البشرية تحت رحمة الذكاء الاصطناعى.. خبراء يحذرون من خطورة التقنيات الحديثة الاصطناعى على ترسانة العالم النووية
فناء البشرية بالأسلحة النووية لم يعد مزحة أو مجرد تهديد للحفاظ على نفوذ الكبار، بل هناك مؤشرات على ضربات قد توجه بالفعل حال أى خسارة كبيرة لأى من الدول العظمى، ويتضح ذلك بعد أن نشرت القوى النووية الكبرى (روسيا والولايات المتحدة الأمريكية) وهما أكبر دولتين نوويتين المزيد من الصواريخ التى تحمل رءوس نووية قادرة على تدمير العالم.
وتسببت الحرب الروسية الأوكرانية فى زيادة التوترات بين روسيا من جهة وحلف الناتو من جهة أخرى، خاصة بعد نشر الولايات المتحدة الأمريكية أسلحة نووية فى أوروبا، وهو ما دفع موسكو إلى نشر صواريخ نووية استراتيجية.
ومع عودة السلاح النووى للواجهة فى العالم وبالتزامن مع التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعى، أشار عدد من الخبراء إلى احتمال أن تزيد هذه التقنيات فرص نشوب حرب عالمية ثالثة لها طبيعة نووية شاملة.
ونوه الخبراء العسكريون إلى أنه منذ نشوب حرب أوكرانيا 2022، لم يتوقف تلويح روسيا لاستخدام السلاح النووى، كما نشطت الصين فى تطوير ترسانتها النووية، ونشطت كوريا الشمالية فى تجاربها الصاروخية، وسط مخاوف من ابتلاء الأرض بـحرب نووية فى حال ضغطت إحدى الدول على زر إطلاق السلاح النووى الخاص بها.
وأوضح الخبراء أن هناك مخاوف من لجوء الدول النووية إلى استخدام الذكاء الاصطناعى فى التحكم ونشر أسلحتها النووية، خاصة بعد مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية لروسيا والصين بالتأكيد على إبعاد الذكاء الاصطناعى عن ترسانتهم النووية.
وتمتلك روسيا، التى ورثت أسلحة الاتحاد السوفييتى النووية، أكبر مخزون فى العالم من الرءوس الحربية النووية، والتى تسيطر على نحو 5977 من هذه الرءوس الحربية اعتبارا من عام 2022 مقارنة مع 5428 تسيطر عليها أمريكا.
وتم إخراج نحو 1500 من هذه الرءوس الحربية من الخدمة (ولكن ربما لا تزال سليمة) وهناك 2889 فى الاحتياط، ويتم نشر 1588 رأسا حربية استراتيجية، وتم نشر نحو 812 من هذه الرءوس على صواريخ باليستية أرضية ونحو 576 على صواريخ باليستية تطلق من غواصات ونحو 200 فى قواعد قاذفات ثقيلة.
وهذا العدد الكبير من الرءوس النووية قادرة على تدمير الكرة الأرضية فى حال اندلاع حرب، ولكن الحرب قد تندلع نتيجة خطأ تقنى فى أنظمة التحكم بالأسلحة النووية، خاصة إذا كان هناك تدخل للذكاء الاصطناعى فى التحكم بها.
وفى هذا السياق قال اللواء محمد الشهاوى، الخبير العسكرى ومستشار كلية القادة والأركان، أن الذكاء الاصطناعى شهد تطورا كبيرا خلال الفترة الماضية وتم استخدامه فى الصناعات العسكرية بشكل متزايد.
وأوضح أن العديد من الدول استخدمت الذكاء الاصطناعى فى تطوير صناعاتها العسكرية خاصة فى توجيه النيران وتحديد ورصد الأهداف، إلا أنه يشكل خطورة كبيرة فى حالة استخدامه فى التحكم بالأسلحة النووية.
وفى حال حدوث خطأ تقنى قد يتسبب فى إطلاق رءوس نووية تدمر أجزاء كبيرة وتتسبب فى مقتل ملايين البشر وتشعل حرب نووية تقضى على العالم، لذلك من الضرورى أن تضمن الدول النووية إبعاد الذكاء الاصطناعى عن التحكم فى الأسلحة النووية، وقصر تلك المهمة على العنصر البشرى فقط.
