سبوبة العلاج النفسى الـ«أون لاين».. جلسات نفسية بأسعار مبالغ فيها والــ30 دقيقة بألف جنيه.. أساتذة طب نفسى يكشفون مساوئ جلسات الأون لاين: «انتهاك للخصوصية»
مهنة تحوّلت إلى سبوبة، هكذا يمكن وصف العلاج النفسى الذى صارت التطبيقات والمواقع الإلكترونية هى ساحته الأولى، من خلال إيهام المرضى بتوفير أفضل الاستشاريين الذين يقدمون جلسات “أون لاين”.
مواقع التطبيقات، تستغل “وصمة” المرض النفسى التى تلاحق كل من يصاب به، كما تلعب على “وتر” خوف المريض من الذهاب إلى عيادة طبيب نفسى أو مستشفى صحة نفسية، لذلك يلجأ إلى الإنترنت.
وبلغت أسعار جلسات العلاج النفسى الأونلاين 1000 جنيه فى الجلسة لمدة 30 دقيقة، وكلما زاد الوقت ارتفع سعر الجلسة كما يرتفع سعرها كلما كان مقدم الخدمة أكثر خبرة.
وكشف عدد من أساتذة الطب النفسى أن هناك شروطا لاستخدام جلسات الصحة النفسية الأون لاين، وأهمها التأكد من مصداقية مقدم الخدمة حتى لا تتحول هذه الجلسات لمجرد دردشة بأموال باهظة، وحتى لا يحدث اختراق لهذه الجلسات ويتم تهديد المرضى المشاركين فيها بأسرارهم، خاصة أنها تعمل بعيدا عن الرقابة.
من جانبه قال الدكتور هشام رامى، أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة عين شمس، إن جلسات الطب النفسى عبر الإنترنت كانت مفيدة فى المناطق النائية، منها حلايب وشلاتين ومطروح، نظرا لأن هذه المناطق لا يوجد بها توسع فى خدمات الطب النفسى، فيمكن اللجوء إلى المنصات الإلكترونية، وقد تبنت وزارة الصحة هذه الفكرة وأطلقت منصة إلكترونية للصحة النفسية حكومية لمن لا يستطيع الذهاب لأقرب مستشفى صحة نفسية.
وكشف لـ”فيتو”، أن سلبيات جلسات الصحة النفسية الأون لاين فى أن المستخدم للخدمة لا يعرف شهادات مقدم الخدمة، ومن هو وفى حالة حدوث أى طارئ للمريض كيف يتم التدخل والطبيب بعيدا عن المريض، فمثلا يمكن أن يتعرض المريض إلى هياج عصبى وانهيار، لذا يجب وجود شبكة حماية فى المواقف الطارئة.
وأشار لـ”فيتو” أنه لا توجد قوانين تنظم العلاج النفسى عن طريق الإنترنت، ولا يوجد ما يحمى المريض، ويمكن لأى شخص أن يمارس المهنة بدون ترخيص، والأمر عبارة عن شخص فى منزله يعالج غيره فى منزله، لافتا إلى أنه من ضمن سلبيات جلسات الأونلاين عدم وجود خصوصية وأمانة ويمكن اختراق الإنترنت والاستماع لهذه الجلسات.
ونصح “هشام” أى مريض يلجأ إلى الجلسات النفسية الأون لاين أن يتأكد من ترخيص مقدم الخدمة والجهة التى يمثلها، وهل يخضع للرقابة أم لا، فيما يجب على إدارة التراخيص فى وزارة الصحة أن تراقب هذه المنصات، وتتأكد من مقدم الخدمة، وهل هو متخصص أم لا.
وأكد هشام رامى، أن وصف الدواء عبر الإنترنت ممنوع فى مصر قانونا، ولا يصح إلا بعد المناظرة الإكلينيكية للمريض، حيث يقوم الطبيب النفسى بالكشف على المريض وقياس الضغط والنبض وعدد ضربات القلب ومعدل التنفس قبل وصف الدواء، لأن الأدوية النفسية تعالج القشرة المخية المتصلة بجميع أعضاء الجسم.
