اللواء الراحل كمال حجاب: الفريق عبد المنعم رياض أبلغ بتحركات القوات الإسرائيلية يوم 5 يونيو لكن بلاغه لم يصل
>> أمر بنشر عناصر الصاعقة التى دفعت بها مصر إلى الأردن للقيام بعمليات فى قلب إسرائيل
>> لم يجلس على مكتبه وكان يرى الواجب أن يكون وسط المقاتلين على جبهة القتال
>> أسوأ يوم مر به فى حياته 7 يونيو 1967 يوم سقوط القدس فى أيدى العدو الإسرائيلى
لم يكن لى شرف معاصرة الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية أثناء حرب الاستنزاف، هذا البطل الذى أتخيله فى كلام كل شخص كتب عنه أو عاصره، الجنرال الذى أصبح أيقونة للعسكريين ببطولاته وعلمه العسكرى الكبير الذى يتم تدريسه الآن فى المعاهد والكليات العسكرية.
ولكنى شرفت بإجراء حوار مع اللواء كمال الدين حجاب أحد أبطال مصر، الذى عاصر 5 حروب وأحد أبطال سلاح المهندسين، والذى عمل مع الفريق عبد المنعم رياض مساعدا له قبل حرب 5 يونيو 67.
وكان لى الشرف قبل وفاته أن أنعم بإجراء عدة حوارات معه، وفى السطور التالية حوار سابق لى معه - رحمه الله- لتذكير الأجيال الحالية بأعظم شخصيات التاريخ:
*متى التقيت الفريق رياض؟
قبل ٥ يونيو بعدة أيام اختارنى الفريق عبد المنعم رياض للسفر معه إلى الأردن، حيث عيِّن وقتها قائدًا للقوات المشتركة التى تتكون من مصر والأردن وسوريا، وأعددت معه الخرائط وساعدته فى التخطيط وكنت وقتها صغيرا فى رتبة نقيب.
وعندما ركبنا الطائرة المتجهة إلى الأردن لم يأخذ راحة، بل أخذ يتصفح معى الخرائط ومسرح العمليات هناك حتى وصلنا إلى مطار الأردن.
*ماذا كان رد فعل الفريق عبد المنعم رياض عندما شاهد العدو الإسرائيلى يتجه إلى مصر؟
الفريق عبد المنعم رياض كان يعشق مصر وترابها وعندما شاهد القوات الإسرائيلية تتحرك متجهة إلى مصر يوم 5 يونيو قام بالإبلاغ عنها من محطة رادار عجلون، ولكن البلاغ لم يصل وقتها، ولم يسكت وأمر بنشر عناصر الصاعقة التى دفعت بها مصر إلى الأردن للقيام بعمليات فى قلب إسرائيل لمحاولة التخفيف من الهجوم على مصر.
وبالفعل عناصر الصاعقة قامت بتنفيذ عمليات كبيرة أحدثت خسائر ضخمة فى العمق الإسرائيلى، حتى جعلت اليهود يفرون ويختبئون فى الملاجئ والمستوطنات، وخطط أيضًا لعدد من الهجمات بأحد الألوية المدرعة الأردنية، وأصدر أوامره بالاشتباك مع العدو الإسرائيلى على الحدود الأردنية الفلسطينية، وكانت من أشرس المعارك التى تدرس حتى الآن فى جميع المعاهد العسكرية.
*صف لنا شعور الفريق عبد المنعم رياض عندما سقطت القدس فى أيدى العدو الإسرائيلى؟
رغم ما قامت به القوات المشتركة من بطولات تحت قيادة عبد المنعم رياض إلا أن أسوأ يوم مر به فى حياته 7 يونيو 1967 يوم سقوط القدس فى أيدى العدو الإسرائيلى، فقد بكى بمرارة قائلا: “القدس ضاعت اليوم إلى أجل بعيد لا يعلمه إلا الله تعالى، ولن ينسى التاريخ المعارك التى خاضتها القوات المشتركة فى الحفاظ عليها والتى فاقت كل الطاقات، وهذه الدموع التى ذرفها رياض كانت أغلى شيء فى الدنيا، ولن أنسى ما حييت دموعه فى هذا اليوم، بالرغم من أنه كان من أعظم القادة، ولكن ضياع القدس كان كارثة بالنسبة له ولكل مسلم وعربى.
