طه حسين بين النقد والتقدير.. نقاد ومثقفون يردون على تصريحات زيدان والسواح ضد عميد الأدب العربي
طه حسين، اسم لامع في سماء الأدب والفكر العربي، كانت حياته رحلة استثنائية من الظلام إلى قمة الإبداع، تحدّى الصعاب ولامس النجوم بعزيمة وإصرار.
ورغم ذلك لم يسلم عميد الأدب العربي من هجمات وانتقادات طالت مكانته الأدبية والفكرية، على الرغم من إسهاماته الجليلة في تطوير الأدب العربي ونشر المعرفة، وكان آخرها تصريحات كلا من يوسف زيدان والمفكر فراس السواح، أمس الأحد، حين اعتباره شخصا عاديا، بل وأكد السواح أنهما أفضل منه.
وتصدر عميد الأدب العربي طه حسين محرك البحث جوجل ومواقع التواصل الاجتماعي، منذ أمس الأحد، وذلك بعد الجدل الذي أثير بعد انتشار فيديو للدكتور يوسف زيدان والمفكر فراس السواح، ويظهر قول الأخير: "أنا وأنت أهم من طه حسين".
"فيتو" حاورت عدد من كبار الأدباء والمثقفين، حيث تطرق النقاش حول اسهامات طه حسين في تاريخ الأدب والفكر العربي.
حلمي نمنم: طه حسين عنوان الثقافة المصرية في القرن ال20
قال الكاتب الصحفي حلمي النمنم، وزير الثقافة الأسبق، أن رفاعة الطهطاوي هو عنوان الثقافة المصرية والعربية في القرن الـ19 بينما طه حسين هو عنوان الثقافة المصرية في القرن الـ20 وحتى يومنا هذا، سواء في تجديد الفكرة أو في النقد الأدبي أو في التاريخ الإسلامي، أو في تحديد هوية مصر ومستقبل الثقافة بها.
وتابع: ولا يمكن نسيان أن طه حسين هو صاحب صيحة مجانية التعليم وأن "التعليم حق لكل إنسان كالماء والهواء"، والذي تنعم به الأجيال في مصر حتى الان، فبرغم وجود العديد من الجامعات الخاصة والأجنبية، ولكن الجامعات الحكومية مازالت موجودة والتعليم بها بالمجان، وكذلك في المراحل السابقة للجامعة بوزارة التربية والتعليم يكوون مجاني.
وأضاف النمنم أن العلاقات المصرية حاليًا قد تعززت في الدوائر المتوسطية (دول البحر المتوسط وأوروبا)، وهي أحد مطالب ونداءات الراحل طه حسين ومن قبله رفاعة الطهطاوي، والذي تحقق اليوم حيث تم إدخال في الهوية المصرية الدائرة المتوسطية، واستطعنا رؤية علاقات مصر المتنامية بالاتحاد الأوروبي.
وأردف: كان يقول الدكتور طه حسين أن مصر لها دور مؤسس في المحيط العربي، وهي على علاقة بالشرق كله، وكان يقصد بالشرق إيران وتركيا وربما كذلك الهند، ولكن بنفس الدرجة ينبغي أن تكون لنا العلافة مع الدائرة المتوسطية، حيث لم يجعل الأديب الكبير العلاقات المصرية الشرقية في حالة من الصراع مع المتوسطية، والذي يلقي الضوء على عبقرياته وهو أدراكه عبقرية مصر وموقعها الجغرافي والاستراتيجي في العالم.
إسهامات طه حسين في تاريخ النقد العربي
وأشار النمنم أن لطه حسين دور كبير جدًا في تاريخ النقد العربي، حيث لدي الأديب كتاب مهم وهو "حديث الشعر"، والذي يناقش فيه ظهور النثر العربي وتبلوره من نهاية القرن الأول واكتماله في القرن الثاني الهجري.
وكذلك كتابه عن الشعر الجاهلي، ونظريته في انتحال الشعر الجاهلي، والذي يتحقق وتؤكده حاليًا الدراسات الحديثة.
دور طه حسين في الأدب الحديث
وأضاف أن طه حسين كان متابعا جيدا للأدب الحديث مبكرًا في الخمسينات، وتنبأ أن نجيب محفوظ هو عنوان جيله، حيث يعد طه حسين من الأصوات التي انتبهت مبكرًا جدًا من نهاية الأربعينات لأهمية نجيب محفوظ، وقام بتقديم العديد من أجيال الكتاب الذين كانوا شباب وقتها.
هذا بالإضافة إلى أن كتابه المهم للغاية عن الفتنة الكبري دارس مهم جدا في تأريخ نشأة الفرق والمذاهب الإسلامية، مؤكدًا على أهمية هذا الكتاب، ومطالبًا أن يكون مقررًا ككتاب مطالعة بالنسبة لطالبة الثانوية العامة.
وأكد النمنم أن أحد أهم الجوانب في طه حسين على الأطلاق وفي دوره بالأدب العربي هو كونه قصاص وروائي، مؤكدًا أنه في رأيه الشخصي أن مجموعته "المعذبون في الأرض" التي صدرت سنة 1947م، هي من أهم المجموعات القصصية في الأدب العربي إلى يومنا هذا، مضيفًا أن طه حسين من رواد القصة القصيرة في الوطن العربي.
هذا بالإضافة إلى روايته "دعاء الكروان"، وكذلك "شجرة البؤس"، اللتان يدلان على قدرته العظيمة كروائي، مؤكدًا أنه في رأيه الشخصي قد ظلم طاه حسين ولم يُعطي حقه كقصاص وروائي عظيم.
