خفايا «رسائل الانتقام» بين إسرائيل وإيران.. خبراء: ضربات تحفظ ماء الوجه أمام الشعوب والوكلاء.. والعرب هم المستهدفون
ليس مسموحا بأكثر من رسائل، كل طرف قال كلمته للآخر وكفى، هذه خلاصة الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل فى ظل مخاوف إقليمية ودولية من توسع الصراع الدائر فى المنطقة، وتمدد دائرة الحرب خاصة بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضى، وبعد أن شنت دولة الاحتلال هجوما محدودا على إيران بعد أقل من أسبوع على الهجوم ضد تل أبيب فى محاولة لحفظ ماء الوجه وإرسال عدة رسائل إلى طهران فى نفس الوقت.
يقول اللواء نصر سالم، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن رسائل دولة الاحتلال من عمليتها العسكرية المحدودة فى إيران، هى نفسها الرسالة التى قصدتها طهران من هجومها ضد إسرائيل، بالقدرة على ضرب أهداف داخل العمق.
وتابع: الهجوم الإسرائيلى على إيران كان محسوبا، ويهدف بالأساس لإظهار القوة والقدرة على الرد ضد أي عمليات تشن ضدها، معربا عن اعتقاده بأن الهجومين سواء الإيرانى أو الإسرائيلى خلفهما تنسيق مسبق.
وأوضح المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، أن الهجوم الإسرائيلى ضد طهران رد فعل محسوب للغاية، مردفا: الطرفان لا يبحثان عن توسعة دائرة الصراع بينهما أو حتى تصعيد المواجهة، لافتا إلى أن العرب هم المستهدفون وليس إيران أو إسرائيل.
وأكد أن كل منهما يبحث عن مصلحته فقط، تل أبيب تريد التركيز وحشد كامل قوتها فى غزة خصوصا بشأن عمليتها التى تريد تنفيذها فى مدينة رفح الفلسطينية، أما إيران فلا تريد التصعيد مع إسرائيل أيضًا حتى لا يتم استهداف مصالحها أو وكلائها فى المنطقة أكثر مما يحدث فى الوقت الحالى.
وأوضح اللواء نصر سالم، أن العملية الإسرائيلية جاءت فى محافظة أصفهان داخل عمق إيران ومنتصفها، فى محاولة من تل أبيب لإرسال رسالة مفادها أنها قادرة على الوصول إلى أي مكان داخل إيران، كما استهدفت قواعد وأماكن قريبة من منشأة نووية إيرانية لإرساله رسالة أخرى، تؤكد من خلالها أنها استطاعت الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية والمرة القادمة من الممكن استهداف هذه المنشآت.
وتوقع هدوء التصعيد بين إيران وإسرائيل خلال الفترة المقبلة، مشددا على أن البلدين ليست من مصلحتهما توسعة الصراع.
وأشار إلى إمكانية اقتراب تنفيذ هدوء نسبى من قبل وكلاء إيران فى المنطقة، وضبط وتيرة عملياتهم ضد دولة الاحتلال، مشيرا إلى أن العمليات التى ستنفذ خلال الفترة المقبلة ستكون محسوبة للغاية.
واختتم حديثه قائلا: “الرسالة التى تريد إيران إيصالها إلى إسرائيل وصلت، والرد السريع والمحدود فى إيران أرسل هو الآخر رسائل تل أبيب إلى طهران”، مشددا على أن الكيان الصهيونى يركز حاليا على غزة وغير مهتم بغيرها فى الوقت الحالى، لافتا إلى أن تل أبيب تساوم الولايات المتحدة الأمريكية بشأن التصعيد مع إيران وإشعال الأوضاع فى المنطقة، مقابل السماح لها بعملية فى مدينة رفح الفلسطينية.
بدوره، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الدول الأوروبية سواء على مستوى الاتحاد أو حلف شمال الأطلسى (الناتو) والولايات المتحدة، تعارض شن عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة ضد إيران، خوفا من رد فعل عنيف وقوى من طهران يهدد بإشعال مناطق أخرى.
وعن استهداف المنشآت النووية فى إيران والتهديدات الإسرائيلية، أوضح رخا حسن أن هذه المسألة حذرت منها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مؤكدة أنها ستؤدى إلى مخاطر عديدة أبرزها انتشار الإشعاعات النووية، مضيفا: “إيران أيضًا حذرت من استهداف منشآتها النووية وهددت باستهداف المنشآت النووية الإسرائيلية فى ديمونة، وبالتالى أصبح هذا ردعا مستبعدا من الجانبين”.
وأشار رخا حسن إلى أن دولة الاحتلال كانت تبحث عن عملية محدودة لحفظ ماء الوجه، مشددا على أنها غير قادرة على شن هجوم عسكري كبير ضد طهران دون مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر معقد للغاية خاصة فى هذا التوقيت.
واستطرد رخا حسن: "إيران أبلغت العالم أجمع وليس إسرائيل فقط، بتوقيت هجومها على تل أبيب، ولكنها كانت تهدف بالأساس من هذا الهجوم إلى إيصال رسالتين، الأولى أن إسرائيل ليست محصنة من الضرب فى العمق، وإذا كانت هذه المرة فى إطار الإنذار فالمرة القادمة ستكون جدية، أما الثانية فهى فى إطار الانتقام من دولة الاحتلال والرد على استهداف القنصلية الإيرانية فى سوريا وعملياتها ضد وكلائها فى المنطقة وبعض قيادات الحرس الثورى الإيرانى".
وأشار رخا حسن إلى وجود اتجاه قوى لاحتواء الموقف وخفض التصعيد بين تل أبيب وطهران، وشدد مساعد وزير الخارجية الأسبق على وجود جهود أمريكية ودولية مكثفة من أجل لجم الكيان الصهيونى ومنعه من الدخول فى حرب كبرى مع طهران، لافتا إلى أن إسرائيل ليست دولة مستقلة، بل تعتمد بصورة كبيرة جدا سواء على المستوى الاقتصادى أو السياسى أو العسكرى على أمريكا والدول الغربية.
واستشهد بموقف واشنطن وأوروبا عند انطلاق عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضى، حين هرولوا بمعداتهم وآلياتهم العسكرية لإنقاذ وطمأنة الكيان الصهيونى المحتل، مشددا على أن تل أبيب ليست بتلك القوة التى تحاول الترويج لها.
وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن إسرائيل تحاول منذ فترة توسيع الحرب والدخول فى جنوب لبنان، لكن أمريكا وأوروبا يمنعونها من ذلك، مضيفا: “الاتجاه الأمريكى ما بين الامتناع عن الهجوم أو شن عملية محدودة لكن دون الدخول فى حرب مع إيران”.