الأسباب الخفية في عدوان إسرائيل الإجرامي على مدرسة بحر البقر.. حرب الاستنزاف دمرت قدرات العدو.. وذكاء عبد الناصر أجبر الصهاينة على انتظار أوامر القيادة المصرية
لم تسلم دولة في المنطقة من شر الاحتلال الصهيوني، تاريخ حافل بالمجازر والدماء، جعل هذا الكيان غصة في حلوق الجميع، وأحد أسوأ مجازره التي نفذها منذ وضع بذرته بالمنطقة، حدثت في مثل هذا اليوم من عام 1970، بعد أن أقدم على ضرب مدرسة بحر البقر الابتدائية الواقعة جنوب بورسعيد وقتل الأطفال والأبرياء العزل.
لكن لماذا هذا الجنون ضد الأطفال.. ومن المستهدف من الضربة ؟ «فيتو» تكشف القصة كاملة
من آخر الأحداث، تفاصيل الهجوم على مدرسة بحر البقر
مدرسة بحر البقر كانت عبارة عن مبنى مكون من طابق واحد، يضم ثلاثة فصول دراسية، في قرية بالأساس تحمل نفس الاسم ـ بحر البقر ـ وتقع على مشارف محافظة الشرقية وجنوب بورسعيد.
في حدود الساعة 9:20 من صباح يوم الأربعاء 8 أبريل، أطلقت إسرائيل بواسطة قاذفات مقاتلة تابعة للقوات الجوية الإسرائيلية من طراز فانتومF4 خمس قنابل وصاروخان جو-أرض على المدرسة وأسفر القصف الجوي الإسرائيلي عن مقتل 46 طفلًا من بين 130 طفلًا التحقوا بالمدرسة، وأصيب أكثر من 50، ودمرت المدرسة بالكامل.
الرواية الرسمية الإسرائيلية عن مجزة بحر البقر
الرواية الرسمية الإسرائيلية في ذلك التوقيت جاءت على لسان وزير الدفاع موشيه ديان والمبعوث الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة يوسف تيكواه، وكلاهما أكد أن المدرسة تقع داخل منشأة عسكرية، والأكثر فداحة في الكذب أنهما قدما صورًا من أقمار الاستطلاع الاصطناعية التي تدعم هذا الادعاء، كما جادلوا بأن بعض الطلاب في المدرسة كانوا يتلقون تدريبات عسكرية، مما يبرر أفعالهم بشكل أكبر.
وفي سنوات لاحقة لجأت إسرائيل إلى محاولة التطهر من دماء أطفال مصر، واعتبرت تفجير بحر البقر بعد سنوات طويلة من الإنكار أنه كان «خطأً بشريًا مأساويًا» وزعموا أن الجيش الصهيوني كان يعتقد أن المدرسة هي منشأة عسكرية مصرية ولم يقصد الهجوم عليها.
رد الفعل الغربي على الضربة الهمجية للطلاب المصريين
دعم الغرب إلى حد كبير الرواية الإسرائيلية، وزعموا أن هناك خلاف كبير بين الطرفين وحلفائهم حول الدافع وراء الهجوم، وبالتالي التسمية المناسبة ليست مجزرة كما أُطلق على الحادث في مصر وحلفائها وطالبوا باعتبارها جريمة حرب، واعتبرها الغرب خطأ بشريا من الجانب الإسرائيلي لاعتقاده أن المدرسة منشأة عسكرية مصرية.
أدلة كذب الرواية الإسرائيلية عن مدرسة بحر البقر
تاريخ المجاز الإسرائيلية يؤكد أنها تستخدم المدنيين لإذلال الخصوم، وفي السياق المصري لم تكن مدرسة بحر البقر الوحيدة التي استهدفها الاحتلال، بل دمرت إسرائيل مصنع أبو زعبل، وأسفر الهجوم عن مقتل 80 عاملًا مدنيًا، واعترفت الحكومة الإسرائيلية نفسها بزيف ادعاءاتها وأكدت أن قصف أبو زعبل كان خطأً.
الأسباب الحقيقية لارتكاب مجزرة بحر البقر
بعيدا عن الكذب الإسرائيلي بشأن استهداف المدنيين والأطفال المصريين خلال هذه المرحلة، البحث في أسباب الهيستريا الإسرائيلية يقودنا إلى الأسباب الحقيقية لذلك، والتي تعود إلى يوم 23 يونيو 1967، بعد أقل من شهر من انتهاء حرب الأيام الستة ـ نكسة 1967 وإعلان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حرب الاستنزاف ضد العدو الصهيوني.
كانت حرب الاستنزاف مفاجئة ومختلفة عن كل حروب إسرائيل السابقة، لم تكن هناك اختراقات سريعة للدبابات، ولا تحركات تذكر للقوات البرية المصرية، وبدلًا من ذلك أصبحت هناك مبارزات مدفعية، وغارات جريئة شنتها مجموعات صغيرة من المظليين المصرين، ومبارزات انتقامية شرسة في الهواء، كشفت عن طييعة المواجهة التي تنتظر القوات الجوية الإسرائيلية في القريب العاجل من السلاح الجوي المصري وقدراته الحقيقية التي لم تظهر بعد.
خلال المواجهة وضع عبد الناصر بطاريات المدفعية على طول قناة السويس بأكملها ـ خط المواجهة مع القوات الإسرائيلية ـ وعزز قوات الدفاع الجوي الوطنية بشكل كبير بعد أن كانت تعتمد في البداية على أنظمة الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات.
وفي نهاية عام 1969 تم استكمال هذه الأصول بمنظومات الدفاع الجوي المحمولة والقادرة على ضرب الأهداف على ارتفاعات منخفضة حتى 100 متر، والمدافع ذاتية الدفع المضادة للطائرات مع توجيه راداري.
