القارئ الشيخ محمود الطوخي لـ«فيتو»: دولة التلاوة تواصل الانحدار.. أذان الشيخ محمد رفعت فتح لي أبواب الشهرة.. وهذه حكايتي مع حبيب العادلي
ينتمي القارئ الشيخ محمود الطوخي إلى السلسال الطيب من قراء القرآن الكريم، رغم ما تواجهه دولة التلاوة المصرية من انحراف عن الجادَّة في السنوات الأخيرة إلا أن "الطوخي" واحد من القلائل المنضبطين الذين يحفظون لكتاب الله وقاره المطلوب، لم يخطط لأن يكون قارئًا إذاعيًا، ولكنه القدر الذي رسم له طريقه، وجعله من أهل القرآن المخلصين.
يتميز "الطوخي" عن غيره من معظم القراء أنه قادم من خلفية ثقافية رفيعة، فقد درس اللغتين الإنجليزية والفرنسية بكلية "الألسن"، وعمل مترجمًا ومؤلفًا للكتب التعليمية المعروفة، ولكن حفظه المبكر للقرآن الكريم، وتأثره اللافت بأكابر القراء مثل: الشيخ محمد رفعت قاداه إلى دكة التلاوة عن جدارة واقتدار.
تلاوة خاشعة بصوت الشيخ محمود الخشت من السيدة نفيسة (فيديو)
اختير قبل اعتماده إذاعيًا للقراءة أمام الرئيس الأسبق حسني مبارك وكبار رجال الدولة وعرفه القاصي والداني من أذانه المتأثر بروح قيثارة السماء في مسجد الفتح برمسيس، وغزا صوته الإذاعات العربية، وطاف عديدًا من الدول الإسلامية، حتى استقر به المقام الآن في إمارة الشارقة، فكان في كل مرة سفيرًا فوق العادة للقرآن الكريم..الشيخ محمود الطوخي يتحدث في هذا الحوار عن رحلته مع مُحكم التنزيل، ورأيه في أحوال دولة التلاوة..وتفاصيل وأسرار أخرى في نص الحوار التالي.
-كيف جاءت البداية مع حفظ القرآن الكريم؟
-أبصرت النور في قرية سنديون بمحافظة القليوبية في الأول من مارس العام 1964. وكشأن أهل القرية، أرسلني والداي إلى الكُتاب وكنت ابن أربع سنوات. بدأت الحفظ علي يد الشيخ احمد الشلقاني الذي كان صارمًا أشد الصرامة.
أتممت الحفظ برواية "حفص" مع التجويد عند 10 سنوات، وعندما بلغت اثني عشر عامًا، كنت قد أتقنت أحكام التلاوة كاملة، وحصلت منه على الإجازة، ثم من الشيخ عبد الفتاح مدكور، ثم الشيخ العراقي أسعد النعيمي الذي كان صديقًا للقاريء الراحل أبو العينين شعيشع الذي أثني بدوره عليَّ في ذلك الوقت ثناءً حسنًا. وخلال هذه الفترة كانت والدتي -التي ترتبط بعلاقة قرابة بالشيخ محمد فريد السنديوني- تحفزني لأن أكون مثله؛ خاصة أنه كان ذا مكانة مرموقة بالعائلة، وقرأ في المسجد الأقصى وإذاعة فلسطين، وطاف عددًا من دول العالم.
-هل التحقت بالأزهر الشريف بعد ذلك؟
-لا لم يحدث، ولكن تخرجت في قسم اللغة الإنجليزية بكلية "الألسن"، وبعد التخرج قضيت فترة التجنيد ضابطًا احتياطيًا بالجيش الثاني بالإسماعيلية، وأثناء فترة التدريب بالقاهرة، وفي كابينة تغيير الملابس وارتداء أفرول التدريب كنت أقرأ بعض الآيات القرآنية بصوت مسموع، تارة من مدرسة الشيخ محمد رفعت، وتارة اخرى من مدرسة الشيخ مصطفى إسماعيل.
وفي إحدى المرات تناهى صوتي إلى مسامع الضابط المسؤول عن المتدريبن، وكان اسمه الرائد أشرف، وعندما انتظمت مع زملائي في الطابور، سأل عن اسم القاريء فأبلغته، فأخبرني باختياري بالقراءة في حفل التخرج بحضور وزير الدفاع الأسبق المشير عبد الحليم أبو غزالة، ورئيس أركان القوات المسلحة الأسبق الفريق صفي الدين أبو شناف، وبالفعل قرأت نحو 7 دقائق، وكنت بفضل الله موفقًا، وأشاد الحضور بي، وتضمن ملفي قبل ترحيلي إلى الإسماعيلية عبارة: "الملازم المذكور يُحسن تلاوة القرآن الكريم"، وتم تكليفي بقراءة قرآن الجمعة في مسجد الجلاء بحضور قائد الجيش الثاني الميداني في ذلك الوقت الفريق محمد حسين طنطاوي وقيادات وضباط وجنود الجيش.
