رئيس التحرير
عصام كامل

حرب «أمريكية روسية باردة» على أرض مصر.. لافروف يزور القاهرة ويقدم مساعدات عسكرية واقتصادية للقاهرة.. «البنتاجون» تسارع بدعم الجيش بـ 4 طائرات «إف 16».. تكتيكات مختلفة لمو

وزير الخارجية الروسي
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف

أكدت مصادر دبلوماسية أن ترتيبات تجرى في الظل بين وزارتي الخارجية المصرية والروسية من أجل قيام وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بزيارة لمصر خلال الفترة المقبلة، حيث تجد موسكو الزيارة مهمة، نظرًا إلى عامل التوقيت الذي تحصل فيه، حيث تمر مصر بمرحلة مخاض داخلي، وأيضًا على مستوى تحالفاتها الإقليمية والدولية.


وبحسب هذه المعلومات، فإن "لافروف" يجتمع بالقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ولن تشتمل زيارته لقاءً بممثلي الإخوان، ومن المفترض أيضا أن يعرض لافروف على القيادات المصرية مساعدات روسية اقتصادية، وسيبدي أيضًا استعداد موسكو لمدّ الجيش المصري بأسلحة روسية، وخاصة أن الأخير لا يزال يستخدم سلاحا شرقيا إلى جانب السلاح الغربي.

وأضافت المصادر: "ليس لدى موسكو طموحات كبيرة مثل ما يتردد عن رغبتها في استعادة القاهرة عام ٢٠١٣ على مسار القاهرة عام ١٩٥٨، ذاك المسار الذي قاده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأدار في خلاله ظهر مصر للغرب لمصلحة إرساء تحالف مع المعسكر الاشتراكي فعمق العلاقة الأمريكية مع الجيش المصري بلغ حدًا لا يمكن الطرفين العودة به إلى الوراء من دون أن يترك ذلك استتباعات كبيرة، أضف إلى ذلك أنه في جعبة المعطيات الروسية، حسبما تسربت معلومات عن اعتزام البنتاجون تزويد مصر في القريب العاجل بأربع طائرات من نوع «أف ١٦»، تعبيرًا عن التزامه دعم الجيش المصري من أجل التصدي للتحديات الضخمة الداخلية التي يواجهها، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب الجهادي في سيناء".

ويورد تقرير دبلوماسي يستند في معلوماته إلى مصادر مقربة من مؤسسة الجيش المصري، جملة معطيات أساسية يعدّها «مفاتيح أساسية» لفهم طبيعة الأزمة المتفاعلة حاليًا في مصر وإدراك خطط كل من الجيش و«الإخوان» إزاءها، إضافة إلى تداخلات الوضعين الإقليمي والدولي فيها.

وأبرز هذه المعطيات هى الآتية: "أولًا - تلفت هذه المعطيات إلى وجود «نوع من الثقة بالنفس» لدى المؤسسة العسكرية لناحية قدرتها على النجاح في تنفيذ خريطة الطريق التي صاغتها للحل بالتشارك مع هيئات سياسية وروحية مصرية. وفي تقدير مؤسسة الجيش، إن القضاء على حالة الإرهاب السائدة حاليًا في شمال سيناء ستستغرق من ثمانية أشهر إلى عام بأقصى معدل. 

أما عملية تنقية مجمل الوضع الداخلي من الفوضى الذي يثيرها اعتراض الإخوان على إقصاء الرئيس المعزول محمد مرسي، فإنها لن تنتهي بفضّ اعتصام رابعة العدوية، بل قد تستغرق ما بين عام ونصف العام وعامين".

ويقول التقرير: إن جدلًا يسود داخل المراتب العليا في المؤسسة العسكرية، عمّا إذا كان الجيش قد استعجل في إقصاء مرسي، وإنه كان عليه الانتظار ريثما تنضج أكثر عملية غضبة الشارع على «الإخوان»، بحيث يصبح تدخل الجيش أكثر من ضروري. لكن الحلقة الضيقة حول السيسي ترى عكس ذلك، وتسلط الضوء على معطيين اثنين: أولًا، اعتراف قيادة الجيش بأنها فوجئت بخطوة «الإخوان» تنظيم اعتصام مفتوح في ميدان رابعة العدوية، ما شكل بعض الإرباك لخططها. أما المعطى الثاني فيرى أن التأخير في الحسم مع الإخوان يعود لقرار لدى الجيش جعل كل خطواته مبررة قانونيًا ومتماشية مع المتطلبات الدولية حول احترام حقوق الإنسان وترك فرص للتسوية السياسية.

وبرأي هذه المصادر، نجحت قيادة الجيش في احتواء التدخلات الدولية لإيجاد تسوية مع «الإخوان»، وأصبح لديها هامش أوسع للتعامل معهم الآن بما ينهي حركتهم الاعتراضية ويدجّن قواتهم الداخلية.

ويلفت التقرير إلى أن «الإخوان» في مرحلة ما بعد إقصاء مرسي رسموا استراتيجية تعاطٍ مع الوضع المستجد، قوامها دعوة أنصارهم إلى التظاهر، ليس فقط بهدف مطالبتهم بعودة الشرعية، بل بالأساس لأنهم أرادوا اختبار قوتهم الشعبية، فإن وجدوا أنها على حالها، فقد يتدرجون بالتفاوض على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لكن إن ثبت لهم أنها تناقصت يستمرون برفضها، لمصلحة تسعير حراكهم في الشارع لإسقاط العملية السياسية.

