فخ أمريكا الجديد لغزة.. محاصرة المقاومة من جميع الاتجاهات وحرمان «حماس» و«السلطة الفلسطينية» من الإدارة.. خبراء: الدول العربية رفضت المقترح.. والمبادرة تمهيد لمعركة رفح
منذ اللحظة الأولى لطوفان الأقصى فى 7 أكتوبر الماضي، كان السؤال ما هى خطة اليوم التالى حين تسكت النيران ويجلس الجميع حول طاولة المفاوضات، ورغم أن دولا كثيرة تمارس الضغط على دولة الاحتلال لوقف الحرب، لكن ما زالت الأمور كارثية على الشعب الفلسطيني، فيما بدأت خطة أمريكية تلوح تفاصيلها فى الأفق.
الخطة الأمريكية بدأت ملامحها بعد الجولة التى أجراها وزير الخارجية الأمريكي، أنتونى بلينكن فى الشرق الأوسط، ورغم أن الخطة ما زالت فى البداية إلا أنها اصطدمت برفض دولى وعربى لها فى مجلس الأمن، فاستخدمت الصين وروسيا حق الفيتو لإجهاض المشروع الأمريكى والدول العربية أيضا عارضت المشروع.
وتقوم خطة اليوم التالى للحرب على غزة على 4 أركان للتعامل مع القطاع من ضمنها عدم عودة حماس إلى حكم غزة، بينما تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية الكاملة على القطاع، بما فى ذلك تفتيش البضائع التى تدخل إلى المنطقة وتخرج منها، على ألا يقيم مدنيون إسرائيليون فى المنطقة، أما إعادة الإعمار فتتولاها قوة متعددة الجنسيات بقيادة أمريكا تضم شركاء إقليميين وأوروبيين.
وبموجب هذه الخطة، يلعب الجانب الفلسطينى دورا محدودا، لكن بشرط ألا تكون هناك أعمال عدائية أو تهديدات لإسرائيل، بجانب دور مصرى لم تتكشف تفاصيله بعد.
وأكدت تقارير أن الخطة الجديدة، تُجرد السلطة الفلسطينية وحماس من القيام بأى دور فى قطاع غزة، بجانب أنها تدفع إسرائيل لتحقيق أهدافها العسكرية فى المرحلة المقبلة من الحرب فى غزة.
فى هذا السياق، يرى طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية أن الخطة الأمريكية ستفشل، نظرا لعدم مراعاة العديد من الظروف، من ضمنها إصرار حكومة نتنياهو على مواصلة الحرب واجتياح رفح، موضحًا أن جولة بلينكن فى المنطقة لم يكن فقط هدفها وقف إطلاق النار فى غزة، فزيارته إلى السعودية تهدف إلى دفع مفاوضات التطبيع مع إسرائيل، محاولا استغلال ورقة غزة فى الضغط على المملكة، بينما تهدف زيارة بلينكن إلى مصر إلى طمأنة القاهرة.
وتابع “فهمي” لا يمكن تنفيذ الخطة الأمريكية فى الوقت الراهن لعدة أسباب من ضمنها إصرار إسرائيل على تجريد السلطة الفلسطينية من صلاحياتها والقضاء نهائيا على حماس، وهى أمور يصعب تحقيقها على الأرض، كما أن الخطة لم تراع التصعيد الكبير الذى شهدته المنطقة بأكملها ولم تعط أى ملامح عن حل الدولتين ولم تضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
وأكد أستاذ العلوم السياسية، أن الخطة فخ لتصفية القضية الفلسطينية ومنح إسرائيل الضوء الأخضر للسيطرة على كافة قطاع غزة والضفة الغربية ورفح وحتى المنافذ دون قتال أو مقاومة. واصفًا تلك المحاولات التى تقوم بها إدارة الرئيس الأمريكى بايدن بأنها محاولات لتحسين صورة الحزب الديمقراطى قبيل الانتخابات الرئاسية فقط.
ويعلم الإسرائيليون جيدا أن دونالد ترامب، صاحب الحظ الأكبر للفوز بالانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك فهم يماطلون من أجل كسب الوقت، لحين قدوم الانتخابات، لأنه سيساعدهم على تحقيق كل أهدافهم، واختتم طارق فهمى حديثه بأن هناك مشروعا فرنسيا ستقدمه باريس إلى مجلس الأمن يدعو إلى وقف فورى ودائم لإطلاق النار فى قطاع غزة، موضحا أنه أفضل مشروع تم تقديمه حتى الآن.
تهدئة أوضاع
فى السياق ذاته، قال السفير رخا أحمد، مساعد وزير الخارجية الأسبق: إن الهدف الأساسى من الخطة الأمريكية التى كشفتها جولة وزير الخارجية، أنتونى بلينكن، هو تهدئة الأوضاع فى قطاع غزة بشكل مؤقت وتهدئة الدول العربية وليس وقفا دائما لإطلاق النار.
وتابع: إن أمريكا لا تعارض العملية العسكرية الإسرائيلية فى رفح، ولكنها تريد تأجيلها ليس أكثر، وذلك للحفاظ على صورتها التى تشوهت بسبب الدعم الكبير الذى قدمته لتل أبيب فى العدوان الغاشم الذى تسبب فى سقوط الآلاف من الشهداء فى صفوف المدنيين.
وأكمل: “تعتبر الخطة الأمريكية مجرد دعاية ترويجية لتجميل الصورة التى شوهتها الحرب الإسرائيلية على غزة، وأيضا لإسكات الرأى العام فى الشارع الأمريكي، والذى أصبح يمثل ضغطا كبيرا على إدارة بايدن التى تسعى إلى كسب التأييد العالمي، وعدم إفساح مجال أمام روسيا والصين باستغلال ورقة القضية الفلسطينية لكسب مزيد من التأييد”.
واستطرد: إن إسرائيل فى النهاية تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على فصائل المقاومة، ولكن تحت مظلة إجلاء النازحين إلى مناطق آمنة، وستجرد الخطة الأمريكية السلطة الفلسطينية من صلاحياتها وتضع السيطرة بشكل كامل فى يد جيش الاحتلال، كما أنها لم تضع توقيتا لانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة.
واختتم السفير رخا حديثه محذرا من استخدام الولايات المتحدة وإسرائيل لفكرة الميناء البحرى الذى تجهزه واشنطن على سواحل غزة فى تهجير الفلسطينيين من القطاع، خاصة أن ذلك سيكون له تأثير مدمر ليس فقط فى الأراضى المحتلة ولكنه سينتقل لكافة دول المنطقة.