حكومة ضد الغلابة.. غليان بين النواب بسبب رفع أسعار المحروقات والدفع بالمصريين فى نيران موجة غلاء جديدة
يبدو أن البرلمان والحكومة على موعد مع صدام قريب بسبب تحريك أسعار المنتجات البترولية فى وقت شديد الصعوبة، حيث استقبل المصريون شهر رمضان هذا العام فى ظل أعباء اقتصادية صعبة، وارتفاعات متتالية فى أسعار السلع منذ بداية العام الحالى رغم تراجع سعر الدولار فى السوق السوداء، وبدلا من تحريك الأسعار نحو انخفاض مناسب، تحركت الأسعار ولكن فى المنتجات البترولية ما ينعكس على أسعار السلع كافة.
وحسب خبراء، أدى قرار رفع أسعار المنتجات البترولية إلى زيادة معاناة المصريين، وأربك الأسر، وفجر جدلا على «السوشيال ميديا» ليتصدر هاشتاج (#البنزين) منصة (إكس).
الحكومة من جانبها ترى أن الزيادة الجديدة على البنزين والسولار خلفه ارتفاع أسعار النفط عالميا نتيجة للحرب على غزة، وقبلها الحرب الروسية الأوكرانية، كما يأتى القرار انطلاقا من التزامها بما تم الإعلان عنه منذ يوليو 2019 بتطبيق آلية التسعير التلقائى على بعض المنتجات البترولية، حيث تستهدف الآلية تعديل أسعار بيع المنتجات بالسوق المحلية ارتفاعًا أو انخفاضا كل ربع سنة.
من ناحيته، كشف النائب إيهاب منصور، عضو مجلس النواب، عن عزمه التقدم بسؤال برلمانى إلى الحكومة حول تداعيات زيادة أسعار المواد البترولية، قائلا: الأمر يحتاج للعديد من الإيضاحات.
وأشار النائب فى تصريح خاص لـ”فيتو” إلى أن أى زيادة فى رواتب الموظفين سيتبعها زيادة فى أسعار كافة السلع والخدمات، فضلا عن الضرائب المرتفعة التى يتحملها قطاع عريض من المواطنين.
وأوضح عضو مجلس النواب، أن نسبة زيادة أسعار المواد البترولية ليست مناسبة، قائلا: لا نعلم كيف تم دراسة هذه النسبة.
ولفت النائب إلى أنه من بين ما ترتب على زيادة أسعار المواد البترولية، رفع أسعار تعريفة الركوب، والتى جاءت هى الأخرى لا تتناسب مع الزيادة، فضلا عن التجاوزات فى العديد من المواقف فى مخالفة الأجرة الرسمية.
وأكد عضو البرلمان، أن هذه الزيادات تأتى فى ظل غياب تام للرقابة، قائلا: المسئولين عن الرقابة كل ما يهمهم هو الصورة فقط، لذلك لا بد من تقديم دعم مادى ومعنوى لكافة الأجهزة الرقابية.
وحذر عضو مجلس النواب، من أن الفترة المقبلة ستشهد زيادة كبيرة فى معدلات التضخم، خصوصا أن بعض المشروعات الصغيرة ستتأثر بهذه الزيادة، مما قد يدفعها لوقف النشاط.
وقال النائب: ونحن فى انتظار الموازنة الجديدة، لا بد من التركيز على تقديم أكبر دعم ممكن للمزارعين، مؤكدا أنه بدون دعم الزراعة سنكون أمام مشكلة كبيرة.
فيما شدد النائب ضياء الدين داود، عضو مجلس النواب، على ضرورة استدعاء رئيس مجلس الوزراء، إلى البرلمان، لاسيما أن الحكومة الحالية فشلت اقتصاديا منذ سنوات.
وأشار إلى أن قرار الحكومة بزيادة أسعار المحروقات لم يأخذ بعين الاعتبار الآثار المدمرة على حياة المصريين، فى ظل غياب حزم الحماية الاجتماعية لصالح الطبقات الأكثر تضررا من السياسات التى تنتهجها الحكومة وبخاصة الفقراء ومحدودى الدخل والغلابة.
وأكد عضو مجلس النواب، أن الحكومة فشلت اقتصاديا، ولم تنجح إلا فى بيع الأصول، بينما لم تقدم أى حلول إصلاح حقيقية للأوضاع المتردية. وأضاف: ما يحدث أمر طبيعى، رضوخا لسياسات صندوق النقد الدولى، بينما يتحمل المواطنين أعباء اقتصادية جديدة بعد زيادة أسعار المحروقات.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن رفع أسعار المحروقات يترتب عليه آثار تضخمية على أسعار السلع والخدمات، وهو ما يبتلع الزيادة التى طرأت على الأجور والمرتبات والمعاشات.
