انتصارات شهر رمضان، سر تسمية آخر شهداء معركة العبور بـ «الشيخ»
انتصارات شهر رمضان، شكل كتيبة أفراد ومعدات وحرص على إلحاق ضباطه بالفرق التعليمية المختلفة لامتلاك العلم والتأهيل أمام العدو.
رمضان شهر التضحية والفداء، وما أجمل التضحية والفداء عن الوطن الذى يمثل للإنسان كل معانى الوجود، فالإنسان مرتبط بالوطن لأنه يضم بين جنباته الأهل والأولاد والأرض، فما بالك أن يكون هذا الوطن هو مصر التى ذكرت فى كل الأديان السماوية بأنها الأرض المباركة وترابها أطهر من محراب العابد.
تأتي ذكرى العاشر من رمضان بنفحات نورانية نعيد فيها ذكرى البطولات التى قام بها رجال القوات المسلحة المصرية فى حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 حرب الشمس المقدسة على العدو الإسرائيلى الخسيس، تلك الحرب التى أعطت دروسا فى الفداء والتضحية لكل أبناء هذا الجيل العظيم.
وبمناسبة الذكرى الخمسين على حرب العاشر من رمضان، تقدم «فيتو» شخصية ضربت مثالا للبطولة والفداء والتدين وحب الوطن، إنه البطل الشهيد العميد إبراهيم عبد التواب، آخر شهداء نصر أكتوبر، والذى استشهد يوم 14 يناير 74، قائد الكتيبة 603 من اللواء 130 بر مائى وبطل تحرير وقائد الصمود فى الموقع الحصين (كبريت).
ولد إبراهيم عبد التواب 10 مايو عام 1937 بمحافظة أسيوط إحدى قرى صعيد مصر، تربى فى منزل مشهور عنه التدين الشديد، التحق إبراهيم بالمدرسة الثانوية بالمنيا، وكان والده حريصا أن يعلمه منذ الصغر كيف يعتمد على نفسه، وما إن أنهى سنواتها الثلاث حتى أسرع بتقديم أوراقه للكلية الحربية وكانت سعادته لا توصف عند قبوله بها، إذ كان مجتهدا جدا فى دراسته ومتفوقا حتى تخرج عام 1956 وشارك فى صد العدوان الثلاثى على مصر، وهو ضابط حديث التخرج.
كان الشهيد إبراهيم عبد التواب يقرأ القرآن كثيرًا، ويواظب على الصلاة فى مواعيدها، وكثيرًا ما يؤم الناس للصلاة، وكان مثالًا فى الشهامة والتسامح والتواضع الشديد، والمصحف والسبحة لا يفارقانه أبدا حتى أطلق عليه قادته وجنوده "لقب الشيخ".
تدرج البطل إبراهيم عبد التواب عقب تخرجه فى مناصب القيادة المختلفة، حتى تولى رئاسة أركان إحدى مجموعات الصاعقة وبعدها أصبح قائدًا لإحدى كتائب لواء تابع للقوات الخاصة فى حرب أكتوبر.
قام إبراهيم عبد التواب بنفسه بتشكيل كتيبة من أفراد ومعدات، وحرص على إمداد ضباطه داخل الفرق التعليمية التى تؤهلهم للمناصب التى يشغلها كل منهم، وكان يقوم بنفسه بإعداد طوابير التدريب التكتيكى لوحدته حتى يطمئن إلى أن كل فرد قادر على تنفيذ المهام التى يكلف بها فى كفاءة تامة.
وجاءت لحظة الحسم المعركة الكبرى التى استعد لها إبراهيم وجنوده، وهى لحظة العبور العظيم يوم السادس من أكتوبر العاشر من رمضان، ومع ارتفاع طائراتنا لعنان السماء ووسط صياح الأبطال «الله أكبر أكبر الله»، كانت مهمة كتيبة البطل هى اقتحام البحيرات المرة الصغرى تحت تغطية من نيران المدفعية والقصف الجوى للطائرات المصرية ثم التحرك شرقــًا على طريق «الطاسة» ثم طريق «الممرات» لتهاجم وتستولى على المدخل الغربى لممر «متلا».
وبالفعل فى الموعد المحدد بفضل التوجيه المميز للقائد الشهيد إبراهيم عبد التواب الذى كان يحفز جنوده، لنيل إحدى الحسنين النصر أو الشهادة فى مشهد تقشعر له الأبدان، نجحت الكتيبة فى الوصول إلى البر الشرقى للبحيرات وبدأت تنفيذ الشق الثانى من المهمة، وهو السيطرة على ممر «متلا».
ورغم العقبات التى واجهت كتيبة البطل وشراسة العدو الإسرائيلى الذى كان يختبئ خلف الدشم التحصينات الشديدة التى كان يظن أنها ستمنعه من انتقام الجيش المصرى العظيم الذى لا يترك أرضه لأحد ووسط إيمان الرجال بنصر الله ورغبتهم فى استعادة كرامة الوطن وغضبهم من احتلاله، فرت أمام الكتيبة مدرعات العدو ودباباته.
