الخطة المستحيلة.. خبراء يوضحون لـ «فيتو» ثغرات مخطط نتنياهو لليوم التالى بعد حرب غزة.. الدكتور عبد المنعم سعيد: بند إقامة منطقة أمنية ليس له أهمية ولن يمنع عمليات المقاومة
خطة متكاملة الأركان، ولكنها فاشلة بامتياز فى فهم الواقع وتفاصيله، بل تنطوى على ثغرات مدمرة للكيان الصهيونى، هكذا يكشف خبراء لـ«فيتو» عناصر القوة والضعف فى خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لليوم التالى للحرب على غزة، والتى ركزت على السيطرة على الحدود بين غزة ومصر ونزع سلاح المقاومة الفلسطينية ورفض فكرة حل الدولتين.
وجاء فى خطة نتنياهو، والتى ستتضمن حرية تواجد إسرائيل داخل قطاع غزة بأكمله مدى زمنى، كما ستقيم منطقة أمنية عازلة فى المنطقة المتاخمة لإسرائيل داخل القطاع.
وكشف عن مجموعة شروط مباشرة يجب أن تتحقق مع نهاية الحرب، أهمها تدمير القدرات العسكرية والبنية التحتية الحكومية لحماس والجهاد وإعادة الأسرى، كما ستسيطر إسرائيل على الحدود بين قطاع غزة ومصر، وهناك نقطة أساسية فى وثيقة نتنياهو هى نزع سلاح قطاع غزة بالكامل، باستثناء الأسلحة الضرورية للحفاظ على النظام العام، وستشرف إسرائيل على عملية نزع السلاح.
وتضمنت خطة نتنياهو بندا عن إعادة إعمار غزة، واشترطت تحكم إسرائيل فى الدول المشاركة، وأن تكون قريبة من تل أبيب، وخلافا لتصريحات نتنياهو السابقة، لا يذكر فى الوثيقة صراحة أن السلطة الفلسطينية لن تشارك فى إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
ووضع نتنياهو بندًا خاصا يتعلق بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، حيث ستعمل إسرائيل على إغلاق الوكالة الأممية واستبدالها بوكالات إغاثة دولية أخرى.
كما تنص مقترحات نتنياهو على بند بخصوص الدولة الفلسطينية، حيث ترفض إسرائيل بشكل قاطع الإملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الشعب الفلسطينى، ومثل هذا الترتيب لن يتم التوصل إليه إلا من خلال المفاوضات المباشرة، وقال نتنياهو إن إسرائيل ستسيطر على أمن المنطقة الواقعة غربى الأردن بأكملها، بما فى ذلك غلاف غزة “أرض، بحر، جو”.
وفى هذا السياق، قال الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس المجلس الاستشارى للمركز المصرى للدراسات الاستراتيجية، عضو مجلس الشيوخ، إن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو لم يغير موقفه، رغم الخسائر التى تكبدتها إسرائيل، وذلك من أجل إرضاء أنصاره من تحالف اليمين والليكود.
وأضاف الدكتور عبد المنعم سعيد أن الخطة التى قدمها نتنياهو لليوم التالى للحرب على غزة، كشفت عن إصراره على موقفه بمواصلة العدوان والحرب إلى أطول وقت ممكن، متجاهلا المطالب الدولية ورغبة الولايات المتحدة الأمريكية فى وقف القتال.
وأشار إلى أن الجزء الخاص بإعمار قطاع غزة فى خطة نتنياهو ورقة تسعى إسرائيل لأن تلعب بها، وكسب التقارب مع الدول العربية، وربما تسعى إلى تطبيع علاقتها مع الدول التى لم توقع اتفاقات سلام معها.
وأكد عبد المنعم سعيد، أن الدول العربية لن تقبل التطبيع مع إسرائيل إلا فى حالة التوصل إلى وقف كلى لإطلاق النار والبدء فى مفاوضات حل الدولتين بشكل جاد وعاجل.
وقال عبد المنعم سعيد، إن بند إقامة منطقة أمنية الذى جاء فى خطة نتنياهو ليس له أهمية، لأنه لن يمنع عمليات المقاومة الفلسطينية، ولن يحد من عملية إطلاق الصواريخ أو حتى عمليات التسلل التى ينفذها عناصر المقاومة.
وأضاف أن الجدار العازل الذى أنشأته إسرائيل لم يمنع عمليات التسلل، لأن حماس والمقاومة الفلسطينية تستخدم الأنفاق التى تمكنها من العبور إلى إسرائيل.
