زغلول صيام يكتب: المعلقون سبب «بوظان» الكورة في مصر!
جاء اليوم الذي نترحم فيه على أيام ولت وذهبت دون أمل في عودة قريبة.. نتحسر على أيام كان لنا السبق فيها في كل ما يخص الرياضة عربيا وأفريقيا. واليوم نخصص زاويتنا للحديث عن المعلقين على مباريات كرة القدم.. حيث عرف الناس كرة القدم عن طريق صوت الراحلين محمود بدر الدين ولطيف والجويني وزيوار ومن بعدهم أجيال مميزة مثل الشربيني وغيرهم الكثير.. وصلت أصواتهم إلى كل بقاع الأرض عربيا وأفريقيا والآن... ألف علامة تعجب إلى ما وصلنا إليه!!
جمعتني جلسة ودية مع الراحل الكابتن محمود الجوهري خلال وجوده في الأردن وخلال حديثه قال لي بالحرف "المعلقين على مباريات الكرة في مصر سبب (بوظان) الكورة في مصر" والحقيقة اندهشت وقلت له كيف يا كابتن؟! هما المعلقين الذين يلعبون ويديرون المنظومة!
فكان رده حاسما أنهم سبب رئيسي في انخفاض مستوى اللاعبين والقضاء عليهم مبكرا حيث إنهم يقولون شعرا في لاعب لمجرد أنه مرر كرة سليمة أو سدد تسديدة أو أحرز هدفا بالصدفة ولو قيمت أداءه في مجمل المباراة ستجده لم يقدم بقرش كورة داخل الملعب.. هنا (والكلام على لسان الجوهري) ينتفخ اللاعب ويشعر أنه في كوكب تاني وأنه (ياما هنا وياما هناك) وهو في الأساس لا يستحق الشعر الذي قاله المعلق الذي يحكي ويسرد فنا ومهارة ليست موجودة.. كان الجوهري مقنعا في كلامه.
كان الجوهري يقول كلامه وقت أن كانت هناك معايير لاختيار المعلقين ليس من بينها أنه قريب فلان أو علان ولكن كانت هناك اختبارات صوت وثقافة وأمور كثيرة قبل أن تتحول إلى مزاج شخصي للقنوات في اختيار المعلقين على حسب الهوى.
زمان كنا نتندر بفلتة للمعلق لو كشف عن انتمائه خلال أحداث المباراة التي يسردها أو انحاز لفريق خلال التعليق والآن لم يعد هناك خجل من شيء فهذا أهلاوي يعلق للأهلي وذاك زملكاوي يعلق للزمالك وبات الكل يخطب ود الجماهير حسب لون الفانلة.
تحول التعليق كأحد فروع كرة القدم إلى حلقات مكثفة من الرغي واللت والعجن وضرب الأمثلة دون قياس والأهم أنه في واد واللقاء في واد آخر.. ليس مشكلة في معلومة غلط أو التجني على حكم راع ضميره واحتسب شيئا ضد الفريق الذي ينتمي إليه!!
لم يعد يعنيه المشاهد بقدر مخاطبة غرائز جماهير ناديه حتى لو وصل إلى حد الغناء لهدف أحرزه فريقه في الوقت الضائع رغم أنه لم يغن لهدف أحرزه المنافس في شباك فريق رغم أن الهدف أسطوري الذي أحرزه بلدية المحلة أمس في الأهلي ولكن كيف يغني!!
ورغم هذا الغزل إلا أن جماهير فريقه تنتظر التعليق من معلقين عرب عرفوا كيف يسبقوننا في فن التعليق الذي أسسناه وقدمناه نحن!!
نعم غبنا عن مشهد الإعلام الرياضي العربي عندما غابت الأصول والأسس حيث كان الشخص قبل أن يمتهن الإعلام سواء معلقا أو مقدما يخضع للتدريب في معهد الإذاعة والتليفزيون لمدة شهور ليعرف كيف ينطق ويعرف مخارج الألفاظ وفيما قيل ويقال!!
لقد تحول الإعلام الرياضي إلى سوق ومهنة ما لا مهنة له حيث ليس شرط القبول أو استحقاق الوظيفة بل هناك معايير أخرى لا يعرفها الجادون في كل ربوع مصر.
لا تقل لي إن بلد الـ110 ملايين نسمة لا نستطيع أن نجد عشرين معلقا كرويا على الفرازة ولكن طبعا هناك من لا يطيق الفرازة لأنها ستكشف ناسا كثيرين يعلقون ويقدمون بلا حد أدنى من القبول.
قد يقول أحدهم: هي جت على التعليق!! عندك حق ما هي المنظومة كلها على بعضها.
وأخيرا (اللي ميشوفش من الغربال أعمى).