سيد درويش، عامل البناء الذي أعاد بناء الموسيقى، اكتشفه سلامة حجازي فنيا، تعاون مع الريحاني وخيري، وماذا قال الحكيم عنه؟
سيد درويش، فنان الشعب، الثائر الموسيقى الأعظم، إمام الملحنين وعبقرى الموسيقى الذى خلف وراءه تراثا موسيقيا مازال موجودا ويستمر لأجيال قادمة، كان مثالا للوطنية بالغناء حين قال “قوم يامصرى مصر دائما بتناديك ”، وكان لسان الفئات الكادحة وكل الحرفيين، يقول عن نفسه:" أنا موسيقى الجماهير المضطهدة، وموسيقاي تمثل صراخهم وآمالهم وأحلامهم وآلامهم"، ورحل عام 1923.
دار الأوبرا تحتفي بمئوية سيد درويش بعرض أوبريت البروكة
في مثل هذا اليوم 17 مارس 1892 ولد الموسيقار سيد درويش بحي كوم الدكة بالإسكندرية حيث يسكن البنائون والنجارون والنقاشون وعمال البناء، أراد أبوه أن يراه شيخا معمما يحفظ القرآن ويجوده فالتحق بكتاب القباري حتى إنه في سن العاشرة أجاد القراءة والكتابة وحفظ أغلب أجزاء القرآن.
بدأ عاملا للبناء
بدأ سيد درويش حياته عامل بناء بعد رحيل والده وهو طالب بالمعهد الدينى فترك الدراسة للمساهمة في إعالة أسرته، وعشق الغناء فغنى للعمال ليزيد حماسهم، ثم ألقى بالقصعة وقرر احتراف الغناء وطاف البلاد والقرى وغنى في الموالد والمقاهي، ووصلت شهرته إلى الشيخ سلامة حجازي فأعجب به ودعاه لزيارة القاهرة فقدم أول حفل غنائي له في مقهى الكونكوريا لحن فيه أول أغنية من تلحينه “زوروني كل سنة مرة حرام.. تنسوني بالمرة.. حرام”، ثم أسند إليه سلامة حجازى تلحين مسرجية فيروزشاه فكانت انطلاقته الحقيقية في عالم التلحين.
فى محافظة القاهرة وتحديدًا في 13 شارع علي عبد الناصر-متفرع من شارع ابن الرشيد جزيرة بدران شبرا عاش الملحن الراحل سيد درويش، الذى وثق جهاز التنسيق الحضارى منزله، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد.
ندوة في مئوية سيد درويش بنقابة الصحفيين
اربع سنوات فى الشام
سافر سيد درويش مع الأخوين عطالله إلى الشام 1908 وغنى سيد درويش على مسارح بيروت وفى الافراح والحفلات الشعبية، واستمر هناك أربع سنوات أتقن فيها العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية.
كانت المحطة الثالثة في حياة سيد درويش هي تعاونه مع نجم الكوميديا نجيب الريحانى على تلحين أوبريت "ولو" ليشتهر بعدها بأغاني الحرفيين كالسقايين والبناءين والنجارين وغيرهم، والتقط أغلب الحانه من أفواه الشعب فقد سمع مرة عند مروره بحي بولاق بائعا صعيديا ينادي على بضاعته فطلب من صديقه الزجال بديع خيري أن يضع له كلمات الأغنية على وزن النداء الذي سمعه.. وكان ذلك هو ميلاد اللحن المشهور (مليحة قوى القلل القناوي).
البريد يصدر طابعا تذكاريا لمرور 100 عام على رحيل فنان الشعب سيد درويش
سيد درويش فى العشرة الطيبة
وجاءت مرحلة التعاون مع بديع خيرى مؤلف فرقة الريحانى ليقدم سيد درويش ثم أعد سيد درويش مسرحية " العشرة الطيبة " ثم سافر معه إلى الشام وعاد منها إلى الإسكندرية بعد أن خلع العمة والقفطان ليعمل مغنيا محترفا يغني في المقاهي والحانات، وتعلم النوتة الموسيقية، وقدم خلال مسيرته الفنية التي استمرت 6 سنوات فقط ما يقرب من 200 لحن و20 أوبريتا و10 أدوار، 17 موشحا وأكثر من 50 مقطوعة غنائية.
