ساخرون، حكاوي زمان.. صلاح حافظ يكتب: ارحموا الصائمين يرحمكم الله
فى مجلة روز اليوسف وفي شهر رمضان عام 1985 كتب الكاتب الصحفى صلاح حافظ ، الذي رحل عام ١٩٩٧ مقالًا قال فيه:
كل من هب ودب يتهم المصريين بأنهم حولوا شهر الصيام إلى شهر احتفال بالطعام والشراب والسهر والجلوس أمام التلفزيون مع المسلسلات والفوازير، ودعاة الورع يتبارون فى تأنيبنا على الانشغال باللحوم والجوز واللوز والكنافة والقطايف بدلًا من الانشغال بالعبادة.
ويسمع الشعب هذا فتكاد تقف اللقمة فى حلقه، ولا تسعفه غير برامج التليفزيون، يهرب إليها من هذا التأنيب المستمر وإلقاء الاتهامات واللت والعجن، وليس صحيحًا أن الشعب المصرى يحتفي بالطعام فى رمضان، إنما الصحيح أن كافة الشعوب فى كافة الأزمنة تحتفل بالمناسبات الدينية وغير الدينية على طعام قبل الإسلام وبعده، لأنها فطرة بشرية.
ويأتي دور حكماء الاقتصاد وهم يتندرون بإنفاق الحكومة على قمر الدين والمكسرات واستيراد فوانيس رمضان فى بلد يعاني عجز الميزانية، ويتصورون أن الشعب الذي يكتوي بنار هذا العجز مفروض عليه أن يتلهي على عينه، ولا يطالب في رمضان بجرعة شراب قمر الدين تبل ريقه.
وهي نظرة كفيلة لو أخذت بها الحكومة، لا أن يطفح كيل الناس وتنصب لعناتهم المستجابة في رمضان على الذين كانوا السبب في حرمانهم من بلة الريق. صحيح أن هذا الاحتفاء بالطعام يتجاوز الحد في رمضان ويبدو هذا متناقضًا مع المناسبة التي هي شهر الصوم والامتناع عن الطعام، لكن المسئول عن هذا هو الامتناع نفسه.. فالناس يعدون لمائدة الإفطار وهم صائمون والجائع لا حدود لشهيته، وليست هذه سمة مصرية إنما هي طبيعة الإنسان.
أيها السادة الأفاضل دعوا الشعب في حاله وفي همه ولا تنغصوا عليه صيامه وطعامه واحتفاءه برمضانه، فالشعب هو الذي يصوم، وهو الذي يأكل وهو الذي يدفع، والله تعالى اختار الصوم من بين كافة العبادات ليكون له وحده.. اتركوا للشعب رمضانه يحتفي به على طريقته وسيقبل الله تعالى صيامه، ولن يغضب كما يغضبون لمظاهر احتفائه.. ارحموا يرحمكم الله.
