نهاية عصر الجباية.. خبراء: الوثيقة خطوة مهمة لتحقيق العدالة الضريبية ودعم مناخ الاستثمار.. عرفان فوزي: تلزم الدولة والبرلمان فى التشريعات الاقتصادية
الضرائب واحدة من منغصات الحياة فى مصر، فالحكومات المتعاقبة دأبت على فرض الضرائب بشكل أثار انتقادات عديدة من المواطنين ومجتمع الأعمال خاصة مع التقدير الجزافى للضريبة فى أحيان عديدة، وبالتالى كان لابد من تغيير فى سياسة فرض الضرائب وتطوير رؤية الدولة لها، وبالتبعية فلسفة الأشخاص القائمين عليها، حتى يكون هناك إصلاح شامل للمنظومة الضريبية.
وبالفعل أعلنت الحكومة- مؤخرا- عن طرق باب المجتمع المدنى والقوى المجتمعية- فى تقليد محمود- وطرح وثيقة السياسات الضريبية الجديدة أمامه، والتى أعدتها وزارة المالية، وينتظر منها تحفيز الاستثمار الأجنبى والمحلى عبر عدد من الإجراءات التى تنهى الروتين المزعج وعقلية جلب الأموال والجباية من المواطنين دافعى الضرائب بما يساعد فى النهاية على تقليل التهرب الضريبي.
وينتظر الكثيرون ما سوف يسفر عنه الحوار بشأن الوثيقة الجديدة، من أجل إنجاح فلسفة النظام المنتظر، وتبديد المخاوف التى تروج لعزم الحكومة فرض ضرائب جديدة لتحقيق هدفها للسنة المالية المقبلة، ويعتبره البعض الهدف النهائى من الوثيقة.
«فيتو» تفتح حوارا مجتمعيا على صفحاتها يسبق الحكومة بخطوات لطرح الأفكار والمقترحات والتنبيه والتأكيد والتحذير إذا لزم الأمر من مغبة السياسات التى قد تؤدى إلى نتائج لا يحمد عقباها، فإلى التفاصيل:
أحمد خميس
تستهدف السياسات الضريبية خلال السنوات من 2024 حتى 2030، إصلاحات مخططة ومتوازنة يجرى التوافق عليها من خلال حوار مجتمعى يضمن الاستقرار فى بيئة الأعمال، وتعريف المجتمع بالمستهدفات من الضرائب، واستقرار السياسات الضريبية، والخطط المستقبلية للنظام الضريبي.
وحسب الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أن الوثيقة تهدف إلى خلق درجة عالية من وضوح الرؤية للمستثمرين بخصوص السياسات الضريبية المستقبلية، وزيادة قدرة المستثمرين على بناء الخطط المستقبلية لاستثماراتهم فى مصر، وبناء نماذج التنبؤ والنماذج المالية ودراسات الجدوى الاستثمارية للمشروعات بشكل أفضل وبدرجة عالية من اليقين الضريبي.
ومن جانبه، أكد أشرف عبد الغنى المستشار الضريبى، ورئيس جمعية خبراء الضرائب المصرية أن إصدار وثيقة حقوق دافعى الضرائب إلى جانب تشكيل المجلس الأعلى للضرائب، وما يتم من تطوير حاليا للمنظومة الضريبية سيساهم فى رفع مستوى كفاءة العمل الضريبى ويمثل خطوة مهمة نحو تحقيق مبدأ العدالة الضريبى بما يدعم مناخ الاستثمار ويرفع معدلات النمو إلى ما يتراوح بين 6 إلى 8% وإيجاد بيئة داعمة للتشغيل لتوفير 8 ملايين فرصة عمل سنويا والوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار.
وأشار فى تصريح لـ”فيتو” إلى أن أهم الضوابط والقواعد المطلوبة فى وثيقة حقوق دافعى الضرائب المتعارف عليها دوليا تشمل الحق فى معرفة كيفية الامتثال لإجراءات قوانين الضرائب، والاطلاع على الإجراءات والضابط المتعلقة بموقفهم الضريبى والحصول على تفسيرات بشأنها.
كما تشمل الحق فى الحصول على خدمة ضريبية بجودة، ومساعدة مهنية سريعة، وكذا الحق فى دفع ما لا يزيد عن الضريبة المستحقة على نشاطهم، وحق الاعتراض على إجراءات الضرائب الرسمية أو المقترحة والحصول على مبررات بخصوصها، وأيضا الحق فى الاستئناف على قرارات مصلحة الضرائب والاعتراض عليها خلال وقت مناسب.
كما تتضمن الوثيقة الحق فى الاعتراض على قرارات الضرائب امام لجان مستقلة، والحفاظ على سرية بيانات دافعى الضرائب، والحق فى توقع الحصول على نظام ضريبى عادل ومنصف ومراعاة الظروف التى قد تؤثر على قدرة الممول على دفع التزاماته الضريبية، والحق فى الاحتفاظ بممثل مفوض عن دافع الضرائب من اختيارهم لتمثيلهم امام مصلحة الضرائب.