جعل سيد درويش من الغناء وسيلة للجهاد الوطني والإصلاح الاجتماعي إلى جانب الطرب فلحن نشيد (أنا المصري كريم العنصرين... بنيت المجد بين الأهرامين)، وغنى لمجتمع العمال بجميع أطيافه فغنى للعربجية، الجرسونات، الحشاشين، المجانين، بياعين اللبن، البوابين، السياسيين، بياع الورد، الأفندية، الرشايدة، الصعايدة.
100 عام على رحيل سيد درويش بنادي سينما أوبرا الإسكندرية
قوم يا مصرى مصر بتناديك
كما ربط موسيقار الشعب سيد درويش بين الفن والسياسة في الحانه كان سيد درويش من أوائل الفنانين الذين ربطوا الفن بالسياسة والحياة الاجتماعية وقاوم الظلم والاستعمار بالفن، وساند الطبقات الشعبية والفقيرة وعبر عنها بالفن، فغنى "قوم يا مصرى" أثناء ثورة 1919، كما غنى نشيد "بلادي بلادي" الذى اقتبس فيه بعضا من كلمات الزعيم الراحل مصطفى كامل، كما انتقد سياسة الاحتلال في تجنيد الشباب المصري فغنى “بلدي يا بلدي والسلطة أخذت ولدي”، فكان صوت الشعب.
كما عبرت الحان الشيخ سيد درويش عن المرأة المصرية التي كانت تعانى الاضطهاد والتمييز فقال: ده يومك يا بنت اليوم.. قومي اصحى من النوم / اشمعنى في أوروبا الستات لها أصوات في الانتخابات / دا المصرية ست في بيتها.. وفي رباية أولادها سبقت غيرها.
عرض فيلم بصمات لسيد درويش احتفالا بمئويته في أوبرا الإسكندرية
نهاية مأساوية
وبينما استعدت مدينة الإسكندرية لاستقبال الزعيم سعد زغلول وهو عائد من المنفى استعد سيد درويش بنشيد “بلادي بلادي، سالمة ياسلامة روحنا وجينا بالسلامة”، إلا أنه رحل وهو في الواحد والثلاثين من عمره، وهو في قمة شهرته، في نفس يوم وصول سعد زغلول فجأة بشكل غامض ليخلف وراءه تراثا موسيقيا يشهد بعبقريته الموسيقية في التلحين والغناء، وأثير الكثير عن واقعة وفاته التي أشار الكثيرون إلى أنها مدبرة.
رأى موسيقار الأجيال
قال عنه موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب: يخطئ من يتصور أن سيد درويش أغنية ولحن، فسيد درويش هو من جعلني أستمع للغناء بحسي وعقلي، بعد أن كنت أستمع إليها بحسي فقط.. إنه فكرة العصر التي لولاها ما لحن الملحنون بالأسلوب الذي يلحنون به الآن، ولا ننسى أنه أول من أدخل اللهجة المسرحية السليمة والحقيقية للأعمال المسرحية المصرية.
رأى توفيق الحكيم
وقال عنه الأديب توفيق الحكيم ـ هو الذي تتبع سيد درويش في المسارح والمقاهي ليستمع إلى فنّه وليكتب عنه ويقول: كانت أغاني سيد درويش وألحانه الشعبية تسري في الناس كالنار في الهشيم.. ولكني ما كنت أرى منه أن هذا هو الذي يملؤه بالفخر، لقد كان تواقًا إلى الفن في صورته العليا، وأنه لعجيب أن يكون لمثل سيد درويش بثقافته البسيطة صورة عليا للفن، إنني لا أعتقد أن سيد درويش كان يتعمد التجديد قهرًا أو افتعالًا ولم أسمعه يتحدث في ذلك، كما يتحدث أصحاب النظريات أو قادة النهضات، ولكن التجديد عنده فيما أرى كأن شيئا متصلًا بفنه ممزوجًا به… لا حيلة له فيه، شيئًا يتدفق من ذات نفسه،كما يتدفق السيل الهابط من القمم، كانت الألحان تنفجر منه كأنها تنفجر من ينبوع خفي.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.