البحوث الإسلامية: الحروب والنزاعات المسلحة أكبر تحد تواجهه الأسرة
شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير عياد في فعاليات مؤتمر الدوحة الخامس عشر لحوار الأديان، والذي يعقد بعنوان: (الأديان وتربية النشء في ظل المتغيرات الأسرية المعاصرة)، تحت شعار «التكامل الأسري.. دين وقيم وتربية»، في الفترة (7 – 8 مايو 2024م).
مؤتمر الدوحة الخامس عشر لحوار الأديان
كما أكد الأمين العام خلال كلمته أن هذا المؤتمر يأتي متوافقا ومنهج الأزهر الشريف بقيادة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، في دعم القيم والمبادئ الراسخة، التي تعزز استقرار الأسرة، وتحافظ على هويتها الدينية والثقافية، في ظل المتغيرات المعاصرة.
وأشار إلى تقدير الأزهر الشريف للدور الذي تقوم به دولة قطر مع غيرها من الدولة العربية وعلى رأسها الموقف المصري في دعم القضية الفلسطينية، ورفض تصفيتها، والتنديد بالمجازر المروعة التي يقوم بها الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين الأبرياء، والتي تندرج تحت بند الإبادة الجماعية وفق ما أقرته القوانين الدولية، وكذلك ما تقوم به من تقديم يد العون وكافة أنواع الإغاثة لهذا الشعب المسكين بالتنسيق مع الدولة المصرية التي بذلت – ولا تزال – تبذل جهودا كبيرة في وقف هذه الإبادة غير المسبوقة في التاريخ.
مكافحة التطرف والكراهية، ومد جسور التعاون والتفاهم بين أتباع الديانات المختلفة
وقال الأمين العام إن «مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان» قد أسهم - على مر تاريخه - في تعزيز الجهود المبذولة لـ مكافحة التطرف والكراهية، ومد جسور التعاون والتفاهم بين أتباع الديانات المختلفة، وقد اتسمت جهوده بتنوع واسع، من خلال إقامة مؤتمرات، ونشر مجلات، وإجراء بحوث ودراسات، وترجمة المعارف ونشرها، وإصدار المنشورات، بالإضافة إلى تنظيم برامج حوارية وتثقيفية متنوعة تستهدف الشباب وغيرهم.
وأضاف أن فعاليات هذا المؤتمر حول الأديان وتربية النشء، والمتغيرات الأسرية المعاصرة، يأتي في وقت مهم جدا تعيش فيه الأسرة تحديات بالغة الخطورة؛ ليؤكد أن مبادرات حوار الأديان أداة مهمة في تعزيز التكامل الأسري، وبناء جسور التفاهم والتعاون وتبادل الآراء بين مختلف المعتقدات الدينية حول قضايا الأسرة المعاصرة، مما يسهم في إيجاد أسرة مستقرة ومجتمع آمن، لذا كان من الضروري أن نجتمع اليوم لمناقشة هذه القضية، وإبداء موقف الأديان بشكل صحيح ومناسب، بعيدا عن تحريف الغالين وتأويل المبطلين، واقتراح الخطوات المستقبلية التي من شأنها أن تحافظ على كيان الأسرة وتربية النشء بشكل سليم في ظل المتغيرات المعاصرة، والتحولات الراهنة.
أمين البحوث الإسلامية: الأسرة هي الحصن المنيع لقيم المجتمع وأخلاقه
وأكد عياد أن الأسرة هي الحصن المنيع لقيم المجتمع وأخلاقه، وهي حائط الصد لجميع المحاولات المشبوهة التي تريد أن تنال من هذه القيم وتلك الأخلاق؛ لذا اهتمت جميع الأديان بالأسرة، بداية من الزواج، والإنجاب، والتنشئة، ومنظومة الحقوق والواجبات بين جميع أفرادها؛ وبما أن الدين هو الضامن الرئيس لكل هذه الجوانب فقد اتفقت الأديان الثلاثة الكبرى على أمور مهمة، وهي:
أولا: أن الأسرة مؤسسة تخضع في تأسيسها ووظائفها ومسؤولياتها إلى التشريع الديني، وأن الدين أهم العوامل التي تؤثر على هوية الأسرة، من حيث القيم والعادات والتقاليد التي تنعكس على سلوكيات أفراد الأسرة وعلاقاتهم بعضهم البعض، وكذلك علاقاتهم بالمجتمع، فمثلا، يمكن أن تمثل قيم دينية مثل المحبة والتسامح والاحترام دورا كبيرا في بناء علاقات صحية داخل الأسرة وخارجها.
