الفتح المبين، مكاسب المسلمين من صلح الحديبية، وموقف الصحابة منه
شهر ذو القعدة، شهر ذو القعدة من الشهور الهجرية الذي يسبق شهر الحج وحدث في هذا الشهر العديد من الأحداث السيرية ومن أبرزها صلح الحديبية أو ما يطلق عليه بغزوة الحديبية، وفي ظل تساؤل القراء عن أبرز الأحداث السيرية في الأشهر الهجرية تواصل فيتو عملها وتسرد لكم أبرز أحداث صلح الحديبية والدروس المستفادة منها:
سبب تسميته بصلح الحديبية
اختلف العلماء على سبب تسميته فذهب فريقا لتسميته بالصلح فقط وذهب فريق آخر لتسميته بأمر الحديبية وكل منهم استندت لمرجح ولكنه سمي بذلك لأن الصلح وقع في منطقة الحديبية بين المسلمين ومشركي قريش لمدة 10 سنوات كم ذكر البخاري في صحيحه (وسار النبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- حتى إذا كان بالثَّنِيَّةِ التي يَهْبِطُ عليهم منها، برَكَتْ به راحلتُه، فقال الناس: حلْ حلْ، فأَلَحَّتْ، فقالوا خَلَأَتِ القَصْواءُ، خلَأَتِ القصواءُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما خلَأَتِ القصواءُ، وما ذاك لها بخُلُقٍ، ولكن حبَسَها حابسُ الفيلِ، ثمّ قال: والذي نفسي بيدِه، لا يَسْأَلُونَنِي خطةً يُعَظِّمون فيها حرماتِ اللهِ إلّا أَعْطَيْتُهم إيَّاها، ثمّ زجَرَها فوثَبَتْ، قال: فعَدَلَ عنهم حتى نزَلَ بأقصى الحديبيةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ، يَتَبَرَّضُه الناسُ تَبَرُّضًا، فلم يَلْبَثْه الناسُ حتى نَزَحُوه).
أحداث الصلح
بدأت الأحداث بخروج الرسول صلى الله عليه وسلم عام 6 هـ للعمرة هو وأصحابه ومعهم 1400 مسلم وحمل معهم السلاح تحسبا لشر قريش وتخلف عن الخروج المنافقين خوفا من الصدام مع قريش، واستعدت قريش لمنع الرسول ومن معه بالدخول لمكة، فاستشار الرسول أصحابه فأشارو عليه بالدخول إلى مكة سلميا فإذا قاتلنا أهل مكة نقاتلهم فوافقهم الرسول صلى الله عليه وسلم وإذ بهم يخرجون رفضت ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم التحرك فعلم الرسول أن هذه الإشارة من عند الله عز وجل فقال الناس حل حل فأحلت فقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل، ثم قال: والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياه).
فبعثت قريش لهم رسل تقول أنهم إذا ذهبوا إلى مكة سيحاربوهم فلما رأى الرسول إصرار قريش على موقفها بعث لهم عثمان بن عفان ليتفاوض معهم في أمر العمرة.
أخرت قريش عثمان بن عفان عدة أيام ليتشاروا فيها فأشيع بين المسلمين أن قريش قتلت عثمان بن عفان فجمع الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته تحت شجرة وبايعهم على قتال قريش حتى الموت وسميت البيعة ببيعة الرضوان، لأنَّ الله رضى عن كلِّ أهلها، قال تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ الفتح: 18.