فى نفس السياق، ترى منى الرخاوى، أستاذ الطب النفسى بكلية الطب جامعة القاهرة، أن هدف الجلسات “الأون لاين” تقريب المسافات وتقليل أعباء الحضور للمريض للعيادة، وخاصة مع أزمة فيروس كورونا، لكن أصبح لها سلبيات كثيرة منها مشاركة الأهل فى الجلسة، واختراق الحدود المهنية، ولم تعد يوجد عزلة وتوفير بيئة مناسبة للعلاج، مؤكدة أن وصف الأدوية فى هذه الجلسات أمر ممنوع، ويجب قبل وصف الدواء النفسى الكشف الإكلينيكى على المريض لعدم الخلط بين الأعراض النفسية أو الجسدية، كما أنه فى جلسة الأونلاين لا يوجد لغة الجسد ولا يرى الطبيب سوى وجه المريض.
وأضافت “الرخاوي” أن ما يحدث من انتحال أشخاص مهنة الطبيب النفسى ما هو إلا «نفسنة» على مهنة الطب النفسى وسيطرة السوق التجارى، ولا يمكن لأى شخص حصل على 300 ساعة فى مناهج الطب النفسى أن يصبح طبيبا نفسيا قائلة: “مع الأسف أصبحت المهنة سلعة”، فى ظل عدم وجود قوانين ورقابة.
وأشارت “الرخاوي” إلى ضرورة تقنين جلسات الصحة النفسية الأون لاين واستخدامها للضرورة، والأفضل الذهاب للعيادة، ولكن بعض المرضى لا يفضلون الذهاب للعيادة بسبب الوصمة للمرض النفسى والخجل من المرض، مشيرا إلى أنه فى حالة وجود قدرة للمريض على الذهاب للعيادة فهذا الأفضل، وإذا وثق المريض من الطبيب فى المنصة الأون لاين يمكنه اللجوء إليها.
فى نفس السياق، كشف جمال فرويز، استشارى الطب النفسى، أن هناك حالات كثيرة من المرضى تم خداعها بجلسات الأون لاين ولجأت لأشخاص مجهولين، نتج عن ذلك أنهم قاموا بتسجيل المحادثات والجلسات النفسية ويتم تهديدهم بها، مشيرا إلى أنه خطأ المريض الذى يذهب لمنصات مجهولة ويدفع مقابل الجلسة آلاف الجنيهات.
وأشار لـ”فيتو” أن الطريق الصحيح هو الذهاب لعيادة الطبيب النفسى بعد التأكد من أنه مسجل فى وزارة الصحة ونقابة الأطباء، مستنكرًا وجود مراكز تعطى شهادة علاج نفسى من مراكز تأهيل ودراسات نفسية لغير الأطباء عن طريق دورة تدريبية للطب النفسى فى أسبوع، ويدعى الحاصل عليها أنه طبيب، وما يدرسه الطبيب فى كلية الطب سنوات، وخبرته فى المهنة لأكثر من 30 سنة، يأتى أشخاص مجهولون يحصلون على شهادات من أماكن مجهولة ويدعون أنهم أطباء.
بدوره قال محمود فؤاد، مدير جمعية الحق فى الدواء، إن التطبيب عن بعد جدل دائر، ولم يتم اعتماده، وقد ظهر بشكل كبير بعد جائحة كورونا مع وجود مخاوف الوصول للمستشفيات أو لأسباب بعد المسافات عن المستشفيات العامة.
وأكد لـ”فيتو” أنه فى مصر لم يصدر حتى الآن قانون التطبيب عن بعد، والذى من شأنه أن يحدد هل جلسات العلاج الأون لاين منفردة أو تكملة للعلاج مثل الاستشارات الطبية، ومن الذى يحدد الاختصاصات التى يسمح للطبيب فيها بمناظرة المريض، والمؤهلات اللازمة للأطباء، ومن أين تحصل التطبيقات الإلكترونية التى توفر جلسات العلاج على التراخيص اللازمة، وما هى طرق الرقابة عليهم؟
وطالب وزارة الصحة وجهاز حماية المستهلك بحماية المرضى من هذه الممارسات التى تتم بعيدا عن القانون، محذرا من الانسياق وراء إعلانات خادعة.