سعيد المصري: نحتاج العشرات من طه حسين
في السياق ذاته أكد الدكتور سعيد المصري، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة، أن الظروف وصنعت عميد الأدب العربي طه حسين، موضحا أن الشباب يجب اتخاذه كمثال ليس فقط في الأدب وانما بحياته بشكل عام لأنه تجربة مهمة جدًا وملهمة بشكل كبير.
وقال سعيد المصري أن طه حسين ولد في قرية فقيرة يغزوها الجهل والفقر والمرض وكان المسار الطبيعي أو الذي يتوقعه معظم الناس أن يكون أحد الضحايا الكثيرين لمثل هذه العوامل، ولكنه ظل يقاوم بعزيمة من حديد.
ومن المسلم به الاعتراف بأن طه حسين موهبة كبيرة، والموهوبين قلة في المجتمع طبقًا للأبحاث ليصلوا ل2% من السكان، وهؤلاء الناس في حاجة لرعاية واهتمام ومجهود كبير من المجتمع ليقوم بتقديمهم وتنمية قدراتهم
وأضاف أن طه حسين من هؤلاء الموهوبين، ولكنه كذلك تعرض لإعاقة في سن مبكر جدا وفق بصره، والذي أضاف للعوامل التي كانت ضده مشكلة إضافية وحاجة إضافية للدعم.
وأكد المصري أن سفر طه حسين لفرنسا كان في حد ذاته تحديًا كبيرًا حيث قرر أن يتحدى الاعاقة التي تسببت في رفض سفره بالبعثة بسبب "اللغة" والذي قام بتعلمها وأخبرهم عن استعداده للسفر وحده وتحمل مسؤوليته الشخصية.
وأضاف أن أهم العوامل التي شكلت الأديب الكبير هي أنه أحاط نفسه بعلاقات من النخبة المثقفة والمستنيرة بعصره الذي كانوا يقومون بتأييد الأفكار العقلانية والحرية والعدالة الاجتماعية، مثل أحمد لطفي السيد وغيره والذي قاموا بمساعدته في كثير من الأحيان.
وتابع: طه حسين كان دائمًا يدافع عن 4 قضايا أساسية خلال حياته والتي ساعدت في تكوين الفكر المصري والعربي بشكل كبير، القضية الأولي هي العقلانية، وأهمية التفكير العقلاني والتمتع بالعلم الواسع والانفتاح وعدم الانغلاق، والمشكلة الثانية التي ناقشها عميد الأدب هي حرية الفكر وأن الحرية هي اساس الأبداع والتقدم، والثالثة هي قضية استقلال المؤسسات العلمية والجامعة بالتحديد لان عدم استقلالها لا يمكن من انشاء كوادر علمية يعتمد عليها في المستقبل.
وأهم قضية تناولها طه حسين هي فكرة العدالة الاجتماعية والتي يمكن الشعور بصداها حتى الان، والتي دافع عنها دفاع شديد وبذكاء كبير وذلك من خلال فكرة أحقية التعليم للجميع، حيث أدرك أنه إذا نال الشعب المصري هذا الحق فمن الممكن تحقيق عدالة اجتماعية كبري والذي تحدث عنه في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر"، وعندما تولي طه حسين وزارة المعارف كان هو السبب خلف اقناع الحكومة على مجانية التعليم بعد الرفض التام.
وأكد الدكتور سعيد المصري أنه ضد الكلام المنتشر حاليًا مثل من يقولون "لن يتكرر طه حسين مجددًا"، مؤكدًا أنه يتمني وجود العشرات من طه حسين، بل يتمنى أن يظهر من أعلى منه، ويبقي هو عميد الأدب العربي مع الاهتمام بالمواهب الأدبية والعلمية العديدة الموجودة بمصر.
حسين حمودة: طه حسين صاحب تجربة عظيمة القيمة وربط الأدب العربي بالثقافة الإنسانية
و قال الدكتور الناقد حسين حمودة أستاذ الأدب العربي الحديث في جامعة القاهرة، أن طه حسين صاحب تجربة ثقافية وأدبية عظيمة القيمة هذا بالإضافة لأدواره المتعددة في مجالات أخري.
وأشار الناقد الأدبي إلى أدوار طه حسين العديدة والمهمة سواء في الجامعة، أو في وزارة المعارف (التربية والتعليم حاليًا) التي تولي وزارتها، أو في الأكاديميات الغربية، كما أسهم في إنشاء مؤسسة ثقافية كبيرة في بلدان عربية وأوربية متعددة.
وسلط حمودة الضوء على المعارك التي خاضها طه حسين في حياته الخاصة وذلك في سبيل الدفاع عن أفكاره الإصلاحية والتنويرية، حيث دافع دائمًا عن قضايا وقسم أمن بها، مثل مجانية التعليم والعدالة الاجتماعية والاستناد إلى الحقائق العلمية والموضوعية في كل شيء.
كما أن الأديب الراحل قد ربط الأدب العربي والثقافة العربية بالأدب والثقافات الإنسانية والاهتمام بالأبعاد الفنية المتنوعة في تكوين الهوية المصرية.
وأكد حمودة أن حياة طه حسين نفسها درس متجدد في الدفاع عن القيم، وفي مواجهة الصعوبات والمعوقات، وفي الاحتكام إلى العقل، وفي الإرادة التي تقود إلى تحقيق كل ما يمكن تحقيقه.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.