ثانيا: أن الأسرة ليست ضامنة لاستمرار النوع الإنساني فحسب، بل ضامنة لاستمرار ثقافة المجتمع وهويته؛ حيث إنها ملزمة – وفق النصوص الدينية - بتوريث القيم والمعتقدات الدينية وترسيخها لأفرادها، حتى يمتد التفاعل بهذه القيم مع المجتمع المحيط بها.
وتابع قائلا: نحتاج إلى تعزيز قيم التكامل والوحدة الأسرية التي تشكل أساسا قويا ومتينا لبناء أسر قوية ومستقرة، نستطيع من خلالها مواجهة التحديات الشاذة والمنحرفة، رابعا: أهمية الدور المركزي والمحوري الذي تقوم به الأسرة في تربية النشء والأطفال؛ وأنها بمثابة المدرسة الأولى التي يتلقى فيها النشء التربية الأولية والأساسية التي تؤثر على تطوره الشخصي والاجتماعي، وتسهم في تنميته عاطفيا ومعنويا لبناء ثقته بنفسه، وتشكيل هويته الدينية والثقافية، مشيرا إلى أن التحديات الجسيمة التي تواجه الأسرة والنشء اليوم تلزمنا بضرورة تضافر الجهود بيننا جميعا؛ حتى نستطيع مواجهتها وكبح جماحها، والحد من آثارها السيئة على الأسرة والمجتمع، فقد بدأت هذه التحديات بداية من تغيير مفهوم الأسرة في الأساس، فمفهومها الصحيح – كما نعلم جميعا - أنها عبارة عن زوج وزوجة، ثم أولاد، شريطة أن تكون وفق علاقة دينية وشرعية وقانونية، يتلقاها المجتمع بالقبول والرضا.
أوضح الأمين العام أننا اليوم – وللأسف – نجد بعضهم يصر على أنها مجموعة مكونة من شخصين أو أكثر بينهما علاقة قرابة سواء ضاقت أو اتسعت، وهذا التعريف يعد تحديا صارخا لما استقرت عليه جميع الأديان عبر تاريخها الطويل؛ لأنه يسمح بتنصل الأسرة من مسؤولياتها، ووظائفها، ويسمح بظهور أسر الشواذ جنسيا
وذلك نظرا لاعتبار العلاقة بين أي شخصين (رجل وامرأة، رجل ورجل، امرأة وامرأة) من قبيل العلاقات المشكلة للأسرة، ثم تعددت وتنوعت هذه التحديات فشملت: المفاهيم المغلوطة للصحة الجنسية والإنجابية، والتنفير من الزواج المبكر، وسلب قوامة الرجل، وسلب ولاية الآباء على الأبناء، وحق الإجهاض دون ضوابط، واعتبار الإباحية من قبيل الحرية الشخصية، والمساواة بين الرجل والمرأة التي تفضي في النهاية إلى اختلال الموازين الصحيحة في كيان الأسرة، وكل هذه القضايا والتحديات لا تراعي حدود الأخلاق والتربية والآداب العامة، كما لا تراعي خصوصية الأديان، أو هوية المجتمع وثقافته
مشيرا إلى أن أكبر تحد تواجهه الأسرة والنشء في هذه الأيام هو: الحروب والنزاعات المسلحة المتنوعة، التي نتج عنها: التشريد، والفقر، وفقدان الأمن والأمان، وتدمير الممتلكات، والتهجير القسري، والاضطرابات النفسية، وغيرها من الآثار والمشكلات، وما نشاهده اليوم عيانا بيانا لمعاناة الأسرة الفلسطينية بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص، دليل واضح على مدى تأثير هذه الحروب على كيان الأسرة واستقرارها، حيث إن الأسرة الفلسطينية هناك تقبع تحت آلة الحرب الصهيونية الغاشمة، فتقتل فيها وتؤسر، وتشرد وتجوع، حتى ينتهي بها المطاف إلى إبادتها واستئصالها بشكل كامل من على وجه الأرض، ونحن من موقع المسؤولية الدينية المشتركة اليوم يجب علينا جميعا أن نبدي رفضنا القاطع لهذه الحرب وتداعياتها السلبية على الأسرة والنشء، ثم نبدي – أيضا - تساؤلاتنا حول موقف المنظمات الأممية الدولية، مما تعانيه الأسرة الفلسطينية اليوم في قطاع غزة؟!