*متى صدر قرار تعيينه رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة؟
أصدر الرئيس الراحل عبد الناصر قرارًا جمهوريًا بعودته إلى مصر، وتعيينه رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة، ومنذ صدور القرار لم يجلس على مكتبه، وكان يرى الواجب أن يكون وسط المقاتلين على جبهة القتال حتى استعادة الأرض التى سلبها العدو الإسرائيلى فى غفلة من الزمن، وكان يؤمن أن العدو كسب جولة مؤقتة فى صراعه مع القوات العربية، ولكن هذا الانتصار لن يدوم طويلًا.
*ما هى خطة الاستنزاف التى وضعها رياض ضد إسرائيل؟
قام الفريق رياض بوضع خطة تسمى حرب الاستنزاف بدأت يوم 8 مارس 69 وكانت المدفعية تدك حصون العدو على الجهة الشرقية للقناة بنجاح ورغم هذه النجاحات التى كانت تصل له من الجبهة، إلا أنه فى صباح يوم 9 مارس صمم على الذهاب إلى الخطوط الأمامية للجبهة، ليرى بنفسه العمليات التى ينفذها أبطال القوات المسلحة هناك.
وحاول الكل منعه لخطورة ذلك على حياته، إذ يعتبر صيدًا سهلًا بالنسبة للعدو، فوجود شخصية كبيرة مثله قد يلفت أنظار العدو لاستهدافه ولكنه أصر ووصلنا بالفعل لأقرب مكان فى خط بارليف يفصل الغرب عن الشرق وتحديدًا بجوار موقع المعدية نمرة 6، وبدأ يتفقد الموقع دشمة دشمة.
وطلب من أحد الجنود كوبًا من الشاى فسارع بإحضاره وشعر العدو بوجود تحرك لشخصية مهمة، فقام بضرب الموقع بالمدفعية وكنت أنا بجواره مع قائد الجيش نطمئن على أحد المواقع المجاورة، والتى تبعدنا عنه بضعة أمتار قليلة، ثم سقطت إحدى دانات مدفعية العدو على موقعه، ولبى نداء ربه عز وجل لتصعد روحه الطاهرة للسماء مبتسمًا، يؤدى واجبه وسط جنوده فى الخطوط الأمامية للقتال، ليضرب أروع معانى الفداء والتضحية، وليكون المثل والعبرة لكل قائد بعده ليكون واجبه أن يكون وسط مقاتليه فى الصفوف الأمامية.
*حدثنا عن شخصية الفريق رياض عن قرب؟
لم أر فى حياتى والتى قضيت معظمها أخدم كضابط بسلاح المهندسين داخل القوات المسلحة أو فى جيوش العالم كله قائدًا مثل الفريق عبد المنعم، سواء فى ثقافته أو علمه العسكرى المتقدم، حيث كان يؤمن بالتطوير الدائم والاطلاع على كل ما هو جديد، سواء فى المعدات أو العلم العسكرى، والتعلم من أخطاء الآخرين وأخطاء الماضى حتى لا تتكرر.
كان مثالًا يحتذى به فى تلقى العلم، حيث كان يجيد 6 لغات، ويحاول قراءة كل ما هو جديد وقديم فى العلم العسكرى، وكانت جنازته شعبية، حضرها الشعب كله فى الميادين المصرية، كما تقدم الصفوف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وملوك وقادة الدول العربية وسفراء عن الكثير من دول العالم.
وعندما علمت إسرائيل نبأ استشهاد رياض شعرت بالرعب لأنهم يعلمون قيمته بالنسبة للجيش والشعب المصرى، فرياض لم يكن شخصا عسكريا عاديا، ولكنه أيقونة كل المصريين.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية