وحدانية الله، تفسير الشيخ محمد سيد طنطاوي لسورة الإخلاص
وحدانية الله، لا شك أن الله أحد لا شريك له، ولا إله غيره، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد، وفي هذا السياق، فسر الشيخ محمد سيد طنطاوي، سورة الإخلاص، وبين جوانبها من وحدانية الله المطلقة، كما بين معنى الصمد في السورة الكريمة.
سورة الإخلاص
قال الحق سبحانه وتعالى: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)».
تفسير الشيخ محمد سيد طنطاوي لسورة الإخلاص
قال الشيخ محمد سيد طنطاوي في تفسير السورة: افتتحت السورة بفعل الأمر «قل»؛ لإظهار العناية بما بعد هذا الأمر من توجيهات حكيمة، ولتلقينه صلى الله عليه وسلم الرد على المشركين الذين سألوه أن ينسب لهم ربه، وهُوَ ضمير الشأن مبتدأ، والجملة التي بعده خبر عنه، والأحد: هو الواحد في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله، وفي كل شأن من شئونه، فهو منزه عن التركيب من جواهر متعددة، أو من مادة معينة، كما أنه -عز وجل- منزه عن الجسمية والتحيز، ومشابهة غيره.
وتابع الشيخ طنطاوي: وفي الإتيان بضمير الشأن هنا: إشارة إلى فخامة مضمون الجملة، مع ما في ذلك من زيادة التحقيق والتقرير؛ لأن الضمير يشير إلى شيء مبهم تترقبه النفس، فإذا جاء الكلام من بعده زال الإبهام، وتمكن الكلام من النفس فضل تمكن.
وقد جيء بالخبر نكرة وهو لفظ «أحد» لأن المقصود الإخبار عن الله -تعالى- بأنه واحد، ولو قيل: الله الأحد، لأفاد أنه لا واحد سواه، وليس هذا المعنى مقصودًا هنا، وإنما المقصود إثبات أنه واحد في ذاته وصفاته وأفعاله... ونفى ما زعمه المشركون وغيرهم، من أنه -تعالى- مركب من أصول مادية أو غير مادية، أو من أنه له شريك في ملكه.
معنى الصمد
وأضاف الشيخ طنطاوي: أما قوله- سبحانه- «اللَّهُ الصَّمَدُ» أي: الله -تعالى- هو الذي يصمد إليه الخلق في حوائجهم، ويقصدونه وحده بالسؤال والطلب... مأخوذ من قولهم صمد فلان إلى فلان، بمعنى توجه إليه بطلب العون والمساعدة.
قال صاحب الكشاف: والصمد فعل بمعنى مفعول، من صمد إليه إذا قصده، وهو-سبحانه- المصمود إليه في الحوائج، والمعنى: هو الله الذي تعرفونه وتقرون بأنه خالق السموات والأرض، وخالقكم، وهو واحد متوحد بالإلهية لا يشارك فيها، وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق لا يستغنون عنه، وهو الغنى عنهم.
وجاء لفظ «الصمد» محلى بأل، لإفادة الحصر في الواقع ونفس الأمر، فإن قصد الخلق إليه -سبحانه- في الحوائج، أعم من القصد الإرادي، والقصد الطبيعي، والقصد بحسب الاستعداد الأصلي، الثابت لجميع المخلوقات إذ الكل متجه إليه -تعالى- طوعا وكرها.
لم يلد ولم يولد
وأكمل الشيخ طنطاوي: وقوله -سبحانه-: «لَمْ يَلِدْ» تنزيه له -تعالى- عن أن يكون له ولد أو بنت؛ لأن الولادة تقتضي انفصال مادة منه، وذلك يقتضى التركيب المنافي للأحدية والصمدية، أو لأن الولد من جنس أبيه، وهو -تعالى- منزه عن مجانسة أحد. وقوله: «وَلَمْ يُولَدْ» تنزيه له -تعالى- عن أن يكون له أب أو أم، لأن المولودية تقتضي -أيضًا- التركيب المنافي للأحدية والصمدية، أو لاقتضائها سبق العدم، أو المجانسة، وكل ذلك مستحيل عليه -تعالى- فهو- سبحانه-: الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وقوله -عز وجل-: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» تنزيه له -تعالى- عن الشبيه والنظير والمماثل، والكفؤ: هو المكافئ والمماثل والمشابه لغيره في العمل أو في القدرة.
نفي الشرك بجميع ألوانه
وأتم الشيخ طنطاوي: أي: ولم يكن أحد من خلقه مكافئًا ولا مشاكلًا ولا مناظرًا له -تعالى- في ذاته، أو صفاته، أو أفعاله، فهو كما قال -تعالى-: «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ».
وبذلك نرى أن هذه السورة الكريمة قد تضمنت نفى الشرك بجميع ألوانه، فقد نفى -سبحانه- عن ذاته التعدد بقوله: «اللَّهُ أَحَدٌ»، ونفى عن ذاته النقص والاحتياج بقوله: «اللَّهُ الصَّمَدُ»، ونفى عن ذاته أن يكون والدا أو مولودا بقوله: «لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ»، ونفى عن نفسه الأنداد والأشباه بقوله: «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ»، كما نراها قد تضمنت الرد على المشركين وأهل الكتاب، وغيرهم من أصحاب الفرق الضالة، الذين يقولون، بالتثليث، وبأن هناك آلهة أخرى تشارك الله -تعالى- في ملكه.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم، أسعار الدولار، أسعار اليورو، أسعار العملات، أخبار الرياضة، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد، أخبار المحافظات، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي، الدوري الإيطالي، الدوري المصري، القسم الثاني، دوري أبطال أوروبا، دوري أبطال أفريقيا، دوري أبطال آسيا، والأحداث الهامة والسياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.