، فقد أثبتت الحرب الصهيونية الدائرة الآن على قطاع غزة مدى ازدواجية المعايير الأممية في التعاطي مع قضايا الأسرة الفلسطينية بكل مكوناتها الدينية والثقافية والعرقية.
تجربة الأزهر الشريف في مواجهة التحديات المعاصرة
أشار عياد إلى أن تجربة الأزهر الشريف في مواجهة التحديات المعاصرة الموجهة نحو الأسرة تعد رائدة، فكما نعلم جميعا أن الأزهر الشريف كان – ولا يزال – يضطلع بمسؤوليته الدينية والتاريخية نحو نشر صحيح الدين الإسلامي، ومواجهة كافة التحديات التي واجهت الأمة الإسلامية ولا زالت تواجهها حتى يومنا هذا، بداية من الاستعمار الأجنبي، ثم الغزو الفكري، ثم العولمة الفكرية والثقافية، ثم التيارات والحركات النسوية المشبوهة التي بذلت جهودا مضنية في سبيل هدم القيم والمبادئ الأسرية الراسخة، ومن ثم فالأزهر الشريف يرى وضع الأسرة وتنشئة الأبناء في هذا العصر هما كبيرا من هموم الإنسانية جمعاء، وأن معركتنا الآن هي إنتاج أسرة قادرة على أن تنهض بهذا المجتمع وتتحمل مسئوليته.
تعدد وتنوع جهود الأزهر في مواجهة التحديات المعاصرة
وأكد على تعدد وتنوع جهود الأزهر في مواجهة هذه التحديات على النحو الآتي: أولا: رفض المبادئ الغربية المناهضة للقيم الدينية والأخلاقية الخاصة بالأسرة، وبذل الجهود الكبيرة في توجيه الرأي العام الشعبي والرسمي نحو رفض هذه المبادئ، واعتبارها مبادئ دخيلة من شأنها زعزعة استقرار الأسرة والمجتمع
ثانيا: تقرير الحقائق الدينية في قضايا الأسرة المعاصرة، مثل: العنف الأسري، والتحرش الجنسي، والطلاق التعسفي، وظلم المرأة، والتفكك الأسري، وظلم العادات والتقاليد للمرأة باسم الدين، والحكم الصحيح في تعدد الزوجات، وسفر المرأة دون محرم، وختان الإناث، والإجبار على الزواج، وضرب الزوجات، وزواج القاصرات، وحرمان المرأة من الميراث، ونصيب المرأة في ثروة زوجها التي أسهمت في تنميتها، ورفض المثلية والشذوذ الجنسي، وغير ذلك من القضايا التي حرص الأزهر على أن يبدي الرأي الشرعي الصحيح فيها تصحيحا للمفاهيم الأسرية المغلوطة، وإسهاما منه في تعزيز الاستقرار الأسري المعاصر
ثالثا: رد الشبهات المثارة حول الأسرة في الإسلام: فعلى سبيل المثال رد الأزهر على اعتبار ما تعانيه المرأة الشرقية من تهميش إنما هو بسبب تعاليم الإسلام، وأكد أنه زعم باطل، والصحيح أن هذه المعاناة إنما لحقتها بسبب مخالفة تعاليم الإسلام الخاصة بالمرأة، وإيثار تقاليد عتيقة وأعراف بالية لا علاقة لها بالإسلام