وتمت مهمة البطل إبراهيم عبد التواب ورجاله فى تلك المنطقة، وكبدوا العدو الإسرائيلى خسائر هائلة فى الأرواح والمعدات حتى جاء التاسع من أكتوبر، وصدرت له أوامر جديدة باستعادة مجهود الكتيبة ومهاجمة النقطة الحصينة شرق نقطة «كبريت» والاستيلاء عليها، وفى الساعة السادسة صباحا يوم التاسع من أكتوبر تحركت كتيبة البطل نحو نقطة «كبريت» الحصينة.
اعتمدت خطة الشهيد على استغلال نيران المدفعية والدبابات لاقتحام النقطة الحصينة من اتجاهين الشرق والجنوب بقوة سرية مشاة فى نفس الوقت الذى تقوم باقى وحدات الكتيبة بعملية عزل وحصار النقطة الحصينة من جميع الجهات لمنع تدخل احتياطى العدو الإسرائيلى ومدرعاته، وذلك برغم قصف طيران العدو المستمر عليهم من كل الجهات واشتباك وحداته المدرعة فى قتال ضار مع رجال الكتيبة الأبطال على مسافة حوالى 3 كم من النقطة الحصينة.
لكن عزم القائد البطل ورجاله كان أقوى من أي عقبات، ودخلوا مع العدو معركة حياة أو موت، وسرعان ما تزعزت قوات العدو وانسحبت مذعورة خلف التباب القريبة من موقع كبريت، ولكن أبطال الكتيبة لم يتركوهم وانطلقوا خلفهم ونجحوا فى تدمير الدبابات عن آخرها، وبذلك نجحت خطة البطل الصعيدى فى اقتحام النقطة الحصينة وتطهيرها وتفتيش جميع الدشم والملاجئ، ثم ارتفع علم مصر عاليا خفاقا فوق هذا الموقع مع ارتفاع صيحات أبطال الكتيبة الله أكبر الله أكبر والحمد لله.
كان موقع كبريت غاية فى الأهمية، حيث كان العدو يتخذه مقرًا لإحدى قياداته الفرعية، وأيضًا يعتبر ملتقى الطرق العرضية شرق القناة ويستطيع من خلاله السيطرة على كافة التحركات شرق وغرب منطقة «كبريت»، بالإضافة إلى أنه يعتبر نقطة فى المنتصف فى الاتصال بين الجيشين الثانى والثالث للجيش المصرى، ولهذه الأسباب كان تخلى العدو الإسرائيلى عن هذا الموقع شيء مستحيل.
بذلت قوات العدو فى محاولات مستميتة ومتكررة لاستعادة السيطرة على الموقع، من ضربات متكررة إلى هجمات الجوية كانت تستمر لساعات متواصلة بقنابل بلغ وزنها الألف رطل، بالإضافة إلى هجمات الدبابات المشاة من الأجناب لمحاولة كسر حراسة الموقع والدخول له بأى وسيلة.
حاول العدو مرات كثيرة، ورغم كل هذا لم تسفر محاولاته عن أي تقدم، وظل الموقع صامدًا يرفرف عليه العلم المصرى بفضل قيادة البطل إبراهيم وصمود وتحمل جنود مصر الأوفياء ونتيجة للفشل الذى ضيع هجمات العدو المتوالية قامت القوات الإسرائيلية بفرض حصار حول الموقع لعزل الكتيبة عن باقى الجيش المصرى ومنعت عنها كافة الإمدادات ولقد استمر هذا الحصار مدة ١١٩ يوما، تحمل الأبطال فيها الجوع والعطش وقاتلوا ببسالة، ولم ينسحبوا فى ملحمة نادرة غير من الصمود والتحدى متمسكين بالأرض وعلى رأسهم البطل إبراهيم عبد التواب.
ضرب إبراهيم أروع معانى البطولة والصمود فكان أقل واحد فيهم استهلاكا للمياه والطعام، بل فى بعض الفترات كان يتنازل عن التعيين الخاص به لمن يرى عدم قدرته على تحمل حالة التقشف التى أتبعتها الكتيبة منذ اليوم الأول للحصار وانقطاع الإمداد من الجيش، وبرغم قلة الطعام والمياه كانت الكتيبة تؤدى كافة المهام اليومية بكفاءة وتحارب العدو وتقطع عنهم أي شك فى أنهم يستطيعون استرداد الموقع.
كان البطل يُصلى برجاله كل الفرائض فى مواعيدها كما كان يخطب أيام الجمع ويشرح لهم معنى وفضل الشهادة وكيفية الحفاظ على الأرض، وأن استرداد الأوطان غالى يدفع ثمنه العاشقون لتراب الأرض، ويبشرهم بالحسنيين إما النصر أو الشهادة.
ويوم 14 يناير 1974 هاجم العدو الموقع بكل قواته من الطيران والمدفعية، وأثناء دفاع البطل عن الموقع سقطت دانة مدفع إلى جواره، فاستشهد مع رجاله داخل الموقع الذى صمد فيه 115 يوما دون كلل أو ملل، وبعد استشهاد البطل أقسم رجاله أن العدو لن يقترب أو يستولى على حبة رمل إلا على جثثهم، وفاضت روحه الطاهرة، ليضرب أروع معانى التضحية والفداء واستشهد ليترك لنا الأثر فى الصمود وحب الأوطان.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.