-إذن لماذا لم تفكر في الالتحاق بالإذاعة فور إنهاء الخدمة؟
-لم أخطط لذلك أبدًا، ولكن بدأت حياتي العملية، فتم تعييني مدرسًا للغة الإنجليزية بإحدى المدارس الحكومية، ولم أمكث بها طويلًا ولم يرق لي التدريس علي أي حال.
-لماذا؟
-رأيت نفسي أكبر من تدريس أبجديات اللغة الإنجليزية؛ فقد كنت متبحرًا في آدابها ودراساتها النقدية النقدية، كنتُ قارئًا نهمًا لمؤلفات شكسبير وبن جونسون.
-هل فكرت إذن في التفرغ لتلاوة القرآن الكريم؟
-لا، ولكن بحثت عن فرصة عمل مناسبة، والتحقت مترجمًا في مطار ظهران الدولي بالسعودية لفترة استمرت10 سنوات كاملة.
-عظيم جدًا، ولكن أين القرآن الكريم ومراجعته والحفاظ عليه من النسيان وسط كل ذلك؟
-لم أنسَ القرآن الكريم ولم أهمله، بل انتهزت فترة وجودي في المملكة، وكنت أهرع بعد انتهاء الدوام إلى الجامع الكبير بالخُبر، وفيه "نظام العمود" كما الأزهر الشريف، وبالفعل تم تكليفي بتحفيظ القرآن وتعليمه "شيخ عمود"، وكانت فرصة رائعة بالنسبة لي لمراجعة القرآن الكريم وتجديد حفظه.
-وكيف جاءت المحطة التالية وما تفاصيلها؟
- اضطرت إلى العودة إلى القاهرة في أكتوبر 2000، بعد وفاة والدتي، ومرض شقيقي الذي لحق بها، وعزمت على افتتاح مكتب للتأليف الكتب والترجمة وإعداد كتب تعليمية للثانوية العام للمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية بميدان رمسيس، وأكرمني الله إكرامًا عظيمًا.
-هل وصلنا إلى مرحلة مسجد الفتح؟
-نعم؛ فقد كان مكتبي متاخمًا للمسجد، وذهبت لصلاة الجمعة، وكان المسجد ممتلئًا عن آخره، ولكن فوجئت بعدم وجود قاريء للسورة، ومرت عدة أيام حتى التقيتُ إمام المسجد الدكتور نور علي وتعارفنا، واستفسرت منه عن السر في عدم وجود قاريء للجمعة، فأخبرني بأن هناك قارئًا معينًا وهو فضيلة الشيخ علي حجاج السويسي، ولكن المرض اشتد عليه وأسعف إلى العناية المركزة، وكان في مرضه الأخير، وحكيت لإمام المسجد عن رحلتي مع القرآن الكريم وتلاوتي في مسجد الجلاء فترة التجنيد، فاستبشر خيرًا، واتفق معي على أن أكون قاريء الجمعة المقبلة، وذهبتُ مرتديًا بدلة كاملة، وقدمني الرجل للحضور بشكل رائع، وقرأت من سورة الكهف من مدرسة الشيخ مصطفى إسماعيل، ووفقني الله في التلاوة توفيقًا عظيمًا، والتف المصلون حولي بعد انتهاء الصلاة، وطلب بعضهم رقم هاتفي الخاص، واستشعرت فتوحًا ربانيًا كبيرًا.
وماذا حدث بعد ذلك؟
-فور عودتي إلى المنزل، تلقيت اتصالًا هاتفيًا من مدير شؤون وزارة الأوقاف في ذلك الوقت الشيخ عبد العظيم الروبي، وكان شديد الشبه بالشيخ محمد متولي الشعراوي، ونقل لي سعادة رواد المسجد بتلاوتي ورغبتهم في تثبيتي قارئًا للسورة، وطلب مني الذهاب إليه في ديوان الوزارة؛ لإتمام إجراءات اعتمادي قارئًا متطوعًا بعد وفاة الشيخ السويسي؛ خاصة أنني لم أكن إذاعيًا، وجرت الأمور كما تم الترتيب لها.
