أزمة فى سوق الأدوية.. 5 آلاف صنف من الأكثر مبيعا تحتاج إلى زيادة أسعار بنسبة لا تقل عن 50%.. و«الإكس باير» كارثة
يمر سوق الدواء ومهنة الصيدلة فى مصر بواحدة من أسوأ الأزمات فى تاريخ هذا الوسط، من أزمات طاحنة أساسها تحرير سعر الصرف، إلى زيادة سعر الدولار، الأمر الذى أثر سلبا على شركات الدواء والمنتجين فى ظل استمرار التسعيرة الجبرية للأدوية التى تسببت فى خسارة غير مسبوقة للشركات.
كما يعانى سوق الدواء من نقص شديد فى الأدوية والبيع بدون خصومات للصيدليات بالسعر الجبرى، وبذلك لا تحقق أى مكاسب بل خسائر مستمرة مع وجود مشكلة الأدوية منتهية الصلاحية المستمرة منذ سنوات دون حلول، وكذلك ظهور التطبيقات الإلكترونية لبيع الدواء وتجاهل الصيدليات مما يهدد بتدمير المهنة.
ورغم المشكلات والتحديات، لا يوجد تواصل نهائيًا بين نقابة الصيادلة وهيئة الدواء، المسئولين الأولين عن الصيادلة والدواء والمهنة، مما يزيد الوضع سوءا، ومع ذلك حدثت انفراجة بعض الشيء، بعد أن فوجئ الوسط الصيدلى منذ أيام بزيارة رئيس هيئة الدواء لنقابة الصيادلة لأول مرة منذ إنشاء هيئة الدواء، إذ يتمتع رئيسها بدرجة وزير، مما كان له مردود إيجابى فى الوسط الصيدلى بالاستماع لمشكلاتهم وحلها وإنقاذ المهنة.
يقول الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، إن هناك تحديات كثيرة تواجه مهنة الصيدلة، منها المرتجعات والأدوية منتهية الصلاحية، والخصومات القليلة أو المنعدمة للصيدليات بالنسبة للأدوية، مؤكدا أن زيارة رئيس هيئة الدواء إلى نقابة الصيادلة بمنزلة تدخل للحفاظ على المهنة وحل مشكلات الصيادلة كما تعتبر نظرة إيجابية ونموذجا للتعاون المثمر الذى ينعكس على صالح مهنة الصيدلة.
وأشار لـ”فيتو” إلى أن الأدوية منتهية الصلاحية قضية تمثل إشكالية كبرى لسوق الدواء، إذ أصبحت عبئا ماديا وتتسبب فى خسائر للصيدليات، وتمثل خطورة على حياة المواطن، مطالبا بتنظيف السوق من الأدوية منتهية الصلاحية، لأنها تحولت إلى تجارة ويتم شراؤها لإعادة تدويرها ووضع تاريخ جديد عليها.
وكشف عن مشكلة كبرى وهى أزمة تسعير الدواء بعد ارتفاع سعر الدولار من ٣٠ جنيها إلى ٤٧ جنيها فى البنك المركزى مما تسبب فى زيادة تكاليف الإنتاج على شركات الدواء التى تم تسعير الأدوية لديها بسعر الدولار ٣٠ جنيها متسائلا: من يتحمل فارق سعر العملة؟ ومن يتحمل خسائر صناعة الدواء؟
وأضاف: مع تحرير سعر الصرف أصبح إلزاميا على الشركات دفع فرق سعر الدولار بملايين الجنيهات لإخراج المواد الخام الموجودة فى الجمارك، وإذا استطاعت الشركات ودبرت هذه المبالغ فهل ستنتج أدوية تباع بسعر لا يحقق تكاليف إنتاجه، وكيف تدبر الشركات موارد مالية جديدة لشراء مواد خام أخرى، وأوضح أن مصانع الدواء أصبحت مطالبة بالدفع للبنوك المصرية الوطنية فرق السعر فى العملة، وإذا لم يدفع المصنع تلغى المعاملة.