وحول بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلى فى غزة، أوضح سعيد أن جيش الاحتلال لن ينسحب من قطاع غزة، وفقًا للبنود الثلاثة الأولى، ولن تخطط لذلك إلا فى حالة تكبدها خسائر كبيرة ترغم الحكومة على التراجع عن موقفها.
وشدد على تحقيق هذا البند على الأرض صعب للغاية، لأن إسرائيل حدث لها انكماش جغرافى وديموغرافى منذ عملية طوفان الأقصى التى تسببت فى حركة نزوح كبيرة داخل إسرائيل، وأسفرت عن فرار عدد كبير من سكان المناطق الشمالية وسكان غلاف غزة.
وأشار إلى أن الخسائر الكبيرة التى تكبدها جيش الاحتلال الإسرائيلى فى غزة وورقة الأسرى الذين تحتجزهم حماس والحرب فى مجملها وما تشكله من عبء على تل أبيب ستكون ورقة ضغط كبيرة على نتنياهو للتراجع عن الاستمرار فى قطاع غزة.
وأكد أن اليوم التالى للحرب فى إسرائيل، لن يقل صعوبة عن اليوم التالى فى غزة، موضحا أن هناك صدمة كبيرة وتغيرات جذرية حدثت فى الشارع الإسرائيلى بعد عملية طوفان الأقصى، وترتب عليها انشقاقات بين الحكومة والشعب.
وأكد عبد المنعم سعيد أن نتنياهو وحكومته يدركون صعوبة تحقيق بنود خطة اليوم التالى للحرب، ولكنه ربما يريد المناورة بها لكسب ضمانات أمنية بعدم تكرار عملية طوفان الأقصى مجددا، مقابل إقامة الدولة الفلسطينية، أو ربما لإجبار حماس على التراجع عن مطالبها التى وصفها نتنياهو بأنها غير قابلة للتحقيق، وقد تكون رسالة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مفادها أن إسرائيل لن تقبل بمطالبكم.
وأوضح أن الوضع الراهن والتوزيع السكانى فى فلسطين وإسرائيل مشابه لعام 1948 ما بين حركات النزوح على الجانبين والانكماش الديموغرافى، مشيرا إلى أن أمريكا طرف مهم فى معادلة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى واستطاعت إقناع حلفائها بالاتجاه نحو الاعتراف بفلسطين كدولة.
وفى السياق ذاته قال الدكتور خالد سعيد، الباحث فى الشأن الإسرائيلى جامعة الزقازيق، إن الخطة التى كشف عنها رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو عبارة عن «تجميعة» لمطالب وزراء اليمين المتطرف.
وأضاف أن الإعلان عن هذه الخطة جاء بالتزامن مع ذهاب الوفد الإسرائيلى إلى باريس للمشاركة فى جولة ثانية من مفاوضات الأسرى مع حماس، مشيرا إلى أن ذلك ربما يكون مناورة يقوم بها نتنياهو للضغط على حماس للقبول بشروطه.
وأكد خالد سعيد أن حديث نتنياهو عن سيطرة إسرائيل على الحدود بين قطاع غزة ومصر من الصعب تحقيقه، لأنه يعتبر انتهاكا لاتفاقية كامب ديفيد.
وشدد على أن نتنياهو يحاول الضغط على الطرفين (مصر وحماس) للقبول بالشروط الإسرائيلية والموافقة على صفقة الأسرى، موضحا أن العملية العسكرية الإسرائيلية فى رفح تستهدف قدرات المقاومة حماس، ولم تستطع إسرائيل أن تهجر أهالى غزة نحو مصر حتى الآن.
وذكر سعيد أن نتنياهو لا يثق بحكومته أو وفد المفاوضات الإسرائيلى، لذلك قام بإرسال المبعوث الخاص به للمشاركة فى مفاوضات الأسرى فى القاهرة لينقل له الصورة بشكل كامل.
وقال خالد سعيد إن خطوة نزع سلاح المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة أمر شبه مستحيل، وذلك نظرا لأن المقاومة استطاعت الاستيلاء على أسلحة إسرائيلية كثيرة من القواعد العسكرية، سواء قبل عملية طوفان الأقصى أو حتى خلال العدوان الإسرائيلى.
واختتم مؤكدا أن إسرائيل لن تستطيع السيطرة على الحدود بشكل كامل، إذ لم يكن بمقدورها طيلة الفترات الماضية منع تهريب السلاح إلى غزة.