وبعد ذلك تبين أن عثمان لم يقتل وبعثت قريش بسهيل بن عمرو ليكمل التفاوض مع الرسول صلى الله عليه وسلم فاتموا الاتفاق وسمي ذلك بالفتح المبين قال تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا﴾ الفتح: 1
شروط قريش لعقد الصلح
- أن يعود الرسول الكريم ومن معه هذا العام وإن أرادوا الاعتمار فالعام المقبل
- إقامة هدنة بين المسلمين وكفار قريش مدة 10 سنوات
- أن من أراد الإيمان بمحمد فله ذلك ومن أراد الارتداد عن الإسلام ويكون مع قريش فله ذلك ويصبح ذلك الفرد جزء من قبيلته فلا يجوز أن يعتدي أي من الفريقين على أحد منهم فذلك يعتبر نقض للصلح
- أن من ذهب من قريش إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فارا من بطشهم يعاد إليهم أما من يرتد عن الإسلام ويذهب لقريش فارا من الرسول فإنه لا يعاد إليه
كتاب الصلح
استدعى الرسول عليه الصلاة والسلام عليّ بن أبي طالب؛ ليكتبَ، فقال: (اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ)، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لا نعرِفُ الرَّحمنَ الرَّحيمَ، اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعليٍّ: (اكتُبْ هذا ما صالَح عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ لاتَّبَعْناك ولم نُكذِّبْك اكتُبْ بنَسَبِك مِن أبيك، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِعليٍّ: (اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ) فكتَب: مَن أتى منكم ردَدْناه عليكم ومَن أتى منَّا ترَكْناه عليكم، فقالوا: يا رسولَ اللهِ نُعطيهم هذا؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (مَن أتاهم منَّا فأبعَده اللهُ، ومَن أتانا منهم فردَدْناه جعَل اللهُ له فرَجًا ومخرَجًا).
وأثناء كتابة الصلح فر أبو جندل من بطش قريش وظلمهم ذاهبا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فقال للرسول إذا قبلت به فنك تنقض العهد إذا عليك إعادته لنا فرد عليه الرسول أن الكتاب لم ينته بعد ولا يعتبر هذا من ضمن الشروط فأصر سهيل على إعادة جندل فوافق الرسول على إعادته لقريش وأمره بالرجوع وقال له اصبر أنت ومن معك من المؤمنين وأخبرهم بأمر الصلح ليفرحوا ويطمئنوا على أنفسهم ودينهم وأنهم على حق.
موقف عمر بن الخطاب من الصلح
وبعد انتهاء كتابة العقد ذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم مذكرا إياه بأنه رسول الله وأنهم دين الحق وأن الكفار أهل الباطل فأجابه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالقبول، إلّا أنّ عمر -رضي الله عنه- لم يكن مُؤيّدًا لهذا الصلح؛ فقال -عليه السلام-: (إنِّي رَسولُ اللَّهِ، ولَسْتُ أعْصِيهِ).
فذكره عمر أنهم جاءوا لأداء مناسك العمرة فقال له الرسول أنهم سيعتمرون في العام المقبل، فذهب إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنه-، وكرَّرَ عليه الكلام، فأجابه بما أجابه الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وقال: (أيُّها الرَّجُلُ إنَّه لَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وليسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وهو نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ بغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إنَّه علَى الحَقِّ).
تشريعات جديدة
تحريم زواج المسلمات بالمشركين، وبالتالي عدم إمكانيَّة ردِّ المسلمات اللاتي يأتين من مكة إلى أزواجهن المشركين، باعتبار أنَّ اتِّفاق الصلح بإرجاع المسلمين إلى مكة كان خاصًّا بالرجال فقط.
ولا يجوز للمسلم أن يستمر في زواجه من كافرة، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ الممتحنة: 10.
ومنها أيضا فرض الحج على المسلمين.
نتائج الصلح
- الاعتراف بالدولة الإسلامية وتأثر عدد من القبائل المؤيدة لقريش
- انتشار الدعوة الإسلامية ودخول عدد كبير في الإسلام
- انشغال المسلمين باليهود بعد الصلح مع المشركين
- التأكيد على أن الرسول ومن معه أرادوا دخول مكة للاعتمار وليس للقتال
- التمهيد لانتشار الدعوة الجزيرة العربية
- بدء إرسال الرسل لملوك الروم والفرس لدعوتهم إلى الإسلام
- الفتح المبين وهو فتح مكة ويعتبر من أعظم نتائج الصلح
الدروس المستفادة من الصلح
- اعتقاد الخير فيما شرعه الله.
- طاعة ولي الأمر والثقة به.
- تعظيم وتكريم المرأة في الإسلام حيث استشار الرسول صلى الله عليه وسلم زوجته أم سلمة في أمر الصلح فأشارت عليه.
- الأخذ بالشورى.
5. حب الصحابة رضوان الله عليهم للنبي صلى الله عليه وسلم.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.