وطالب رئيس شعبة الدواء من هيئة الدواء المصرية فور تحرير سعر الصرف بسرعة اتخاذ قرار فى أسعار الأدوية، موضحا أن رد هيئة الدواء يتمحور حول منحهم شهرين لحين دراسة أى الأدوية تحتاج إلى زيادة فى السعر متسائلا: هل هيئة الدواء ليس لديها سيناريو للتعامل مع أسعار الدواء عند رفع سعر الدولار البنكى؟ واستنكر بطء التعامل مع ارتفاع سعر الدولار، الأمر الذى يستغرق وقتا قد يصل إلى شهور حتى رفع الأسعار بما يهدد كيان صناعة الدواء.
وتساءل رئيس شعبة الأدوية: من يعوض أصحاب الشركات؟ مؤكدا أنه لا بد من تصعيد الأمر لأن صناعة الدواء الوطنية تقف بجانب البلد فى الأزمات الصحية، واصفا ردود هيئة الدواء بأنها مجرد مسكنات دون حل جذرى على أرض الواقع، مطالبًا بالتسعير العادل لتعويض شركات الدواء عن الخسائر التى لن تقل عن 10 إلى 15 مليار جنيه بنهاية العام.
وشدد على أن زيادة أسعار الأدوية يجب ألا تقل عن 50% من سعر كل عبوة لـ1500 صنف دواء تحتاج للزيادة بشكل عاجل ثم يتبعها 1500 أخرى لحين زيادة أسعار 5 آلاف صنف دواء هم الأكثر مبيعا فى مصر على مراحل مع انتهاء 2024، لافتا إلى وجود 17 ألف صنف دواء متداول فى السوق.
وشدد على ضرورة زيادة الأسعار حتى تستطيع الشركات مواصلة الإنتاج، لافتا إلى أن المريض يمكنه شراء البديل الأقل سعرًا، وأوضح أن سوق الدواء العام الماضى حقق حجم استثمارات بقيمة 150 مليار جنيه ويحتاج لشراء مواد خام بمبلغ 3 مليار دولار على مدار السنة وعند حساب 3 مليار دولار فى 30 جنيها سعر الدولار قبل ارتفاعه أى 90 مليار جنيه بينما 3 مليارات دولار فى 50 جنيها بعد ارتفاع سعر الدولار أى 150 مليار جنيه، لافتا إلى أن الفرق يمثل خسائر لشركات الأدوية تحتاج إلى تدبيرهم.
وتابع حديثه: المواد الخام للأدوية التى كانت متراكمة فى الجمارك بقيمة 70 مليون دولار، تم دفع مبالغها على السعر الجديد للدولار بخسارة لشركات الدواء، متسائلا: المواد التى سيتم شراؤها بعد ذلك كيف يتم تدبير مبالغها وهى تباع بأسعار زهيدة.
من جانبه قال الدكتور محمد الشيخ نقيب صيادلة القاهرة، إن رئيس هيئة الدواء المصرية وعد بعدم التجاوز فى حقوق أى صيدلى إلا الصيادلة المخالفين للقانون ويرتكبون مخالفات صارخة نظرا لوجود شكاوى من صيادلة المحافظات بتعنت التفتيش ضدهم وتحرير محاضر رسمية على مخالفات بسيطة أو أمور لا تعد مخالفات واضحة.
وعن أزمة الأدوية منتهية الصلاحية، قال نقيب صيادلة القاهرة إنه حصل من قبل على موافقة وزير المالية باعتماد الأدوية المنتهية واستبدالها من قبل المصانع وإعدامها وإهلاكها وخصمها من قيمة ضرائب المصنع، إلا أن الموافقة لم تفعل، إذ كان يحتاج لاجتماعات لوضع بروتوكول لآلية السحب بين كل الجهات المعنية سواء نقابة الصيادلة أو شعبة الأدوية وغرفة صناعة الدواء.
من جانبه قال الدكتور عبد الناصر سنجاب، عضو لجنة إدارة نقابة الصيادلة تحت الحراسة القضائية، إن هناك الكثير من التحديات فى مهنة الصيدلة وسوق الدواء منها تسعيرة الدواء والتطبيقات الإلكترونية لافتا إلى أنه بالنسبة لمشكلة تسعيرة الأدوية سيتم وضع باركود من هيئة الدواء على كل عبوة لتوحيد أسعار الدواء وستكون أى زيادات فى الأسعار مقننة، مؤكدا أن رئيس هيئة الدواء شدد على أنه لن يتم المساس بأى صيدلى يتعرض لضرر.