سرنجات الموت.. 35% من طواقم الرعاية الصحية ضحايا «الوخز الخاطئ».. والإبر ذاتية التدمير أول طريق الحل.. 3 ٪ نسبة انتقال التهاب الكبد الوبائى من خلال الإبر.. و٠٫٣٪ نسبة العدوى بالإيدز
هل سمعت يوما عن الإبر الملوثة؟ ماذا عن أضرارها فى مصر؟ هى كارثة يواجهها الأطباء والممرضون بشكل أصبح يشكل خطرا جسيما على حياتهم، إذ يعتبر “الوخز الخاطئ” والإبر الملوثة حسب الإحصائيات من أسباب وفاة 35% من أبطال الرعاية الصحية خلال مسيرتهم المهنية.
ولا تقتصر مخاطر هذه الحوادث على إصابات طفيفة، بل قد تُسبب أمراضا معدية قاتلة مثل فيروس التهاب الكبد الوبائى سى والإيدز.
وأوضح الدكتور محمود الشربينى، أخصائى أمراض الباطنة المتوطنة والكبد والحميات، أن “وخز الإبرة الخاطئ” هو اختراق الجسم بواسطة إبرة ملوثة بالدم أو سوائل الجسم الأخرى من شخص مصاب، لافتا إلى أن أبرز الأشخاص المعرضون لخطر شكة الإبرة الخاطئ هم العاملون فى المجال الطبى (الأطباء، الممرضات والممرضون، مختصو المختبرات، الصيادلة، إلخ)، مما يجعلهم أكثر عرضة للأمراض المعدية التى يمكن انتقالها عن طريق الوخز الخاطئ، ومنها فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، والتهاب الكبد الفيروسى B، والتهاب الكبد الفيروسى C، والتيتانوس، وأمراض معدية أخرى مثل الملاريا، واعتلالات الدماغ الإسفنجية المعدية.
وتابع الدكتور محمود الشربينى، فى تصريحاته لـ«فيتو»، أنه تبلغ نسبة انتقال التهاب الكبد الوبائى فيروس سى من خلال “الوخز الخاطئ” 3%، أى أن 3 من كل 100 شخص يتعرضون للوخز بإبرة ملوثة بفيروس C سيصابون بالعدوى، كما تبلغ نسبة انتقال فيروس نقص المناعة البشرية “مرض الإيدز” من خلال “الوخز الخاطئ” 0.3%، أى أن 3 من كل 1000 شخص يتعرضون للوخز بإبرة ملوثة بفيروس HIV سيصابون بالعدوى.
وأشار أخصائى أمراض الباطنة المتوطنة والكبد والحميات إلى أن شكة الإبرة تُشكل خطرًا جسيمًا لنقل الأمراض المعدية، ولكن يمكن اتخاذ خطوات للوقاية منها، ومن المهم غسل مكان الشكة فورًا، وإجراء اختبارات الدم، والتواصل مع الطبيب للحصول على التوجيه والمشورة، كما يُمكن الوقاية من شكة الإبرة من خلال اتباع ممارسات السلامة المناسبة، والحصول على التطعيمات الموصى بها.
وأضاف أنه من المهم أيضًا غسل مكان الشكة بالماء والصابون جيدًا لمدة 5 دقائق على الأقل، وألا تضغط على الجرح، إذ يسهم ذلك فى رفع درجات خطورة الإصابة بالعدوى، لافتا إلى أنه من الضرورى البحث عن صاحب الإبرة (إذا كان معروفًا) وطلب إجراء اختبارات الدم لفيروسات B وC وHIV (بموافقته)، وإجراء اختبارات دم لفيروسات B وC وHIV فى أقرب وقت ممكن.
وتابع: إذا لم يكن صاحب الإبرة معروفًا أو لم يوافق على إجراء الاختبارات، أو إذا لم تتمكن من تحديد مصدر الإبرة، فاتصل بالطبيب أو عيادة الصحة العامة للحصول على المشورة والتوجيه، وقد يصف الطبيب أدوية وقائية (مثل مضادات الفيروسات) لمنع الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، وقد يحتاج الشخص إلى تلقى لقاح التيتانوس إذا لم يكن قد تلقاه مؤخرًا.
