زغلول صيام يكتب: اعيدوا لمهنة الصحافة والإعلام وقارها قبل فوات الآوان!!
عندما فكرت أن أمتهن مهنة الإعلام والصحافة كنت أقرأ لكبار الكتاب وأعلم المكانة التي يحتلونها في المجتمع حيث كان الجميع يتودد إلى الصحفي أو الإعلامي من أجل أن يسلط الضوء عليه وبالتالي كانت العلاقة قائمة على الاحترام والتقدير في المقام الأول.. قرأت لقامات كان مجرد السلام عليهم هو مصدر فخر لأي شخص سواء كان سياسيا أو فنانا أو رياضيا أو أي نجم في مجاله.
بدأت العمل في الصحافة الرياضية وقد رأيت بأم عيني رئيس التحرير يؤنب زميلا لمجرد أنه لمحه في إحدى المباريات عندما جاءت الكاميرا عليه وهو يشجع فريقه في الدوري الممتاز بعد الفوز بالدوري وظل يقول له كلما قابله ولماذا لم تحمل اللاعب الفلاني على الأعناق كما كانت تفعل الجماهير!!
عملت في بلاط صاحبة الجلالة وأنا أذهب لتغطية المباريات في المكان المخصص للإعلاميين وكان عيب أن تظهر انتماءك ولكن مع مرور الزمن فوجئت بأن هناك مكانا مخصصا لإعلاميي الأهلي وآخر لإعلاميي الزمالك وتقريبا تحدث مناوشات ثم طغى على كتاباتهم وتحولت إلى دفاع بعيدا عن أنه يدافع عن حق أو باطل.
كنا شهودا على أمور كثيرة كان دخول ماسبيرو لمجرد الظهور في التليفزيون فخرا ما بعده فخر لدرجة أن بعض أدعياء الشهرة كانوا يدفعون من أجل الظهور في خلفية الصورة مع الكاميرا وللأسف أصبحوا الآن مقدمين برامج.
وقرأت كثيرا لكبار الكتاب كيف أن كبار الفنانين يسعون لصداقتهم بل إن أشهر الفنانين لا تندهش عندما تراهم في مقر الأهرام أو الأخبار للقاء الكاتب فلان أو علان.. نعم هذا ما كنا عليه في حقبة من حقب الزمن القريب ولكن الآن.
ماذا حدث؟
جرى على مهنة الصحفي والإعلامي ما جرى عليها في زمن الترند وبدأ البعض يبحث عن الأعلى قراءة دون الاهتمام بوقار مهنة عظيمة.. البعض يزج بشباب الصحفيين في أتون معركة ليسوا طرفا فيها من أجل تصوير جنازة أو تصوير فرح لدرجة أن الناس ضجوا من هذه الفجاجة في التعامل مع الأمور وبالتالي قلت الهيبة وأصبحنا نرى عجب العجاب.
رأينا التعامل الجاف وبات الصحفي غير مرغوب فيه وهو معذور لأنه ينفذ ما يملي عليه وليست الجنازات وحدها وإنما وجدناه في الملاعب والمؤتمرات الصحفية والتطفل علي اللاعبين بشكل جعلهم يهربون من الإعلام وينظرون إليه نظرة في غير محلها.
أزعم أنني سافرت مع المنتخب الوطني سفريات كثيرة وفي بعضها كنت الصحفي الوحيد- يعني واكل شارب نايم معهم في نفس الفندق- ورغم ذلك لم أطلب من واحد فيهم صورة أو أن أطلب صورة من هذا المسئول أو ذاك وفي مرة كنت في مطار برشلونة ووجدت حالة هرج في المنتخب فسألت وأجابوني أن فريق برشلونة موجود في المطار والكل يلتقط الصور معاه ولكن وقفت صامتا وعندما عدت دُهِشَ أولادي من أني لم أتصور مع نجوم برشلونة وميسي علي وجه التحديد فاكتفيت بالصمت!!
نعم نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام عليه دور كبير في إعادة الهيبة لمهنة فقدت الكثير من بريقها ولا بد من الحفاظ على البقية الباقية.. ونقابة المهن التمثيلية عندما تصدر بيانا ترفض فيه استقبال الصحفيين في عزاء المغفور له الفنان صلاح السعدني هو بمثابة ناقوس خطر سبقه إنذارات كثيرة.
ربما أحلم ولكنه حلم جميل في عودة الوقار لمهنة أوشكت على الضياع.. كلنا أمل في أن تقوم النقابة بدورها في خدمة المهنة قبل الخدمات الاجتماعية الأخرى لأنه لو تحسنت المهنة ستعود أشياء كثيرة افتقدناها.