الفرصة الأخيرة لإنقاذ رفح من أنياب الاحتلال.. مصر تقاتل لإبرام صفقة تنهى معاناة الفلسطينيين وتحافظ على المدينة الحدودية من مخطط الاجتياح
تسابق مصر الزمن من أجل عقد صفقة فى الوقت الضائع لإنقاذ رفح من غزو إسرائيلى محتمل للمدينة الفلسطينية الواقعة جنوب قطاع غزة، وطرحت القاهرة مبادرة بين إسرائيل وحماس تتضمن وقف إطلاق النار فى غزة وتبادل الأسرى، خلال زيارة أجراها وفد أمنى مصرى إلى تل أبيب فى الأيام الأخيرة الماضية.
والمبادرة المصرية حظيت بدعم الولايات المتحدة الأمريكية، ولاقت قبولا لدى الكثير من القادة السياسيين والعسكريين فى إسرائيل، وذلك من أجل وقف الحرب الطاحنة التى تسببت فى خسائر كبيرة لدولة الاحتلال سواء على المستوى العسكرى أو السياسى أو الاقتصادى.
ولكن على الجانب الآخر يصر رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومة اليمين المتطرف من بينهم وزير الأمن القومى، إيتمار بن غفير ووزير المالية بيتسائيل سوميرتش، على عرقلة المبادرات التى تدعو إلى وقف إطلاق النار فى غزة.
ويسعى نتنياهو إلى إطالة أمد الحرب فى قطاع غزة، حيث يصب ذلك فى مصلحته هروبا من المساءلة القانونية والهروب من تحمل الخسائر والكوارث التى تسببت فيها حكومته المتطرفة.
وتبقى عملية اجتياح رفح، هى الورقة الأخيرة فى يد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، خاصة فى ظل الضغوط الداخلية التى يتعرض لها بسبب الخسائر الكبيرة التى تكبدها جيش الاحتلال فى المعارك التى خاضها ضد المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة.
وأجرت الإدارة الأمريكية مناقشات موسعة مع نتنياهو تتعلق بعملية اجتياح رفح، خاصة إجلاء النازحين الذين يبلغ عددهم 1.4 مليون فلسطينى فى مدينة رفح وحدها.
وتعتبر مدينة رفح المعركة الأخيرة والحاسمة بين جيش الاحتلال الإسرائيلى والمقاومة الفلسطينية، والتى سيترتب عليها أمور كثيرة تتعلق بمستقبل القطاع والقضية الفلسطينية برمتها.
وتزعم إسرائيل أنها تخطط لتنفيذ عملية اجتياح رفح من أجل تحرير الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس والقضاء على مقاتلى المقاومة الفلسطينية وتدمير الأنفاق فى المدينة.
وحذرت الكثير من دول العالم والمنظمات الأممية من تنفيذ أى عملية عسكرية فى رفح بوضعها الحالى وبدون عمليات إخلاء واسعة للمدنيين، إذ ستصبح أشبه بالمجزرة وهذا ليس من مصلحة إسرائيل.
وهناك عنصران سيجعلان نتنياهو يفكر قبل الشروع فى عملية عسكرية شاملة فى رفح، الأول يتمثل فى الموقف الأمريكى الذى اعتبره “عامل ضغط على إسرائيل وخططها حاليا”، فى ظل رفضها الواضح لتكرار ما حدث فى غزة فيما يتعلق بالمدنيين”.
أما العنصر الثانى هو الضغط السياسى الداخلى على نتنياهو، لأن اجتياح رفح هو الورقة الأخيرة فى يد الحكومة الإسرائيلية أمام الرأى العام، وإذا لم تنجح العملية العسكرية فى تنفيذ أهدافها المعلنة من القضاء على قيادات حماس والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، سيجد نتنياهو نفسه فى موقف شديد الصعوبة.