وعلى جانب آخر، أوضح الصيدلى محمد القفاص، أن هناك تطورا ملحوظا فى مجال الصناعة الطبية فى مصر، عبر توطين صناعة نوع جديد من السرنجات، يطلق عليها “السرنجات ذاتية التدمير”، وهى نوع خاص يتم تصميمه لمنع إعادة استخدامه مرة أخرى بعد الاستعمال الأول، وذلك من خلال آلية معينة تجعل الإبرة غير قابلة للاستخدام بعد سحب الدواء أو المحلول.
وأشار القفاص إلى أن هذه السرنجات بمنزلة ثورة فى مجال السلامة الطبية، وذلك لما لها من فوائد جمة، أهمها الوقاية من العدوى، حيث تمنع إعادة استخدام الإبر، مما يُقلّل من خطر انتقال العدوى بالأمراض المعدية الخطيرة، مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) وفيروس التهاب الكبد الوبائى C.
وأوضح أن هذه الأمراض تُنقل عن طريق الدم أو سوائل الجسم الأخرى، كما أنها تسهم فى حماية العاملين فى المجال الطبى، وتقلّل من خطر تعرّض الأطباء والممرضين وغيرهم من العاملين فى المجال الطبى لـ”الوخز الخاطئ” بالإبر الملوثة، وذلك عن طريق القضاء على إمكانية إعادة استخدامها، كما أنها تعمل على تقليل تكاليف الرعاية الصحية على المدى الطويل، من خلال خفض معدلات العدوى بالأمراض المعدية، والتى تتطلب علاجات مكلفة.
وأكد عضو نقابة الصيادلة أن العديد من الخبراء نادوا بضرورة تعميم استخدام الإبر الآمنة فى جميع المرافق الطبية، مشددا على أن حماية أرواح الأطباء والممرضين يُعدّ مسئولية أخلاقية وإنسانية لا يمكن التغاضى عنها، ومن واجب الحكومات والمنظمات الصحية توفير الإبر الآمنة لجميع العاملين فى المجال الطبى، كما يجب على المستشفيات والمراكز الطبية سنّ سياسات صارمة تُلزم باستخدام هذه الإبر.
ومن جانبه أوضح الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الدواء أنه فى عام 2018، اتخذت مصر خطوة هائلة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى من هذا المنتج الطبى الهام، وهو الإبر ذاتية التدمير، من خلال إطلاق مشروع لتوطين صناعة السرنجات ذاتية التدمير، وذلك بالتعاون مع شركات عالمية رائدة فى هذا المجال.
ويُسهم هذا المشروع فى تقليل اعتماد مصر على استيراد السرنجات من الخارج، وذلك من خلال تصنيعها محليًا مما يُوفّر العملة الصعبة ويُعزّز الاقتصاد الوطنى ويخلق فرص عمل جديدة للشباب المصرى، وذلك فى مختلف مراحل التصنيع والتسويق، كما أنه يسهم فى تحسين جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، وذلك من خلال توفير أدوات طبية آمنة وفعالة.
وأضاف عنان فى تصريحات له أن دراسات الجدوى الاقتصادية أثبتت أن توطين صناعة السرنجات ذاتية التدمير فى مصر سيُؤدّى إلى تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة، إذ أظهرت الدراسات أن توطين هذه الصناعة سيُوفّر 15 مليون جنيه مصرى سنويًا على تكاليف الرعاية الصحية، وذلك من خلال خفض معدلات العدوى بالأمراض المعدية، كما أنه يُمكن لتوطين هذه الصناعة أن يسهم فى زيادة إيرادات التصدير، وذلك من خلال فتح أسواق جديدة لتصدير السرنجات المصرية إلى الدول الأخرى.