا، لأن الصين تريد أن تبقى علاقاتها الجيدة مع الاتحاد الأوروبى ومع الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشارت إلى أن زيارة الرئيس الصينى قبل عدة أيام إلى أوروبا جاءت من أجل تسوية خلافات بين الصين والاتحاد الأوروبى لاسيما فى موضوع اتهام الصين بإغراق الأسواق العالمية بالمنتجات الصينية رخيصة الثمن والتحقيقات التى يجريها الاتحاد الأوروبى حول المنتجات الصينية منها السيارات الكهربائية وطوربينات الرياح وألواح الشمسية.
وبشكل عام الرئيس الصينى يحاول إعادة العلاقات الصينية مع دول الاتحاد الأوروبى إلى مسارها وعدم توجه الاتحاد الأوروبى نحو الرضوخ إلى الضغوطات الأمريكية فيما يخص الصين، مشيرة إلى أنه أيضًا خلال القمة قال الزعيمان الصينى والروسى إنهما يعارضان فكرة توتير الأجواء وإقامة التحالفات السياسية والعسكرية فى آسيا، كما عبرا عن قلقهما من مشاركة أستراليا فى خطط الردع النووى الأمريكى، وهنا أستراليا هى طرف فى اتفاقية أوكوس.
واستكملت: الولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتشكيل التحالفات والشركات من أجل محاصرة الصين فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ ومنها تحالف أوكوس- عبارة عن إمداد أستراليا بالغواصات ذات الدفع النووى التى تعتبر الصين أنها قادرة على حمل أسلحة نووية، وبالتالى تسهم فى زيادة تسارع امتلاك سباق التسلح النووى فى المنطقة.
وأوضحت أن أستراليا لديها قلق من تصاعد النفوذ الصينى فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ، وتعتبر نفسها قوة إقليمية فى المنطقة، بجانب أن هناك توترات فى بحر الصين الجنوبى وزيادة فى ميزانية الدفاع لدول المنطقة، فأستراليا بمساعدة أمريكا تتخذ الإجراءات تحسبا لوقوع أى خطر فى منطقة بحر الصين الجنوبى الذى يمكن أن تقوم به الصين.