-لم تكن مجرد قارىء للسورة فقط، ولكن مؤذنًا أيضًا..أليس ذلك؟
-بلى، حيث كنتُ أواظب على رفع أذان الظهر والعصر والمغرب والعشاء يوميًا، مُستلهمًا روح القاريء الشيخ محمد رفعت، وبسبب موقع المسجد الجغرافي فقد كان الآلاف يسمعونني، وكان بعضهم يتسمَّر مكانه في ميدان رمسيس؛ يستمع إلى الأذان كاملًا. ودعني أحكِ لك موقفًا طريفًا وهو أنني عندما كنت أغيب عن المسجد يومًا أو اثنين كان بعض الأخوة المسيحيين يفتقدون صوتي ويسألون عني، وهذا شيء كان يثلج صدري.
-هل وصلنا الآن إلى مرحلة الالتحاق بالإذاعة؟
-لا ليس بعد، ولكن وجودي في مسجد الفتح فتح لي عوالم أخرى، فقد كانت كاميرات التليفزيون موجودة بصورة مستمرة لتصوير حلقات برنامج "في بيوت الله" الذي كان يقدمه كل من: الدكتور عبد التواب مصطفى ومحمد عبد العظيم، وكانا يستضيفان نخبة من كبار العلماء مثل: الدكتور محمود حمدي زقزوق والدكتور محمد فؤاد شاكر رحمهما الله، والدكتور أحمد عمر هاشم بارك الله في عمره، ومن خلاله أيضًا تعرفت على شيخ عموم المقاريء المصرية الأسبق الدكتور أحمد عيسى المعصراوي، ومن خلاله تعاونت مع فضائية الفجر.
-وبالنسبة للمصحف المرتل بإذاعة الكويت؟
-في العام 2006..وأثناء مرور مدير إذاعة القرآن الكريم بالكويت أحمد أبو حاجية بميدان رمسيس سمع الأذان، فدخل المسجد وتعرف عليَّ، واتفق معي على تسجيل نسخة مرتلة من القرآن الكريم لإذاعة الكويت، وتم التسجيل في أستوديو وجدي الحكيم رحمه الله، ولا يزال يُذاع بفضل الله حتى الآن.
-وماذا عن ملابسات ظهورك في برنامج "البيت بيتك" بالتليفزيون المصري؟
-كان ذلك في عام 2007، تلقيت اتصالًا من أحد معدي البرنامج، حيث أبلغني بتصوير حلقة من البرنامج بمسجد الحسين بمناسبة ذكرى المولد النبوي بحضور الإعلامي محمود سعد والأديب جمال الغيطاني والشيخ محمد محمود الطبلاوي رحمهما الله، وابن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد وحفيد الشيخ مصطفي إسماعيل، وذهبت في الموعد المتفق عليه، وأفاض الله عليَّ خلال الحلقة وكنت موفقًا، وقرأت وأذنت بأسلوب الشيخ محمد رفعت بمقامي: السيكا والرصد، وانبهر "الغيطاني" بي أيما انبهار، واندهش عندما علم أني لم يتم اعتمادي إذاعيًا بعد، وطلب مني الكارت الشخصي، وقال لي نصَا: "اعتبر نفسك في الإذاعة"!
-وماذا حدث بعد ذلك؟
-في صباح اليوم التالي مباشرة، ولدي ذهابي إلى مكتبي، تلقيت اتصالا من رقم خاص، وفوجئت بالطرف الثاني يقول في نبرة حازمة: "أنا اللواء حمدي عبد الكريم مدير عام العلاقات العامة والإعلام بوزارة الداخلية، والوزير عاوز يشوفك النهاردة الساعة 12 ظهرا في ديوان الوزارة"، وذهبت بالفعل وتم استقبالي بصورة طيبة جدًا، وإبلاغي بإعجاب الوزير بصوتي في حلقة "البيت بيتك"، وتم سؤالي كالعادة: إن كنت معتمدًا بالإذاعة أم لا؟ فأبلغتُهم بعدم اعمادي، فتم التواصل مع وزير الإعلام الأسبق أنس الفقي لاتخاذ اللازم لإصدار خطاب اعتماد لي، وكان الهدف من ذلك هو أن الوزير اختارني للقراءة يوم 24 يناير 2007 في افتتاح أكاديمية مبارك للأمن، بحضور الرئيس الأسبق حسني مبارك وكبار قيادات الدولة، وقرأت 11 دقيقة من أول سورة الفتح، مُستلهمًا روح الشيخ محمد رفعت الذي قرأ من هذا الموضع أيضًا في افتتاح الإذاعة.