ومن جانبه قال عرفان فوزى الأمين العام للجمعية العلمية للتشريع الضريبي، إن وثيقة السياسات الضريبية معمول بها فى العديد من دول العالم، وهدفها وضع ملامح وخطوط رئيسية لفرض الضرائب خلال فترة زمنية معينة تتراوح من 4 إلى 15 سنة حسب الظروف الاقتصادية للدولة لأن ما يأتى فى هذه الوثيقة يكون ملزما للدولة وللبرلمان بعدم تخطى الوثيقة فى التشريعات الاقتصادية البرلمانية.
وأضاف، فى تصريح خاص لـ فيتو أن الوثيقة تشتمل على مبادئ حاكمة للدولة، يضعها المستثمر أمام عينه ويستطيع أن يفهم الخطوات العريضة التشريعية للدولة خلال عدد من السنوات ولا يفاجئ بأعباء ضريبية جديدة لم تكن مقدرة حينما أعد مشروعه المخطط له.
وأضاف: الوثيقة خطاب أمان للمستثمر أو الممول، إذ تمثل رؤية الدولة فى التعامل مع ملف الضرائب خلال السنوات القادمة، والتى كانت من أهم توصيات الجمعية العلمية للتشريع الضريبي.
وشدد على أن رؤية الدولة هى طرح الوثيقة للحوار المجتمعى بهدف تلاشى العيوب والسلبيات، والوصول إلى وثيقة للسياسات الضريبية تلبى طموح الممول أو المستثمر وتكون دافع للاستثمار ولا تقف عائقا أمامه، ولهذا جاءت أهمية طرحها للحوار المجتمعى، وأخذ ملاحظات المجتمع المدنى ما دام فى الصالح العام، إذ تعد خطورة الوثيقة أنها ترسم العلاقة ما بين الضريبة والاقتصاد فإما تصبح علاقة تصاعدية أو طاردة وغير محفزة للاستثمار فى حالة عدم دراستها بشكل جيد.
وشدد على أهمية دراسة وثيقة السياسات الضريبية وأن تظهر ملبية لتطلعات المستثمرين والخبراء فى دفع الاقتصاد المصرى إلى الأمام، متوقعا أن تقضى المنظومة الالكترونية وآليات التحول الرقمى الذى سلكته مصلحة الضرائب على الكثير من المشكلات خاصة فيما يتعلق بالتقدير الجزافى أو التهرب من الضريبة.
وأضاف: وعن تخوف البعض من تضمن الوثيقة زيادة جديدة فى الضرائب، يرى الأمين العام للجمعية العلمية للتشريع الضريبي، الدولة أعلنت عن هذه الوثيقة لطمأنة المستثمرين وهذا ما أكدته فى العديد من المناسبات، كما أن طرح الوثيقة للمجتمع المدنى يعنى أنها تريد أخذ رأى المجتمع، وتعنى ايضا أنها ستتضمن الكثير من المزايا والوعود المحفزة للاستثمار.
ومن جانبه، أوضح يسرى الشرقاوى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن القاعدة فى التأسيس الضريبى تبنى على تحقيق العدالة الاجتماعية والتنموية وليس تحصيل الأموال فقطـ، ودعم إيرادات موازنة الدولة بمنظور قاصر جدا بعيدا عن اى مفاهيم للفلسفة الضريبية.
وأضاف فى تصريح خاص لـ فيتو، أن الدول والاقتصادات يتم بناؤها بتوسيع قاعدة الخاضعين ضريبيا وليس بزيادة الاعباء على فترات متباعدة على المسجلين والمعروفين ضريبيا، مشيرا إلى أن نزاهة وشفافية وسرعة وتوفير أدوات التطبيق الضريبى هو أمر هام لضبط المنظومة الضريبية مؤكدا أن جميع دول العالم المتقدم لا يوجد فيها مامورية كبار الممولين والتى تعد فى بعض الدول هى أول نقطة فساد، موضحا أن المستقبل الضريبى الفعلى هو الذى يخلق تنمية مستدامة.
وأضاف: سيظل فى التطبيق فروق وتقديرات فردية تخضع لكفاءة ونزاهة العنصر البشري، إذ لا توجد معايير إلكترونية للفحص الضريبى وسياسات وآليات تجنب الفساد البشري.
وشدد على أن المشرّع عرّف الضرائب بأنها جهة ايرادية والقائمون عليها يفهمون انها جهة تقدم خدمة للناس ونحن نؤكد أنها إيرادية والفارق بينهم شاسع، مضيفا: “اذا كانت جهة إيرادية فعليها مثلا الا تطلب رسوم ٣٥٠ جنيها فى السنه لاشتراك فى موقع الكترونى سأرفع عليه الاقرار لكى أسدد ضريبة وأرفع له حصيلة، مؤكدا ان متلقى الايراد عليه توفير الوسائل مجانا لأنى لا أتلقى خدمة”، لافتا إلى ضرورة استكمال الحوار المجتمعى بشكل موسع حتى نخرج بجهود صادقة وسياسات ضريبية قابلة للتنفيذ.