وذكر التقرير أن «الإخوان» صُدموا من الزخم الشعبي الذي حفلت به تظاهرات 30 يونيو، وأضاف: أن الرقم المعتمد داخل الجيش، الذي يعترف به «الإخوان ضمنًا»، لعدد المشاركين في مسيرات ٣٠ يونيو، هو 12.7 مليون مواطن.

وأوضح:"ثانيا، يطرح التقرير سؤالًا عمّا إذا كان «الإخوان» قد قرروا الذهاب إلى حرب أهلية، بعدما تأكد لهم أنهم لم يُعدّوا القوة الشعبية الرقم واحد في مصر. يجيب التقرير بأن الوضع الراهن في مصر يشبه الوضع بداية الأحداث في سوريا، مع فارق أن الجيش المصري أكثر قوة من الجيش السوري، مع أهمية الإشارات التي أبداها الأخير على مستوى تماسكه. لكنّ الجيش المصري يحتاج في معركته للسيطرة على الوضع الداخلي وتصفية الإرهاب في سيناء إلى عدة أمور أساسية، من بينها إيجاد تمويل سخي لهذه المعركة، إبرام تفاهمات إقليمية ودولية تمنع إمداد المعارضة الإسلامية بالسلاح، تعليق الجانب الأمني من اتفاق كامب ديفيد مع إسرائيل. وهناك معلومات (والكلام دائمًا للتقرير) تؤكد أنّ المؤسسة العسكرية المصرية أبرمت تفاهمًا خلال الآونة الأخيرة مع إسرائيل علقت بموجبه الجانب الأمني من كامب ديفيد، المتصل بعدم السماح للجيش المصري بإدخال قطاعات قتالية إلى سيناء".

وأشار التقرير إلى أنه على إثر هذا التفاهم بدأت عملية عسكرية واسعة نواتها الأساسية الجيش الثالث، فيما الجيش الثاني اهتم بمهمة بسط الأمن في مناطق ساحلية. وتواجه القوات المصرية العاملة في سيناء تحديات كبيرة، أبرزها ما يمثله جبل الحلال من معقل مهم للمسلحين الجهاديين يرقى إلى نموذج تورا بورا. وهو يقع ضمن المنطقة «ج» التي يحرم اتفاق كامب ديفيد على الجيش المصري دخولها، ويتشكل من صخور رخامية ونارية وتنتشر فيه الكهوف، فيما وديانه كثيفة الأشجار، ولا سيما الزيتون. والتحدي الآخر الأبرز يتصل بإمكانية أن يتعمق التحالف بين بدو سيناء و«الإخوان» في تلك المنطقة".

ويسلط التقرير الضوء على تقدير موقف للجيش المصري، يستبعد فيه أن تلجأ قطر إلى تمويل «الإخوان» في مصر أو تسليحهم، وذلك مراعاة للموقف السعودي الواضح في معاداته للإخوان في كل المنطقة. ويظل المسرب الوحيد الخطر لتوريد السلاح للإخوان، هو ليبيا عبر سكة السودان، إضافة إلى إمكانية أن تؤدي «حماس» دورًا كبيرًا على هذا الصعيد.

قلق من روبرت فورد

يثير التقرير نقطة في منتهى الخطورة والحساسية، وذلك من خلال رصد إجابات متداولة في كواليس الجيش المصري عن سؤال: «لماذا اختير روبرت فورد سفيرًا لأمريكا في مصر؟».

أبرز هذه الإجابات تقول: إن تعيين فورد يعبّر عن انتصار «الخط السلفادوري» داخل النظرة الأمريكية لمقاربة الوضع في مصر. وتعود جذوره إلى تجربة أمريكا في القضاء على جبهة فادبوندومارني للتحرر الوطني المنقادة آنذاك من الحزب الشيوعي السلفادوري، وذلك في أواسط ثمانينيات القرن الماضي. حينها كُلِّف الثلاثي روبرت فورت - فرديريك هوف - جون نغروبونتي تطبيق تكتيكات منع الجبهة من الانتقال من الريف الذي حررت قسمًا كبيرًا منه إلى المدن. ونظم هؤلاء حينها «فرق الموت»، وصمموا تكتيكات «إدارة توتر أهلي منخفض» لنشر الرعب في المدن وثنيها عن تأييد الجبهة. هذا الثلاثي نفسه نُقل إلى العراق بعد إسقاط صدام حسين لإدارة توتر أهلي منخفض هناك، تصاحب مع إنشاء فرق الموت أيضًا. كذلك برز فورد خلال عمله كعضو خلية الأزمة الأمريكية تجاه سوريا، أنه صاحب نظرية «تلزيم الإقليميين إدارة حرب أهلية في سوريا» كسبيل وحيد لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وهذه السيرة الذاتية لفورد تبرر الآن مدى القلق السائد في أواسط قيادة الجيش المصري بخصوص خلفية إقدام واشنطن على تعيينه سفيرًا لها في القاهرة في هذه المرحلة.

نقلا عن "الأخبار اللبنانية".
الجريدة الرسمية