وأشار الشهاوى إلى المخاطر والكوارث التى قد يتسبب بها الانفجار النووى، مؤكدا أنه قادر على تدمير أجزاء كبيرة جدا من كوكب الأرض بالإضافة إلى إحداث تغير هائل فى الطقس؛ نتيجة تشبع الغلاف الجوى بالغبار الناجم عن انفجار القنابل النووية.
ويمنع هذا الغبار أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض، فتنخفض درجات الحرارة لدرجة اتساع المناطق القطبية لمناطق خط الاستواء وتحدث ظاهرة خطيرة تعرف بالشتاء النووى يؤدّى إلى إيجاد نظام رياح جديد، ويفضى هذا بدوره إلى عاصفة من اللهب تنتج حرارة هائلة، ومن هذه العاصفة النارية، ترتفع أعمدة كبيرة من الدخان التى تسافر فى اتجاهات الغلاف الجوى، حتى تحجب الشمس عن الأرض.
وحسب الخبير، ستسقط البشرية فى مجاعة تشمل أنحاء الأرض، وستكون أسوأ تداعيات الحرب النووية، حتى أن المناطق البعيدة عن القصف سيطالها الشتاء النووى.
ولتفادى هذه المخاطر أشار اللواء الشهاوى إلى ضرورة اتباع هذه الاحتياطات: أن يكون زر استخدام السلاح النووى بيد النظم السياسية، وأن تضع الأمم المتحدة ضوابط تقيّد استخدام وتحكم الذكاء الاصطناعى فى هذه الأمور ووضع عقوبات صارمة على مَن يُطوّر سلاحا نوويا ويعبئه بالمعلومات.
وفى السياق ذاته قال اللواء نصر سالم، المحلل الاستراتيجى والخبير العسكر، إن استخدام الذكاء الاصطناعى فى العمليات العسكرية قد يتسبب فى كوارث كبيرة، مستشهدا بالأخطاء التى حدثت نتيجة قصف أهداف حددها الذكاء الاصطناعى.
واستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلى الذكاء الاصطناعى فى تحديد أهداف فى قطاع غزة وقصفها، وهو ما تسبب فى أخطاء كارثية نجم عنها استشهاد الآلاف من المدنيين فى حين لم تحقق إسرائيل هدفها المزعوم وهو تدمير حركة حماس، وذلك يثبت حجم الكارثة التى قد يتسبب فيها استخدام الذكاء الاصطناعى.
واستكمل: إذا كانت الأخطاء الناجمة عن الذكاء الاصطناعى حدثت فى الأسلحة التقليدية فما بال إذا حدثت فى الأسلحة النووية، ما يكتب نهاية البشرية وتدمير كوكب الأرض.
وحذر نصر سالم من خطورة استخدام الذكاء الاصطناعى فى بعض الأسلحة الخطرة أو أسلحة الدمار الشامل، تجنبا لخطأ قد يتسبب فى إشعال حرب عالمية ثالثة.
وكثيرًا ما تتسبب أخطاء الذكاء الاصطناعى فى إسقاط بعض الطائرات العسكرية أو حدوث تصادم بين بعض الجيوش جراء تلك الأخطاء التقنية.
ومن جانبه قال المهندس خالد إبراهيم، خبير ورئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إن الذكاء الاصطناعى له فوائد عديدة فى الكثير من المجالات ولكن هناك الكثير من المخاطر التى تنجم عنه فى حال حدوث أخطاء خاصة أنه أصبح متحكما فى قطاعات حساسة منها العسكرية والمدنية.
وتكمن المشكلة الكبرى فى الذكاء الاصطناعى بعملية إدخال معلومات غير صحيحة أو تحمل طابعا إيديولوجيا لإبادة جنسية محددة من البشر أو فصيل معين من خلال خاصية التعرف على الأشخاص.
واستكمل: الذكاء الاصطناعى عرضة لحدوث خلل ما فى بعض العمليات لأسباب عديدة من ضمنها التعرض لمحاولة هاكرز أو حتى خطأ فى إجراءات البرمجة وعدم معالجة الأخطاء المحتملة.