-وكيف كان رد الفعل من الحضور؟
-بفضل الله، لمستُ حالة من الإشادة والانبهار والمدح والتقدير من الجميع، وأذكر مداعبة الراحل كمال الشاذلي لي يومها، عندما صافحني قائلًا: "هي عائلة الطوخي كلها أصواتها حلوة كده: الشيخ محمد الطوخي والشيخ عبد المنعم الطوخي وإنت"، ثم سألني عما إذا كنتُ التحقت بالإذاعة أم لا؟ فلما أجبته بالحقيقة رد قائلًا: "لازم تدخل الإذاعة"!
-وكيف جرت الأمور بعد ذلك؟
-فور عودتي لمنزلي، تلقيت اتصالًا ثانيًا مع اللواء حمدي عبد الكريم، أبلغني فيه بإشادة وزير الداخلية والحضور بتلاوتي، كما أخطرني بأنني سوف أقرأ في اليوم التالي مباشرة في الاحتفال بعيد الشرطة المنقول إذاعيًا وتليفزيونيًا، وأن الوزير أنس الفقي سوف ينهي خطاب الاعتماد خلال ساعات، وبالفعل توجهتُ إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون ووجدتُ الخطاب جاهزًا وممهورًا بتوقيع الوزير، وقمتُ بالتوقيع عليه، واستلمتُ صورة ضوئية منه. وهنا أتذكر موقفًا غريبًا أو طريفًا، وهو أن اللواء "عبد الكريم" سألني عن أجري نظير القراءة، فرفضت في باديء الأمر، وكنتُ صادقًا، ولكنه أصر، فقلت له: "يكفيني أجر رمزي جدًا"، فاندهش من موقفي كثيرًا، مؤكدًا أن معظم القراء يحددون أجورًا كبيرة قبل التلاوة!
-وهل تم اعتمادك إذاعيًا بعد تلاوتك في عيد الشرطة؟
-بالعكس، الأمور تعقدت من جديد، ورفضت لجنة الاستماع الموحد بالإذاعة والتليفزيون توصية الوزير أنس الفقي ورئيس الإذاعة إيناس جوهر باعتمادي قارئًا إذاعيًا؛ بحجة أنني لم أخضع للاختبار أمامها، وعندما قيل لأعضائها: "اعتبروا تلاوته أمام الرئيس مادة للحكم"، رفضوا المبدأ من الأساس، ولم يتم اعتمادي فعلًا!
-هل تذكر بعضًا من أعضاء اللجنة؟
-إبراهيم مجاهد ومحمد عبد العزيز والدكتور عبد الصمد دسوقي.
-وماذا فعلت إزاء هذا التعنت من اللجنة معك؟
-لم أفعل شيئًا، ودُعيتُ بعدها للقراءة في عزاء شقيقة الوزير حبيب العادلي، ثم حزمت حقائبي ووليت وجهي شطر ولاية نيوجيرسي الأمريكية؛ لقراءة القرآن الكريم في مسجد كبير شيدته دولة الكويت، وبقيتُ هناك حتى 2012، وكانت فترة ثرية ومهمة أيضًا في حياتي.
-وعندما عدت إلى القاهرة عام 2012.. ماذا حدث؟
-رجعت بعد ثورة 25 يناير فعلا، وبعدها تلقيتُ اتصالا من المخرج عبد العزيز عمران، وطلب مني أن أرافقه إلى عزاء والدة رئيس التليفزيون في ذلك الوقت بمسجد الحامدية الشاذلية، ولبيتُ دعوته، ووجدت هناك الشيخ محمد محمود الطبلاوي رحمه الله، والقاريء الطبيب أحمد نعينع بارك الله في عمره، وقرأت من سورة العنكبوت من قوله تعالى: " ولا تجادلوا أهل الكتب إلا بالتي هي أحسن.."، وكنت موفقًا بفضل الله، ونالت تلاوتي استحسان الجميع، وكان من بينهم قامات إذاعية وتليفزيونية كبيرة، وتطورت الأحداث وأراد الله أن يتم اعتمادي إذاعيَا هذه المرة، وخضعتُ للاختبار بعدها بيومين أمام لجنة الاستماع الموحد بحضور الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف والشيخ الطبلاوي رحمهما الله تعالى وآخرين، واجتزتُ الاختبارات دون أية تعقيدات، ومنذ ذلك الحين وبعد طول انتظار أصبحت قارئًا إذاعيًا.
-يبدو في بعض تلاواتك تأثرك بقراء الرعيل الأول.
-لا أنكر أنني تأثرت بأكابر القراء، فهم أساتذتنا الأعلام وكنوز لا تفني وأصواتهم ملهمة، بأيٍّ منهم اقتدينا اهتدينا. وشخصيًا..تعلمت الخشوع من الشيخ محمد رفعت، والقوة من الشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، والإمتاع من الشيخ مصطفي إسماعيل، ومقام الصبا من الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والنهاوند من الشيخ محمد صديق المنشاوي..وإجمالًا..أتعلم من أي قاريء منضبط ومتقن.