رابعا: الدعم المادي للأسر الفقيرة والمعوزة، وذلك من خلال "بيت الزكاة والصدقات المصري" والذي يشرف عليه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بنفسه، وكلنا نعلم مدى تأثير الدعم المادي في حل المشكلات الأسرية، والإسهام في زيادة تماسكها واستقرارها، كما يجب أن نشيد في هذا المقام بالدور الكبير الذي قام به "بيت الزكاة والصدقات المصري" في دعم الأسرة الفلسطينية في قطاع غزة، وتقديم كافة أنواع الدعم والإغاثة لها، وذلك بالتنسيق التام مع الجهات السيادية والمعنية في الدولة المصرية
خامسا: يقظة الأزهر الشريف لكل ما يحاك بالأسرة المسلمة في الواقع المعاصر، فعلى سبيل المثال: أعلن الأزهر عن تقديره لما تقوم به المؤسسات الدولية ومنظمات المجتمع المدني من جهود في دعم الدول الأكثر احتياجا وتوفير سبل العيش الآمن، والارتقاء بمستوى التعليم والأنظمة الصحية في هذه الدول، والتعريف بحقوق الإنسان والمرأة والطفل، إلا أنه حذر وبشدة من أن تتخذ هذه الجهود للتسلل إلى داخل المجتمعات المسلمة واستهداف الدين الإسلامي خاصة فيما يتعلق بمنظومة الأسرة وقواعد الميراث التي حددها القرآن الكريم وفسرتها السنة النبوية الشريفة، وذلك من خلال محاولة تشويه العدل الإلهي الممثل في قواعد الميراث في الإسلام، وتصويرها بالظالمة للمرأة، والمغتصبة لحقوقها، والزج بهذه الدعوات في المؤتمرات والندوات، والمطالبة بتغييرها بدعوى إنصاف المرأة ومساواتها في الحقوق مع الرجل، وغير ذلك من الجهود المبذولة والتي سيبذلها الأزهر الشريف في قضايا الأسرة المعاصرة، والتي تعد أنموذجا حقيقيا وواقعيا لأهمية الدور الذي تقوم به المؤسسات الدينية في دعم الأسرة.
أمين البحوث الإسلامية يؤكد على ضرورة التعاون الجاد والبناء بين جميع أتباع الأديان
وختم الأمين العام كلمته بجملة مهمة من التوصيات، منها: ضرورة التعاون الجاد والبناء بين جميع أتباع الأديان، وكذلك المؤسسات الدينية المتنوعة في تدشين البرامج التوعوية والتثقيفية في كل ما يخص الأسرة والنشء في الواقع المعاصر، ونحن إذ نوصي بذلك نعلن استعداد الأزهر الشريف ورغبته الجادة في التعاون مع جميع المؤسسات الدينية في هذه البرامج وتفعيلها على أرض الواقع؛ نظرا لخبرته الكبيرة في مجال التوعية الأسرية، ولم شمل الأسرة، ودعم تماسكها، من خلال قطاعاته الرئيسة والفرعية، مع ضرورة سن التشريعات ووضع القوانين التي تنظم شؤون الأسرة وتربية النشء بشكل يتوافق والقيم والثوابت الدينية والحضارية، ضرورة تقديم كافة أنواع الدعم للمؤسسات التعليمية بهدف تعزيز القيم التربوية والدينية للنشء والشباب، وترسيخ قيم التفاهم والاحترام بين جميع أفراد الأسرة والمجتمع، ضرورة أن يضطلع الإعلام بمسؤوليته الكبيرة نحو تعزيز القيم الأسرية والمجتمعية الرشيدة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.