اللواء سمير فرج، الخبير الاستراتيجى والمحلل العسكرى، يرى أن هناك بوادر إيجابية تجاه المبادرة المصرية للتهدئة فى قطاع غزة من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلى، ولكن ما زال هناك وقت للتأكد من ردود فعل الطرفين، فى إشارة إلى حماس وإسرائيل، بعد دراسة المقترح المصرى لوقف إطلاق النار فى غزة وإجراء صفقة لتبادل الرهائن.
ويرى فرج أن حماس تريد وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وترفض أى مبادرة لا تدعو إلى وقف شامل ودائمًا ما تركز الحركة على مدة وقف إطلاق النار.
واستكمل: التقارير الواردة تقول إن المبادرة المصرية تتحدث عن وقف لإطلاق النار لمدة سنة، على أن يعقب ذلك إجراء انتخابات فى قطاع غزة وتشكيل حكومة تكنوقراط تنضم للسلطة الفلسطينية فى رام الله ضمن متطلبات حل القضية الفلسطينية.
وتابع: إسرائيل لا تستطيع إجراء عملية برية فى رفح فى الوقت الراهن، وذلك نظرا لصعوبة الموقف على الأرض، إذ تحتاج لإجلاء المدنيين المتواجدين هناك، لأن إقدامها على تنفيذ هجوم فى ذلك الوقت يقلب العالم عليها بسبب الخسائر الكبيرة فى صفوف المدنيين.
وأضاف: كل ما تقوم به إسرائيل من نشر أخبار حول الحصار الذى تفرضه والعملية التى تجهز لها فى الوقت الراهن هو دعاية وحرب نفسية للضغط على حماس للقبول بشروطها.
وأكد أن كل الآراء والتخمينات ترجح تأجيل عملية الاجتياح البرى لرفح التى تخطط لها إسرائيل إلى ما بعد عيد الفصح وحتى إجلاء المدنيين من المدينة لأن الولايات المتحدة الأمريكية تشترط إنهاء عملية الإخلاء قبل تنفيذ العملية البرية.
وأوضح فرج أنه من المتوقع قيام جيش الاحتلال بمهاجمة الأنفاق باستخدام غازات الأعصاب وذلك فى محاولة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حركة المقاومة الفلسطينية حماس، وتدمير الأنفاق فى رفح وهو أمر يشكل خطورة كبيرة على المدنيين.
وأشار إلى أن تنفيذ أى عملية عسكرية فى رفح بوضعها الحالى وبدون عمليات إخلاء واسعة للمدنيين ستكون أشبه بالمجزرة، وهذا ليس من مصلحة إسرائيل، وفى حال قررت دولة الاحتلال بالفعل تنفيذ عملية عسكرية هناك فسيتحتم عليها ضمان نزوح الفلسطينيين شمالا باتجاه غزة.
وفى سياق متصل قال السفير أحمد القويسنى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الدور المصرى فى القضية الفلسطينية فعال طول الوقت، ودائمًا ما انتهت الوساطة المصرية إلى وقف إطلاق النار.
وأوضح أن مصر لديها العديد من الدوافع إزاء القيام بهذه المبادرة أبرزها الحفاظ على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى كما أن الحرب التى تشنها إسرائيل هذه المرة لها تأثير على الأمن القومى المصرى وقد تدفع المنطقة بأثرها إلى حرب إقليمية.
وأكد أن مصر دولة جوار مباشرة لإسرائيل وبينهما اتفاقات سلام، قد تتأثر بالأحداث الجارية والخطيرة فى قطاع غزة، خاصة فى ظل استعداد إسرائيل لشن عملية برية على رفح.
وأكد أن معركة رفح ستخلف نتائج دموية، خاصة فى ظل وجود الآلاف من النازحين الفلسطينيين فى المدينة، وهى عملية يراهن عليها رئيس الوزراء الإسرائيلى بمستقبله، فإما أن تحقق نجاحات وتحسن صورة نتنياهو أمام الإسرائيليين أو تؤدى به إلى السجون والفشل السياسى.