-كان لك تجربة جيدة في تقديم برنامج تليفزيوني عن القرآن الكريم..ما القصة؟
-بالفعل تعاونت مع المخرج عبد العزيز عمران في تقديم تليفزيوني اسمه: "في رحاب القرآن الكريم" باللغة الإنجليزية، كان يذاع على شاشة التليفزيون المصري، وكان موجهًا للولايات المتحدة الأمريكية, وقدمتُ منه ألف حلقة كاملة دون أجر، وكانت الحلقة تتضمن ترتيلًا من آيات الله، ثم ترجمة معانيها باللغة الإنجليزية.
-أعلم أن لك تجارب غير طيبة مع سماسرة العزاءات في مصر..احكِ لنا جانبًا منها.
-سماسرة العزاءات يتحملون الجانب الأكبر من تدمير دولة التلاوة المصرية، وإفساد العلاقات بين القراء. تخيل أن بعضهم يتفق مع أهل الميت أثناء احتضاره عن القاريء الذي سوف يحيي عزاءه، ويتقاسمون مع القراء أجورهم. لقد أصبحوا مافيا سيئة السمعة أبرأ إلى منها ومن التعامل معها إلى يوم القيامة.
-وهل السماسرة فقط هم من أفسدوا دولة التلاوة المصرية؟
-هم جزء أصيل من الأزمة، ولكن هناك أيضًا تغييب دور الكتاتيب بصورتها الكلاسيكية المعروفة التي خرَّجت عظماء القراء، وكذلك هناك المستمعون الذين لا يميزون خبيث الأصوات من طيبها، ويتعاطفون مع أي صوت ومع أي أداء، فضلًا غياب مَن ينافحون عن هذا التردي ويفندونه للعوام من الناس..ودع القوس مفتوحًا.
-وما رأيك في المستوى العام للقراء المصريين؟
-لا أحد ينكر أن هناك ترديًا شاملًا وتراجعًا كبيرًا، وعدم تقدير لكتاب الله، يكفي أن تعلم أن هناك قراء معروفين يقومون بتركيب كلام الله على بعض الألحان الساقطة، والأزمة الأكبر أن يكون هناك جمهور واسع لهذه الفئة من القراء المتلاعبين الذين يفتقدون إلى الحد الأدنى من مقومات قاريء القرآن الكريم، بعضهم لا يجيد النطق السليم لألفاظ القرآن الكريم، ناهيك عن أحكام التلاوة وأصولها.
-وما السر وراء هذا التراجع الكبير كما تقول؟
-هو تراجع يواكب التراجع في الفن والفكر والأدب والثقافة والاقتصاد وكل شيء، هي حلقات متصلة.
-طفت عديدًا من دول العالم..ماذا عن ذكرياتك بها؟
-القرآن الكريم كان سببًا في زيارتي معظم دول العام من أقصاها إلى أدناها، ولي في جميعها ذكريات طيبة جدًا، ولكن -أفضلها بالنسبة لي- كان في باكستان، عندما اقترب مني رجل في عقده العاشر من العمر، تبدو عليه مظاهر الثراء، وأخرج أحد هواتفه المحمولة، وأظهر لي صورته برفقة القاريء الشيخ عبد الباسط عبد الصمد عند زيارته باكستان، ثم طلب مني التقاط "سيلفي" معي، على غرار صورته مع مولانا الشيخ "عبد الباسط"، وسُررت بذلك سرورًا عظيمًا.
-نختم الآن بمحطتك في إمارة الشارقة واستقرارك في مسجد الخيال..
-في عام 2022..تلقيت دعوة كريمة من وزارة الأوقاف لإقامة الشعائر في مسجد الخيال بالشارقة، وكأن الله أراد ينتزعني من أجواء مافيا الفساد والسماسرة التي أصبحت تتحكم في كل شيء يخص قراء القرآن الكريم. هنا كل الأمور على ما يُرام؛ فقد تم تخصيص مسكن خاص لي ولأسرتي، ويشملوننا بموفور الرعاية التامة، وهذا من فضل الله علينا.
-وكيف تمضي أجواء رمضان في الشارقة؟
-أجواء روحانية كاملة، من حيث الاهتمام بعقد المسابقات القرآنية والندوات الدينية، والمساجد تكتظ بالمصلين في صلاتي العشاء والتراويح، القرآن الكريم هنا يُتلى في كل مكان بفضل الله.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار الاقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.