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادى وليد جاب الله لـ”فيتو”: إن السوق المصرى قد مر بفترة ارتباك طويلة على مدار العامين الماضيين فى ظل تذبذب سعر صرف العملة الأجنبية ما بين 31 جنيهًا الذى كان السعر الرسمى وقتها، وسعر السوق الموازية الذى تجاوز 70 جنيهًا للدولار الواحد خلال تلك الفترة.
ولفت جاب الله إلى أن القرار الخاص بتحرير سعر الصرف يدفع إلى خلق توازن جديد بالأسواق، مبينًا أن السلع التى كانت تباع بسعر الصرف الرسمى سيرتفع ثمنها، بينما سينخفض ثمن تلك التى كانت تباع وفقًا لسعر الصرف فى السوق الموازية.
وأكد جاب الله أن المحروقات تعتبر من السلع المقيمة بسعر الصرف الرسمى، ما يعنى أن سعرها سيرتفع عقب ارتفاع سعر الصرف الرسمى بالبنوك إلى 46 جنيها مصريا للدولار الواحد، خاصة فى ظل عدم وجود دعم على المحروقات منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادى فى عام 2016، مشيرا إلى أن أسعار البضائع سترتفع متأثرة بارتفاع أسعار الوقود.
وأشار جاب الله إلى أن وجود أكثر من حزمة أعدتها الدولة للحماية الاجتماعية؛ أسهمت فى رفع مخصصات الرواتب بالدولة، موضحا أن مخصصات الرواتب بالموازنة العامة القادمة للدولة ستبلغ نحو 570 مليار جنيه؛ ما يؤدى إلى زيادة فى حجم القوة الشرائية للمستهلك المصرى، وأوضح أن أسعار البضائع تتأثر بعدد من المتغيرات بخلاف سعر صرف الدولار، وهى سعر الجمرك الخاص بها بعد رفع سعر الدولار الجمركى من 30 جنيهًا إلى نحو 49 جنيهًا.
وذكر أن خفض تكاليف المرور بالموانئ بعد توفير العملة الصعبة (الدولار) دون حاجة لسداد رسوم تخزين وانتظار تعد أحد العوامل المؤثرة على أسعار البضائع، كما توقع حدوث زيادة فى العرض مرتبطة بتوفر المواد الخام المستوردة للمصانع المحلية؛ ما يسهم فى زيادة إنتاجها إلى جانب سهولة استيراد المنتجات المصنعة بالكامل فى ظل توافر الدولار.
ومن جانبه كشف الخبير الاقتصادى الدكتور على الإدريسى لــ”فيتو”: إن قرار لجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية فى مصر، بتحريك أسعار البنزين، والسولار، وأسطوانات الغاز المنزلية، جاء بسبب ارتفاع أسعار النفط والغاز عالميا خلال الفترة الماضية تزامنا مع التوترات فى البحر الأحمر باستمرار هجمات الحوثيين على سفن تجارية وعسكرية فى البحر الأحمر.
وتابع الإدريسى قائلا: إن التوترات الجيوسياسية والحروب التى يشهدها العالم تسببت فى رفع أسعار النفط والغاز عالميا، بالرغم من أن الدولة زادت من مخصصات دعم أسعار البنزين والسولار والمواد البترولية الأخرى فى الموازنة العامة للدولة فى العام المالى الجديد ولكن الزيادة العالمية فى سعر الوقود فاقت هذه الزيادة، خاصة بعد استمرار هجمات الحوثيين على السفن بالبحر الأحمر والتى تسببت فى رفع تكلفة الشحن والنقل والتأمين وزادت من سعر النفط عالميا.
وأشار إلى أن دعم الدولة للمواد البترولية زاد ولم ينخفض، ولكن الأسعار العالمية للوقود هى التى زادت بشكل أكبر ومتسارع، موضحا أن سعر الوقود فى مصر مرتبط بعدد من العوامل، أولها وأهمها سعر الوقود عالميا، إضافة إلى سعر صرف الدولار، وتكلفة الشحن والنقل واحتياجات الأسواق، إضافة إلى أن رفع سعر الفائدة يؤدى إلى زيادة تكلفة الاقتراض ومن ثم زيادة أعباء الموازنة، وتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، مؤكدا أن مصر تستورد نسبة ليست بقليلة من البوتاجاز لتعبئة أسطوانات الغاز لأنه مختلف عن الغاز الطبيعى الموصل للمنازل.