تدمير الاقتصاد الإسرائيلي في حرب الاستنزاف
نجحت خطة ناصر في وضع إسرائيل تحت ضغط مرعب، أجبرها على الاحتفاظ بعدد كبير من جنود الاحتياط الأمر الذي أثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي ودمره بشدة، وجعل إسرائيل تحت رحمة القيادة الناصرية، خاصة أن مصر حظيت في هذه الحرب بفرص نجاح أفضل كثيرا من فرص إسرائيل، من حيث الضغوط الاقتصادية الكبيرة، وسخونة الرأي العام في دولة الاحتلال، الذي أصبح حساسًا بدرجة كبيرة من أي أنباء عن خسائر عسكرية ضخمة على الجبهة المصرية.
كما حرمت حرب الخنادق في فترة الاستنزاف، إسرائيل من فرصة استغلال ميزتها التقليدية في عمليات المناورة الهجومية، وسمحت لمصر باستغلال تفوقها الهائل في القوة البشرية والمدفعية وأصبحت سيطرة الاحتلال على طول قناة السويس مجرد روتين ممل للجيش الصهويني الذي أصبح في مرمى نيران الجنود المصريين الذين يخرجون مثل السيل من الخنادق، ويفاجئون العدو بضربات قاتلة.
على المستوى البحري وقع الحادث المأساوي الكبير في 21 أكتوبر 1967 بعد أن أغرقت زوارق الصواريخ المصرية المدمرة الإسرائيلية إيلات، التي كانت تقوم بدوريات على ساحل البحر الأبيض المتوسط في سيناء، وعلى أثرها قُتل 47 بحارًا وأصيب 97 آخرون.
وفي 8 سبتمبر 1968 شعر الجنود الإسرائيليون بالرعب من انفجار آلاف القذائف المصرية على طول القناة بأكملها، والقصف الذي استمر نحو 6 ساعات كاملة، وأطلق خلاله أكثر من 10 آلاف قذيفة، وبعده مباشرة وجهت ضربات مصرية في 26 أكتوبر ـ أقل من شهر ـ على العملية الأولى لتنتهي كل عملية بقتل وإصابة عشرات الجنود الإسرائيليين لدرجة أنهم أطلقوا على عملية أكتوبر «السبت الأسود».
لم يستطع الجيش الإسرائيلي الرد على العسكرية المصرية، وبدلا من ذلك بدا يستهدف المدنيين والبنية التحتية، قصفت المدفعية الإسرائيلية مدينتي السويس والإسماعيلية، وقصفت مرة أخرى بقايا مصفاة النفط.
كما هبط عددا من المظليين الإسرائيليين بواسطة طائرات هليكوبتر في عمق الأراضي المصرية، على بعد مئات الكيلومترات من قناة السويس ليس للاشتباك مع الجيش المصري، ولكن لتفجير جسور على نهر النيل، ومحطة فرعية كبيرة للمحولات الكهربائية في نجع حمادي.
ولجأ الجيش المصري في المقابل إلى سد الثغرات التي ينفذ منها الاحتلال، فتوقف مؤقتا حتى مارس 1969، واتضح هنا أهداف الاحتلال وطريقته في الرد لإرغام جيش وطني على حمايه أرواح المدنيين والبنية التحتية للبلاد.
حشد الجيش المصري عشرات الآلاف من الجنود وعدة مئات من الأسلحة المختلفة، مدافع هاون ثقيلة ومدافع هاوتزر، ومدافع موضوعة في مواقع مجهزة ومتباعدة في العمق.
في 8 مارس 1969 أستأنف الجيش المصري حرب الاستنزاف وكانت نقطة تحول بدرجة أكثر خطورة على الصهاينة، إذ بعد انقطاع طويل أطلق الجيش المصري قصفًا مكثفًا على المواقع الإسرائيلية على طول القناة بأكملها.
وبدأ القصف المصري يحدث بشكل متكرر وازدادت حدته، وقررت مصر الاستفادة الكاملة من تفوقها في عدد الأسلحة وقدرتها على تحمل الخسائر بشكل لا يضاهى.
وقعت اشتباكات مدفعية شرسة استمرت لساعات، ويومًا بعد يوم، من شهر مارس إلى أبريل 1969 وعانى جيش الدفاع الإسرائيلي من الخسائر المستمرة واستنزاف المدفعية الإسرائيلية التي لم تتمكن من قمع نيران المصريين.
في المقابل قررت مصر إخلاء سكان مدن السويس والإسماعيلية وبورسعيد الواقعة على طول القناة حتى لا يستخدمهم العدو رهائن له، بالنسبة لمصر أرواح أبنائها أكثر قيمة من مصافي النفط التي استهدفها العدو بالفعل، وبحسب البيانات الرسمية المصرية، تم إجلاء نحو 600 ألف من سكان هذه المدن إلى داخل البلاد.
وبسبب هذه الملحمة، لم يكن أمام إسرائيل لإيقاف يوم القيامة المصري، إلا تدبير عمليات إجرامية ضد المدنيين المصريين على أمل إيقاف الجحيم العسكري الذي كان يصدر مجرد مقدمات فقط مما يستطيع المصريون فعله أمام عدوهم.
وأصبحت جريمة مدرسة بحر البقر وغيرها، شاهدة على دناءة الاحتلال، وقوة وعظمة المصريين في دفاعهم عن بلادهم، وكبرياء الجيش وتضحياته لحماية شعبه في المقام الأول، واستمر الأمر كذلك حتى النصر المبين في أكتوبر 1973 الذي انتقم لشهداء بحر البقر وأبو زعبل وسائر المذابح الإجرامية الصهيونية ودمر أسطورة الجيش الذي لايقهر.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.